أظهرت القوائم المالية لبعض البنوك المدرجة فى البورصة المصرية، والتى اطلعت عليها «المال» أن القروض العقارية حتى نهاية يونيو الماضى شهدت تباينًا ما بين الزيادات الطفيفة والتراجع مقارنة بنهاية ديسمبر 2023، ويُعزى هذا التباطؤ بشكل رئيسى إلى ارتفاع أسعار الفائدة التى أصبحت تصل إلى %33، مما أثر سلبًا على حجم التسهيلات والتمويلات العقارية.
وتواصلت «المال» مع مجموعة من خبراء القطاع العقارى للبحث عن تلك الظاهرة، ورأوا أن السبب الرئيسى هو زيادة سعر الفائدة بشكل مبالغ فيه، فالفائدة على الاقتراض باتت مرهقة للمطورين.
وقال المهندس محمد البستانى، رئيس جمعية مطورى القاهرة الجديدة والعاصمة الإدارية، إن التراجع الملحوظ للشركات العقارية عن الاقتراض، لا يتناسب مع حجم التنمية العقارية الموجودة حاليًا بالقطاع، وذلك كله يرجع لارتفاع سعر الفائدة التى أقرها البنك المركزي؛ لأنها ستعود بالخسارة على المؤسسات العقارية فى النهاية.
وأضاف «البستاني»، لكى تعود مكانة التمويل العقارى وسط القطاع، لا بد من التعامل معه على أنه صناعة، لكى تكون عملية متكاملة، من صناعة العقار، وتصديره وصولًا للتمويل العقارى للمؤسسات والأفراد.
وقال محمد سمير، خبير التمويل العقارى والبنوك، إن هناك زيادة طفيفة فى القروض العقارية عند المقارنة بين نهاية يونيو الماضى، ونهايات ديسمبر 2023، لكنها تُعد زيادات ولا يمكن إنكارها.
وأضاف، أن من يعانى من مشكلات التمويل العقارى ليس الأفراد فقط، ولكن أيضًا المؤسسات العقارية، ويرجع ذلك لإلغاء قانون التمويل تحت الإنشاء، و%95 من المشروعات الموجودة بالقطاع العقارى مازالت تحت الإنشاء، بالإضافة إلى ارتفاع سعر الفائدة المبالغ فيه.
وأوضح أن معاناة الأفراد من التمويل العقارى لا تقل عن معاناة المؤسسات العقارية، فبعيدًا عن المبادرات فمتوسط أسعار الوحدات حاليًا بلغ أربعة ملايين جنيهات، ومبادرة التمويل العقارى للبنك المركزى تدعم الوحدات بحد أقصى مليونين ونصف، فالفرد يعانى من ارتفاع سعر الفائدة أيضًا وارتفاع أسعار الشقق، فلا يستفيد بمبادرة التمويل العقاري.
وأضاف، لكى يعود التمويل العقارى أو يتم الاستفادة منه، لا بد من عودة قانون التمويل تحت الإنشاء لكى يستفيد المطورون والأفراد معًا، مع تقليل الفائدة على الاقتراض المُقرة من البنك المركزى، وبالتلى انخفاض أسعار الوحدات.
وقال جون سعد خبير الاستثمار العقارى، إن الشركات العقارية تنظر للبنوك باعتبارها الحل السحرى لجميع المشكلات والتحديات سواء من وجود فجوات تمويلية أو المساندة فى استكمال تنفيذ بعض المشروعات، ولكن الواقع يؤكد أن هناك «فجوة» كبيرة من القطاع العقارى والبنوك.
وذكر أن ارتفاع أسعار الفائدة لمستويات صعبة للغاية تجبر النسبة الأكبر من المطورين على تجاهل هذه الآلية التمويلية لتفادى تحمل مزيد من التكاليف أو زيادة سعر الوحدات لمستويات قد يكون من الصعب للغاية تسويقها.
وأكد أن المبادرات القومية للتمويل العقارى لاتزال هى الحل لتوفير آلية داعمة للمطورين والمهتمين بشراء العقار، لكنها بحاجة إلى إجراءات تنظيمية ورقابية من البنك المركزى والجهات الحكومية الأخرى.
ووفقًا للقوائم المالية لبنك «المصرى الخليجي» فإن القروض العقارية للأفراد بلغت نحو 439 مليون جنيه فى 30 يونيو لعام الماضى، مقابل نحو 396 مليونًا فى 31 ديسمبر 2023، بنسبة زيادة %10.8.
وأوضح بنك «البركة مصر» أن التمويلات العقارية بلغت نحو 141 مليون جنيه موزعة على مناطق القاهرة الكبرى، والإسكندرية والدلتا وسيناء فى 30 يونيو الماضى، مقابل نحو 177 مليونًا فى 31 ديسمبر 2023 بنسبة انخفاض نحو %20.
واستنادًا لبنك «قطر الوطني» فإن القروض والتسهيلات العقارية للأفراد بلغت 6.6 مليار جنيه فى النصف الأول لعام 2024، مقارنة مع 5.8 مليار فى 31 ديسمبر للسنة الماضية، بنسبة زيادة بسيطة نحو %12 فقط.
وأوضحت القوائم المالية المجمعة لبنك «قطر الوطني» أن منطقة القاهرة الكبرى كانت لها الحصيلة الأكبر فى الحصول على القروض وبلغت 5.2 مليار جنيه، و منطقة الجنوب والبحر الأحمر بقيمة 734 مليونًا، والدلتا بنحو 486 مليونًا، والإسكندرية بحوالى 317 مليونًا.
وبالنسبة للقوائم المالية المجمعة لبنك «CIB»، فإن القروض العقارية حتى 30 يونيو لعامنا الحالى بلغت 4.6 مليار جنيه، مقابل 4.3 مليار فى نهاية العام الماضى، بنسبة زيادة بنحو %6.5 فقط.
ووصولًا إلى القوائم المالية لبنك « بنك كريدى أجريكول ـ مصر» فإن، صافى القروض العقارية بلغ 2 مليار جنيه حتى نهاية الربع الثانى للعام الحالى، مقارنة مع 1.4 مليار فى 31 ديسمبر لعام 2023، بنسبة زيادة نحو %42.
وأوضحت القوائم المالية لبنك «قناة السويس» أن القروض العقارية شهدت انخفاضا بنسبة %4.5 إذ إنها فى النصف الأول لعام 2024 بلغت 2.1 مليار جنيه، مقابل 2.2 مليار فى 31 ديسمبر من السنة الماضية.
وقال المهندس محمد طاهر، رئيس مجلس إدارة شركة «نايل» للتطوير العقارى، إنها تعتمد على الموارد الذاتية إلى جانب متحصلات البيع من العملاء لتغطية التمويلات اللازمة، وهو ما ستواصل الالتزام به مستقبلاً؛ موضحا أنها كانت قريبة من اقتراض 500 مليون جنيه من عدة بنوك، لكنها فضلت تجميد الفكرة لحين انخفاض أسعار الفائدة.
وتعد «نايل» للتطوير العقارى الشركة الوحيدة المتخصصة فى بناء الأبراج وناطحات السحاب، وتمتلك أهم مشروعين فى العاصمة الإدارية الجديدة، وهما «31North« الذى يقع فى منطقة الداون تاون على مساحة 18.3 ألف متر، ويشمل بناء برج 36 طابقًا بارتفاع 131 مترًا على النهر الأخضر مباشرة، يتكون من محال تجارية ومكاتب إدارية وطبية وغرف فندقية.
أما حسن عبدالنبى، الرئيس التنفيذى لشركة «بلتون» للتمويل العقارى، فقال إن سعر الفائدة المرتفع يؤثر على جميع القطاعات، ولكن الشركة تتعامل مع جميع التحديات، مع الإشارة إلى أن ضوابط ممارسة التمويل العقارى معروفة للجميع ومعلنة، وبالتالى على الشركات التكيف مع تلك التحديات.
وبحسب الهيئة العامة للرقابة المالية، سجل إجمالى التمويل العقارى الممنوح من الشركات المزاولة للنشاط بالسوق المصرية نحو 11.69 مليار جنيه خلال النصف الأول من 2024، مقابل 4.29 مليار خلال الفترة ذاتها من 2023، بنمو %172.5.
وكشفت تقارير الهيئة عن ارتفاع عدد عقود التمويل العقارى إلى 5331 خلال الـ6 أشهر الأولى من 2024، مقابل 2345 للفترة ذاتها من العام الماضى، وتوزعت التمويلات إلى عميل عادى بنحو 229 عقدًا بقيمة 2.5 مليار جنيه و362 لعميل صندوق بقيمة 95.6 مليون، ومحافظ مشتراه لنحو 4740 عقد بقيمة 9.054 مليار.
وبالنسبة لتطور التمويل العقارى وفقًا لشرائح الدخل الشهرى استحوذت الشريحة ذات الدخل الأكبر من 3500 جنيه على قيمة 11.65 مليار من تمويلات النشاط لنحو 5191 عقدًا.
وفى سياق متصل، قال المهندس أحمد منصور، الرئيس التنفيذى لشركة cred، إنها تجرى مفاوضات حالية مع عدة بنوك بهدف الحصول على تسهيلات ائتمانية فى حدود 650 مليون جنيه، بهدف تغطية التمويلات اللازمة لاستكمال الإنشاءات فى مشروعاتها بشرق وغرب القاهرة.
وأكد أن الشركة حصلت على موافقات بنكية فى السابق للحصول على قرض، ولكنها قررت تجميد تلك الخطوة فى ضوء الارتفاعات المتتالية فى أسعار الفائدة، وبالتالى تزايد الأعباء المالية.
ومنذ أيام قليلة أعلن البنك التجارى الدولى ترتيب تمويل مشترك بقيمة 7 مليارات جنيه لصالح شركة أورا ديفلوبرز إيجيبت، عبر تحالف مصرفى يضم 4 بنوك كبرى.
يهدف التمويل إلى تغطية جزء من التكلفة الاستثمارية اللازمة لتنفيذ مشروع “زد إيست” بنشاط خدمى عمرانى متكامل طبقًا لأعلى وأفضل المواصفات والمعايير العالمية والمقام على مساحة 334 فدانًا بمنطقة القاهرة الجديدة، والذى يعد أحد أبرز مشروعات أورا ديفلوبرز إيجيبت فى القاهرة الجديدة.
عمرو الجناينى، نائب الرئيس التنفيذى والعضو المنتدب للبنك التجارى الدولى، قال إن إتاحة تمويل مشترك بهذا الحجم هو دليل على حرص البنك على المشاركة فى دفع قاطرة التنمية، وذلك من خلال تقديم التمويلات اللازمة لدعم المشاريع الاقتصادية المتميزة فى السوق المحلية التى تتميز بالقوة والنشاط.
كما أشاد بدور البنك فى تمويل المشروعات الكبرى للقطاع الخاص فى إطار الخطة التنموية الشاملة للدولة بما فيها توسيع رقعة التنمية العمرانية، وما تحمله من فرص هائلة لجميع القطاعات الاقتصادية بشكل متوازن، وقد حققت شركة أورا ديفلوبرز إيجيبت نجاحات جديرة بمواصلة الدعم والتمويل لمزيد من التنمية.
أما شركة سوديك فقد وقعت على تسهيل ائتمانى مشترك طويل الأجل بقيمة 4.14 مليار جنيه مع بنك مصر والبنك التجارى الدولى لتمويل مشروعها بمدينة زايد الجديدة على مساحة 464 فدانًا، والذى يضم مشروعى VYE وKarmell.
يعد ذلك ثانى أكبر مشروعات سوديك فى منطقة غرب القاهرة، إذ يضم أكثر من 5000 وحدة سكنية متنوعة، وتعد نسبة الدين لراس المال الخاصة بسوديك منخفضة، إذ بلغ رصيد القروض والتسهيلات الائتمانية المستحقة فى 30 يونيو 2024 قيمة 3 مليارات جنيه، ويستهدف هذا التسهيل الائتمانى زيادة نسبة الرافعة المالية، مما يعمل على تعزيز عوائد المساهمين.
وتعليقًا على التسهيل الائتمانى الذى وقعته الشركة، قال أيمن عامر، مدير عام سوديك، إنه يأتى كدليل على الأداء المالى المتميز والتدفقات النقدية القوية، والسيولة المالية التى تتمتع بها قائمة المركز المالى للشركة.
وأشاد محمد الإتربى، رئيس مجلس إدارة بنك مصر، بتدبير القرض واستكمال دعم الاقتصاد المصرى خاصة وأن قطاع العقارات من أهم القطاعات المؤثرة فى الاقتصاد؛ وذلك لارتباطه بمجموعة كبيرة من الصناعات والأنشطة الوسيطة، والتى يحرص البنك على تمويلها لتوفير المزيد من فرص العمل فى مختلف التخصصات بما يخدم بشكل عملى خطط التنمية.
أما شركة مدينة مصر فدخلت فى مفاوضات جادة مع تحالف مصرفى للحصول على تمويل مبتكر لمشروعاتها الجارية، بأكثر من 5 مليارات جنيه
