بعد انتشار حرائق المراكز الحيوية.. خبراء: مطلوب تدشين مجمعة للتأمين الإجبارى

Ad

اندلع حريق ضخم مؤخراً، فى مخزن للملابس بشارع الرويعى بالموسكى، مما أسفر عن خسائر مادية كبيرة، بينما اندلع حريق قبل ذلك الحادث بـ12 يوما بحارة اليهود القريبة من موقع الحادث، راح ضحيته نحو 12 ما بين قتيل ومصاب، فضلا عن حوادث أخرى، والتساؤل الذى يطرح نفسه، هل للتأمين دور فى الحد من آثار مثل تلك الحوادث؟.

وقال خبراء إن التأمين ضد خطر الحريق من الأنواع العريقة والشائعة كثيرا فى أسواق التأمين، بينما تفرضه بعض الدول بحكم القانون وتلزم به جميع المنشآت الحكومية باعتباره وسيلة مهمة لضمان رأس المال، لما له من علاقة مباشرة بالاقتصاد الوطنى، مطالبين بتدشين مجمعة للتأمين الإجبارى ضد الحريق.

وأوضحوا أن سوق التأمين تشهد ازديادا للاكتتاب بالتأمين على الممتلكات من خطر الحريق، عادة بعد وقوع الكوارث المناخية والحوادث الكبيرة، إذ تقبل عليه الشركات الكبرى دائما أما الشركات والمشروعات الصغيرة التى تزداد حاجتها له فليس لدى ملاكها الوعى الكافى بأهمية هذا التأمين على ممتلكاتهم رغم أنه يعزز إمكاناتها فى الالتزام بشروط السلامة التى تشترطها عليها شركات التأمين التى قد تخفف من آثار الكوارث المؤدية إلى هلاكها كليا أو جزئيا.

وأكدوا أن أسعار تأمين الحريق إنما تحدد من قبل الشركات المسوقة له وفقا لسياساتها الاكتتابية فى قياس كلفة الخطر المتوقع والمحسوب على أسس رياضية وإحصائية وبتأثير عوامل العرض والطلب وشروط المنافسة فى السوق وصولا لتحقيق التوازن فى المحفظة وتحسين نوعية الخدمة المقدمة.

وأشاروا إلى أن شركات القطاع تحاول جاهدة اتباع أساليب سليمة لاحتساب أسعار تغطيات الحريق بدقة، توخيا للعدالة بين جمهور العملاء، بالشكل الذى تكفى فيه الأقساط المحصلة، للوفاء بالالتزامات المتوقعة من تعويضات أو مصروفات أو أرباح مخططة أو عائد على رأس المال، ويحكمها فى هذا الشأن أيضا مستويات الخسائر المتوقعة من تحقق الخطر المؤمن ضده.

وأوضح محمد مصطفى حشيش، مدير عام مطالبات السطو والحريق بشركة “GIG” للتأمين - ممتلكات ومسئوليات، أن فرع تأمين الحريق والسطو أحد أهم فروع التأمينات العامة، إذ تقدم من خلاله شركات التأمين التغطية التأمينية لحماية الممتلكات من أخطار الحريق والسطو التى تؤدى الى تحقيق خسائر قد ينجم عنها هلاك الممتلكات أو توقف النشاط فى حالة التأمين على المشروعات المختلفة، مما يبرز أهمية تغطيات الحريق والسطو ودورها فى حماية ممتلكات الأفراد ومجابهة ما يتعرضون له من خسائر من جراء هذه الحوادث المختلفة.

وتابع إن إعداد الخطط الإستراتيجية لشركات التأمين يتم بالتعاون مع إدارات التخطيط والمتابعة لتحديد حجم الأقساط المستهدفة للعام المقبل، على مستوى كل شركة وكل منطقة، ويتم الاعتماد على نتائج الأعمال للسنة أو السنوات السابقة لتحديد حجم المستهدف من الأقساط.

وأضاف أن أسعار أقساط تأمين الحريق يتم حسابها إحصائيا وفقا لمعايير إكتوارية معقدة على مجموعة من العوامل التى تهدف إلى تحقيق التوازن بين مصلحة الشركة وبين حقوق عملائها، على أن يكون سعرا متناسبا مع درجة الخطورة ومعقولا غير مبالغ فيه وكافيا لتغطية جميع التزامات الشركة والمصاريف والخسائر المتوقعة من تحقق الأخطار الكبيرة والتقلبات العكسية.

وذكر أن بعض الشروط التعسفية فى وثائق التأمين قد تؤدى إلى تحجيم حقوق المؤمن لهم ومن ثم عزوفهم عن الاكتتاب بهذا النوع من التغطيات، ومنها حرمانهم من حق فسخ العقد واسترجاع جزء من الأقساط أو منعهم من التصرف بالممتلكات المستنقذة من مخلفات الحوادث أو إلزامهم بتحمل تكاليف توفير المستندات والمواصفات والبيانات والسجلات التى يطلبها المؤمن بعد الحادث لغرض دراستها دون أن يكون هناك إلزام على الأخير بتسديد التعويض.

وأكد على أهمية الطباعة الشكلية للوثائق وملحقاتها بشكل لائق وواضح لجذب العملاء، فعدم وضوح بعض الفقرات والمصطلحات الفنية الواردة فيها وصغر حجم الكتابة لا يشجع العملاء على قراءتها جيدا أو إلى إهمالها، فيفاجأ العملاء عند وقوع الحادث بعدم شمول أضرار حادث الحريق بالتعويض.

من جهته، قال إيهاب خضر، وسيط التأمين، إن تفاقم ظاهرة التنافس فى مجال التسعير أو احتساب الأقساط من قبل بعض شركات التأمين، بينما تلجأ غالبيتها إلى تخفيض الأسعار كأداة تسويقية سريعة فى عملها على حساب نوعية وحجم الخدمات الفنية التى يمكن تقديمها، إنما يساهم فى تراجع قطاع التأمين وجموده.

وأشار إلى أهمية الاهتمام بتطوير السياسات التسويقية بطرق إكتوارية علمية تسهم فى تحسين الأداء، ومن خلال البرامج الترويجية والإعلانية عبر المواقع الإلكترونية وفى القنوات المقروءة والمسموعة والمرئية وعقد لقاءات وندوات مباشرة مع إدارات المنشآت الخدمية والصناعية والتجارية الكبيرة لإيصال المعلومات الوافية عن المنتجات التى تتناسب مع احتياجاتها العملية مع ضرورة إيضاح إستراتيجية عمل الشركات لكل المستويات الإدارية والمراجعة الدقيقة لخطط التنفيذ بما يؤدى إلى زيادة المبيعات والأرباح لذلك النوع من التغطيات.

وشدد على ضرورة التركيز على تدريب وتطوير الملكات الفنية والبيعية فى قسم الإنتاج وتنمية قدرات مقدمى الخدمة التأمينية، بإكسابهم مهارات تسويقية وإنتاجية، من خلال برامج ودورات التدريب المتخصصة لتعزيز قدرة الشركة لمواجهة التعامل مع سوق مفتوحة.

وأكد على أهمية فتح باب إضافة أخطار أو شروط أو تعديلات أو ملاحق للوثائق المختلفة وفق الحالات الاكتتابية المعروضة عليها، لتشمل أضرار بعض الأخطار الطبيعية والشغب والإضرابات والعصيان المدنى، وكذلك المسئولية المدنية التى قد يتحملها العملاء بسبب حوادث الحرائق لقاء أقساط إضافية معقولة.

وأوصى بضرورة تفعيل مبدأ تعويم أو تحرير الأسعار دوريا وفقا لنتائج المحفظة كل 5 سنوات وبما يضمن التناسب بين القسط وحجم الغطاء الممنوح وكفايته لتغطية التعويضات المخططة مع المصاريف والأرباح ودراسة إمكانية العمل بتجزئة القسط السنوى إلى أجزاء نصف أو ربع سنوية، لجذب العملاء.

واقترح تكوين مجمعة تأمينية بشكل يحظى باعتماد أسواق إعادة التأمين العربية والعالمية ويسهم فى منع تسرب أقساط الإعادة إلى الخارج.

وأكد على أهمية صياغة نصوص وثائق التأمين بلغة واضحة، خاصة المتعلقة منها بأحكام الإلغاء والاستحقاق والتحكيم وبعض الشروط التفصيلية كتغطية الماكينات أو فقدان الأرباح أو المسئولية تجاه الغير والتى سيؤدى وضوحها إلى تدعيم الثقة بين طرفى العقد وتقليل المنازعات بينهما.

وشدد على توحيد السياسات الاكتتابية وعدم انتقاء الأخطار، فالشركات ربما تميل للابتعاد عن الاكتتاب فى الأماكن الخطرة والتجمعات التجارية المهترئة التى تتسم بتراكم الخطر فيها، مثل الأسواق القديمة والمكتظة التى تصعب مكافحة الحرائق فيها أو الاكتتاب بشروط خاصة تحد من تكرار الخسائر الصغيرة وتقلل من المطالبات بتعويضاتها مثل زيادة نسبة التحمل على المؤمن له أو التركيز على وجوب توفير وسائل الوقاية الكافية وعدم قبول أخطار مستثناة من اتفاقيات إعادة التأمين أو تزيد عن حدودها.

وأوضح الدكتور علاء العسكرى، أستاذ التأمين بكلية التجارة - جامعة الأزهر، أن توسيع العلاقات مع شركات التأمين وتشجيع تكوين تحالفات مهنية يكسب القطاع قدرة تنافسية جيدة، لا سيما مع تبادل الخبرات التأمينية والفنية إقليميا ودوليا وتوحيد التعامل بنماذج وثائق التأمين من الحريق وملاحقها الإضافية.

وأشار إلى أهمية تشجيع الاندماجات بين شركات التأمين للنهوض بأداء القطاع وزيادة ملاءته المالية وقدرته التفاوضية مع شركات إعادة التأمين العالمية، وتشجيع تكوين تحالفات بين الشركات والمصارف لتساهم جديا فى تسويق التغطيات وتحصيل الأقساط وترسيخ الملاءة المالية للشركات لمواجهة الانحرافات فى النتائج والخسائر غير المتوقعة.

ولفت إلى أن التسديد الفورى للمطالبات المستحقة، ولا سيما فى حوادث الحرائق، يشكل دعاية قوية للشركات ويوثق علاقاتها فى السوق ويجذب عملاء جدد.

وأكد إبراهيم الحملى، مهندس أول السلامة والصحة المهنية والبيئة (HSE) بإحدى شركات البترول، على ضرورة وضع تشريعات تلزم بعض القطاعات، خاصة الصناعية منها، بالتأمين على أصولها ضد الأخطار الشائعة، وفى مقدمتها الحريق، الأمر الذى يدعو إلى وضع دراسات لمراجعة الإطار القانونى والتشريعى الذى يخضع له قطاع التأمين المحلى ولتقييم التشريعات الخاصة به بهدف تطويرها أو توحيدها لتتماشى مع الممارسات الإقليمية العالمية، لحماية الاقتصاد الوطنى وتشجيع ثقافة الادخار، والمبادرة إلى إحياء وتفعيل عمل جمعيات الوقاية من الحريق.

وشدد على عدم قبول تغطية أى منشأة ضد خطر الحريق إلا بعد التأكد التام من تنفيذ المستوى المطلوب لاشتراطات ومتطلبات وتجهيزات السلامة والوقاية من الحريق وملاءمتها لطبيعة العمل فيها من خلال لجان فنية متخصصة بالتنسيق مع شركات التأمين وحسب ما تتضمنه اللوائح والأنظمة.

ونصح بأهمية زيادة عدد المكلفين بأعمال الكشف وتسوية الخسائر وتزويدهم بخبرات ومهارات عملية، كيلا ينقصهم التدريب المتخصص تأمينيا وفنيا ولا تعوزهم الصلاحيات الكافية لحسم حالات التعويض المعروضة عليهم.