شاركت «إنتل» العالمية لحلول التكنولوجيا، الأسبوع الماضي، فى فعاليات الألعاب الأولمبية، المقامة فى العاصمة الفرنسية باريس، لتقديم استخدامات جديدة لتقنيات الذكاء الاصطناعى ضمن الأحداث الرياضية، والتى من شأنها إثبات ما إذا كانت تلك التكنولوجيا مفيدة للبشر فى حياتهم اليومية، وزيادة الإنتاجية والربح، أم أنها محض أمنيات غير قابلة للتطبيق.
ووفقًا لما ذكرته وكالة «Tech World News»، وظفت اللجنة الأولمبية الدولية «إنتل» فريقًا من علماء الرياضة لاكتشاف المواهب الشابة من خلال أداة ذكاء اصطناعى مصممة خصوصًا لذلك الغرض.
وفى إحدى التجارب القريبة من إستاد الأولمبياد فى باريس، يشارك الطفلان تاكتو وتومو؛ من يوكوهاما باليابان، فى سلسلة من الاختبارات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي؛ تشمل الركض، والقفز، وقياس قوة القبضة، وتُجمع البيانات من هذه الأنشطة وتُحلَّل؛ لتقييم القوة والسرعة، والتحمل، وسرعة رد الفعل، والرشاقة لدى المشاركين، ومن ثم تُقارَن النتائج مع بيانات الرياضيين المحترفين والأبطال الأولمبيين.
وأظهرت نتائج الاختبارات أن تاكتو مرشح محتمل ليصبح عدّاء، رغم تفضيله كرة القدم والتنس.
ويستخدم النظام الرؤية الحاسوبية والبيانات التاريخية ليتمكن الأشخاص من مقارنة أنفسهم بالنُّخب الرياضية، وتحديد الرياضة التى تناسبهم أكثر. وبعد إنهاء الاختبارات، يتلقى كل مشارك توصية بالرياضة التى تناسب إمكاناته من بين قائمة تضم 10 ألعاب، وفق مديرة برنامج الأولمبياد والبارالمبياد فى «إنتل»، سارة فيكرز.
وأشارت فيكرز إلى أن التقنية يمكنها تقييم أداء الأشخاص من خلال تحليل الفيديو المُلتقط بالكاميرا، دون الحاجة إلى أجهزة استشعار مادية.
ومؤخرًا، استخدمت اللجنة الأولمبية الدولية هذا النظام فى السنغال؛ حيث جرى تقييم أكثر من 1000 طفل فى 5 قرى، وتحديد 48 منهم بقدرات رياضية مميزة، أحدهم طفل صُنّف حالةً استثنائية. وقد عُرض على الأطفال الانضمام إلى برامج رياضية؛ لمعرفة مدى إمكاناتهم فى تطوير قدراتهم.
وتمتلك فرنسا أيضًا هيكلًا قانونيًّا مختلفًا تمامًا عن معظم أنحاء أوروبا والولايات المتحدة، مما قد يجعل القيام بمشروع مثل هذا أمرًا صعبًا، ومع ذلك إذا نجحت إنتل، فإن الذكاء الاصطناعى فى الأولمبياد سيحدث فرقًا كبيرًا فى تجربة الحضور والتقدم الرياضي، ويجعل هذه الألعاب الأكثر متعة على الإطلاق. ورغم ذلك، نظرًا لمدى الذكاء الاصطناعى المولَّد الجديد وتعقيد هذا المشروع، فلن يكون الأمر هينًا؛ حيث يحتاج إلى جهد برمجى ضخم على عدة مستويات.
وتُعد أولمبياد باريس 2024 النسخة الأولى من الألعاب الأولمبية التى تستخدم معالجات Intel Xeon لعرض تجربة بث مباشر بدقة 8K شاملة، مما يوفر لمحة عن مستقبل البث المباشر عالى الدقة وزمن الوصول المنخفض عبر الإنترنت.
وتشهد الأولمبياد أيضًا استخدام أتمتة الذكاء الاصطناعى لتمكين المذيعين من تقديم المزيد من المحتوى الرقمى المخصّص للمشاهدين بشكل أسرع من أى وقت مضى.
كذلك يتم استخدام تقنية الذكاء الاصطناعى من «إنتل» للمساعدة فى الحفاظ على تراث الألعاب الأولمبية، مع استنساخ الكائنات العصبية لتحويل لقطات الفيديو من المصنوعات اليدوية فى المجموعات الأولمبية إلى نماذج رقمية ثلاثية الأبعاد، ويجرى اختبار هذا الحل، الذى طوّره المختبر الناشئ التابع لـ«إنتل»؛ لتمكين المتحف الأولمبى من جلب بعض مجموعاته إلى بيئات رقمية تفاعلية، حيث يمكن للمشاهدين تدوير واستكشاف قِطع من التاريخ الأولمبي، كما لو كانوا بين أيديهم.
على صعيد آخر، استخدمت «إنتل» تكنولوجيا الذكاء الاصطناعى لرصد وتحليل البيانات بهدف التنبؤ واكتشاف الكوارث الصناعية والطبيعية على حد سواء فى أوقات مبكرة؛ بهدف التعامل المسبق معها ومعالجتها دون وقوع خسائر، مثل رصد أعمال الشغب أو حوادث الطرق أو الظواهر الطبيعية مثل الزلازل والبراكين الناتجة عن التغيرات المناخية خلال فترة الأولمبياد الحالية.
وإذا كان هناك تغيير فى المكان، أو حدث مناخي، أو تهديد إرهابي، أو مشكلة عملياتية، أو احتجاج (الأمر الذى يتكرر كثيرًا داخل فرنسا مؤخرًا)، فسيحتاج العديد من الأشخاص إلى إخطار الجماهير وتوجيههم إلى بر الأمان، بينما تهدف «إنتل» إلى استخدام الذكاء الاصطناعى فى تحديد الخطر، وإعادة توجيه الجمهور إلى ملاذات آمنة وتحديد المواعيد المناسبة لاستئناف الألعاب دون التعرض لأى مخاطر تهدد حياة الضيوف الذين تَعدُّهم فرنسا كنزًا سياحيًّا مهمًّا من شأنه نشر سُمعة طيبة عن معالم البلاد لمختلف دول العالم، خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي.
وتقول إدارة الشركة إنه إذا تم القيام بالأمر بشكل صحيح، فإن الذكاء الاصطناعى لديه قدرة فريدة على التوصل لاستجابة حاسمة لمشكلة غير متوقعة فى الوقت الفعلي، مع تحديد أسبابها وحلها، وتوقع نتائجها خلال فترة وجيزة لا يمكن للبشر تحقيقها.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الاصطناعى تزويد الحاضرين والرياضيين بالتوجيه للأحداث التى قد يكونون مهتمين بها، والتى لم يكونوا ليعرفوا عنها، والاقتراحات حول مكان الحصول على المساعدة إذا احتاجوا إليها، والتنبيه الآلى للإصابات أو الأنشطة التى قد تتطلب مساعدة ميدانية أو تدخُّل الشرطة.
يمكن للذكاء الاصطناعى أيضًا تقديم اقتراحات حول التطبيقات المفيدة للحضور والرياضيين، ومواقع لتناول الطعام والتجارب الترفيهية بأسعار معقولة والهدايا التذكارية وغيرها من الأشياء التى يمكن للناس شراؤها لتذكُّر الحدث، مما يساعد البلد المضيف من مضاعفة إيراداته من الحدث وزيادة نسب الأرباح من الإعلانات والمبيعات واستخدام المرافق العامة والخاصة.
من جانب آخر، تأخذ الشركة العملاقة بمجال التكنولوجيا فى اعتبارها مخاطر فشل برنامجها الطموح لدمج الذكاء الاصطناعى فى حدث تاريخى بهذا الحجم، حيث من الممكن أن تتحمل اللوم عند حدوث أى خطأ تقني، كما أنها تخشى تضرر سُمعتها حال عدم تحقيق الإنجاز، بما يؤثر سلبًا على مبيعاتها فى مختلف القطاعات، لذا يعتبر الخبراء أن ما تفعله الشركة مخاطرة قاسية لها جانب مشرق، وآخر غير محسوب العواقب.
الخبر السارّ لـ،«إنتل» أن هذه ليست المرة الأولى التى تستخدم فيها الشركة الذكاء الاصطناعى فى أحداث عالمية كبرى، لكنها الأولى من نوعها فى الألعاب الأولمبية، حيث يعتبر البعض أن التقنية ما زالت فى طور النشأة التى من الصعب تمكينها عالميًّا وإحلالها محل البشر بشكل كامل، مما يستدعى توظيف خبراء تقنيين مهرة يعكفون على برمجة الروبوتات للقيام بمهامها على أتم وجه.
وفى وقت سابق، كانت اللجنة الأولمبية الدولية قد قررت استخدام نظام مراقبة مدعوم بالذكاء الاصطناعي؛ لحماية الرياضيين والمسئولين من الإساءات عبر شبكة الإنترنت، خلال الأولمبياد ودورة الألعاب الباراليمبية بالعاصمة الفرنسية.
ويراقب النظام الجديد آلاف الحسابات على منصات التواصل الاجتماعى الرئيسية وبأكثر من 35 لغة فى الوقت الفعلي.
وقالت اللجنة الدولية: «سيتم الإبلاغ عن أى تهديدات محددة، ومن ثم ستكون هناك إمكانية للتعامل مع رسائل الإساءة بشكل مؤثر من خلال منصات التواصل المعنية، بطرق مختلفة، حتى قبل أن يشاهد الرياضى الإساءات».
وأكد المدير التنفيذى لشركة «بالميرا»، جمال المحاميد، أن «إنتل»، ورغم تاريخها العريق وريادتها فى مجال إنتاج الكمبيوتر، فإنها الآن غير قادرة على المنافسة فى الذكاء الاصطناعي. ويرى الخبراء أن «إنتل» ضيّعت فرصة للاستحواذ على %15 من «OpenAI».
وأضاف المحاميد، فى مقابلة مع «العربيةBusiness» أن الشركة ضيّعت فرصًا عديدة فى الاستثمار بقطاع الذكاء الاصطناعي، بسبب تشكيك مديرها فى أهمية القطاع، حينها.
ولا يزال المستثمرون يتساءلون عما إذا كانت المليارات من الدولارات التى أنفقتها شركات التكنولوجيا الكبرى على بناء البنية التحتية لدعم الذكاء الاصطناعى ستؤتى ثمارها، بعد أن أثار التأخير المحتمل لشركة «إنفيديا» فى تطوير جيل جديد من شرائح الذكاء الاصطناعى موجة من القلق بشأن تقدم التكنولوجيا الناشئة.
