«السحرتى»: التقاء منخفضى «الهند الموسمى» و«الصحراء الكبرى» وراء الذعر الذى أصاب «عروس المتوسط»

Ad

تبادر إلى أذهان مواطنى الإسكندرية كثير من التساؤلات بشأن قرار منع المُصطافين من نزول البحر المتوسط، ورفع الرايات الحمراء التى تعنى حظر السباحة نهائيا، والالتزام فقط بالجلوس على الرمال بشواطئ غرب المدينة، ومنطقة “العجمي” خاصة أن الجهات المعنية لم تُعلن سببا رئيسيا لذلك عدا وجود اضطرابات بالملاحة البحرية، ولكن ربط المواطنون القرار بالزلزال الذى ضرب جزيرة صقلية على الجانب الآخر من البحر قبلها بأيام.

وعلى الرغم من أن القرار استمر يوما فقط، فإنه لا تزال هناك تخوفات من مواطنى عروس المتوسط بشأن التعرض لموجات “تسونامي”، بالتزامن مع انحسار المياهالذى شهده عدد من الشواطئ بالمحافظات المجاورة بفعل عوامل المد والجزر.

واستبعدت الدكتورة عبير السحرتى، رئيس المعهد القومى لعلوم البحار والمصايد، وجود علاقة بين ما تشهده شواطئ الإسكندرية من ظواهر وزلزال صقلية، مؤكدة أن ارتفاع الأمواج والاضطرابات فى الملاحة ليس له علاقة بأية ظواهر أخرى فى المنطقة.

وأضافت “السحرتي” - فى تصريحات خاصة لـ “المال”- أن ما يحدث بالإسكندرية حاليا سواء ارتفاع الأمواج أو الإضطرابات الملاحية” يُعد طبيعي نتيجة تأثر البلاد بالتقاء منخفض الهند الموسميمع آخر جوى غربى من الصحراء الكبرى.

وأفادت بأن هذا الالتقاء سمح بتولد رياح بسرعة أعلى من المعتاد مما انعكس على ارتفاع حركة الأمواج عن معدلها الطبيعى فى تلك الشهور من العام من 1.25 متر إلى أكثر من 2.5 متر.

وتابعت إنه مع الانخفاض فى الضغط الجوى،و ازدياد سرعة الرياح تتغير طبيعة انكسار الموجة وارتدادها على خط الشاطئ، لذلك تبقى الأمواج مرتفعة عن المعدل الطبيعى وفى ذات الوقت يتولد نوع من الانحسار لمياه الشاطئ.

«عبد الرازق»: منع المواطنين من نزول البحر تم بناء على بيانات “الأرصاد الجوية”

فى السياق ذاته، قال الدكتور محمد عبد الرازق، مدير الإدارة المركزية للسياحة والمصايف بالإسكندرية، إن قرار منع المواطنين من النزول لمياه البحر ورفع الرايات الحمراء بالقطاع الغربى بأكمله “شواطئ العجمى وغرب”، كان بناء على البيانات الواردة من هيئة الأرصاد الجوية التى أفادت بارتفاع حركة الأمواج، وشدة التيارات بالقطاع الغربى.

وأضاف “عبد الرازق” أنه فى غضون ذلك تم منع نزول الرواد لمياه البحر حفاظا على أرواحهم، مع استمرار فتح جميع الشواطئ أمامهم للجلوس على الرمال فقط، مؤكداً أن تقرير الأرصاد الجوية أفاد حينها بأن سرعة الرياح كانت تتراوح بين 40 إلى 60 كيلومترا فى الساعة، بينما بلغ ارتفاع الأمواج من 2 إلى 3.5 متر.

وفى ظل ما تتعرض له الإسكندرية من ظواهر طبيعية غير معتادة، كان محافظ الإسكندرية السابق اللواء محمد الشريف أصدر القراررقم “159” لسنة 2023 بتشكيل لجنة عليا لدراسة الموضوعات المتعلقة بالمد البحرى على سواحل مدينة الإسكندرية وكذلك دراسة ورصد حركة البحر، فى إطار الخطة القومية لحماية السواحل المصرية من مخاطر موجات التسونامى، وفقاً لتصريحات مصدر مطلع بديوان عام المحافظة.

وبحسب الرصد الذى أجرته “المال”، لم تكن هذه الظاهرة هى الأولى من نوعها بالثغر، ففى نهاية عام 2021 تعرضت الإسكندرية لاختفاء المساحة الرملية لعدد من شواطئها تماماً “خاصة بمنطقة سيدى بشر” جراء النوات التى تعرضت لها فى بداية الموسم الشتوى 2021 – 2022، وغطت مياه البحر تقريبا المساحة الرملية بسبب عوامل “المد والجزر”، لتصل أمواجه العاتية إلى سور الكورنيش ومنه إلى الطريقالرئيسى.

وكانتالدكتورة إيمان شاكر مدير مركز الاستشعارعن بُعد بهيئة الأرصاد الجوية، أشارت - فى تصريحات سابقة لـ “المال” - إلى أن شواطئ محافظة الإسكندرية لم تتأثر مؤخرا فقط، بل كانت تتأثر دائما بالتزامن مع نشاط الرياح ووجود المنخفضات الجوية على البحر المتوسط، الأمر الذى ينتج عنه ارتفاع فى الأمواج لتصل إلى 6 أمتار، مشيرة إلى أن الهيئة العامة دائما ما تُحذر بشأن تلك الظاهرة.

وأرجعت “شاكر” اختفاء المساحة الرملية بعدد من الشواطئ بمحافظة الإسكندرية فى شتاء 2021 – 2022 إلى ارتفاع الأمواج الذى وصل لـ 5 و6 أمتار خلال نوة قاسم والفيضة الصغرى، وخروج الموج عن الشاطئ.

وأشارت إلى أن جميع الدراسات تُشير إلى أن ظاهرة تآكل الشواطئ بالإسكندرية ستكون بحلول عام 2100، مُعتبرة أن ذلك هو السيناريو الأسوأ، والتى تُشير أبرز ملامحه إلى أن المعدل الطبيعى لمستوى مياه البحر سيزيد مترا واحدا، وذلك فى غير أيام التقلبات والتغيرات المُناخية.

وتخوف عدد من  مواطنى الإسكندرية عقب تصريحات أدلى بها رئيس الوزراء البريطانى الاسبق بوريس جونسون منذ سنوات وتحديدا فى عام2021 خلال انعقاد قمة المناخ “كوب 26”، حول اختفاء عروس المتوسط، وشنغهاى عند ارتفاع درجات الحرارة بنحو 4 درجات، وقال” جونسون” إن نهاية العالم أصبحت قريبة، وذلك فى ضوء تسارع عملية ضخ الكربون فى الهواء، وأنه علينا الإسراع فى اتخاذ التدابير لمواجهة التغيرات المناخية.