شهدت السوق المصرية فى الفترة الأخيرة إطلاق عددًا من المشروعات فى مناطق متنوعة فى الساحل الشمالى وتحديداً خلف الطريق الساحلى “قبلى” وهى منطقة لم تكن ضمن اهتمام الشركات فى السنوات السابقة، وهو أمر تم تبريره بوصول الأسعار بالمساحات الشاطئية لمستويات مرتفعة للغاية، فى حين يرغب المطورون فى تنفيذ وحدات بأسعار تناسب شريحة كبيرة من المواطنين.
وشهدت منطقة الساحل الشمالى فى السنوات الأخيرة، طفرة غير مسبوقة فى مشروعات التطوير العقارى، حيث باتت الوجهة المثلى للاستثمارات الضخمة، وعلى الرغم من أن المشاريع الفاخرة على الشريط الساحلى اكتسبت شهرة كبيرة، إلا أن هناك توجهًا ملحوظًا لشركات التطوير العقارى المتوسطة نحو إطلاق مشروعات جديدة فى مناطق قبلى الطريق الساحلى.
تواصلت «المال» مع مجموعة من خبراء القطاع العقارى وأجمعوا على أن الساحل الشمالى من أهم الوجهات العقارية والسياحية فى مصر، ويضم عددًا كبيرًا من شركات التطوير العقارى.
وأكدوا أن ذلك جاء نتيجة لجهود الدولة المصرية التى تعمل على تطوير المنطقة لتصبح مدينة مستدامة نشطة طوال العام، مع زيادة الطلب على العقارات السكنية والسياحية.
واعلنت شركة ماستر جروب العقارية خلال موسم صيف 2024 إطلاق مشروع “ونس” والذى يمتد على مساحة 25 فدانًا، تحديدا فى الكيلو 90 قبلى الطريق، وبالمثل أطقلت شركة معالم جروب مشروع “مالجا” بتكلفة استثمارية وصلت إلى 20 مليار جنيه، وعلى مساحة 105 أفدنة.
ورأى مطورون أن زيادة أسعار الأراضى المطلة على البحر دفعت بعضهم للتوجه نحو مشروعات قبلى الطريق، والتى تلبى احتياجات الفئات المتوسطة بأسعار أكثر ملاءمة.
واتفقوا على أن الساحل الشمالى أصبح محط أنظار المستثمرين بفضل المشاريع الطموحة والخطط الحكومية التى تستهدف تحويل المنطقة إلى مركز عمرانى متكامل يجذب السياح والمقيمين على مدار العام.
وقال المهندس شريف الشربينى وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية الجديدة، إنها تستهدف خلق واجهة شاطئية للأراضى خلف الطريق الساحلى الدولى، من خلال إقامة بحيرات مائية لتنمية المنطقة بالكامل.
وأضاف أن الساحل الشمالى يعد أحد أهم موارد الدولة خلال الفترة المقبلة، لافتا إلى أنه تم إسناد الأعمال على المكاتب الاستشارية العالمية لتنفيذ مشروعات تتناسب مع حجم التنمية بالساحل الشمالى، خاصة وأنه شهد تنوعا فى جذب الجنسيات من مختلف دول العالم.
بداية قال المهندس مروان فارس رئيس مجلس إدارة شركة إبداع للتطوير العقارى، إن منطقة الساحل الشمالى هى الوجهة الاستثمارية المستقبلية للدولة ، والتى ستصبح أفضل المناطق الساحلية التى تجذب السياح والمستثمرين.
وأضاف فارس أن منطقة الساحل الشمالى تحتوى على العديد من الفنادق الفاخرة والقرى السياحية والمشاريع السكنية التى توفر وحدات شقق وشاليهات متنوعة المساحات والتصميمات والأسعار، علاوة على احتواء الساحل على عدة مشروعات واعدة مثل مدينة العلمين الجديدة ومنطقة رأس الحكمة التى غيرت ملامح خريطة الاستثمار فى القطاع العقارى.
وأشار فارس إلى زيادة قيمة المنطقة استثماريًا لتوافر الخدمات والمرافق الأساسية من مستشفيات ومدارس وجامعات وخدمات ترفيهية، من خلال سعى الدولة فى إعادة استراتيجية منطقة الساحل واستغلالها بطرق متعددة تزيد من قيمتها العقارية وتحويلها من أراض معطلة فى الأوقات غير شهور الصيف إلى مدن نشطة طوال العام.
وأوضح أن منطقة الساحل تجذب السياح إليها باستمرار نتيجة احتوائها على مزارات سياحية تاريخية لمعرفة الحضارة المصرية القديمة، وتلك العوامل وغيرها جعلت المطورين يتوجهون إلى الاستثمار فى الساحل الشمالى خاصة بعد المبيعات الضخمة التى حققتها المشروعات العاملة هناك، وذلك من أجل اقتناص الفرص وإقامة أخرى جديدة بالمنطقة التى تُعد من أهم المناطق التى من الممكن أن تستوعب عدداً كبيراً من حجم الزيادة السكانية فى مصر ، إضافة إلى إحداث نقله نوعية فى المجال السياحى والفندقى.
وأضاف أن الجميع يسعى لاقتناص فرص الاستثمار فى أراضٍ بالقرب من تلك المشروعات الواعدة للاستفادة من التنمية والطفرة العمرانية المرتقبة للمناطق المجاورة لها ، ناهيك عن يسار الطريق فى أى مشروع لأنه من السهل إنشاء مولات خدمية ضخمة ناجحة.
ورأى أن مشروعات قبلى الطريق ناجحة لما تتوافر لها من خدمات عديدة، كالطرق الرئيسية وإمكانية إقامة مولات تجارية ووحدات إدارية وترفيهية، بالإضافة إلى تمكن بعض الشركات من إتاحة البحر لملاكها مع توفير وسائل مواصلات لهم.
وأوضح أن إقامة مشروعات فى المناطق القبلية للبحر ليست جديدة، فحدثت قبل ذلك فى مدينة شرم الشيخ والعين السخنة.
وقال المهندس عبدالله أنور رئيس مجلس إدارة شركة معالم جروب، إن ارتفاع الأسعار فى المساحات المُطلة على البحر بشكل كبير هو الدافع الرئيسى لاتجاه بعض المطورين نحو منطقة قبلى الطريق، وهذا البديل موجود منذ 20 عامًا وليس مستحدثًا وله محبيه.
وأضاف أن هذه المشروعات ستستقطب حاليًا الفئات المتوسطة التى كانت تستطيع شراء وحدات بمنطقة بحرى الطريق، ولكن مع الهزات الاقتصادية التى حدثت مؤخرًا ستجعلهم يتجهون إلى مناطق قبلى الطريق.
وأشار إلى أن هذه المشروعات هى المستقبل فى منطقة الساحل نظرًا لقلة المساحات المتبقية فى منطقة بحرى الطريق، بخلاف تواجد مساحات هائلة من بداية منطقة سيدى عبدالرحمن، حتى ما بعد منطقة رأس الحكمة قبلى الطريق.
بينما قال المهندس باسم الشربينى الرئيس التنفيذى ومؤسس شركة إتقان لتطوير الأعمال، إن منطقة الساحل الشمالى هذا العام حققت نجاحات منقطعة النظير، ويأتى ذك بفضل توجهات الدولة المصرية نتيجة صفقة رأس الحكمة، والتى لفتت الأنظار دوليًا بشكل كبير إلى منطقة الساحل الشمالى.
وأضاف أن لصفقة رأس الحكمة دور كبير فى اتجاه شركات التطوير العقارى الكبيرة والمتوسطة إلى منطقة الساحل الشمالى، والدليل على ذلك عدد الطروحات من كل الشركات كان غير مسبوق ونتج عنه مبيعات بأرقام قياسية غير مُعتادة.
وأشار إلى أن كل هذه المشروعات فى منطقة الساحل شجعت شركات التطوير العقارى الصغيرة والمتوسطة بإطلاق أخرى بسعر أقل ولكن فى منطقة قبلى الطريق، لتوفير وحدات مصيفية بخدمات تُقارب الموجودة فى المشروعات على البحر مباشرةً، لكن بأسعار أقل بكثير، حيث تبدأ الأسعار للوحدات الموجودة على البحر بما لا يقل عن 10 ملايين جنيه.
وأوضح أن كل العملاء الذين ذهبوا لمنطقة الساحل قاموا بشراء الوحدات التى يرغبونها، سواء فى المشروعات الضخمة كـ “ساوث ميد” أو مشروعات متوسطة فى غرب الطريق، أو فى مشروعات ما قبل منطقة مراسى.
وأضاف أن المشروعات الموجودة فى منطقة قبلى البحر، ستستمر سنوات عديدة وذلك لوجود مساحات كبيرة تستوعبها، وبسبب جهود الدولة المصرية فى تغيير استراتيجية الساحل وجعلها من مكان للترفيه لمدة أشهر قليلة ، إلى مدينة تعمل طوال العام كما حدث فى مدينة العلمين الجديدة التى لا تقتصر الحياه فيها على وجود البحر، لكن أصبح هناك تنمية عمرانية شاملة فى منطقة غرب الطريق من جامعات ومستشفيات ومولات تجارية.
وأشار إلى أن هذه الشركات حققت مبيعات كبيرة غير متوقعة ، مما دفع أصحاب هذه الشركات للتفاوض على أراضٍ جديدة لبناء مشروعات أكثر والاستمرارية فى هذه المنطقة لمدة لا تقل عن 5 سنوات.
وقال شنوده أمين رئيس مجلس إدارة شركة ذا بروبرتى بانك للاستشارات والتسويق العقارى، إن توجه شركات التطوير العقارى المتوسطة نحو منطقة الساحل الشمالى قبلى الطريق جاء نتيجة للارتفاع الكبير فى سعر المتر فى المساحات المُطلة على البحر.
وأوضح أن الساحل الشمالى يعتبر وجهة سياحية من الدرجة الأولى، مما يجعل سعر المتر مرتفعًا جدًا، ويعتمد بشكل رئيسى على العرض والطلب وعامل الندرة، وهو ما يؤدى إلى زيادة أسعار الوحدات.
وأضاف أن الهدف من هذا التوجه هو توفير عقارات ساحلية تناسب جميع الفئات الاقتصادية، وأن سعر المتر فى المناطق قبلى الطريق يصل إلى ربع نظيره فى المساحات الموجودة على البحر، مع تقديم نفس الخدمات المصيفية مثل البحيرات الصناعية وحمامات السباحة، بالإضافة إلى أن بعض هذه المشروعات تتيح للملاك التعاقد على دخول البحر والاستفادة من الخدمات الشاطئية.
واستدل أمين بنجاح مشروع “جولف بورتو مارينا”، الذى حقق نجاحًا كبيرًا وأثبت أن هناك حجم طلب مرتفع على هذا النوع من المشروعات، وبدأت هذه التجربة من منطقة الحمام ووصلت إلى مارينا، وتخطت ذلك وصولاً إلى سيدى عبد الرحمن.
وأشار إلى أن نجاح أى مشروع عقارى يعتمد على قدرة المطور على تسليمه، بالإضافة إلى الخدمات المتاحة، وعند مقارنة هذه المشروعات بتلك الموجودة على البحر، نجد أن أسعار المطلة على البحر لا تقل عن 7 ملايين جنيه للوحدة المكونة من غرفتين، بينما فى منطقة قبلى الطريق توجد وحدات تبدأ من 2 مليون فقط.
وتوقع زيادة هذه المشروعات فى موسم الساحل القادم، مشيرًا إلى أنها هذا العام توقفت عند منطقة سيدى عبد الرحمن، وهناك مساحات كبيرة متاحة من بداية منطقة سيدى عبد الرحمن حتى رأس الحكمة، مما يتيح الفرصة لإطلاق العديد من المشروعات الجديدة فى هذه المناطق واستغلالها استثماريًا.
وقال جون سعد خبير الاستثمار العقارى إن التنمية العمرانية تشهد نمواً وتزايداً فى حجم المشروعات بما يضع مسئولية على الشركات العقارية بتنفيذها بمواصفات مبتكرة وبأساليب سداد وأسعار تنافسية لجذب اهتمام العملاء.
وأكد أن تدشين تحالفات عقارية تضم المطور والمسوق والاستشارى من أفضل الاستراتيجيات الحالية لضمان نجاح أى مشروع فى الساحل الشمالى.
ورأى أن عناصر تميز المشروعات الساحلية حالياً يتركز فى توافر البحيرات الكريستالية وشاطئ بأحد المشروعات القريبة، علاوة على زيادة النسبة البنائية للترفيه والتسلية والمولات التجارية.
وخلال موسم الصيف الجارى تم إطلاق مشروع “سانسا” لشركة بريمير للتطوير العقارى، ويقع تحديداً فى الكيلو 82 على طريق الإسكندرية الصحراوى، بمساحة 12 فداناً.
وقال المهندس طارق النبراوى رئيس مجلس إدارة شركة PREMIER للتطوير العقارى، إن منطقة الساحل الشمالى أصبحت وجهة للعملاء من داخل السوق المصرية وخارجها، خاصة عقب الإعلان عن مشروع تطوير رأس الحكمة، ليستحوذ الساحل الشمالى على إقبال العملاء الراغبين فى السكن أو الاستثمار.
وأضاف أن هذا المشروع المميز ضمن خطة الدولة لتحويل منطقة الساحل الشمالى لمنطقة تعمل طوال العام، كما أنه يواكب متطلبات العملاء وتوجهاتهم للاستثمار فى مناطق جديدة، مشيراً إلى أن المشروع يضم حمامات سباحة وبحيرات كريستال لاجون، كما سيتم الاعتماد على الإدارة الذكية بشكل عام أو من داخل الوحدات السكنية.
وأشار إلى أهمية طرح أنظمة سداد مرنة تحافظ على تدفقات نقدية توجه لتنفيذ المشروع، وفى نفس الوقت تناسب الخطط المالية للعملاء المستهدفين.
عبدالله أنور: هزات التضخم قلصت قدرة شريحة من العملاء على اقتناص الوحدات الشاطئية
مروان فارس: ليست جديدة بالسوق المحلية وتم تنفيذها فى شرم الشيخ والعين السخنة
باسم الشربينى: ستستمر تزامناً مع جهود الدولة لتغيير الاستراتيجية والإقامة طوال العام
شنودة أمين: تجربة «بورتو مارينا» كانت بداية النجاحات وأتوقع مزيداً من الانتشار لاحقاً
جون سعد: يجب أن تحتوى على كامل الخدمات الترفيهية والبحيرات الكريستالية
