أكد مصرفيون أن تكلفة تحول البنوك إلى المنتجات الرقمية باهظة، ولا يستطيع البعض تحملها، خاصة وأنها عملية لها بداية وليس لها نهاية على حد زعمهم.
قالت مروة الشافعى، الخبيرة المصرفية، إن كل البنوك تحاول فى الوقت الراهن المضى قدما فى سبيل تطوير خدمات ومنتجات رقمية، ولكن على الرغم من ذلك قد يكون هناك نوع من التراخى فى التحول الرقمى فى البنوك.
وأضافت أن هذا التباطؤ ربما يكون عائدًا إلى كون البنوك تأخذ وقتًا فى تحويل أنظمتها الأساسية من النظام البنكى التقليدى إلى النظام الرقمى، ولكى تتعامل مع هذه التحدى تعمل أغلب البنوك على السير فى المسارين معًا، أى أنها تحدث أنظمتها من جهة وتمضى فى التعامل بالنظام التقليدى من جهة أخرى.
وأشارت إلى أن ارتفاع التكلفة واحدة من بين أبرز التحديات التى تقف عائقا أمام التحول الرقمى فى البنوك، لا سيما وأن تكلفة هذا التحول باهظة جدًا، وقد لا تستطيع بعض البنوك تحمل هذه التكلفة.
وأوضحت أن المخاطر المتعلقة بالأمن السيبرانى أيضا من بين التحديات التى تبطئ من التحول الرقمى فى البنوك أو تحد من عمليات تحديث النظام البنكى الأساسى “core banking”، مشيرة إلى أن هذه النوعية من المخاطر تكبد البنوك خسائر باهظة فى حال حدوثها، سواء تعلق الأمر بسمعة البنك وصورته الذهنية لدى العملاء أو محاولة إصلاح هذه النوعية من المخاطر.
وأفادت”الشافعى” بأن التحول الرقمى فى البنوك يستلزم مجموعة من القوانين والإجراءات والاشتراطات، وتلك أيضا واحدة من بين التحديات التى تبطئ من عجلة التحول الرقمى فى القطاع المصرفى.
وأشارت إلى أن البنك المركزى وضع إجراءات تراخيص البنوك الرقمية، وهو ما يعنى أننا قد نرى العديد من هذا النمط فى البنوك خلال العام ونصف أو العامين المقبلين.
وأصدر البنك المركزى المصرى قواعد ترخيص وتسجيل البنوك الرقمية والرقابة والإشراف عليها، بما يُمثل خطوة مهمة تواكب التطورات العالمية فى صناعة التكنولوجيا المالية، وتلبى احتياجات العملاء بالسوق المصرية، واستكمالاً لجهود الدولة فى دعم الابتكار والتحول للاقتصاد الرقمى.
وأوضح «المركزى» فى بيان بهذا الصدد أن القواعد تأتى فى ضوء أحكام قانون البنك المركزى والجهاز المصرفى الصادر بالقانون رقم 194 لسنة 2020 والتى تطرقت إلى مفهوم البنوك الرقمية وما تقدمه من خدمات مصرفية عبر القنوات أو المنصات الرقمية باستخدام التقنيات التكنولوجية الحديثة.
منتجات وبنوك رقمية
وذكرت “الشافعى” أن المنتجات الرقمية لم تعد قاصرة على البنوك فحسب، بل هناك العديد من شركات المدفوعات وغيرها من الكيانات التى تقدم خدمات مالية إلكترونية، وهو ما يعنى أن هناك الكثير من المنافسين للبنوك، مما يحتم عليها طرح المزيد من المنتجات الرقمية التى تمكنها من تلبية احتياجات عملائها.
وأوضحت أن البنك المركزى قد منح رخصة فعلية لأول بنك رقمى فى مصر تحت مسمى” one bank” وهو ما يعنى أن الفترة المقبلة قد تشهد المزيد من اللاعبين الجدد فى سوق البنوك الرقمية.
ووافق مجلس إدارة البنك المركزى، خلال مايو الماضى على منح شركة مصر للابتكار الرقمى الموافقة المبدئية لإطلاق أول بنك رقمى، وأعلنت الشركة عن اسم البنك الرقمى onebank “وان بنك” هو أول بنك رقمى فى مصر يحصل على الموافقة المبدئية من البنك المركزى.
الهوية الرقمية
وعلى الجهة الأخرى، أشارت إلى أن البنك المركزى قد أعلن من قبل تأسيس شركة الهوية الرقمية، ويتوقع أن تبدأ فى مزاولة نشاطها قريبا وهو ما يفتح الباب واسعا أمام العديد من المنتجات الرقمية أو حتى مجيء البنوك الرقمية العالمية فى السوق المحلية.
وساهم البنك المركزى، خلال أغسطس 2023، فيتأسيس شركة الهوية المالية الرقمية- والتى مازالت تحت التأسيس – بقيمة 275 مليون جنيه، وبنسبة %55 إلى إجمالى رأس المال المدفوع، وذلك بنهاية يونيو الماضى.
وأوضحت «الشافعى» أن دور هذه الشركة يتمثل فى التحقق من الهوية الرقمية للعملاء، مما يمهد الطريق أمام رحلة مكثفة من التحول الرقمى فى القطاع المصرفى.
فى السياق ذاته، أكدت أن البنوك عادة ما تقارن بين التكلفة والعائد حين تفكر فى إطلاق منتج أو خدمة رقمية، أما فيما يتعلق بتأسيس البنوك الرقمية فقد أوضحت أن التكلفة هنا عادة ما تكون عاملا حاسما، مما يعنى أن المصارف التى لديها ملاءة مالية عالية وحدها التى تكون مؤهلة لإطلاق أو تأسيس هذه النوعية من البنوك.
وأشارت إلى أن توجه الناس إلى الرقمنة (إطلاق خدمات رقمية أو حتى تأسيس بنوك رقمية تعمل عبر الإنترنت بشكل كامل) مرهون بقبول الناس لهذه المنتجات أصلا، ومن جانبها تبذل البنوك جهودًا مكثفة من أجل تثقيف العملاء رقميًا.
تحديث البنية التحتية
من جانبه، أكد أحمد مصلوح خبير التكنولوجيا المالية أن إطلاق أى منتج أو خدمة رقمية من قبل أى بنك يتطلب تحديث البنية التحتية بالأساس حتى تكون متوافقة مع هذه المنتجات فى الأساس، بالإضافة إلى ضمان قيام المنصة التى تقدم من خلالها الخدمة قادرة على تقديم الخدمات المناسبة للعملاء.
وأضاف أن التحديات التى تقف حجر عثرة أمام رحلة التحول الرقمى فى البنوك كثيرة أبرزها الـ “Bata Data” بما يعنى ضرورة توافر البيانات الكاملة التى يمكن من خلالها اكتشاف الـ “Business Need” والتى تضمن إطلاق منتج ملائم لاحتياجات العملاء.
وذكر أن التكلفة أيضا واحد من ضمن التحديات فيما يتعلق بإطلاق منتجات وخدمات رقمية، موضحا أن البنوك ذات رءوس الأموال العالية هى وحدها التى تتحمل تكلفة التحول الرقمى الباهظة.
وأوضح «مصلوح» أن العامل البشرى تحد آخر، بمعنى أنه إذا كان لدى البنك جميع الأدوات الرقمية لكنه لا يمتلك المهارات البشرية القادرة على التعاطى مع هذه الأدوات، فهذا تحد آخر فى حد ذاته.
وأكد أن التحول الرقمى رحلة لها بداية ولكن ليس لها نهاية، بمعنى أنها عملية مستمرة، ذات أهداف متجددة.
