أفادت «فيتش سوليوشنز» التابعة لمؤسسة فيتش للتصنيف الائتماني، بأن التوترات الجيوسياسية المتزايدة فى منطقة الشرق الأوسط تُشكل خطرًا سلبيًا على التوقعات الإيجابية للمؤسسة فيما يتعلق بحجم الحركة السياحية الوافدة لمصرفى العام الجاري.
وأضافت «فيتش» فى أحدث تقرير صدر عنها للربع الثالث من 2024، والذى يتضمن توقعاتها لمستقبل السياحة المصرية لمدة 5 أعوام مقبلة حتى 2028، وحصلت «المال» على نسخة منه، أنه بالرغم من ذلك فمصر تظل حتى الآن وجهة آمنة للمسافرين الدوليين.
وأشارت إلى أن دول أوروبا والشرق الأوسط وأمريكا الشمالية من الأسواق الرئيسية التى تعزز نمو السائحين الوافدين إلى مصر وذلك على المدى المتوسط.
الحركة السياحية
وتتوقع «فيتش» أن ينمو عدد السائحين الوافدين إلى مصر بنسبة 6.7% على أساس سنوى فى عام 2024 ليصل إلى 15.9 مليون سائح مقابل 14.9 مليون وافد فى 2023.
وتابعت أن النمو المتوقع فى عدد الوافدين لمصر فى 2024 يرجع إلى التعافى الكامل الذى شهدته الحركة السياحية خلال العام الماضي، والتى تخطت مستوى ما قبل جائحة كورونا فى 2019 (بواقع 13 مليون سائح).
وأضافت «فيتش» أنه من المتوقع أن تستقبل مصر فى عام 2025 نحو 16.8 مليون سائح، بينما سيشهد 2026 قدوم نحو 17.6 مليون وافد، فيما سيصل نحو 18.2 مليونا فى 2027.
كما توقعت المؤسسة الدولية، أن تنمو أعداد السائحين القادمين لمصر بنسبة %4.7 على أساس سنوى ليصل عدد الوافدين إلى 18.8 مليون سائح فى عام 2028، مقارنة مع توقعات سابقة نسبتها %3.9
ونوه تقرير «فيتش» بأن هناك عدة مخاطر سلبية أساسية تهدد توقعات المؤسسة، منها الارتفاع الكبير فى أسعار المواد الغذائية والطاقة عالميًا، إضافة إلى استمرار الأزمة الروسية الأوكرانية.
وأضاف أن تلك العوامل ستؤدى إلى انخفاض دخل الأسر وقدراتها على الإنفاق خاصة بين ذوى الدخل المنخفض والمتوسط المستهلكين فى الأسواق الأوروبية والذين يختارون مصر لقضاء عطلات بأسعار معقولة.
ولفت إلى أن هناك طلبا مكبوتا على السفر خاصة من السوق الأوروبية بعد عمليات الإغلاق التى شهدتها الدول جراء جائحة كورونا، مشيرا إلى أن مصر ستحتفظ بشعبيتها كوجهة مشمسة خاصة خلال فصل الشتاء.
وذكر التقرير أن استمرار الصراع الروسى - الأوكرانى سيؤثر سلبًا على حجم التدفق السياحى من هذه الأسواق خاصة وأن روسيا تواجه عقوبات دولية بينما تعانى الأخرى من أحداث الحرب وهو ما يؤثر فى اقتصاد تلك الدول وقدرة مواطنيها على السفر.
وأكدت «فيتش» أنه بالرغم من ذلك فإن السائحين الروس الذين يفكرون فى السفر للخارج ستكون مصر الخيار الأول، ليس فقط لأنها المفضلة لهم منذ فترة طويلة ولكن نظراً لأن عدد الأسواق السياحية المتاحة للروس قد تقلص عددها بسبب العقوبات.
الإيرادات
وتتوقع «فيتش» أن تنمو إيرادات السياحة المصرية فى عام 2024، بنسبة %7.3 على أساس سنوى لتصل إلى 15.4 مليار دولار مقابل 14.4 مليارا فى العام الماضي، وذلك تماشيا مع الزيادة فى أعداد الوافدين.
فيما ستصل الإيرادات إلى 18.7 مليار دولار فى عام 2028، وهو ما يمثل متوسط معدل نمو سنوى قدره %5.4 خلال فترة التوقعات.
وأضاف التقرير أن إيرادات السياحة المصرية ستصل إلى 16.4 مليار دولار فى 2025، مشيرًا إلى أن الإيرادات ستبلغ 17.3 مليارا فى 2026، ورجح وصولها إلى 18 مليار بنهاية 2027.
وتابع أن عائدات السياحة الدولية فى مصر تأثرت سلبًا خلال جائحة فيروس كورونا وقيود السفر المفروضة حينها، مما أدى إلى تراجعها لتسجل 4.9 مليار دولار فى عام 2020 مقارنة مع 14.3 مليار فى 2019.
وأوضحت «فيتش» أنه سيؤدى تحسن الإنفاق الاستهلاكى فى أوروبا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى نمو الإيرادات لكل زائر.
وأشار التقرير إلى أن العديد من السياح الزائرين لمصر هم من المسافرين الأثرياء نسبيا وذوى قدرة شرائية مرتفعة، خاصة من دول المملكة المتحدة، ألمانيا، ومجلس التعاون الخليجي.
الليالى السياحية
وتوقعت «فيتش»، أن يصل إجمالى عدد الليالى السياحية فى مصر إلى 156.6 مليون ليلة فى 2024، مقارنة مع 142.4 مليون فى العام الماضي، ومن المقرر أن يستمر الارتفاع ليصل إلى 182.6 مليون ليلة فى عام 2028.
وأضافت أن إجمالى عدد الليالى السياحية انخفض بشكل حاد خلال عام 2020 بسبب وباء كورونا وحظر السفر لتصل إلى 43 مليون ليلة مقابل 135.4 مليون فى 2019.
وذكر التقرير أن متوسط مدة الإقامة المتوقعة تصل إلى 13.4 ليلة على أن يرتفع إلى 15.3 فى 2028، وهو ما يعكس شعبية مصر لعروض العطلات لمدة 7 و 10 و14 ليلة وهو ما يفضله السائحون من الأسواق الأوروبية.
الجنسيات
وتتوقع «فيتش» أن يتصدر الأوروبيون قائمة الوفود السياحية القادمة إلى مصر بأعداد تصل إلى 9.2 مليون سائح أوروبى فى عام 2024، وهو أعلى من أعدادهم قبل جائحة كورونا والبالغة نحو 8.6 مليون وافد فى عام 2019 (ما قبل كوفيد-19).
وترى «فيتش» أن أوروبا ستظل مصدرًا مهمًّا للسياحة المصرية على الأجلين القصير و المتوسط، خاصة فى ظل استهداف الحكومة لتنوع الأسواق الأوروبية المصدرة للحركة، فبجانب تصدر أسواق أوروبا الغربية وتضم المملكة المتحدة وألمانيا وإيطاليا وفرنسا، يتم استهداف الأسواق النامية فى وسط وشرق أوروبا وتضم روسيا وأوكرانيا وبولندا والتشيك.
ونوهت بأن روسيا تعتبر تاريخيا واحدة من أكبر الأسواق المصدرة للحركة السياحية إلى مصر، ومع ذلك فإن العقوبات الدولية جراء الحرب على أوكرانيا أثرت بشكل سلبى على الاقتصاد الروسى مما يؤثر سلبًا على المستهلكين هناك وقدرتهم على السفر على المدى القصير ورغم ذلك فمصر بالنسبة لهم مقصد جاذب سعريًا وهو ما يضمن بقاءها كإحدى الوجهات الرئيسية للسائحين الروس.
وتابعت أن السياحة الوافدة من منطقة الشرق الأوسط تأتى فى المركز الثانى بين الأسواق الأكثر قدومًا إلى مصر بعد أوروبا، متوقعة أن تصل أعداد السائحين الوافدين منها إلى 3.6 مليون سائح خلال عام 2024، مقابل 3.3 مليون فى فترة ما قبل كوفيد-19 خلال عام 2019.
فيما سيصل عدد الوافدين من أمريكا الشمالية إلى مصر لنحو 624.750 سائح خلال عام 2024، مقابل 591.080 وافدا فى العام الماضي.
وذكر التقرير أن سوق السياحة فى مصر راسخة وتعتبر وجهة شعبية للمسافرين من أوروبا خاصة خلال فترة الإجازات، مشيرا إلى أن المقصد المصرى يمتلك تنوعا فريدا ومقومات سياحية هائلة سواء كانت شاطئية أو ثقافية، بالإضافة إلى تواجد 7 مواقع مصرية أثرية مسجلة على قائمة اليونسكو للتراث العالمي.
نقاط القوة والضعف
واعتمدت «فيتش» فى تقريرها الحديث على منهج تحليل«swot»والذى يركز على 4 عناصر أساسية، وهى: نقاط القوة، والضعف، والفرص، والتهديدات.
وأشارت إلى أن هناك 5 عناصر تندرج تحت نقاط القوة فى قطاع السياحة المصري، وتتضمن التنوع فى الأسواق السياحية المصدرة للحركة لمصر من دول أوروبا والشرق الأوسط وأمريكا الشمالية، والتى تعد ميزة تنافسية، إضافة إلى توافر العديد من الأنماط المختلفة بالمقصد المصرى منها السياحة الشاطئية، الثقافية، والحياة البرية وغيرها.
وأضافت أن نقاط القوة تتضمن أيضًا استمرار الدعم الحكومى القوى للقطاع، إلى جانب وجود بنية تحتية سياحية متطورة خاصة الفنادق، فضلًا عن التزام سلاسل الفنادق العالمية بالتوسع طويل الأجل فى السوق المصرية منها مجموعة هيلتون العالمية، و«ستاروود».
وعن نقاط الضعف، يرى التقرير أن الأزمة الروسية الأوكرانية لها تأثير سلبى على حركة السياحة الوافدة من الأسواق الرئيسية المصدرة فى أوروبا، إضافة إلى سلوكيات القيادة المحلية التى ربما تكون غير مناسبة للسائحين الوافدين، وتؤدى إلى تقييد رغبتهم فى استكشاف ما هو خارج المنتجعات المصرية.
وعلى صعيد الفرص، قالت «فيتش» إن انخفاض سعر صرف الجنيه مقابل الدولار يدعم زيادة أعداد السائحين الوافدين لمصر فى ظل الطلب المكبوت على السفر، إضافة إلى أن الاستثمار القوى فى مناطق الجذب السياحى بالأقصر سيدعم نمط السياحة الثقافية والأثرية على المدى المتوسط.
وتتوقع أن تستمر الحكومة فى تنفيذ الإجراءات التى تسهم فى دعم تعافى سوق السياحة على المدى القصير إلى المتوسط، إلى جانب أن هناك إمكانية لديها لتطوير السياحة العلاجية والمؤتمرات.
ولفتت إلى أن طرح الفنادق يمكن أن يوفر فرصا كبيرة للشركات الأجنبية الكبرى المتخصصة فى إدارة الفنادق للدخول فى شراكة مع الكيانات المحلية، خاصة فى ظل النمو بمشروعات بناء الفنادق إذ إن هناك أكثر من 60 مشروعًا قيد الإنشاء حاليًا.
ويرى التقرير أن الصراع الروسى الأوكرانى قد يستمر لفترة طويلة من الوقت ويؤثر على أعداد الوافدين من أوروبا، وذلك ضمن نقاط التهديدات المؤثرة على القطاع.
وأضاف أن التهديدات تشمل أيضًا معدل التضخم والارتفاع فى أسعار الغذاء العالمية وتكاليف الطاقة والتى ستؤثر على المستهلكين من ذوى الدخل المنخفض والمتوسط فى الأسواق الرئيسية بأوروبا.
الطاقة الفندقية
وتوقع تقرير «فيتش» أن يرتفع عدد الفنادق فى مصر إلى 1510 فنادق خلال العام الحالي، مقابل 1410 فى 2023، وهو ما يعكس استمرار ثقة المستثمرين فى القطاع السياحي، وقدرته على الاستمرار فى التعافي، خاصة أن مصر تمتلك بنية تحتية فندقية متطورة تلبى الاحتياجات.
فيما يتوقع التقرير أن يصل عدد الفنادق إلى 1800 بحلول نهاية فترة التوقعات فى عام 2028، مشيرا إلى حرص الحكومة ممثلة فى وزارة السياحة على تحسين مناخ الاستثمار فى مصر وزيادة أعداد الغرف الفندقية بها.
وكان مجلس الوزراء، وافق على إطلاق مبادرة جديدة لدعم قطاع السياحة بمبلغ 50 مليار جنيه، وبسعر عائد %12 متناقص.
ووافق المجلس على الصيغة النهائية لوثيقة اشتراطات ومحددات وآليات تنفيذ مبادرة دعم قطاع السياحة الجديدة، بتمويل من وزارة المالية؛ لتشجيع قطاع السياحة على الإسراع فى التوسع فى الاستثمار فى بناء الغرف الفندقية، ضمن مُبادرة دعم القطاعات الإنتاجية.
ويشترط ألا يتجاوز الحد الأقصى للشركة الواحدة مبلغ مليار أو مليارى جنيه للشركة وأطرافها المرتبطة، من خلال بنكين فقط بحد أقصى فى إطار المبادرة.
وتكون الغرف الممولة فى إطار المبادرة فى نطاق المناطق التالية وفقًا للترتيب من حيث الأولوية كما يلي: (الأقصر – أسوان – القاهرة الكبرى – البحر الأحمر – جنوب سيناء شرم الشيخ/ قطاع طابا/ نويبع/ دهب).
كما تكون بداية التقدم للاستفادة من المبادرة خلال شهر من تاريخ إطلاقها ولمدة 12 شهرا، على أن تكون مدة السحب بحد أقصى 16 شهرا من تاريخ السحب الأول وبحد أقصى لانتهاء فترة السحب 2026/6/30.
وتأتى هذه المبادرة فى ضوء إستراتيجية وزارة السياحة والآثار بالعمل على تحقيق مستهدفات الدولة لجذب 30 مليون سائح، إذ يتطلب تحقيق المستهدف إضافة طاقة فندقية إلى الطاقة القائمة حاليا، تتراوح من 240 ألف إلى 250 ألف غرفة، لاستيعاب الزيادة المستهدفة فى أعداد السائحين.
استراتيجيات التسويق
ولفت التقرير إلى أن مصر ركزت جهودها التسويقية على الدول الأوروبية، كما نجحت أيضًا فى تنويع الأسواق السياحية لتشمل دول مجلس التعاون الخليجى وشمال أفريقيا.
وأضاف أن وزارة السياحة تتمتع بتاريخ طويل من النجاح فى الحملات التسويقية لجذب السائحين إليها، منوهة باستضافة مصر لمؤتمر المناخ بشرم الشيخ والذى شهد كثافة فى الحضور.
وأشار إلى الحملة الترويجية التى أطلقتها هيئة تنشيط السياحة بعنوان «اتبع الشمس» فى عدة دول منها ألمانيا، المملكة المتحدة، إيطاليا، فرنسا والولايات المتحدة، ثم أطلقت حملة «أجازتك عندنا» واستهدفت السعودية، والإمارات، والكويت والأردن.
وذكر التقرير أن الحملة ركزت على العديد من المقاصد السياحية المصرية مثل القاهرة، والجيزة، الأقصر، وأسوان، ومنتجعات البحر الأحمر وسيناء، والتى تهدف إلى إبراز المقصد السياحى المصرى ومقوماته السياحية والأثرية المتميزة والمتنوعة وهويته الشابة النابضة بالحياة، كوجهة سياحية جاذبة يرغب الزائر فى البقاء بها مدة طويلة مع تكرار الزيارة كل عام.
وأضاف أن شعار هذه الحملة يدعو السائحين لمتابعة الطقس باستمرار مما سيجعلهم يختارون مصر كمقصد سياحى مميز لقضاء إجازاتهم بها والاستمتاع بجوها الدافئ طوال العام حيث الشمس المشرقة والتى تعتبر جزءا أصيلا من تاريخ مصر الفرعونى وحضارتها العريقة.
ويبرز المحتوى الترويجى للحملة المقاصد السياحية المصرية المختلفة كمقاصد نابضة بالحياة تحتوى على العديد من الأنشطة التى يمكن الاستمتاع بها.
كما تم بث المحتوى الترويجى للحملة على المنصات الإلكترونية الأكثر رواجا فى الدول العربية وهى منصات «Snapchat-Tiktok – Twitter- Amazon- Youtube Amadeus- Facebook- Gameloft- Google searchبالإضافة إلى منصتيShaidوWatch IT».
إضافة إلى بث المحتوى كذلك بالقنوات التليفزيونية بالدول التى تم إطلاق الحملة الترويجية بها، ومنصة الحجز الإلكترونى «WEGO» والتى تعد أحد أكبر محركات البحث والحجز فى الشرق الأوسط وذلك بهدف دفع حركة الحجوزات المباشرة على المقصد السياحى المصرى بالسوق العربية خلال موسم الصيف الحالى.
السوق المحلية لا تزال آمنة وجاذبة فى ظل الأحداث المحيطة
المقصد المصرى يجذب 87.3 مليون سائح خلال 5 أعوام
المسافرون الأثرياء نسبيا وذوى القدرة الشرائية المرتفعة ضمن الأكثر إقبالا
عدد الليالى يصل إلى 156.6 مليون فى 2024
«الأوروبي» يتصدر قائمة الزوار بواقع 9.2 مليون خلال العام الحالى
استمرار الدعم الحكومى القوى للقطاع والبنية التحتية المتطورة ضمن نقاط القوة
عدد الفنادق يصل إلى 1800 منشآة بنهاية 2028
التضخم وارتفاع أسعار الغذاء وتكاليف الطاقة عالميًا أبرز التحديات
