تعد أهم السياسات التأمينية لشركات التأمين فى العديد من النواحى وهى السياسة التسويقية والسياسة الاكتتابية والسياسة الاستثمارية وسياسة إعادة التامين، ولعل أهم هذه السياسات ونقطة انطلاق شركات التأمين نحو تحقيق أهدافها هى السياسة الاكتتابية.
ولكى يكتب لشركة التأمين البقاء والاستمرار فى أداء عملها بدرجة معقولة من الربحية يجب عليها اتباع سياسة انتقاء سليمة ومتوازنة (انتقاء الأخطار مفتاح عملية الاكتتاب)، بينما يهدف ذلك إلى الحد من الانتقاء ضد صالح شركة التأمين.
وأكد مجموعة من خبراء التأمين لـ”المال” أن عملية انتقاء الأخطار ليس الغرض منها تجنب الاكتتاب فى الأخطار الرديئة فقط، بل الهدف منها زيادة حجم وربحية العمليات التأمينية التى تقوم بها شركات التأمين عن طريق الاختيار الملائم للأخطار، ونتيجة لذلك، فإن عملية الاكتتاب تعد من أهم وأعقد العمليات التى يجب أن توليها شركات التأمين اهتماما خاصا، حيث إن كل نتائج الأنشطة الأخرى من إصدار وتسعير وإعادة تأمين واستثمار تتوقف على ناتج عملية الاكتتاب.
وأوضحوا أن الاكتتاب هو العملية الفنية لجوهر النشاط التأمينى ككل، بينما يعد قطاع التأمين من القطاعات الحساسة للمتغيرات الاقتصادية، لذا يقتضى الأمر من شركات التأمين أن تكون كل عمليات الاكتتاب بها سليمة وأسعارها عادلة وموائمة للأخطار، حتى تستطيع أن تحتل مركزا تنافسيا، سواء على المستوى المحلى أو العالمى.
قياس ناتج الاكتتاب أحد مقاييس نجاح الإدارة
من جهته، أكد وليد سيد مصطفى، خبير التأمين الاستشارى وعضو المؤسسة الأمريكية للوقاية من الحريق، أن نتائج أعمال شركات التأمين وقدرتها على الاستمرارية فى مزاولة أعمالها بنجاح يتوقف إلى حد كبير على كفاءة عملية الاكتتاب فى الأخطار، إذ إن أى خطأ فى قبول أو تصنيف الأخطار المعروضة على شركات التأمين يترتب عليه تحصيل أقساط أقل أو أكثر من اللازم لتغطية جميع النفقات المتعلقة بالتغطيات، ما يؤدى إلى خسائر فى نتائج أعمال الشركة.
وأشار إلى أن من أهم التغيرات التى حدثت بالسوق المصرية هى السماح لشركات التأمين الأجنبية بدخول سوق التأمين المصرية، إذ صدر القانون 91 لسنة 1995 ليسمح بمشاركة أجنبية بنسبة 49 % وبعد ذلك تم تعديله بموجب القانون 156 لسنة 1998 ليسمح بمشاركة أجنبية بنسبة 100 %، ما جعل الشركات تتنافس فى تخفيض الأسعار للحصول على أكبر قدر ممكن من الأقساط، وبدورة أدى إلى حدوث خسائر فى نشاط الاكتتاب وتم تغطية هذه الخسائر من النشاط الاستثمارى.
وذكر أن القانون رقم 118 لسنة 2008 ألزم شركات التأمين التى تجمع بين نشاطى تأمينات الحياة والممتلكات بأن تفصل بينهما، وأدى ذلك إلى زيادة عدد شركات التأمين بالسوق المصرية (بعضها برأسمال مصرى والأخرى أجنبية والبعض الآخر برأسمال مشترك)، ولكى تستطيع الشركات المحلية الصمود أمام المنافسة العالمية، كان عليها القيام بمراجعة وتقييم سياستها الاكتتابية ونتائج نشاطها من فترة لأخرى للوقوف على أوجه الخلل والقصور لعلاجها ونقاط القوة لتنميتها، بما مكّنها من الاستمرار فى السوق وكذلك المحافظة على حصتها السوقية والعمل على زيادتها بما يضمن تدعيم الموقف التنافسى وزيادة احتمالات تعظيم الربحية.
وأضاف أن حالة كبر حجم الحصص السوقية للشركات ساعدها فى تحقيق قانون الأعداد الكبيرة، ما أدى إلى اقتراب النتائج الفعلية من النتائج المتوقعة ومن ثم التخطيط الجيد لسياسة الشركات وتحقيق أرباحها عبارة، وبالتالى فإن قياس ناتج الاكتتاب التأمينى يعد أحد مقاييس نجاح الإدارة فى اتباع سياسة اكتتاب جيدة.
وتابع أن هيئات الإشراف والرقابة على التأمين على مستوى العالم تقوم بمراقبة أداء شركات التأمين العاملة فى أسواقها لحماية حقوق حملة الوثائق، وكذلك فإن القانون المصرى رقم 10 لسنة 1981 المعدل بالقانون رقم 91 لسنة 1995 ضمن أن الهيئة العامة المصرية للرقابة المالية تهدف إلى تحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية للنشاط التأمينى وحماية حقوق حملة وثائق التأمين والمستفيدين منها والحفاظ على المدخرات الوطنية وكفالة سلامة المراكز المالية لشركات التأمين والتنسيق ومنع التضارب بينها والمشاركة فى تنمية الوعى التأمينى فى البلاد وتوثيق روابط التعاون والتكامل مع هيئات الإشراف والرقابة على المستوى العربى والأفريقى والعالمى والارتقاء بالمهن التأمينية والإسهام الفعال فى توفير الخبرات.
وتوقع بعد إصدار قانون التأمين الموحد واعتماده من رئيس الجمهورية حدوث انتعاشة كبيرة بالأسواق مع تنظيم ورقابة عالية.
سياسات رشيدة للاكتتاب
وقال محمد الغطريفى، وسيط التأمين، إن الهدف الأساسى لهيئة الرقابة المالية حماية حقوق حملة الوثائق، من خلال منع المنافسة الضارة بين شركات التأمين فى تخفيض الأسعار، للحصول على أكبر قدر ممكن من الأقساط، حيث إن هذه المنافسة فى تخفيض الأسعار سوف تؤدى إلى حدوث خسائر فى ناتج الاكتتاب التأمينى.
وأشار إلى أن شركات التأمين، لكى تتمكن من تحقيق أهدافها والتزاماتها تجاه حملة الوثائق والمساهمين، فإن ذلك يستلزم سياسات رشيدة للاكتتاب، إذ إنها تقوم بنشاطين رئيسيين هما النشاط الاكتتابى ويتمثل فى تقييم الأخطار المعروضة على شركات التأمين من خلال وضع سياسات اختيار وقبول الأخطار، والنشاط الاستثمارى ويتمثل فى استثمار الأموال المتراكمة لدى شركات التأمين.
ولفت إلى وجود علاقة قوية وواضحة بين خصائص هيكل السوق ومستوى الأداء أو ربحية شركات التأمين فى أطر حجم شركة التأمين ومستوى المشاركة النسبية ومستوى المنافسة الخارجية، بينما توضح هذه الأطر أهمية قيام شركات التأمين بالتخطيط طويل الأجل بالإضافة للتخطيط قصير الأجل عند وضع سياسات التسويق والاكتتاب، بهدف تعظيم مستوى الربحية وجودة الخدمة التأمينية.
وبيّن وجود علاقة بين الحد الأدنى لكفاءة حجم رأسمال الشركات ومستوى التركز فى السوق المصرية، حيث إن جهات الرقابة على التأمين تتجه إلى تحديد الحد الأدنى لرأس المال والاحتياطيات الواجب توافرها وتحقيقها بكل شركة تأمين، حتى تصل إلى الحد الأدنى من الحجم الذى يمكّنها من تحقيق كفاءة عالية وتقوية مركزها التنافسى فى السوق، وهذا يشير إلى وجود تأثير لاقتصادات الحجم والاستفادة من مزايا الحجم الاقتصادى الأمثل لشركات التأمين فى تحقيق السيادة فى السوق وتركز الإيرادات فى يد عدد محدود من شركات التأمين يزيد من مستوى المنافسة.
وأفاد بأن أكثر العوامل تأثيرا فى تأمينات الممتلكات والمسئوليات فى شركات التأمين المصرية هى حجم الشركة وعائد الاستثمار ونسبة القسط إلى الفائض.
تحديد العوامل المؤثرة على ناتج الاكتتاب التأميني
وأوضح مصدر تأمينى، رفض التصريح باسمه، أن السوق المصرية تعانى من وجود عجز مستمر فى ناتج الاكتتاب التأمينى فى تأمينات الممتلكات والمسئوليات بالنسبة لإجمالى النشاط الاستثمارى لشركات التأمين وكذلك إجمالى الفروع، حيث إن النشاط الاستثمارى مسئول عن تغطية خسائر الاكتتاب وتحقيق فائض، بينما يسجل النشاط الاكتتابى خسائر.
وأضاف أن نسبة مساهمة العمليات التأمينية لإجمالى السوق والفروع تكاد تكون منعدمة نتيجة للعجز شبه المستمر فى ناتج عمليات الاكتتاب.
وأوضح أن ارتفاع متوسط قيمة الفائض الاستثمارى إنما يكون نتيجة للفائض الدائم فى العمليات الاستثمارية، وهذا يدل على أن شركات التأمين لا تركز على العمليات الفنية المتمثلة فى اختيار وانتقاء الأخطار الجيدة، ولكنها تركز نشاطها على الحصول على أكبر قدر ممكن من الأقساط، بهدف توجيهها إلى العمليات الاستثمارية.
وبيّن أن هناك قصورا فى السياسة الاكتتابية بالسوق المصرية ينتج عنها عجز ظاهر بقطاع تأمينات الممتلكات والمسئوليات، ومن ثم، لا بد من تتبع العوامل المؤثرة على ناتج الاكتتاب التأمينى لمساعدة متخذى القرار فى اتباع سياسة اكتتاب سليمة تساعد على تقليل خسائر الاكتتاب مستقبلا.
وأفاد بأن فحص العلاقة بين ناتج الاكتتاب التأمينى والعوامل المؤثرة عليه إنما يعمل على تقييم أداء الشركات من الناحية الفنية، كما أن تحليل العوامل الكمية والوصفية تؤثر على ناتج الاكتتاب التأمينى بهدف الوصول إلى تحديد أكثر العوامل المؤثرة عليه، إضافة إلى أهمية التخطيط الجيد للسياسة الاكتتابية لشركات التأمين.
وذكر دور النشاط الاكتتابى لشركات التأمين وأثره فى ناتج النشاط التأمينى ككل، حيث إن ناتج النشاط التأمينى يتمثل فى (ناتج اكتتاب وناتج استثمار)، بينما يترتب على تحديد العوامل التى تؤثر على ناتج الاكتتاب التأمينى ودراستها مساعدة الإدارات بشركات التأمين فى رسم سياسات اكتتاب رشيدة وتنمية فائض النشاط التأمينى ككل.
وتابع أن دراسة العوامل المؤثرة على السياسة الاكتتابية تساعد فى وضع برامج تأمينية جديدة، مثل الاعتماد على بعض الوثائق المستحدثة فى السوق العالمية وكذلك التركيز على التسويق واختيار الأخطار الجيدة بما يساعد على ترشيد النفقات المتمثلة فى التعويضات.
وشدد على أن دخول شركات التأمين الأجنبية لممارسة أعمالها بمصر وما ترتب عليه من إطلاق حرية المنافسة فى الأسعار -وغالبا ما تكون هذه الشركات فروعا لشركات أجنبية كبيرة- يؤكد أهمية دراسة السياسة الاكتتابية للكيانات العاملة فى السوق المصرية.
الغطريفى: هناك علاقة قوية بين خصائص هيكل السوق ومستوى الأداء
مصطفى: مزاولة النشاط بنجاح يتوقف على كفاءة العمليات
مصدر مطلع: دراسة العوامل المؤثرة تساعد فى وضع برامج مناسبة
