«موانئ أبوظبي» تعزز وجودها بالسوق المصرية بـصفقات الاستحواذ

Ad

شهد العامين الماضى والحالى حالة زخم فى عملية استحواذ شركات السوق الإماراتية على نظيرتها المصرية خاصة بقطاع النقل البحرى، إذ أعلنت مؤخرا “نواتوم” التابعة لمجموعة “موانئ أبوظبى“ استحواذها على حصة الأغلبية فى شركة “سفينة لخدمات الشحن”، المزود الرائد لخدمات الشحن البحرى فى مصر.

وأبرمت وزارة النقل فى يوليو الماضى عقودًا أولية مع مجموعة موانئ أبوظبى الإماراتية لتولى مهمة إدارة وتشغيل رصيفين بحريين فى ميناء السخنة، لمدة 30 عاما، بإجمالى أطوال تتجاوز 1500 متر، ويتخصص الأول فى دحرجة السيارات بطول (1060)، ملاصقة له ساحات تداول بمساحة 930 ألف متر مربع، والثانى لاستقبال سفن الكروز السياحية، بأطوال تصل إلى 500 متر.

وسبق أن أبرمت وزارة النقل مع المجموعة الإماراتية بداية العام الجارى اتفاقا لتطوير وإدارة وتشغيل وصيانة 3 محطات ركاب سياحية، بموانئ سفاجا، والغردقة، وشرم الشيخ لفترة 15 عاما قابلة للتجديد لفترة مماثلة.

وتسلمت المجموعة نهاية الربع الأول من العام الجارى محطة متعددة الأغراض فى ميناء سفاجا الخاضع لولاية هيئة موانئ البحر الأحمر، بأطوال أرصفة 1100 متر، وعمق 17، إلى جانب ساحة متصلة بالمحطة تصل إلى 810 آلاف متر مربع، لتولى عملية الإدارة والتشغيل والصيانة لها لمدة 30 عامًا، بعد توقيع العقود النهائية بين الطرفين أواخر ديسمبر 2023.

وتعد «الإمارات» ثانى أكبر شريك تجارى لمصر فى المنطقة، والدولة الأولى فى السوق المحلية من حيث حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة بنسبة %29.

واعتبر عدد من العاملين فى السوق المحلية عمليات الاستحواذ الأخيرة بمثابة اتجاه عالمى لتعزيز القدرات التنافسية فى ظل توترات سلاسل الإمداد، وتشبع السوق الإماراتية، وتطلعها للتواجد بقوة فى السوق المصرية للاستفادة من خطة مصر فى تحويل الموانئ البحرية لمركز لوجستى عالمى، إضافة إلى أن عمليات الاستحواذ تعد فرصة لتكامل الخدمات وخفض التكاليف التشغيلية مع تقديم خدمات أسرع وأكثر موثوقية لعملائها، فى ظل توليها إدارة وتشغيل عدة محطات بحرية مصرية.

وقال المهندس مصطفى إبراهيم استشارى سلاسل الإمداد بشركة sustain chain أن استحواذ «نواتوم» التابعة لمجموعة موانئ أبوظبى، خطوة لتعزيز قدراتها اللوجستية، موضحا أن المجموعة الإماراتية تسعى إلى تعزيز تواجدها فى السوق الملاحية بالشرق الأوسط خاصة مصر وأفريقيا.

وسبق وان قامت المجموعة الاماراتية بعملية استحواذ على %70 من شركة IACC الشركة الأم لشركة سفينة والمالكة لشركتى “ترانسمار” للنقل البحرى ووترانسكارجو الدولية، وأتمت شركة “إيجيترانس” استحواذها على الشركة الوطنية لخدمات النقل وأعالى البحار “نوسكو”، فى صفقة مبادلة أسهم.

كما وافق مجلس إدارة شركة ماريدايف للخدمات الملاحية والبترولية على عرض الاستحواذ النهائى المقدم من شركة الجهاز القابضة السعودية على “فالنتاين ماريتايم” المملوكة بالكامل لـ “ماريدايف”، بقيمة 115.6 مليون دولار.

لفت إلى أن الاستحواذ يأتى ضمن استراتيجيات مجموعة موانئ أبوظبى بالتوسع السريع فى مصر، بعد توقيع اتفاقيات امتياز إدارة وتشغيل محطات لسفن “الرورو “ فى موانئ سفاجا والسخنة، لاسيما وأن شركة سفينة تعد كيانًا رئيسيًا فى القطاع البحرى المصرى خاصة لشركات الشحن التى تعمل فى قطاعات المعادن والأسمدة ، وتتمركز فى كبرى الموانيء المصرية.

وقال استشارى سلاسل الإمداد إن الشركات تلجأ إلى عمليات الاندماج والاستحواذ لتعزيز قدراتها التنافسية فى ظل الضغوط العالمية، واضطرابات سلاسل التوريد باحثة عن شراكات تمكنها من تقديم خدمات لوجستية بتكاليف أقل وأعلى كفاءة.

وتابع “إبراهيم” أن تصاعد التوترات الجيوسياسية فى منطقة البحر الأحمر دفع الشركات اللوجستية العالمية إلى تعزيز وجودها بتلك المنطقة.

ولفت إلى أن عمليات الاستحواذ توفر للشركات فرصة لتكامل خدماتها وخفض التكاليف التشغيلية مع تقديم خدمات أسرع وأكثر موثوقية لعملائها فى المنطقة خاصة فى ظل التحديات اللوجيستية المتزايدة مثل اختناقات الموانئ وتأخر الشحنات.

يذكر أن “نواتوم”، المنصة العالمية الرائدة للخدمات اللوجستية المتكاملة التابعة لموانئ أبو ظبى، استحوذت مؤخرا على حصة الأغلبية فى شركة “سفينة لخدمات الشحن”، المزودة لخدمات الوكالة البحرية والشحن فى مصر ومنطقة الشرق الأوسط.

ويعد ذلك ثالث استحواذ دولى بارز لمجموعة موانئ أبوظبى خلال العام الجارى، إذ جاء فى أعقاب الاستحواذ على %70 من الحصص فى كل من ترانسمار و”تى سى آي” المصريتين فى الفترة من 2022حتي2024.

وفى نفس السياق قامت شركة إيجيترانس، الرائدة فى تقديم حلول النقل والخدمات اللوجستية بالاستحواذ على أسهم الشركة الوطنية لخدمات النقل واعالى البحار (نوسكو) بنسبة %99.9.

وقال الدكتور حمدى برغوت خبير اللوجستيات إن انخفاض سعر الجنيه المصرى أمام الدولار يشجع الشركات الأجنبية والعربية على الدخول إلى السوق المصرى وليس الملاحى فقط، لافتا إلى أن الصفقات التى تمت من جانب موانئ أبوظبى سببها تشبع دولة الإمارات بمختلف الاستثمارات، مما دفعها للتوجه إلى مصر بوصفها دولة لديها إمكانيات نمو اقتصادى كبير.

واستبعد اللواء عصام بدوى الأمين العام لاتحاد الموانئ البحرية العربية ارتباط عملية الاستحواذ بالتوترات الجيوسياسية الحالية فى النقل البحرى، موضحا أنه اتجاه عالمى يستهدف زيادة رأسمال ومواجهة التكتلات المنافسة مع فتح أسواق جديدة وتقديم خدمات أقل تكلفة.

وارتفع حجم الاستثمارات الإماراتية فى مصر إلى حوالى 65 مليار دولار بعد صفقة “رأس الحكمة” الاخيرة وفقا لـ الأمين العام لمجلس الإمارات للمستثمرين بالخارج.

وقال محمد مرزوق مدير الملاحة بشركة ليث للملاحة إن التوسع فى أنشطة النقل البحرى يحتاج رؤوس أموال ضخمة، وتستطيع تنفيذه فى الوقت الحالى الكيانات العربية.

ولفت “مرزوق“ إلى أنه بالرغم من شراء شركة إنشكيب الأم نصف حصة شركة ليث للملاحة إلا أن الشريك المصرى احتفظ بنصف الشركة ،بينما تم بيع نصف الشركة الأجنبية الام لشركة إنشكيب، وخلال عامين ستصبح الشركة مملوكة للإنشكيب بنسبة %100.

وأكد القبطان أيمن متولى خبير اقتصاديات النقل البحرى أن الاستحواذات والاندماجات التى تشهدها حاليا بعض شركات الملاحة المصرية الكبرى ظاهرة طبيعية، لافتا إلى أن مصر لديها سوقا واعدة وحجم تعاملات كبير وسوق استهلاكية ضخمة، بجانب موقعها الجغرافى الاستراتيجى كما أنها أقوى بكثير من أى دول بها تمثيل لشركات عالمية.

وتابع “متولى“ أن الاستثمارات فى نشاط النقل البحرى والأنشطة المرتبط بها مازالت لم تصل للحد الذى نطمح لتحقيقه أسوة بدول عربية شقيقة حققت مراكز عالمية متقدمة فى التصنيفات الدولية.

وأضاف أن هناك من يظن أن الاستحواذ أو الشراكة ضد المصلحة العامة، ولكننا نرحب بقدوم الشركات الأجنبية والكبيرة للاستحواذ على شركات صغيرة بهدف التوسع، خاصة وأن السوق البحرية مفتوحة ومتعدد الخدمات والمجالات.

واتفق اللواء على الحايس رئيس هيئة ميناء الإسكندرية الأسبق فى أن استحواذ شركات القطاع الخاص الخارجى على أخرى محلية، من شأنه التوسع فى أنشطة النقل البحرى، وتطور عملها وتوفير فرص عمل جديدة.

وتابع الحايس أنه من غير المقبول استحواذ شركات أجنبية على نظيرتها الحكومية، والذى يعد مشاركة للدولة فى الإيرادات خاصة الشركات الرابحة منها ، مطالبا الشركات بدراسة الاستحواذات بصورة جيدة قبل قبولها معتمدة على حجم التجارة وحركة الاقتصاد العالمى.

وطالب الحايس بضرورة إعداد وحدات داخل تلك الكيانات تتنبأ بالسوق العالمية واتجاهها، خاصة وأن الحروب حجمت كيانات اقتصادية لدول كبرى والتى تكلفت أموالا طائلة بسبب التوترات ،و أثرت على سعر السلعة مما قلل من تنافسيتها.