بدأت كل من جنوب إفريقيا والمملكة المغربية في تفعيل التبادل التجاري تحت مظلة اتفاقية التجارة الحرة للقارة الإفريقية والانضمام الى مبادرة التجارة الموجهة، وفق منشور صادر عن مصلحة الجمارك المصرية قبل أيام.
وأفاد المنشور بأن جنوب افريقيا بدأت في تطبيق الاتفاقية اعتبارا من أول يناير 2024، فيما بدأت المملكة المغربية تفعيل التبادل التجاري تحت مظلة الاتفاقية اعتبارا من 22 يناير من العام ذاته.
ويرفع هذا التفعيل، عدد الدول التي صدقت على الاتفاقية بشكل نهائي إلى 11 دولة حتى الآن وهم "مصر والمغرب وجنوب أفريقيا وغانا وتنزانيا والكاميرون وكينيا ورواندا وموريشيوس وتونس والجزائر".
الواثق بالله: حجم تجارة جنوب إفريقيا مع العالم يقارب ضعف نظيره المصري
في هذا الصدد، قال الوزير مفوض، يحيى الواثق بالله، رئيس جهاز التمثيل التجاري، إن بدء تطبيق جنوب أفريقيا للاتفاقية والمبادرة سيعزز من فرص زيادة التبادل التجاري مع مصر، حيث لا توجد أي اتفاقات تجارة حرة أو تفضيلية بين مصر وهذه الدولة.
وأضاف الواثق بالله خلال تصريحات لـ«المال»، أن جنوب إفريقيا تُعد الاقتصاد الأكبر في القارة السمراء بما نسبته (13,2%) من إجمالي الناتج المحلي للقارة وتليها مصر بما نسبته (12.3%)، لافتًا إلى أن هذه المعطيات تحتم على البلدين زيادة التبادل التجاري الثنائي.
وأفاد رئيس جهاز التمثيل التجاري بأن الصادرات المصرية لجنوب أفريقيا لم تمثل أكثر من (0.1%) من إجمالي واردات هذا البلد عام 2023، مما يعكس الفرص الكبيرة التي ستتيحها الاتفاقية لنفاذ الصادرات المصرية إلى لسوقها الهام، فضلاً عن دراسة سبل تعزيز التجارة في الخدمات خاصة وأن الاتفاق كان قد حدد قطاعات خدمية ذات أولوية منها ما تتميز به مصر وجنوب أفريقيا وهي قطاعات (السياحة - القطاع المالي - قطاع خدمات الأعمال).
وأشار الواثق بالله إلى أن انضمام المغرب إلى الدول التي طبقت الاتفاقية يفتح آفاقاً أرحب للتكامل الصناعي بين البلدين، وذلك كون الإطار التعاقدي بين البلدين لا يقتصر فقط على التبادل التجاري المتمتع بالإعفاءات الجمركية من خلال اتفاقية منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، ولكن أيضاً من خلال عضوية البلدين في اتفاقية أغادير رفقة كل من تونس والأردن والتي تتيح تعظيم فرص التصدير إلى السوق الأوروبي من خلال تراكم المنشأ، فضلاً عن عضوية البلدين في مبادرة الشراكة الصناعية التكاملية إلى جانب كل من الأردن والامارات والبحرين.
وذكر أن هذه الترتيبات التكاملية جميعها ستحتم على البلدين تعزيز التعاون الصناعي؛ بغرض الاستفادة من الفرص المتاحة في الأسواق العربية والأفريقية والأوروبية.
واستطرد الوزير مفوض يحيى أن انضمام البلدين ينعكس ايجاباً على تحقيق المستهدفات الزمنية للاتفاق، مما سيحفز الدول الأفريقية الأخرى غير المنضمة على الإسراع بإتمام خطوات الانضمام للاتفاق.
وتابع أن انضمام البلدين إلى مبادرة التجارة الموجهة يتيح نفاذ الصادرات المصرية بشكل فوري دون رسوم جمركية إلى سوقيهما، ما يضمن زيادة البعثات والوفود التجارية المتبادلة خلال الفترة المقبلة للتعرف على الفرص المتاحة في تلك الأسواق في إطار الاتفاقية.
وأشار إلى أن انضمام بلدين بثقل المغرب وجنوب أفريقيا إلى الاتفاقية سيساهم في تعزيز جهود حشد التمويل لتطوير البنية التحتية بهدف تيسير التجارة في الدول الاطراف في منطقة التجارة الحرة القارية الافريقية، فضلاً عن إجراء الدراسات الازمة عن تحديات النقل والموانئ والبضائع في القارة الافريقية والعمل على التغلب عليها.
وزاد الواثق بالله أن قرار جنوب أفريقيا بدء تفعيل إتفاق التجارة الحرة القارية الافريقية AfCFTA من جانبها يعد خطوة بالغة الأهمية فى تنفيذ الاتفاقية لا سيما أن مصر وجنوب أفريقيا تعدان من أكبر إقتصاديات فى القارة بناتج محلى يتراوح ما بين 400 – 450 مليار $ ، كما أن حجم تجارة جنوب إفريقيا (200 مليار $ تقريباً ) يُعد ضعف حجم تجارة مصر مع العالم (115 مليار $ تقريباً) علماً بأن حجم صادرات مصر يُعادل ثلث حجم صادرات جنوب أفريقيا تقريباً .
ورأي رئيس جهاز التمثيل التجاري أن تطبيق الاتفاقية بشكل فعال وجاد سيساهم في مضاعفة حجم صادرات مصر لجنوب أفريقيا بحلول عام 2030 مع رفع الرسوم الجمركية بشكل كامل وفقاً لنصوص الاتفاقية، علاوة على إتاحة فرصة بناء علاقــة إستراتيجية بين الدولتين تتيح رسم الخريطة الاقتصادية للقارة إنطلاقاً من أن التجارة والاستثمار هما محور إقامة علاقات استراتيجية مستدامة بين البلدين.
الشاهد: تسهل استيراد الكثير من الخامات التعدينية المهمة للقطاع الصناعي
في سياق متصل، قال أسامة الشاهد، رئيس غرفة الجيزة التجارية -والتي تشتهر بعلاقاتها التجارية مع المغرب- إن هذه الاتفاقية هي الطريق لتحقيق التنمية الشاملة للقارة الأفريقية وتحقيق التكامل الإفريقي وتعزيز القدرة التنافسية والتنمية المستدامة لكامل دول القارة.
وأشار خلال تصريحات لـ«المال» أن مصر دفعت بقوة فترة توليها رئاسة الاتحاد الإفريقي إلى الإعلان عن منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية والتي ستكون عند اكتمالها أكبر منطقة تجارة حرة في العالم من حيث حجم السوق، كما تضمن الاستغلال الأمثل لموارد الدول المشاركة وتحقيق التكامل التجاري والاستثماري والصناعي بين كافة دول المنطقة ما يسهم في تحقيق التنمية ورفع مستوى المعيشة لدول القارة جميعا.
وتابع الشاهد أنه حتى الآن، تعتمد الدول الإفريقية على واردات من الخارج رغم أنها أكبر مصدر للخامات على مستوى العالم ولكن لا تمتلك القدرة الفنية والمالية للتصنيع، مشيرًا إلى أن هذه الاتفاقية تسمح بتعزيز التكامل من خلال تخفيض التعريفات الجمركية على 90% من البضائع المتداولة بين دول المنطقة حتى يتم إلغاؤها في غضون 5 سنوات بالنسبة للبلدان الأفضل نموا و10 سنوات لأقل البلدان نموًّا، فضلا عن تقليل الحواجز أمام التجارة في الخدمات.
وأضاف رئيس غرفة الجيزة التجارية أن تصديق الدولتين على الاتفاق يسهم في تعزيز العلاقات التجارية المشتركة في العديد من السلع التي ستخضع لجمارك مخفضة خاصة من دولة جنوب إفريقيا التي نعتمد عليها في استيراد الكثير من الخامات التعدينية المهمة للقطاع الصناعي، لافتًا إلى أهمية تنشيط دور القطاع الخاص في استكشاف الفرص التجارية المتاحة.
ولفت الشاهد إلى أن حجم التجارة بين مصر والمغرب يشهد تناميا ملحوظا فى ظل التقارب السياسي والاقتصادى بين البلدين حيث يقترب من 700 مليون دولار بنهاية 2023، أغلبها يصب فى صالح مصر، مشيرًا إلى ضرورة استغلال الاتفاقية لمضاعفة تلك القيمة.
وذكر أنه خلال أول ٩ أشهر من عام ٢٠٢٣ تجاوزت قيمة الصادرات المصرية إلى المغرب 561 مليون دولار، فيما لم تتخطى واردتنا حاجز 20 مليون دولار خلال نفس الفترة، وهذا يعنى أن ميزان التجارة فى صالح مصر والأهم حاليا بعد انضمامها لاتفاقية التجارة الحرة القارية هو مضاعفة قيمة التبادل التجارى وعقد شراكات صناعية فى العديد من القطاعات ذات الاهتمام المشترك لا سيما وأن مصر يربطها مع المغرب اتفاق أغادير التجارى كما أنها انضمت يناير الماضى إلى مبادرة الشراكة الصناعية التكاملية والتى تضم كلا من مصر والأردن والإمارات والبحرين.
وتابع أنه فيما يخص جنوب إفريقيا، فإن حجم التجارة المشتركة يشهد نموًا عاما بعد الآخر، إلا أن الميزان التجاري يصب في صالح جنوب إفريقيا، وهو ما يتطلب بذل مجهود أكبر من جانب المصدرين المصريين لاكتشاف الفرص التصديرية فى هذا السوق، مستطردًا أن انضمامها إلى اتفاقية التجارة الحرة الإفريقية سيساعد فى تنافسية منتجاتنا بشكل أفضل.
ولفت إلى أنه في عام 2022 علة سبيل المثال، سجل التبادل التجاري مع جنوب إفريقيا نموا ملحوظا ليقترب من 400 مليون دولار نتيجة لنمو واضح فى واردات مصر من جنوب أفريقيا التى ارتفعت لتصل الي نحو 275 مليون دولار مقابل نحو 32 مليون دولار فى عام 2017، مبينًا أن أغلبها تتركز فى خامات معدنية ومواد خام وسلع وسيطة للأنشطة الصناعية، بينما تصل الصادرات المصرية 124 مليون دولار.
وفيما يتعلق بتطبيق التخفيض التدريجي للتعريفة الجمركية على واردات الملابس والمنسوجات والسيارات من هاتين الدولتين، قال رئيس الغرفة إن هذه السلع مازالت محل خلاف داخل الاتفاقية ولم يتم التوافق بشأنها حتى الآن لذا كان الموقف إرجاء التطبيق على الوقت الحالي.
ونبه إلى أنه يسمح بدخول السيارات المصنعة في المغرب إلى مصر دون جمارك بشرط تتوافق مع قواعد المنشأ المحددة وذلك وفقا لاتفاق أغادير بين مصر والمغرب.
بحيري: لقاءات ثنائية مع المغرب في أوائل سبتمبر المقبل
من جانبه، قال بحيري أحمد، نائب رئيس الغرفة التجارية المصرية المغربية عن الجانب المصري، إنه يتم الترتيب حاليًا مع الجانب المغربي لعقد لقاءات ثنائية في أوائل سبتمبر المقبل، لمناقشة خطط الصادرات بين الدولتين خلال الفترة المقبلة.
وأكد بحيري خلال تصريحات لـ«المال»، أن بدء تطبيق كل من المغرب وجنوب إفريقيا لاتفاقية التجارة الحرة القارية، سيساهم في تعزيز الصادرات المصرية إلى كلا البلدين، علاوة على أنه سيسمح لمنتجاتنا بغزو كامل إفريقيا بشكل أسهل، من خلال التآخي مع جنوب إفريقيا، والتي تتمتع بعلاقات تجارية كبيرة مع كامل القارة.
وزاد نائب رئيس الغرفة أنه يرى أن هذه الاتفاقية ستساهم على الأقل في زيادة الصادرات المصرية إلى المغرب بنسبة لا تقل عن 60% خلال العام الأول لبدء التبيق، لافتًا إلى أن الميزان التجاري مع المغرب يصب في مصلحة مصر.
وأوضح بحيري أحمد أن المغرب وجنوب إفريقيا تستوردان كافة المواد الجافة مثل الملوخية والفواكه المجففة، والنباتات العطرية والطبية وخلافهم، من مصر، علاوة على استهداف المصدرين المصدرين المصرين إدخال المواد الطازجة إلى كافة إفريقيا عن طريق جنوب إفريقيا.
