يشهد قطاع النقل السياحى فى مصر حالة من التفاؤل الحذر مع اقتراب انطلاق الموسم الجديد فى أكتوبر 2024.
وتأتى الآمال معقودة على توقعات إيجابية أطلقتها مؤسسات عالمية مرموقة، والتى تشير إلى نمو ملحوظ فى أعداد السياح الوافدين إلى مصر خلال السنوات القادمة.
وأشارت وكالة «فيتش سوليوشنز» التابعة لمؤسسة فيتش للتصنيف الائتمانى فى أحدث تقرير لها إلى نمو متسارع فى عدد السياح الوافدين إلى مصر، إذ توقعت أن يصل إلى 15.9 مليون سائح فى نهاية 2024، بزيادة قدرها %6.7 مقارنة بعام 2023، إلى جانب استمرار هذا النمو خلال السنوات القادمة، ليسجل نحو 18.8 مليون سائح فى 2028.
أكد عدد من العاملين بقطاع النقل السياحى التوقعات الإيجابية بشأن نمو السياحة فى مصر والتى تعكس تحسنًا ملموسًا على أرض الواقع، ويعزون ذلك إلى مجموعة من العوامل، من بينها التسهيلات الخاصة بالرحلات السياحية علاوة على الحملات التسويقية المكثفة.
وأشاروا إلى أن النتائج الإيجابية ثمرة جهود حثيثة بذلتها الحكومة والقطاع الخاص لتعزيز جاذبية الوجهة المصرية، ويساهم هذا التحسن فى زيادة الإيرادات وتوفير فرص عمل جديدة وتفعيل أسطول النقل السياحى، فضلًا عن تعزيز مكانة مصر كوجهة رائدة فى المنطقة.
ويعد قطاع النقل السياحى أحد أهم القطاعات الاقتصادية فى مصر، إذ يسهم بشكل كبير فى توليد فرص العمل ودعم النمو الاقتصادي.
ومع التوقعات الإيجابية لتعافى قطاع السياحة فإن شركات النقل المتخصصة تتطلع إلى موسم واعد، ولكنها فى الوقت نفسه تواجه تحديات تتطلب جهودًا مشتركة من قبل الحكومة والقطاع الخاص للعمل على معالجتها.
وعلى الرغم من الآفاق الواعدة، يظل هناك تحديات كبيرة تعرقل تقدم القطاع، منها ارتفاع التكاليف التشغيلية، الناجم عن ارتفاع زيادة الوقود وقطع الغيار، والتى تمثل عبئاً ثقيلاً على الشركات.
كما يعانى القطاع من نقص حاد فى الكوادر البشرية المؤهلة، فى وقت تتزايد فيها المخاطر التى تفرضها التغيرات المناخية على حركة السياحة.
أعرب كريم غازى رئيس مجلس إدارة شركة إيرباص تورز للنقل السياحى عن تفاؤله الكبير بزيادة أعداد الوافدين إلى مصر فى الفترة المقبلة، مؤكدًا أن استقرار الأوضاع الأمنية والتحسن المرجو فى الدول المجاورة يشكلان دافعًا قويًا لجذب المزيد.
وشدد على أهمية استمرار هذا الاستقرار فى تعزيز الثقة لدى السياح وتشجيعهم على اختيار مصر كوجهة آمنة ومستقرة، متوقعًا أن يؤدى ذلك إلى زيادة ملحوظة فى إيرادات شركات النقل وخاصة السياحية منها، وتعزيز الاقتصاد الوطني.
أشار إلى أن النقل السياحى يشهد تحولاً إيجابياً ملحوظاً، إذ سجلت الشركات العاملة فى هذا القطاع زيادة كبيرة فى حجم الحجوزات خلال الفترة الأخيرة، موضحًا أن الارتفاع فى الطلب يشمل بشكل خاص الرحلات الطويلة والسياحية المتخصصة، مما يعكس تزايد اهتمام الوافدين بتجارب سفر أكثر تنوعاً وتعمقاً.
ولفت إلى أنه من أجل الاستجابة للطلب المتزايد، تعمل العديد من مؤسسات النقل المعنى بقطاع السياحة على زيادة حجم أسطول النقل، من خلال إضافة مركبات جديدة ومجهزة بأحدث التقنيات، لتلبية احتياجات العملاء المتنوعة وتقديم خدمات نقل أكثر كفاءة وراحة.
وأشار إلى أن الشركات تسعى إلى تطوير خدماتها المقدمة للعملاء من خلال تقديم عروض وخصومات جذابة، وتوفر خيارات متنوعة من الرحلات والبرامج السياحية، بهدف جذب شرائح أوسع من العملاء وتلبية تطلعاتهم المتغيرة.
ودعا إلى ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لتطوير منظومة الطرق السياحية فى مصر، خاصة فى المناطق التى تشهد تكدسًا مروريًا مستمرًا مثل نزلة السمان ودخلة الأهرامات، وموقف المطار لصالة 2، مؤكدًا أن تحسين البنية التحتية للطرق سيسهم فى تسهيل حركة الأفواج السياحية، وتحسين تجربتهم داخل مصر.
وأكد وائل زعير عضو الاتحاد المصرى للغرف على الدور المحورى الذى يلعبه النقل السياحى فى تنشيط حركة القطاع فى مصر، خاصة مع الأرقام القياسية التى حققها الموسم الماضى والتى وصلت إلى حوالى 15 مليون وافد.
وأشار إلى أن هذا الملف يمثل عنصرًا أساسيًا فى جذب السياح سواء الأجانب أو المصريين، فمع زيادة الاعداد تزداد الحاجة إلى أساطيل نقل متطورة قادرة على تلبية احتياجاتهم وتوفير خدمات آمنة ومريحة.
وأضاف أنه لتجنب مخالفة العقود وخسارة ثقة العملاء، هناك تضحيات من أجل الالتزام، لمواجهة شركات النقل السياحى زيادة التكاليف الناتجة عن ارتفاع الأسعار، مما أدى إلى انخفاض هوامش الربح بشكل ملحوظ.
وأكد أن هذه التضحيات ستؤثر على أداء الشركات فى الموسم الجديد، إذ ستضطر إلى زيادة أسعار خدماتها بنسبة تقدر بحوالى %20 لتعويض الخسائر التى تكبدتها.
وتوقع أن يشهد “النقل السياحي” مزيدًا من النمو والتطور فى الفترة المقبلة، مع استمرار جهود الدولة لتنشيط هذا المجال وجذب المزيد من الاستثمارات، مؤكدًا على أهمية تطوير أساطيل النقل المعنية بالقطاع وتوفير الخدمات المتكاملة للزوار.
وقال إنه لا شك أن ارتفاع أسعار الخدمات يؤدى إلى انخفاض الطلب عليها، فالعلاقة بين السعر والطلب علاقة عكسية، إذا زادت الأسعار بشكل مبالغ فيه، فإن ذلك سيؤدى إلى تقليل عدد السياح.
وشدد على أهمية تحقيق التوازن بين جودة الخدمة والسعر، مؤكدًا أن تقديم خدمات عالية الجودة بأسعار معقولة هو مفتاح جذب المزيد من السياح، مضيفًا أنه يجب أن يكون السعر معقولًا مقارنة بالخدمة المقدمة، حتى يتم التمكن من الحفاظ على التنافسية.
وأعرب عن أمله فى أن تشهد الفترة المقبلة استقرارًا فى أسعار الوقود، مما يسهم فى تخفيف أعباء النقل السياحى ويساعد على تقديم عروض أكثر جاذبية للسياح.
وأكد أن الزيادة المستمرة فى أسعار الوقود تشكل تهديدًا كبيرًا لاستدامة القطاع، مما قد يؤدى إلى ارتفاع أسعار الرحلات السياحية وتراجع الطلب عليها.
وأضاف أن العديد من شركات النقل الصغيرة والمتوسطة قد تجد صعوبة فى الاستمرار فى ظل هذه الظروف، مما قد يؤدى إلى تقليص العرض من خدمات النقل السياحى وتأثير ذلك سلبًا على تجربة السائح.
وفى سياق متصل، طالب أيمن عبد اللطيف رئيس شركة داون تاون وعضو الاتحاد المصرى للغرف السياحية بتسهيل الإجراءات على الشركات المعنية ، وذلك لتمكينها من مواكبة النمو المتسارع فى القطاع السياحي.
وأكد أن القطاع السياحى المصرى يشهد إقبالاً كبيراً ومتزايداً، مما يستدعى توفير المزيد من وسائل التنقل لتلبية احتياجات هذا الإقبال المتنامى، مطالبًا الدولة بتبسيط الإجراءات المتعلقة بترخيص وتشغيل الأساطيل السياحية، لتسهيل عمل الشركات العاملة فى هذا القطاع الحيوي.
وأوضح “عبد اللطيف” أن مصر تتمتع بموسم سياحى حقيقى يمتد من أكتوبر إلى أبريل، ويشمل تنوعاً كبيراً، حيث تشهد إقبالاً كبيراً على السياحة الشاطئية والثقافية، بالإضافة إلى تنظيم المؤتمرات والمعارض.
وأشار إلى أن الاستقرار السياسى الذى تشهده مصر حالياً يعد عاملاً أساسياً فى انتعاش القطاع السياحى، مؤكداً أنه أصبح الداعم الأول للاقتصاد.
ولفت إلى أن قطاع النقل السياحى يواجه بعض التحديات، أبرزها ارتفاع أسعار الوقود وأزمة العملة، مما يؤثر بشكل مباشر على تكاليف التشغيل ويضع ضغوطاً إضافية على الشركات العاملة فى هذا القطاع.
وأكد “عبد اللطيف” أن الطلب على خدمات النقل السياحى مازال مرتفعاً، خاصة مع ظهور وجهات سياحية جديدة مثل مدينة العلمين.
ودعا إلى ضرورة تكاتف الجهود بين الحكومة والقطاع الخاص لتطوير قطاع السياحة بشكل شامل، من خلال توفير البنية التحتية اللازمة وتدريب الكوادر البشرية المؤهلة.
كما استعرض العوامل الرئيسية التى تدفع القطاع نحو النمو المتسارع، إذ أرجعه إلى عدة عوامل ،حيث قامت العديد من الدول حول العالم بتخفيف القيود المفروضة على السفر وتسهيل إجراءات الحصول على التأشيرات، مما شجع الكثيرين على التخطيط لرحلاتهم.
وأضاف أن هناك طلب كامن على السفر، خلال فترة جائحة كورونا، تراكم لدى الكثيرين رغبة قوية فى السفر والاستكشاف، مما أدى إلى ارتفاع حاد فى الطلب على الخدمات السياحية فور تخفيف القيود.
كما أن هناك جانب الحملات التسويقية المكثفة التى تقوم بها شركات الطيران والسياحة والفنادق، إذ لعبت دوراً كبيراً فى جذب الوافدين وتشجيعهم على حجز رحلاتهم.
أعرب عن تفاؤله حيال الموسم السياحى المقبل، مشيراً إلى أن هذه العوامل مجتمعة تبشر بموسم سياحى مزدهر من شأنه أن ينعكس إيجاباً على مختلف القطاعات الاقتصادية، لاسيما الفنادق والمطاعم والنقل، ويساهم فى تنشيط الحركة التجارية وزيادة الإيرادات الحكومية.
وأكد محمود رجب المدير التنفيذى لشركة رانكو للنقل السياحى أن القطاع يواجه تحديات متعددة تعيق نموه واستمراريته، ومن أبرزها توقف موسم العمرة وتأخر إصدار الضوابط الخاصة به،مما أثر بشكل مباشر على إيرادات الشركات العاملة فى هذا المجال.
وأشار رجب إلى أن موسم العمرة يمثل مصدراً رئيسياً للدخل العديد من هذه المؤسسات، مما يجعل هذا التوقف ضربة قوية لـ اقتصادياتها.
وأضاف أن ارتفاع أسعار السيارات وقطع الغيار بشكل كبير قد زاد من تكاليف تشغيل الأساطيل، مما يضغط على هوامش الربح للشركات.
كما أن هناك ارتفاعًا فى تكاليف التأمين، والتى زادت من الأعباء المالية على الكيانات العاملة فى قطاع النقل السياحي.
ولفت إلى أن دخول التطبيقات التكنولوجية إلى السوق يمثل تحديًا جديدًا للشركات التقليدية، موضحًا أن هذه التطبيقات تتطلب من الشركات التكيف مع التطورات التكنولوجية والتنافس معها، وهو ما يتطلب استثمارات كبيرة فى التكنولوجيا والتدريب.
وطالب رجب بدعم حكومى قطاع النقل السياحى وتوفير التسهيلات اللازمة للشركات العاملة فيه، مؤكدًا أنه يعتبر ركيزة أساسية للاقتصاد المصرى ويساهم بشكل كبير فى توفير فرص العمل وزيادة الدخل القومي.
