تتوقع شركات النقل البرى انتعاشة فى حجم أعمالها للمشاركة فى تنفيذ العديد من مشروعات البنية التحتية للطرق البرية فى ليبيا.. يأتى ذلك فى وقت بدأت فيه إحدى الشركات الحكومية الكبرى، أعمال تكريك ميناء سرت الليبي.
ووسط تلك المشاركة الفعالة للشركات المحلية فى عملية إعادة الإعمار تجددت مطالب العاملين بقطاعات النقل والشحن، بمنح مزيد من التيسيرات الحكومية والبنكية، للقدرة على اقتناص حصة كبيرة من تلك الأعمال.
وأشار عاملون بقطاع النقل البحرى والبري، إلى أن التيسيرات ستمكن الشركات من شراء المعدات اللازمة، فضلا عن أنها قد تتيح إطلاق خطوط ملاحية مباشرة من مصر لليبيا لزيادة الصادرات والواردات بين البلدين.
وشهدت قيمة التبادل التجارى بين مصر وليبيا زيادة بنسبة %42 خلال الـ11 شهرا الأولى من عام 2023 لتصل إلى 1.7 مليار دولار، مع قفزة فى الصادرات المصرية بنسبة %48 لتسجل 1.6 مليار دولار مقابل 1.1 مليار خلال الفترة نفسها من عام 2022، وفقًا لبيانات الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء.
وقالت المهندسة عبير لهيطة رئيس مجلس إدارة شركة إيجيترانس، إن ليبيا تُعد واحدة من أهم البلدان التصديرية للسوق المصرية، نتيجة قربها الجغرافى وأهميتها الإستراتيجية، لذا فإنالتوجه الحكومى لتعظيم حجم التجارة مع الجانب الليبى عبر منظومة النقل متعدد الوسائط يمثل فرصة إستراتيجية كبيرة للعاملين فى كل مجالات النقل.
وأضافت أن الجهات الحكومية المصرية عملت على تطوير البنية التحتية، لدعم الشركات المحلية فى تحركها نحو الأسواق الخارجية القربية،فعلى سبيل المثال يشهد ميناء السلوم البرى تطويرًا كبيرًا، إذ يتم إنشاء منطقة لوجستية صناعية على مساحة 700 فدان.
ووقعت وزارة النقل فى فبراير 2023، مذكرة تفاهم بين هيئة الموانئ البرية والجافة وتحالف (مصر أوروبا للتنمية الصناعية- الشرق الأوسط للتطوير (ميراد) - لينزا إيجيبت للمشروعات والمعدات الهندسية)، لإنشاء وإدارة وتشغيل المنطقة اللوجستية المتكاملة بالسلوم، على مساحة 700 فدان.
ويسهم مشروع المنطقة اللوجستية فى تشجيع تصدير المنتجات المصرية إلى ليبيا وشمال أفريقيا وتنفيذ أعمال قيمة مضافة مثل أعمال التعبئة والتغليف والتخزين وإعادة التوزيع ومعارض المنتجات المصرية والصناعات الخفيفة والمتوسطة، ومستهدف تشييد 10 مخازن و24 ثلاجة، وسيتولى التحالفوضع خطة تمويلية أوروبية للمشروع عن طريق بنك الاستثمار الأوروبي.
ولفتت “لهيطة” إلى أن المنطقة اللوجستية تعزز من حركة الأفراد والبضائع بين البلدين، وستعمل على كفاءة النظام اللوجستي، ضمن شبكة من الموانئ الجافة والمناطق اللوجستية التى تتم فى السوق المحلية.
وتابعت:” كل هذه التطورات ستسهم فى تعزيز الصادرات المصرية وتقليل الاعتماد على الواردات، مما يدعم الاقتصاد المحلي”.
وأوضحت أن هناك حاجة ملحة لإنشاء مكتب تمثيل تجارى مصرى فى ليبيا، وتطوير الأنظمة المصرفية والبنكية لتسهيل المعاملات المالية وتقديم الدعم اللازم للمصدرين المصريين، لاسيما بعد استقرار الأوضاع الأمنية وتنفيذ مشروعات إعادة الإعمار وتطوير البنية التحتية فى الموانئ، مثل منطقة التجارة الحرة فى بنغازى والمناطق الجافة.
وأضافت أن التطورات ستفتح المجال أمام زيادة الطلب على المنتجات المصرية وتعزز دور مصر كمورد رئيسى للبضائع، فعلى الصعيد العملي، يشهد التعاون المصرى الليبى مبادرات مهمة مثل الغرفة الاقتصادية الليبية المصرية المشتركة لإنشاء منطقة تجارة حرة فى منطقة الجوف جنوب شرق ليبيا، مما يمثل خطوة محورية لزيادة التدفق التجارى بين البلدين.
وحول الخدمات التى تقدمها مجموعة “إيجيترانس” لإعمار ليبيا، أكدت أن شركة “نوسكو”، التي استحوذت عليها المجموعة، تقدم العديد من الخدمات اللوجستية لإعادة إعمار مدينة درنة التى ضربتها السيول جراء انهيار السدين خلال إعصار دانيال العام الماضي.
ولفتت إلى أن “نوسكو” قامت مؤخرًا بنقل الكمر الخاص بإعادة بناء أحد الكبارى فى مدينة درنة، وتعمل “نوسكو” بين العديد من الشركات ضمن الاتجاه القومى لإعادة إعمار المدينة الليبية.
وأضافت قبل البدء فى المشروع، قامت “نوسكو” بدراسة تفصيلية للمعدات المطلوبة، وتقييم الطريق بين الدولتين لمعرفة التحديات المحتملة وتذليل العقبات وضمان سلامة عملية النقل.
يشار إلى أن تقديرات إعادة إعمار ليبيا تختلف، فتصل تكلفة مشروعات البنى التحتية والطاقة والمياه والصحة وغيرها إلى نصف تريليون دولار حسب المنتدى الاقتصادى الذى عقد فى إيطاليا أغسطس 2022، بينما تتراوح تقديرات محلية بين 100 و200 مليار دولار خلال السنوات العشر المقبلة بواقع 10 مليارات دولار سنويًّا.
وفى سبتمبر، قدر وزير الشئون الاقتصادية بحكومة عبد الحميد الدبيبة المنتهية ولايتها، سلامة الغويل، فاتورة إعادة الإعمار بـ111 مليار دولار، وقال خلال زيارته للقاهرة، إن الشركات المصرية ستحظى بنصيب الأسد من المشروعات، بنسبة %70 بمجموع 77.7 مليار دولار تقريبًا.
من جانبه، أشار المهندس أحمد غنيم المدير التنفيذى لشركة الوفاء للنقل الدولي، إلى ارتفاع حجم أعمال شركات النقل البرى بسبب حركة الإعمار التى تشهدها ليبيا مؤخرا وتطوير الموانئ والطرق، فضلا عن تنفيذ العديد من مشروعات البنية التحتية وخاصة فى بنغازى ودرنة.
ولفت إلى أن شركته حصلت على تنفيذ عمليات نقل المعدات والمهمات الثقيلة، ومن ثم تعمل على مدار 24 ساعة لتنفيذ التكليفات المطلوبة.
وقال إن شركته نفذت عملية نقل “كوبرى درنة “ باستخدام كاسحات هيدروليك نقل متخصص، تنفيذا للعقد المبرم مع شركة الغرابلي.
وتابع: “نقل الكوبرى تم من منطقة برج العرب بالإسكندرية إلى درنة الليبية، خلال فترة 14 يوما، متضمن 2 كمر كوبرى تزن القطعة 80 طنا بطول 40 مترا”.
وأكد “غنيم” أننا نستعد حاليا لنقل شحنة ثانية لباقى مهمات الكوبري، لافتا إلى أن حالة الإعمارتفتح سوقت جديدة أمام شركات النقل البرى وكذلك شركات المقاولات، إلا أنها تؤثر على عدد المعروض من السيارات فى الموانئ مما يؤدى إلى رفع نوالين الشحن المحلية.
وأكد المدير التنفيذى لشركة الوفاء للنقل، أن تزايد معدلات وحجم العمل سيفتح أيضا مجالا للشحن البحري، خاصة مع بدء قيام بعض الشركات المصرية بتطوير وتكريك الموانئ الليبية، فقد تمتد إلى تشغيل خطوط بحرية مباشرة.
كان مدير عام الغرفة الاقتصادية الليبية المشتركة، محمد رافع، قال إن ليبيا تستهدف استقدام نحو مليونى عامل من مصر خلال 2024، للمساعدة فى إعادة الإعمار، وأن البرلمان الليبى رصد 10 مليارات دينار لإعادة إعمار منطقة درنة فقط.
فى سياق متصل، أكد مصدر مسئول بالخط الملاحى الفرنسى “سى إم إيه”، أن الخدمات البحرية إلى ليبيا تسير بمعدلاتها الطبيعية ويتم شحن البضائع عبر سفن الخط للموانئ الليبية بنغازى وطرابلس، لافتا إلى أن الخط يطلق خدمتين أسبوعيا إلى بنغازي من موانى الإسكندرية وبورسعيد عن طريق المحطات البحرية فى مالطا.
وأشار إلى أن وكلاء الشحن والعملاء يفضلون النقل بالشاحنات عبر منفذ السلوم البرى بسبب قصر مدة الرحلة التى لا تتجاوز 18 ساعة من الإسكندرية، فضلا عن التكلفة التى تقل كثيرا عن الرحلة البحرية.
وتوقع انتعاشة كبيرة فى الشحن البحرى خاصة بعد الاتجاه لتعميق باقى الموانئ حتى تستقبل سفن بأعماق أكبر ومنها سفن الحاويات، بعد توجه الحكومة المصرية للتعاون مع الجانب الليبي.
وأشار إلى أن تونس والمغرب تستحوذان على نصيب الأسد فى الشحن البحرى لدول شمال أفريقيا مقارنة مع ليبيا بسبب وجود النقل البرى الذى تقل تكاليف شحنه، ومدته الزمنية.
وتوقع المصدر أن الفترة المقبلة ستشهد انتعاشة فى تصدير المواد الخام ومواد البناء والبنية التحتية، مشيرا إلى إمكانية تشجيع الخطوط الملاحية على توجيه خدمات مباشرة من الموانئ المصرية إلى ليبيا فى حالة ارتفاع حجم الطلب على نقل البضائع.
من جهته، طالب أيمن الشيخ رئيس شعبة النقل الدولى واللوجستيات بغرفة تجارة القاهرة، بمزيد من التسهيلات والتيسيراتلزيادة أسطولالشاحنات وفتحأبواب البنوك أمام المستثمرين للاستثمار فى النشاط، لافتا إلى تراجع دور البنوك فى الأنشطة اللوجستية فى الوقت الذى تقوم فيه هذه الأنشطة وتتطور بدعم مباشر من البنوك بباقى دول العالم.
وأكد “الشيخ” على أهمية دورالحكومة بفتح مجال الاستثمار فى نشاط المخازن والمستودعات التى لن تقوم قائمة النشاط اللوجستى إلا بوجود منظومة تخزين متطورة، وتوفير الأراضى التى تسمح ببناء مخازن أو تأجيرها بما يسمح بتخزين البضائع الواردة وفرزها وإعادة شحنها وتيسير إجراء جميع عمليات التغليف والتعبئة وتعظيم الترانزيت والتصدير.
فى سياق متصل، قال الدكتور علاء مرسى عميد معهد تدريب الموانئ ومركز البحوث للاستشارات بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، أنه من المزمع عقد مؤتمر شمال أفريقيا الدولى للموانئ فى ليبيا خلال الفترة من 16 الى 19 نوفمبر المقبل.
وأوضح أن المؤتمر يستهدف تشجيع الاستثمار وتطوير ودعم منظومة الموانئ والمناطق الحرة للاستفادة من الميزة التنافسية لموقع ليبيا الجغرافى بما يحقق التنمية المستدامة وتنمية الاقتصاد بين البلدين والاستفادة من خبرات معهد تدريب الموانئ الذى يعد من أهم بيوت الخبرة فى هذا المجال فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وقال إن المعهد عقد العديد من ورش العمل حول التجارة البحرية، تناولت التوجهات الحديثة لتطوير التجارة البحرية والتحول الرقمى وكيفية التعامل مع البيانات الضخمة والأنظمة الذكية الخاصة بعمل الموانئ، وشارك بها عدد كبير من قيادات الموانئ الليبية لخدمة قطاع الموانئ والتجارة البحرية.
لهيطة: هناك حاجة ملحة لإنشاء مكتب تمثيل تجارى بين البلدين وتطوير الأنظمة المصرفية
غنيم: ننفذ أعمال تحميل للمعدات يوميا.. ونسعى لتعظيم الاستفادة من تنمية القطر الشقيق
علاء مرسى: مؤتمر شمال أفريقيا الدولى للموانئ يناقش الفرص الاستثمارية المتاحة
