تراجع ترتيب «شرق بورسعيد» فى تصنيف البنك الدولى لكفاءة الموانئ من المركز العاشر العام قبل الماضى إلى 16 فى 2023.
واحتلت موانئ السخنة ودمياط والإسكندرية مراكز متأخرة فى التصنيف، بالرغم من تطوير البنية التحتية ومعدات التداول وتوفير الخدمات الرقمية واللوجستية.
وأرجع العاملون بالنشاط التراجع إلى التغيرات الجيوسياسية والتوترات والنزاعات التى خفضت نصيب تلك الموانئ من التجارة البحرية، خاصة مع انخفاض عدد السفن العابرة للقناة، والتى كانت تتردد على لإجراء بعض العمليات التشغيلية مثل الشحن والتفريغ والترانزيت.
قال الدكتور علاء مرسى عميد معهد تدريب الموانئ ورئيس مركز البحوث بالأكاديمية العربية للعلوم والنقل البحرى إن الأحداث الواقعة فى مضيق باب المندب كان لها تأثير سلبى كبير على جداول إبحار عدد من الخطوط الملاحية الكبرى التى عدلت من مساراتها إلى طريق بعيدة عن قناة السويس، والكثير منها كان يستخدم ميناءى السخنة و شرق بورسعيد كترانزيت رئيسية الأمر الذى أدى إلى انخفاض واضح فى أعداد الحاويات المتداولة.
وتابع أن هناك تداعيات سلبية غير مباشرة، ومنها استمرار النزاعات والتوترات بين الصين وأمريكا فى المحيط الهاديء والحرب الأوكرانية الروسية.
أشار إلى أن الوضع التنافسى للموانئ المحلية يتطلب حلولًا غير تقليدية لدفع وتحسين تلك الأوضاع فى ظل المتغيرات العالمية الصعبة ،ودرجة أعلى من الجهود التسويقية والاهتمام بتقديم الخدمات اللوجستية البحرية.
فى سياق متصل أوضح مصدر مطلع بمحطة حاويات شرق بورسعيد أن بعض المؤشرات التى يرتكز عليها تصنيف البنك الدولى للموانئ وترتيبها من حيث الكفاءة التشغيلية لم تكن جيدة العام الماضى ، وذلك بسبب قصور منظومة التعامل مع السفن الواردة للميناء.
تابع أنه تم تدارك هذه العوامل من خلال توقيع بروتوكول تعاون بين محطة حاويات شرق بورسعيد وهيئة قناة السويس لتطبيق منظومة السفر السريع ، فبدلا من انتظار المرشد لتسيير المراكب بعد الانتهاء من العمليات التشغيلية بالمحطة، يتم إنهاء إجراءات السفينة من أعمالها على رصيف المحطة، مما أدى إلى اختصار وقت الانتظار من 3 ساعات إلى ساعة ونصف.
وأضاف المصدر أنه بالرغم من تحقيق الميناء للمرتبة 16 بتراجع 6 مراتب ، فإنه لايزال الأفضل فى الترتيب بين المحلية.
استدل المصدر بقوله إنه رغم تجنب كثير من الخطوط الملاحية الكبرى عبور قناة السويس بسبب هجمات البحر الاحمر، الا أن السفن التى تسلك رأس الرجاء الصالح تعود مرة أخرى للمحطة، بسبب كفاءة معدلات الأداء، إضافة إلى ذلك تتم حاليا أعمال التطوير حاليا بإضافة 1000 متر جديدة كتوسعات .
ويتم تشغيل محطة الحاويات الوحيدة بميناء شرق بورسعيد من خلال شركة قناة السويس للحاويات، والتى تعمل بشكل أساسى فى تداول وتجارة حاويات الترانزيت، أو الشحن العابر.
وتقوم السفن الكبيرة بتفريغ حاوياتها فى ميناء شرق بورسعيد، من أجل إعادة شحنها فى سفن أصغر إلى دول جنوب وشرق البحر المتوسط، لتوفر تكلفة مرورها بكل هذه الدول، كما تعمل فى الاستيراد والتصدير التى تخدم السوق المصرية.
يذكر أن “قناة السويس للحاويات” شركة مساهمة برأس مال أجنبى – مصرى تديره «إيه بى إم ترمنلز»، أحد كيانات مجموعة «إيه بى مولر ميرسك» التى تستحوذ على حصة تبلغ %55 فضلًا عن توليها إدارة عملياتها الإنتاجية.
ولفت المصدر الذى اشترط عدم الكشف عن هويته إلى أن ميناء شرق بورسعيد حافظ على عدد السفن الواردة إليه مقارنة بتأثر باقى الموانئ المصرية، موضحًا أن “الإسكندرية، ودمياط، والسخنة”، جاءت فى قائمة متأخرة فى التصنيف، بسبب التكدس الذى تشهده ، وفى ومن ثم حدوث تأخر السفن وانخفاض مؤشرات الأداء.
وقال الدكتور شهاب سعد مدير البحوث بمحطة حاويات دمياط إن التوتر الحادث فى جنوب البحر الأحمر ساهم فى تراجع معدلات عبور سفن الحاويات لقناة السويس مما أدى إلى تراجع تردد السفن إلى الموانئ، لافتا إلى أن حرب غزة أحدثت توترا فى منطقة المتوسط، وبالتبعية انخفضت البضائع الواردة.
وأكد “سعد“ أن افتتاح أسواق جديدة ليس أمرا سهلا فى ظل الظروف الحالية، لافتا إلى أن هناك اتجاه لدى بعض الدول الكبرى للتخلص من التكتلات القديمة للخطوط الملاحية، وإعادة رسم خريطة جديدة .
وقال إن نصيب الموانئ من التجارة يتوقف على حجم السوق، مضيفا أن الصراعات التى تشهدها الدول المجاورة تسببت فى فقدان تلك الأسواق، مثل ليبيا والسودان وغزة.
وأوضح أن وزارة النقل تسعى لتحديث منظومة المعدات والأوناش بمحطات الحاويات العاملة بالموانىء المصرية، بهدف رفع مؤشرات الأداء وتطبيق المنظومات الرقمية والإلكترونية لتيسير عمليات الإفراج عن البضائع حتى تصبح مثل العالمية فى أقل وقت ممكن، متابعًا أن من بشائر التطوير حصول حاويات دمياط على المركز الثانى فى إنتاجية المحطات العام الماضي.
وأشار الدكتور محمد الأباصيرى مدير وحدة الدراسات الاقتصادية بمركز البحوث والاستشارات إلى أن العوامل الخارجية مثل الأزمة الروسية وحرب غزة وهجمات الحوثيين أعادت توزيع حصص التجارة على الموانئ المحلية.
وطالب الدكتور خالد السقطى عميد كلية النقل الدولى واللوجستيات بالنظر إلى الموانئ بطرقة مختلفة، متابعًا أن الميناء فى تايوان جزء من مدينة صناعية متكاملة فى بناء السفن.
ولفت إلى ضرورة التركيز على الظهير الخلفى للموانئ لتنويع الخدمات اللوجستية والقدرة على التعامل مع أحداث عالمية قد تؤثر على سلاسل الإمداد، بأن تكون هناك أنشطة أخرى توفر خدمات مضافة.
وقال مصدر مطلع بميناء شرق بورسعيد إنه يحتاج لتوسعة القناة الجانبية باعتبارها المدخل الرئيسي، وستكون لها أثر إيجابى على رفع التصنيف .
وأضاف نسعى خلال العام الحالى إلى تعويض ذلك التراجع فى تصنيف البنك الدولى للميناء من المركز العاشر العام قبل الماضي، إلى المركز 16 فى 2023.
وأكد أن الميناء فى مكانة جيدة مقارنة بأخرى مثل سنغافورة و الملك عبد الله الذى كان يتصدر الترتيب، ولم يكن بين الثلاثين الأوائل فى تصنيف 2023.
وقال إن زمن تأخر السفن يعد من بين المعايير الرئيسية التى تتحدد على أساسها كفاءة الميناء فى التصنيفات العالمية.
وأكد أن مدخل ميناء شرق بورسعيد لا يسمح سوى بدخول سفينة واحدة ، مما يؤدى لإهدار زمن وصول المراكب وتأخرها ،وهوما يتطلب استكمال دراسة تطوير القناة الجانبية.
ويختلف مشروع توسعة الجانبية بشرق بورسعيد عن ازدواج قناة السويس من الشمال إلى الجنوب، الذى تم الإعلان عنه الشهور الماضية، إذ تبلغ مسافته حوالى 80 كيلو مترًا، موزعة بواقع 50 كيلو فى الشمال، و30 فى الجنوب.
وتعد القناة الجانبية مدخلًا مستقلًا للسفن القادمة من البحر المتوسط، إلى محطة حاويات ميناء شرق بورسعيد ،بعيدا عن خط سير القوافل العابرة لمجرى قناة السويس، و ترتبط بحركة دخول وخروج سفينتين منها وإليها.
