اتخذت البرازيل وفرنسا قرارين منفصلين لكنهما يستهدفان التصدى للشائعات التى يبثها تطبيق إكس والجرائم التى تتم تحت سمع وبصر تطبيق تليجرام.
الصراع بين الطرفين يغذيه تباين المصالح بين الأفراد والمستخدمين من ناحية والأنشطة الإجرامية والسياسية التى لا ترضى عنها الحكومات من ناحية أخرى.
يود الأفراد التعبير عن الرأى بلا قيود، لكن هذه الرغبة تصطدم أحيانا برغبة حكومية فى التقييد بحجة التعبير عن آراء سياسية ضارة بالمجتمع.
حافظت العديد من المنصات على توازن معقول بين مصالح الطرفين، لكن منصتى تليجرام وإكس خرقتا هذا التوازن فى فرنسا والبرازيل مما استدعى الإجراءات الحكومية الصارمة.
سياسة الرقابة المتساهلة لدى المنصتين هى كلمة السر وراء الإجراءات الحكومية الفرنسية البرازيلية، فقد رفضت إدارة تليجرام التعاون مع السلطات الفرنسية بخصوص جرائم تم ارتكابها عبر المنصة، بينما تدعى السلطات البرازيلية أن منصة إكس قد تباطأت فى حظر العديد من الشخصيات المعارضة من منصتها.
وتتمتع منصتا إكس التابعة لإيلون ماسك وتليجرام بنفوذ كبير على الحكومات نظرًا لقواعد المستخدمين الكبيرة والدور الذى تلعبه فى نشر المعلومات.
وتعد الوسائل التكنولوجية التى تتيح التحايل على القيود الحكومية ضمن نقاط القوة التى تعضد موقف شركات التكنولوجيا فى مواجهة الحكومات.
ومقابل الشغب الذى تثيره منصتا إكس وتليجرام، فهناك العديد من المنصات التى نجحت فى العمل بتوافق معتدل بين مطالب الحكومات الرقابية وخصوصية الأفراد دون الإخلال بعنصر الأمان.
سياسة الرقابة المتساهلة كلمة السر
تشتهر منصة تليجرام بميزات التشفير والخصوصية القوية، ما يجعلها مستخدمة على نطاق واسع بين المستخدمين الذين يعطون الأولوية للتأمين، وهذا يمكن أن يجعل الإجراءات الحكومية ضدها مثيرة للجدل.
مع وجود ملايين المستخدمين، فإن تأثير منصة تليجرام على الاتصالات العامة وتدفق المعلومات كبير، وبات ينبغى على الحكومات أن تأخذ فى الاعتبار ردود الفعل العكسية المحتملة من المستخدمين.
قد يكون حظر أو تنظيم منصة تليجرام أمرًا صعبًا من الناحية الفنية بسبب طبيعتها اللامركزية واستخدام التشفير.
ووجهت النيابة العامة الفرنسية رسميا اتهامات إلى بافيل دوروف، الرئيس التنفيذى لشركة تيليجرام، بالتورط فى العديد من الأنشطة غير القانونية من خلال منصة الرسائل الشهيرة.
ويخضع دوروف، الذى يحمل الجنسيتين الروسية والفرنسية، للتحقيق الرسمى ويواجه اتهامات تتعلق بتوزيع مواد الاعتداء الجنسى على الأطفال، والجريمة المنظمة، والمعاملات غير القانونية، والاتجار بالمخدرات، والاحتيال.
إضافة إلى التهم الجنائية الخطيرة، اتُهم دوروفبرفض تزويد السلطات بمعلومات أو وثائق حاسمة ضرورية للتحقيقات القانونية، وتنبع هذه التهمة من عدم امتثاله المزعوم لطلبات السلطات القانونية.
وتم القبض على دوروف، 41 عامًا، فى مطار لو بورجيه، الواقع شمال باريس، بعد هبوطه من طائرة خاصة حوالى الساعة 8 مساءً بالتوقيت المحلى، ورغم أنه ممنوع من مغادرة فرنسا ويجب عليه الإبلاغ للسلطات مرتين فى الأسبوع، فقد تمكن دوروف من تجنب الاحتجاز السابق للمحاكمة بدفع كفالة قدرها خمسة ملايين يورو.
وبدأ التحقيق فى أنشطة تيليجرام فى 8 يوليو 2024، فى أعقاب مخاوف بشأن سياسات الرقابة المتساهلة للمنصة، والتى يُزعم أنها سمحت بازدهار المحتوى غير القانونى والمتطرف، وبدأ هذا التحقيق الأولى فى فبراير 2024 وأدى إلى اعتقال دوروف كجزء من التحقيق الجارى.
وأشارت المدعية العامة فى باريس لور بيكو إلى أن عدم تعاون تليجرام مع الطلبات القضائية أثار ناقوس الخطر داخل قسم الجرائم الإلكترونية فى فرنسا والقضاء الوطنى لمكافحة الجريمة المنظمة، كما أعربت هيئات تحقيق أوروبية أخرى، بما فى ذلك تلك الموجودة فى بلجيكا، عن مخاوف مماثلة، مما دفع فرنسا إلى التحقيق فى المسؤولية الجنائية المحتملة لإدارة تيليجرام.
إغلاق إكس يوم حزين فى البرازيل
تعد البرازيل واحدة من أكبر الأسواق لشركة إكس، والتى عانت من خسارة المعلنين منذ أن اشترى الملياردير إيلون ماسك شركة تويتر السابقة فى عام 2022، بحسب موقع أيه بى نيوز.
تقول مجموعة أبحاث السوق إى ماركتير إن حوالى 40 مليون برازيلى، أى ما يقرب من خمس السكان، يستخدمون إكس مرة واحدة على الأقل شهريًا.
وقالت الرئيسة التنفيذية لشركة إكس ليندا ياكارينو: “هذا يوم حزين لمستخدمى إكس فى جميع أنحاء العالم، خاصة أولئك فى البرازيل، الذين يُحرمون من الوصول إلى منصتنا”، مضيفة أن البرازيل فشلت فى الوفاء بتعهد دستورها بحظر الرقابة.
ونشرت إكس على صفحتها الرسمية للشؤون الحكومية العالمية أنها تتوقع أن يغلق القاضى البرازيلى دى مورايس إكس، “ببساطة لأننا لن نمتثل لأوامره غير القانونية بفرض الرقابة على خصومه السياسيين”.
وكتبت الشركة:”عندما حاولنا الدفاع عن أنفسنا فى المحكمة، هدد القاضى دى مورايس ممثلتنا القانونية البرازيلية بالسجن، وحتى بعد استقالتها، جمد جميع حساباتها المصرفية”.
اشتبكت إكس مع دى مورايس بسبب إحجامها عن الامتثال لأوامر حظر المستخدمين.
وتشمل الحسابات التى أغلقتها المنصة سابقًا بناءً على أوامر برازيلية مشرعين تابعين لحزب الرئيس السابق جايير بولسونارو اليمينى ونشطاء متهمين بتقويض الديمقراطية البرازيلية، وأرسل محامو إكس فى أبريل وثيقة إلى المحكمة العليا فى البرازيل، قائلين إنه منذ عام 2019 قامت بتعليق أو حظر 226 مستخدمًا.
وتُعَد منصة إكس منصة رئيسية للحوار العام والتواصل السياسى، وقدرتها على تشكيل الرأى العام تمنحها نفوذًا على تصرفات الحكومة.
وتسهم عمليات المنصة فى الاقتصاد المحلى من خلال التوظيف وإيرادات الإعلانات، وقد يؤدى إغلاقها إلى عواقب اقتصادية.
يمكن أن تؤدى الإجراءات ضد منصة إكس إلى إطلاق حملة تدقيق ونقد دوليين، مما قد يؤثر على صورة البرازيل العالمية.
وتتمتع هذه المنصات بقدرة كبيرة على التأثير على الرأى العام، والمساهمة اقتصادياً، وفرض تحديات تقنية، مما يمنحها نفوذاً كبيراً على الحكومات. ومع ذلك، تمتلك الحكومات أيضاً أدوات تحت تصرفها، مثل الإجراءات القانونية والتدابير التنظيمية، لضمان الامتثال للقوانين المحلية.
