حددت دراسة حزمة توصيات مهمة مطلوب تنفيذها لدعم قطاع الإنتاج والاستزراع السمكى بالإسكندرية، لاسيما أن المحافظة تتميز بموقع جغرافى متميزًا، وتمتلك العديد من البحيرات الصالحة للاستزراع السمكى، وتوافر المقومات التصديرية، من مناطق صناعية ولوجستية وشركات النقل والشحن والتصدير.
أشارت الدراسة التى أعدها المركز المصرى للدراسات الاقتصادية، واطلعت عليها “المال” إلى أن قطاع الإنتاج والتصنيع والاستزراع السمكى يوجه عدة تحديات، ومن ثم فإن التوصيات هدفها معالجة تلك المعوقات فى هذا النشاط الهام.
جاء فى صدارة المقترحات، الاهتمام بالمصايد البحرية، وتنمية إنتاجها، وبالتالى علاج التشوه الحالى فى الهيكل الإنتاجى للموارد بالمحافظة.
أوصت بتنمية واستغلال المساحات الموجودة بالفعل للزراعة السمكية بالمحافظة مثل، مشروع بحيرة مريوط ، والتوسع فى المساحة المنزرعة لتعمل بكامل طاقتها فى مجال الاستزراع السمكى، وتساهم فى رفع إنتاج المحافظة من الأسماك.
شملت التوصيات توجيه إنتاج المزارع السمكية بالمحافظة نحو الأصناف المطلوبة للتصنيع والتصدير بشكل أكبر، وضمان عدم وصول مياه الصرف الصحى والصناعى إلى البحيرات، بالإضافة إلى إعادة النظر فى القيمة الإيجارية للمزارع.
أوصت بوضع نشاط تصنيع السمك ضمن قائمة الأنشطة ذات الأولوية لدى المحافظة، بالإضافة إلى استكمال سلسلة الإمداد للتصنيع والتصدير بالمحافظة بتوفير مكملات الصناعة من مستلزمات تعبئة وتغليف.
أوصت بضرورة استغلال محدودية الموردين العالميين الذين تلجأ إليهم الدول لشراء أنواع بعينها من السمك مثل “البلطي”، فى حين يسهل على مصر توفيره فى ظل بُعد المسافة بين مورد مثل الصين وارتفاع تكاليف الشحن العالمية.
أظهرت الدراسة أن الإسكندرية تعانى من ضعف الإنتاج السمكى على الرغم من الموقع الجغرافى المتميز، وإطلالها على ساحل البحر الأبيض المتوسط، والذى يؤهلها لثروة مائية وسمكية جيدة.
أشارت إلى أن إنتاج المحافظة ضئيل جدا سواء من المصايد البحرية أو المزارع السمكية، إذ لا يتجاوز الإنتاج الكلى من بمصادره المختلفة %1.5 تقريبا من إجمالى السوق المحلية وفقًا لإحصائيات 2020.
أشارت الدراسة إلى أن إنتاج المحافظة من الأسماك من البحر المتوسط يقدر بحوالى %4.4 من إجمالى إنتاج البحر المتوسط، وحوالى %2.2 من إجمالى إنتاج مصر من الأسماك.
وتابعت الدراسة بحيرة مريوط يمثل إنتاجها %7.8 من إجمالى إنتاج البحيرات الشمالية وحوالى %5.6 من إجمالى الإنتاج السمكى من بحيرات مصر وفقا لإحصائيات عام 2020.
وأفادترغم وجود مساحات للزراعة السمكية بالمحافظة مثل مشروع مريوط للمزارع السمكية، إلا أن المساحة المنزرعة لا تتعدى %5 من المساحة الكلية.
وأوضحت الدراسة التى أعدها المركز المصرى الاقتصادى أن منتج “الدنيس” و”القاروص”، أهم الأصنافالتى تنتجها المزارع السمكية بالمحافظة، ويشكلان معًا %65 من الإنتاج الكلى لمزارع الأسماك، بينما تمثل باقى الأصناف مثل البورى والبلطى، سمك القراميط، سمك المبروك نحو %5 فقط.
وبتحليل هيكل الإنتاج السمكى بمحافظة الإسكندرية وفقًا مصادره المختلفة، كشفت الدراسة أن بحيرة مريوط تستحوذ على النصيب الأكبر من إجمالى إنتاج السمك فى المحافظة بنسبة %51 وفقًا للإحصائيات الرسمية لعام 2020، فى حين يساهم البحر المتوسط بحوالى %7 فقط فى نفس العام.
ووفقًا للدراسة تنحصر مصايد البحر المتوسط بالمحافظة فى منطقة المكس، والتى تستحوذ على النصيب الأكبر (%84)، ومنطقة أبو قير، والتى تنتج %16 فقط من إجمالى إنتاج البحر المتوسط بالمحافظة فى 2020، أما باقى الإنتاج السمكى فيأتى من المزارع السمكية، والتى تسهم بحوالى %42 من إجمالى إنتاج المحافظة وفقًا لإحصائيات عام 2020.
وأرجعت الدراسة انخفاض نصيب الإسكندرية من إنتاج الأسماك فى مصر إلى الخلل فى هيكل الإنتاج سواء، وفقًا لمصدر الإنتاج السمكى أو نوع الأسماك المنتجة.
أما على صعيد المزارع السمكية لإنتاج البحر المتوسط، والتى زاد إنتاجها إلى 6 أضعاف خلال الفترة من 2026 الى 2020، فى حين أن الأصل فى الأمور استغلال المساحات الأكبر المتوفرة مثل البحر الأبيض، واستكمالها بالمصادر الأخرى مثل البحيرات والمزارع السمكية وليس العكس.
أظهرت الدراسة وجود تحيز واضح نحو أصناف بعينها مثل صنفى الدنيس والقاروص تحديدًا بالنسبة للمزارع الأهلية، والتى لا ترتبط فى الغالب بأنماط الاستهلاك المحلى، نظرًا لارتفاع تكلفتها.
وكذلك أظهرت غياب الأسماك الرخيصة كالسردين والبورى والبلطى عن توجه المزارع السمكية، رغم أنها مطلوبة بشكل مستمر سواء للاستهلاك المحلى أو التصنيع.
وأرجعت الدراسة ضعف الإنتاج السمكى فى المحافظة من مصادره المختلفة إلى مجموعة من العوامل، أبرزها تقزيم الفرص الانتاجية والأصول المتاحة لإنتاج السمك بالمحافظة بسبب سيطرة النظرة الحالية للجهات المسؤولة من خلال التعامل مع الموارد المائية الهامة، إذ لا يتم التعامل معها من منظور الاستفادة منها مشروعات منتجة للأسماك ولكن كمساحات ومسطحات مائية يمكن استغلالها فى أنشطة أخرى مثل السياحة أو غيرها.
أرجعت ضعف الإنتاج السمكى إلى انتشار الممارسات غير الرسمية دون رقابة، ما يؤثر بشكل كبير على الحفاظ على كميات الإنتاج فى حدود المواصفات العالمية المطلوبة الأسماك من حجم ونوع وغيرها وكذلك للتصنيع.
وشملت أيضًا ضعف الحالة الاقتصادية للصيادين نظرا لما يتسم به النشاط من موسمية تؤثر على استمرار دخولهم على مدار السنة الأمر الذى يضطرهم إلى ممارسات غير رسمية وجائرة للصيد وغيرها من الكائنات البحرية الضرورية مثل السلاحف البحرية.
بالإضافة إلى غياب الرقابة والإشراف سواء الخاصة بالحد الأدنى للمسافات المسموح بالصيد حفاظًا على بيض وتفريخ الأسماك، أو نوعية الأدوات اللازم استخدامها سواء مراكب متهالكة أو شبك غير مطابق للمواصفات المسموحة.
ضمت أسباب ضعف الإنتاجية، ارتفاع تكلفة الصيد بشكل ملحوظ بالنسبة للمراكب خاصة بند الوقود والإمدادات الغذائية المطلوبة للرحلات وغيرها، ما أدى إلى عدول الكثير من أصحاب المراكب عن النشاط والاتجاه إلى أنشطة أخرى مثل السياحة وغيرها أو الخروج من المحافظة بالكامل بحثا عن مصدر دخل.
وشملت الأسباب أيضاً ضعف الإمكانيات والتجهيزات الخاصة بالمزارع السمكية وعدم خضوعها للجهات المعنية بفحص الحمض الميكروبى نسبة التلوث، فيها وتحليل جودة المياه، وكذلك استمرار المشروعات التى تضر بالإنتاج السمكى (تحديدًا مشروعات استخراج البترول).
وتطرقت الدراسة إلى حلقة تصنيع الأسماك، والتى تشهد قلة توافر المنشآت الخاصة بعملية التصنيع داخل المحافظة ولا يرتبط تواجد المصنعين فى هذه الصناعة بمميزات المحافظة وإنما حرصا على الوجود بالقرب من كبار المستوردين، نظرًا لارتفاع المستلزمات المستوردة لهذه الصناعة لتمثل 70 - %80 من مستلزمات الإنتاج.
أوضحت الدراسة أن معظم إنتاج الأسماك يتجه نحو الإستهلاك المحلى بعيدًا عن التصدير، ورغم قلة توافر المنشآت بالمحافظة العاملة فى هذا النشاط فإنها تقوم بتشغيل عدد كبير من العمالة، فهى المشغل الثانى بهذا النشاط على مستوى الجمهورية بعد محافظة الدقهلية.
فَنَدت الدراسة التحديات التى تواجه نشاط التصنيع السمكى فى الإسكندرية، أولها إرتفاع الضرائب على المستثمرين فى قطاع تصنيع منتجات الأسماك بشكل ملحوظ فى حين تُعفى المزارع السمكية من الضرائب، ما يجعل الإستزراع أكثر جاذبية من تصنيعه وإحجام المستثمرين عن النشاط التصنيعى.
وشملت التحديات وفقًا للدراسة غياب التفاوض مع الدول المحيطة على الحدود البحرية المسموح ممارسة نشاط الصيد رسميًا فى نطاقها، إذ يؤثر مقدار العمق الذى تستطيع أن تصل إليه سفن ومراكب الصيد بشكل كبير على جودة وحجم الأسماك التى تطلبها الصناعة واشتراطات التصدير، والذى يجب أن يتم فى إطار قانونى لتجنب المساءلة القانونية للمراكب التى تتخطى الحدود بحثًا عن الأسماك مما يعرضها للخطر.
وضمت التحديات فقدان الحصة السوقية للصادرات المصرية فى بعض الأسواق الخارجية، فعلى الرغم من الطلب المتزايد على السمك البلطى المصرى إلا أن الاتحاد الأوروبى أوقف التعامل مع الصادرات المصرية من الأسماك نتيجة المشكلات المرتبطة بعينات الأسماك واختلافها، وعدم قدرة الصادرات المصرية الاستمرار فى المنافسة مع نظيرتها الفرنسية.
ووفقًا للدراسة يُعانى النشاط من ضعف الخدمات المساندة وفى مقدمتها النقل المبرد حيث لا تتوفر عربات نقل مبردة إلى المصانع وإنما يتم استخدام عربات نقل عادية مما يسهم فى ضعف جودة السمك المصرى.
واقترحت تعظيم العائد باستخدام تقنيات مختلفة كتقنية إنشاء دورات المياه داخل وحدات المجارى المائية الموجودة فى البرك الترابية، وكذلك إزالة النفايات العضوية، مع عمل أقفاص سمكية، وإنشاء مزارع سمكية مكلفة فى المياه العذبة لزيادة الإنتاجية.
وشملت الاقتراحات وضع حوافز لتشجيع الاستثمار فى مجال تصنيع الأسماك، واللوجستيات المرتبطة بها وفى مقدمتها النقل المبرد.
وضمت الاقتراحات تشديد الرقابة على أساليب وأدوات الصيد المتبعة خاصة فيما يتعلق بالحد الأدنى المسافات المسموح بها، حفاظًا على بيض وتفريخ الأسماك، أو نوعية الأدوات اللازم استخدامها سواء المراكب المتهالكة أو شباك غير مطابقة للمواصفات المسموحة.
وتشديد الرقابة والتغلب على الممارسات غير الرسمية الصيادين والصيد الجائر خلال الأشهر الخاصة بنمو الأسماك، ويجب أن يتم ذلك بالتوازى مع الاهتمام بالبعد الاجتماعى للصيادين ودراسة أوضاعهم المادية والاجتماعية من قبل الدولة ودعمهم خاصة فى غير مواسم الصيد.
ووفقًا مقترحات الدراسة، ضرورة تطبيق برامج التحسين الوراثى للأسماك وتزويد المفرخات والمزارع السلالات المحسنة مع التوسع فى بدائل الأعلاف وتعظيم استخدامات البدائل المتاحة والمتوفرة، والعمل على تعديل التشريعات من حيث الترخيص للمفرخات والمزارع السمكية، وتسهيل الحصول على تصريح لنقل الزريعة.
وطلبت الدراسة ضمن مقترحاتها تشجيع معاملات بعد الحصاد وتطوير عمليات التبريد، رفع كفاءة العاملين بالاستزراع السمكى، وكذلك رفع قدراتهم التطبيقية والإدارية والبحثية والإنتاجية، وإخضاع مزارع الأسماك لرقابة الجهات الصحية لضمان تطبيقها للاشتراطات الصحية اللازمة لضمان جودة السمك.
يأتى ذلك بالإضافة إلى تقديم دعم مالى وفنى لأصحاب المراكب التى تدهورت حالتها بسبب ارتفاع الأسعار وغلاء الوقود، وتجهيز المراكب والسفن بالأدوات اللازمة للحفاظ على الأسماك بحالتها التى تسمح ببيعها أو توريدها للمنتجين والمصدرين.
