تُعد أزمة المناخ أحد أكبر التحديات التى تواجه القرن الحادى والعشرين، ولها تداعيات جيوسياسية كبيرة، بينما يتجه العالم، فى الوضع الحالى، نحو مناخ أكثر دفئا، وتؤثر نتائج ذلك بشكل كبير على أجندة السياسة الخارجية، ومن ثم فإن هناك حاجة إلى دور أقوى للسياسة الخارجية فى سياسة المناخ الدولية، من خلال دبلوماسية المناخ.
وأكد خبراء تأمينيون لـ”المال” أن تحديات أزمة المناخ هائلة، ولا تهدد عواقبها سبل العيش والتنمية فحسب، موضحين أن شركات إعادة التأمين تلعب دورا حيويا فى دعم الدبلوماسية المناخية من خلال توفير الأدوات المالية والتقنية اللازمة لتقييم المخاطر وإدارتها، وتشجيع العمل المناخى، وبناء الثقة والتعاون بين الدول، بينما تساعد تلك الشراكة فى تقليل الخسائر الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن الكوارث الطبيعية وتعزيز الاستقرار العالمى وبناء مجتمعات أكثر مرونة وقدرة على الصمود أمام التحديات المناخية إضافة إلى دفع عجلة التنمية المستدامة بتشجع الاستثمار فى مشروعات الطاقة المتجددة والبنية التحتية المستدامة.
وقالت أمانى الماحى، رئيس قطاع بشركة مصر لتأمينات الحياة وعضو الاتحاد الأفروآسيوى للتحكيم الدولى، إن شركات إعادة التأمين تعد ذات شراكة إستراتيجية فى الجهود الدبلوماسية لتطوير إستراتيجيات إدارة المخاطر وتشجيع تبنى سياسات مناخية استباقية تسهم فى الاستقرار العالمى، كما تساهم فى بناء جسور التعاون بين الدول من خلال توفير منصات لتبادل المعرفة وتطوير حلول تأمينية مبتكرة تعزز القدرة على التكيف مع التغيرات المناخية السريعة.
وأضافت أن صناعة إعادة التأمين تلعب دورا أساسيا فى تعزيز الدبلوماسية المناخية من خلال توفير التغطية المالية للمخاطر الناجمة عن الكوارث الطبيعية والأحداث المناخية المتطرفة، حيث تساهم إعادة التأمين فى إدارة هذه المخاطر على نطاق واسع، مما يساعد البلدان والمجتمعات على التعافى بسرعة بعد الكوارث وتعزيز قدرتها على تحمل آثار تغير المناخ.
وتجدر الإشارة إلى أن مؤشر الأداء المناخى هو أداة مراقبة مستقلة تمكن من تتبع أداء البلدان فى حماية المناخ، بهدف تعزيز الشفافية فيما يتعلق بالسياسة المناخية الدولية، كما يهدف إلى مقارنة الجهود المبذولة لحماية المناخ والتقدم المحرز من قبل كل بلد.
وأضافت “الماحى” إن المفوضية الأوروبية أطلقت أربعة أركان للدبلوماسية المناخية على المستوى السياسى، وهى الالتزام بالتعاون متعدد الأطراف فى سياسة المناخ، لا سيما تنفيذ اتفاق باريس، ومعالجة آثار تغير المناخ على السلام والأمن، وتسريع العمل المحلى وزيادة الطموح العالمى، وتعزيز التعاون الدولى فى مجال المناخ من خلال المناصرة والاتصالات.
وأشارت إلى أن الدبلوماسية المناخية تستخدم الأدوات الدبلوماسية لدعم طموح ووظائف نظام التغير المناخى الدولى والتخفيف من الآثار السلبية لمخاطر تغير المناخ على السلام والاستقرار والازدهار، علاوة على ذلك، تتضمن قضية تغير المناخ تحقيق أهداف أخرى للسياسة الخارجية مثل بناء الثقة والسلام أو تعزيز التعاون متعدد الأطراف، بينما تتطلب الدبلوماسية المناخية أيضا تطوير إستراتيجيات لتقييم المخاطر وإدارتها عالميا.
قرارات مدروسة للاستثمار فى البنية التحتية
وقال إيهاب خضر، خبير الإدارة الإستراتيجية ووسيط التأمين، إن الدبلوماسية المناخية تتداخل مع شركات إعادة التأمين فى نقاط عدة، وتشكلان شراكة هامة لمعالجة تحديات تغير المناخ وتحقيق الاستقرار العالمى، حيث تمتلك شركات إعادة التأمين خبرة واسعة فى تقييم المخاطر المتعلقة بالأحداث المناخية المتطرفة، مثل الفيضانات والعواصف والأعاصير، ومن ثم تستفيد الدبلوماسية المناخية من هذه الخبرة فى تطوير إستراتيجيات إدارة المخاطر على المستوى الدولى، مما يساعد الدول على اتخاذ قرارات مدروسة بشأن الاستثمار فى البنية التحتية وتطوير السياسات المناخية.
وأضاف أن شركات إعادة التأمين توفر التغطية المالية للحكومات والشركات والمجتمعات المتضررة من الكوارث الطبيعية، مما يساعدهم على التعافى بسرعة وبناء قدرة أكبر على الصمود، وهذا ما يشجع الدبلوماسية المناخية على توسيع نطاق التغطيات للمخاطر المناخية، ويزيد من استعداد الدول للتعامل مع آثار تغير المناخ.
وأوضح أن شركات إعادة التأمين تعمل، لا سيما فى الآونة الأخيرة، على تقييم المخاطر وتسعيرها، وتشجع الشركات على اتخاذ إجراءات لتقليل انبعاثات الكربون وزيادة المرونة المناخية، وهذا ما يعزز التعاون بين الدول لتطوير سياسات مناخية أكثر طموحا، وتشجع الشركات على الاستثمار فى مشروعات الطاقة المتجددة والتكنولوجيات النظيفة.
توفير التمويل اللازم للتعافى من الكوارث الطبيعية
وأكد الدكتور علاء العسكرى، أستاذ التأمين بكلية التجارة – جامعة الأزهر، أن شركات التأمين تلعب دورا حيويا فى تقييم المخاطر المناخية وتسعيرها، من خلال البيانات التى تجمعها حول الأحداث المناخية المتطرفة وترددها وشدة تأثيراتها، ومن ثم، توفّر معلومات إستراتيجية لصانعى السياسات الدبلوماسيين لاتخاذ قرارات مستنيرة بشأن سياسات التخفيف والتكيف مع تغير المناخ، بينما يعد تحديد المخاطر المناخية المرتبطة بأصول معينة دافعا لشركات التأمين المستثمرين إلى اتخاذ قرارات أكثر استدامة، وهذا التحول نحو الاستثمارات الخضراء يدعم أهداف الدبلوماسية المناخية فى الانتقال إلى اقتصاد منخفض الكربون.
وتابع أن شركات التأمين تقدم منتجات وخدمات تساعد المجتمعات والشركات على بناء قدرتها على الصمود فى مواجهة الكوارث الطبيعية والأحداث المناخية المتطرفة، بينما يعزز هذا الدور أهداف الدبلوماسية المناخية فى حماية المجتمعات الأكثر ضعفا، لا سيما فى توفير التمويل اللازم للتعافى من الكوارث الطبيعية، حيث إن هذا الدعم المالى يساهم فى استقرار النظام المالى العالمى ويدعم جهود إعادة البناء والإنشاء.
وأضاف أن شركات التأمين على مستوى عالمى تعمل كشركاء طبيعيين للدبلوماسيين فى بناء التعاون الدولى فى مجال المناخ، عبر مشاركتها فى المنتديات الدولية لتطوير آليات التمويل المشترك وبناء القدرات، لتشكيل سياسات مناخية عالمية وتعزيز الاستدامة وبناء القدرة على الصمود.
العسكرى النشاط يقدم خدمات تدعم الصمود أمام الكوارث
خضر: كيانات الإعادة تساعد حاليا فى إجراءات تقليل انبعاثات الكربون
الماحى: الجهود العالمية تسهم فى إدارة الأخطار على نطاق واسع
