قال خبراء إن هناك ارتفاعا كبيرا فى تكاليف التأمين على السفن المارة عبر البحر الأحمر، مع استمرار هجمات الحوثيين على السفن فى مضيق باب المندب، وكذلك الاضطرابات التى تصحب الأحداث الدائرة بالمنطقة منذ الحرب الأخيرة على قطاع غزة.
وأكدوا أن الأزمة أدت إلى ارتفاع أسعار تغطيات الحرب، التى تُصدر إضافية ضمن وثائق البحرى سواء بضائع أو أجسام سفن.
وأشاروا إلى أن اضطرابات البحر الأحمر إنما هى تحدٍ كبير لصناعة التأمين والإعادة ، بينما يمكن التغلب عليها من خلال اتخاذ الإجراءات اللازمة لتطوير المنتجات.
وقال الدكتور شريف محسن عضو لجنة التأمين البحرى بالاتحاد المصرى للتأمين إن التغطيات الأساسية فى وثائق التأمين البحرى تشمل البضائع المشحونة من الموقع المحدد لبداية الرحلة حتى لنهايتها، وفقا لبنود مجمع البضائع (A- B- C)، وتُعامل الحرب على أنها خطر إضافى يُفرض عليها قسطًا منفصلاً بناء على طلب العميل.
وأضاف أن مخاطر الحرب فى الوثائق تشمل الأضرار الناشئة عن استخدام الأسلحة أو المعدات ، سواء أُعلنت الحرب أم لا، وتغطى الوثيقة الألغام المتفجرة المتبقية من السابقة، إضافة إلى الخسائر التى تلحق بالبضائع المنقولة بحرا من استخدام الأسلحة ، حتى أثناء المناورات دون إعلان حرب، ومع ذلك، يقتصر نطاق تغطية المخاطر الحرب على التقليدية، ولا يشمل النووية أو البيولوجية أو الكيميائية أو الإلكترونية.
وتوقع استمرار ارتفاع أسعار وأقساط التأمين على الشحنات العابرة للمنطقة مع تصاعد المخاطر التى تواجهها السفن نتيجة الهجمات الحوثية على السفن المرتبطة بإسرائيل، حيث أدت هذه الأحداث إلى زيادة أسعار تغطيات البحرى بأكثر من %25 قبل الأزمة.
وبين أن شركة ميرسك العالمية للنقل البحرى ترفع توقعاتها المالية وفق أزمات البحر الأحمر، وتحوّل بعض السفن لاستخدام طريق رأس الرجاء الصالح بديلا عن مضيق باب المندب قد ساهم أيضا فى زيادة تكلفة الشحن نتيجة زيادة استهلاك الوقود، مما أثّر بدوره على تكلفة تغطية التأمين بسبب طول الرحلة.
وبينت الدكتورة باسمة مندور نائب رئيس قطاع القنال بشركة ثروة للتأمين أن مرور السفن عبر مضيق باب المندب انخفض بشكل كبير إلى أكثر من النصف، منذ اندلاع الأزمة، مقارنة بالعام الماضى، مما يزيد من صعوبة التوقع لما ستكون عليه أسعار التغطيات خلال الفترة المقبلة، أو فى تجديدات الإعادة مطلع عام 2025.
وأوضحت أن تغطيات التأمين البحرى على البضائع تعد الأكثر تضررا، نتيجة التصاعد المستمر للهجمات التى يشنها الحوثيون، فيما قللت من التأثير على فرع التأمين البحرى على أجسام السفن، لأن سريان الوثائق يمتد لعام وليس لكل رحلة على حدة كما هو الحال فى تغطيات البضائع، مما أدى إلى انخفاض حجم التجارة العالمية بالمنطقة بنسبة تقترب من %40 ، بينما عرّض سلاسل الإمداد للإجهاد حيث تسبب فى حدوث فترات انتظار طويلة وارتفاع أسعار الشحن.
وذكرت أمانى الماحى رئيس قطاع بشركة مصر للتأمين وعضو الاتحاد الأفروأسيوى للتحكيم الدولى أن انعدام الرؤية وسط الأحداث المتصاعدة الحالية بالمنطقة يزيد من صعوبة التنبؤ بأسعار تغطيات التأمين خلال الفترة المقبلة، ومن ثم فإن زيادة تكاليف واقعة لا محالة، بسبب مخاطر السفن والبضائع العابرة لقناة السويس والبحر الأحمر، بسبب ارتفاع الخسائر الناجمة عن الحوادث والتأخيرات.
وأشارت إلى أن بعض شركات إعادة التأمين قد تلجأ إلى تقييد التغطيات التأمينية للسفن والبضائع التى تسافر عبر مناطق تعد عالية المخاطر، ومنها البحر الأحمر ومضيق باب المندب، مما يجعل من الصعب على الشركات الحصول على التغطيات اللازمة، بينما تتسبب الحوادث الناجمة عن اضطرابات البحر الأحمر فى زيادة حجم التعويضات.
وأضاف أن ذلك يضع ضغطا كبيرا على شركات التأمين والإعادة ، إضافة إلى تذبذب الأسعار ، حيث تؤثر الاضطرابات فى البحر الأحمر بشكل كبير ، لأنها ترتفع فى فترات عدم الاستقرار وتنخفض فى فترات الاستقرار.
ولفتت إلى أهمية الاستثمار فى التكنولوجيا، إذ يمكن الاستفادة من التقنيات الحديثة فى مجال الملاحة البحرية لتقليل مخاطر الحوادث، كما أن تطوير منتجات تأمينية جديدة يمكّن شركات القطاع من تلبية احتياجات المؤسسات العاملة فى المنطقة، وتوفير حماية شاملة ضد المخاطر المختلفة وعلى رأسها الحروب و النزاعات والاضطرابات.
وكانت شركة الشحن الدنماركية «ميرسك» أعلنت فى آخر تقرير لها أن أرباحها الأساسية لـ2024 ستكون أعلى بمقدار مليارى دولار من توقعاتها السابقة ببداية العام، حيث ترتفع أسعار الشحن وسط الأزمة فى البحر الأحمر، بعدما دفعت الهجمات الحوثية بعض الشركات لإعادة توجيه سفنها حول جنوب أفريقيا لتجنب البحر الأحمر، الذى يمر عبره حوالى %12 من التجارة العالمية تقريبا.
وأشارت إلى أنها تحدّث توجيهاتها بسبب استمرار اضطراب سلاسل الإمداد الناجم عن الوضع فى البحر الأحمر، الذى يُتوقع استمراره إلى أواخر العام الجارى على الأقل، مع الطلب القوى على سوق الحاويات.
كما أن ظروف التداول لا تزال أكثر تقلبا من المعتاد بسبب عدم القدرة على التنبؤ بوضع البحر الأحمر وعدم اليقين بشأن العرض والطلب، بينما يواصل الحوثيون إطلاق الطائرات دون طيار والصواريخ على السفن بالبحر الأحمر منذ نوفمبر الماضى، بسبب الحرب فى غزة.
