أوصت دراسة حكومية صادرة عن مجلس الوزراء، ببحث إمكانية فرض تعريفة كربون على المنتجات المستوردة، وضرورة وضع ضوابط لتطبيقها، خاصة التى تولد ثانى أكسید الكربون، أثناء عملیة الإنتاج بمستوى عالٍ، بما یتیح إمكانية المنافسة للمنتج المحلي.
وذكرت الدراسة أن تطبيق تعريفة الكربون تهدف إلى تحقيق الترابط بین البنیة التحتیة لنقل الكهرباء، ودعم تطویر الطاقة المتجددة، وزيادة كفاءة الطاقة، وتعزیز إنشاء أسواق تنافسية تتیح التجارة فى الطاقة المتجددة دون قیود على الصادرات أو تشوهات فى الأسعار.
يذكر أن تعريفة الكربون أو تسعيرته تعد آلية حديثة مصممة لتحجيم الشركات وتطبيق غرامات عليها، بسبب حجم الانبعاثات التى تخرج منها عند الإنتاج، للحد من الاحترار العالمي.
وقال مصدر مسئول بوزارة البيئة، لـ”المال”، إن فرض تعريفة للكربون على المنتجات يعد أمرا جيدا جدا لسرعة تحول الشركات لاستخدام تكنولوجيا متطورة تسهم فى الحد من الانبعاثات.
ولفت إلى أن فرض ضريبة كربونية يمنح الشركات المحلية مميزات تنافسية أكثر من نظيراتها المستوردة، موضحا أن هناك تحديات لتطبيق تلك الآليات منها الأعباء المالية الجديدة على موازنة الشركات، لكن على المدى البعيد تعد أفضل، خاصة فى ظل التفاوت فى أسعار المعدات.
وذكر أن الاتحاد الأوروبى يقترب من تطبيق شهادة الكربون، والتى تتطلب فرض رسوم إضافية على عدة صناعات كثيفة استهلاك للطاقة، على رأسها الأسمنت والأسمدة والحديد والصلب.
كما توقع الدكتور مجدى علام مستشار مرفق البيئة العالمي، أن يتجه العالم لتطبيق ضريبة شهادات الكربون خلال الـ10 سنوات المقبلة بشكل إجباري، للحد من التلوث والانبعاثات، وأيضا التحول تدريجيا للمنتجات الخضراء التى تقلل الانبعاثات الحرارية.
وأوضح أن هناك منافسة فى أمريكا وأوروبا للسيطرة على تكنولوجيا الطاقة الجديدة والمتجددة، خاصة أن هناك أكثر من 15 نوعا أبرزها فى الطاقة الشمسية والرياح والهيدروجين، بجانب تدوير المخلفات الصلبة والزراعية لإنتاج الطاقة.
وتابع: هناك هيئات دولية أصبحت تراقب الشركات والمؤسسات الصناعية لمتابعة مؤشرات الكربون لديها، خاصة الـ6 عناصر ذات الخطورة والمتسببة فى الاحتباس الحراري، والتى يظل أحدها لأكثر من 10 آلاف عام فى النظم البيئية قبل التحلل.
وأوضح أن العالم يتجه لتطبيق تلك الآليات للحد من التغيرات المناخية والاعتماد على المنتجات المصنعة بالطاقة الخضراء، خاصة الشمسية والرياح والهيدروجين الأخضر.
ولفت إلى أن كافة الدراسات البيئية تتوقع ارتفاع درجة حرارة الكوكب فى 2050 إلى 1.5 بدلا من 0.9 الحالية، موضحا أن تلك المؤشرات تسهم فى تحقيق الأضرار ومنها التصحر والجفاف وسيول وذوبان الجليد.
وتابع: إن تطبيق تعريفة كربون للمنتجات المستوردة يحقق تنافسية للمنتج المحلي، ويدفع الشركات للتحول للعمل بالطاقات النظيفة والاستدامة البيئية، وبدء التخلى عن الوقود الأحفورى تدريجيًا.
كما أكد الدكتور عمرو السمدونى رئيس مجلس إدارة شركة “فينيكس” لخدمات الشحن، وعضو شعبة النقل الدولى واللوجستيات، لـ”المال”، أن تلك الخطوة بشكل عام تعد أمرا جيدا، لكن هناك عدة تحديات وصعوبات تواجه فرضها، إذ تسهم تلك الضريبة أو التعريفة الجديدة فى ارتفاع أسعار المنتجات وزيادة الأعباء أمام المستهلك.
وأضاف أن التطبيق يتطلب إعداد دراسة جيدة للسوق وإستراتيجية عمل بعيدة المدى، تضمن نمو المشروعات الصديقة للبيئة، بجانب توفير نفس المنتجات بالسوق المحلية.
وذكر أن تطبيق تلك التعريفة حاليا على مستلزمات الإنتاج، يؤثر على القطاع الصناعى بشكل كامل ودائرة الإنتاج، لا سيما وأن الصناعة تحتاج إلى عدة محفزات للتخفيف من ارتفاع تكلفة الإنتاج فى الفترات الأخيرة.
من جانب آخر، أوضح أحمد معوض رئيس مجلس إدارة جمعية “عين البيئة”، أنه من الصعب جدا تطبيق تعريفة إضافية للمنتجات المستوردة مرتفعة الكربون، خاصة إننا سوق ناشئة، والأمر يتطلب فرض إلزام على المصانع الخارجية للتوافق البيئي.
وتابع: إن شهادة الكربون تعد من أبرز العوامل المحفزة للقطاع الصناعى للتحول للأنظمة الخضراء وتطبيق التكنولوجيا المستدامة.
كانت الدراسة قد طالبت بأهمية الاعتماد على تشجيع الحوار السياسى بین قادة الاتحاد الأوروبى ودول مجموعة “البریكس” والقارة الأفریقیة؛ لبناء شراكات صناعیة حقیقیة ولدفع تحول الطاقة، وعقد اجتماع وزارى سنوى تستضیفه مصر بین دول مجموعة “البریكس” والاتحاد الأوروبى حول تحول الطاقة فى العالم وأفریقیا.
وأكدت أهمية توفير الدعم الحكومى لكافة المبادرات ذات الصلة التى يطلقها القطاع الخاص، مثل إقامة منتدى للطاقة النظیفة، مما قد یتمخض عنها المزید من المبادرات المشتركة الملموسة، وزیادة التعاون التنظیمى بین مصر من جهة، وبین مجموعة دول “البریكس” والاتحاد الأوروبى من جهة أخرى.
وطالبت الدراسة بالاستفادة من الشراكات التى أبرمتها مصر مع الدول الخارجية، ومنها الانضمام لمجموعة “البریكس” والاتحاد الأوروبى من جهة أخرى فى التمویل المستدام، بما فى ذلك الشراكة بین المؤسسات المالیة المصریة والأوروبیة والصینیة والخلیجیة، بما یحقق الموازنة بین الاستثمارات الأوروبیة والصینیة والخلیجیة.
وأوصت الدراسة بتدشين مؤسسة بحثیة متخصصة تسمح بتبادل الخبرات بین مصر ودول “البریكس” والاتحاد الأوروبى فى مجال سیاسات تحول الطاقة واستكشاف فرص التعاون الثلاثي، وذلك للتركیز على الحوافز والجوانب الفنیة اللازمة لتعزیز الأهداف المشتركة فى إنتاج واستخدام الطاقة النظیفة وأیضا خفض الانبعاثات العالمیة.
جدير بالذكر أن الهيئة العامة للرقابة المالية كانت قد أعلنت قبل أيام قليلة، أنها انتهت بالتعاون مع وزارة البيئة من كافة المتطلبات التنظيمية والإجرائية لتسجيل مشروعات خفض الانبعاثات الكربونية، وإطلاق أول سوق منظمة ومراقبة من جهات الرقابة على أسواق المال، لتسجيل وإصدار وتداول شهادات خفض الكربون الطوعية فى مصر وأفريقيا.
حيث يمكن السوق الجديد منفذى وممولى مشروعات الخفض من إصدار شهادات خفض الكربون للمشروعات المسجلة بالهيئة، وبيعها فى أنظمة التداول المعدة لهذا الشأن من قبل البورصة المصرية، لجذب المستثمرين المحليين والدوليين للتداول على هذه الشهادات، بما يدعم زيادة الاستثمار فى هذه المشروعات وتحقيق الريادة لمصر فى هذا المضمار وتعزيز النمو الاقتصادى المستدام.
«علام»: أتوقع التطبيق الإجبارى عالمياً فى غضون 10 سنوات
«السمدوني»: لابد من استراتيجية واضحة لتجنب ارتفاع الأسعار
