أكد خبراء التطوير العقارى أن التحالفات تعتبر وسيلة فعالة لمواجهة شبح الركود المسيطر على السوق العقارية فى الفترة الراهنة، نتيجة لعدم الاستقرار الذى تشهده فى الفترة الأخيرة، عن طريق تقليل المخاطر التى تتحملها كل شركة منفردة، كما تتيح لها الدخول فى مشروعات ضخمة تتطلب ملاءة مالية لا تمتلكها شركة بمفردها، وبالتالى تحل أزمة السيولة التى تعانى منها بعض الشركات.
ومع التوسع العمرانى الذى تشهده مصر مؤخرًا، أصبح باستطاعة المطور مع وجود التحالف الدخول فى عجلة الاستثمار واللحاق بالركب؛ وفقًا للخبراء.
شهدت السوق العقارية تغيرًا كبيرًا فى أسعار مواد البناء وارتفاع سعر الأراضى بوتيرة مستمرة،ولذلك لجأت العديد من الشركات العقارية للشراكة والتحالف لضمان الاستمرارية، ويقول الخبراء إن هذه الظاهرة أصبحت أمرًا طبيعيًا فى ظل ما تشهده سوق العقارات من زيادة مستمرة فى أسعار مواد البناء وارتفاع تكلفة الأراضي، مشيرين إلى أن التحالفات تساهم بشكل كبير فى زيادة تنمية السوق العقارية، وتوفير السيولة المالية اللازمة لاستكمال المشروعات.
فى شهر أبريل من العام الجارى وقعت شركة ماين ماركس للتطوير العقارى اتفاقية تعاون استراتيجى مع شركة مصر بنظام حق الانتفاع للجزء التجارى بمشروع “موراي”، إذ تعاقدت الأخيرة مع شركة رتاج القطرية للفنادق والضيافة لإدارة وتشغيل الجزء التجارى من المشروع.
أما فى شهر مايو من هذا العام، فأعلنت شركةسكاى للتطوير العقارى مع مجموعة انوفو للاستشارات الهندسية والتصميمات العالمية وأنظمة الاستدامة، عن إطلاق شركة “Sky Innovo Developments”، كشركة عقارية متخصصة فى تطوير المشروعات السكنية والتجارية المستدامة، إذ أطلقت بارك ستريت كبادرة لهذا الطريق وهو مجمع سكنى تجارى إدارى بالتجمع الخامس باستثمارات تقدر بـ10 مليارات جنيه.
كما نتج عن اللقاء الذى جمع بين عدد من المطورين المصريين مع الدكتور خلفان بن سعيد الشعيلى وزير الإسكان والتخطيط العمرانى بسلطنة عمان تحالفًا مع نظرائهم فى سلطنة عمان، وذلك لنقل التجربة العمرانية من القاهرة إلى مسقط.
بداية قال أحمد فكري، رئيس مجلس إدارة شركة “كونتكت”، إن الشركة كان لها سبق فى مجال التحالفات منذ ثلاث سنوات، فقامت شركة “كونتكت” بتنفيذ عملية الاستحواذ المبدئية على ثلاث شركات تقدم خدمات تكميلية للتطوير العقاري، وهى شركات “جى دبليوكونستراكشنز”، و”دى اف اس جينيرال سيرفيس”، و”تيرن كى ميكانيكال”، وبلغت قيمة الصفقة 120 مليون جنيه؛ لضمان تقديم نموذج متميز فى العمل والبناء ليمثل نقلة نوعية فى مفاهيم التطوير العقارى والحصول على محفظة أراض كبيرة.
وذكر فكرى أن التحديات التى تواجه القطاع العقارى أو الاقتصاد بشكل عام سواء فى السيولة أو عمليات البيع والتسويق، فهى بحاجة للاندماج أو التحالف، وهذا أمر طبيعى فى المرحلة، وسيكون له تأثير على الاقتصاد بشكل عام والمجال العقارى بشكل خاص.
وفى هذا السياق تحدث أن فى ظل أزمة الظروف الاقتصادية فإن أغلب الشركات لا تقدر على الاستمرارية فأصبحت الحاجة للتحالفات ضرورية لتغطية المشاريع بشكل أفضل، والحل الأفضل لوجود آلية تنظم التحالفات هو إعادة هيكلة الشركات لتأهيلهالتكون داخل البورصة المصرية، فبالتالى ستكون الشركات تخضع لهيئة الرقابة المالية فتكون عملية التحالفات أكثر تنظيمًا وجدولة.
بينما قال المهندس مروان فارس، رئيس مجلس إدارة شركة إبداع للتطوير العقاري؛ تُعد التحالفات ملاذًا آمنًا للشركات ضد العديد من التحديات والصعوبات، إذ إن العملية التنافسية داخل السوق مكلفة وتستغرق وقتًا طويلًا، ومحفوفة بالمخاطر، خاصة بالنسبة للشركات التى ليس لديها خبرة سابقة فى السوق العقارية؛ لذلك فهى تستفيد من التحالفات فى التخفيف من هذه المخاطر، واكتساب ميزة تنافسية فى مساعيها للتقدم والتطور والنمو بالسوق العقارية.
وأوضح فارس أنه يؤيد وجود التحالفات التى تخدم كلا الطرفين، بحيث تستطيع الشركات اكتساب المعرفة والخبرة من خلال التعاون مع الشركات الأخرى التى دخلت معها فى التحالف، وزيادة فرص الحصول على تقنيات وآليات جديدة فى السوق، مع الجمع بين المعلومات والخبرات وقواعد العملاء لإنشاء تكامل يعود بالفائدة على جميع الأطراف، إضافة إلى تجميع الموارد وتقاسم التكاليف المختلفة خصوصًا المتعلقة بالتسويق، ما يجعل الوجود بالسوق أكثر فعالية من حيث التكلفة والكفاءة.
ورأى أن هناك آليات مختلفة لتنظيم التحالفات فعند تشكيل التحالف لابد من تحديد الرؤية والاستراتيجية من أجل فهم كيف يمكن للتحالف أن يناسب الأهداف المشتركة؛ إذ أن التوفيق بين أهداف وتوقعات الأطراف المعنية منذ البداية أمر بالغ الأهمية لنجاح التحالف.
وأضاف أنه لابد من إجراء بحث شامل وتقييم الشركاء المحتملين لتقييم مدى توافقهم وسمعتهم وقدراتهم لضمان شراكة متبادلة المنفعة، مع تطوير علاقة العمل والاعتراف المتبادل بين الشركات، بحيث يكون إبرام التحالفات بين الشركات بشكل اختيارى بمعنى أنها غير مفروضة على طرف من قبل طرف آخر.
وأكّد رئيس شركة إبداع للتطوير العقارى على أن تعزيز التواصل المفتوح والثقة من أهم ركائز التحالفات الناجحة والحفاظ على الشفافية، وتعزيز الثقة لبناء أساس قوى للتعاون والتفاوض، وتنفيذ اتفاق رسمى يتضمن أنظمة مراقبة الأداء لمتابعة التقدم نحو الأهداف، ومعالجة أى مشكلات على الفور، فالمرونة والقدرة على التكيف أمران حاسمان للحفاظ على الشراكة الناجحة التى بموجبها يتم دمج الموارد لتحقيق مجموعة واسعة من الأهداف المشتركة، وتحسين المواقع التنافسية داخل السوق، وتقاسم المخاطر أو تكلفة المشاريع.
واختتم حديثه بأن التحالفات توفر نهجًا قويًا للشركات التى تسعى إلى النمو داخل السوق، إضافة إلى دخول أسواق جديدة، ومن خلال الاستفادة من المعرفة، وتبادل الخبرات، وتقاسم الموارد، وتعزيز التعاون لتستطيع الشركات التغلب على الحواجز، وزيادة فرص نجاحها فى السوق.
وفى شهر يوليو من عام 2020 أبرم 80 مطورًا بمنطقة القاهرة الجديدة تحالفًا تحت مسمى “جمعية مطورى القاهرة الجديدة”، بهدف التقدم إلى وزارة الإسكان للحصول على أراضٍ بشمال الرحاب، وتتخطى إجمالى استثماراته الـ 15 مليار جنيه.
كما ظهر تحالف مكون من أربعة مجموعات شركة “ذى آرك للتنمية” للتطوير العقارى برأسمال مدفوع قدره 500 مليون جنيه مصري، وعملت على مشروع تطوير عقارى يحمل نفس الاسم بمنطقة التجمع الخامس فى القاهرة باستثمارات مبدئية 30 مليار جنيه.
فى حين قال جون سعد، خبير الاستثمار العقاري، إن أسعار الأراضى المطروحة للبيع من وزارة الإسكان وصلت لمستويات مرتفعة باتت تفوق الملاءة المالية للعديد من المطورين؛ لذا فمن الطبيعى أن تتجه الشركات صغيرة الحجم لإبرام تحالفات متعددة لإنشاء كيان قوى لديه القدرة عل اقتناص مشروعات جديدة.
وأكد أن تكوين التحالفات ليس بالأمر الجديد على السوق المحلية، ويمكن تنظيم الأمر بالتفاوض عبر الأطراف المختلفة؛ فالأهم هو الحصول على أراضٍ إضافية، وإطلاق مشروعات ذات قيمة مضافة.
وأوضح أن هذه الظاهرة قد تطال بعض المشروعات الجارى تنفيذها، والتى تواجه فجوات مالية بعد الارتفاع اللافت فى تكاليف البناء.
أما المهندس هشام أبو العطا، الرئيس السابق لشركة القابضة للتشييد والتعمير، فيفسر هذه الظاهرة بأنها ضرورة لها ميزة، ولكن لا تعبر عن أى شيء ذو علاقة بالسوق العقارية، ولا تؤثر عليه بالسلب أو بالإيجاب.
كما أشار إلى نوع آخر من التحالفات وهو التحالف الرأسمالي، ويتم فيه التحالف مع شركة التطوير العقارى لتغطية العجز التمويلى فى أى مشروع من خلال صفقة خاصة به.
ويرى أنه من الصعب أن تكون لهذه التحالفات صيغة ثابتة أو آلية تنظيم محددة تُطبق بها على كل المشاريع، فالتحالف غالبًا ما يتم بمذكرة تفاهم أو اتفاق “letter by entente” بين شركتين، وكل مشروع له حساباته الخاصة، وتتم دراسة كل منهم على حدة.
وأوضح أنه سيكون من الغريب التحالف بين شركتين لهما نفس الوظيفة، إلا إذا كان الغرض من وراء إنشائه هو السيولة المالية أو الاستفادة بسابقة الخبرة لإنجاز المشروع.
وقال مايكل الأسيوطي، رئيس مجموعة “فور سيزون جروب” العقارية، أن تبادل الخبرات هو السبب الرئيسى وراء هذه التحالفات، وهو ما يؤدى إلى قوة الاستثمار لأى مشروع؛ لأن الشركات فى هذه الحالة “يكمّل بعضها الآخر”، وكل شركة تحاول الاستفادة من خبرات الشركة الأخرى فى حال نجاح المشروع المُتفق على تنفيذه.
وتابع الأسيوطي: “جزء كبير من أسباب التحالفات يرجع إلى زيادة أسعار مواد البناء بالطبع من حديد وأسمنت إلى آخره، والتكاليف الباهظة التى تحمّلتها جميع الشركات على حد سواء”.
ويُعد “الأسيوطي” أحد داعمى التكرار لهذه التحالفات، ولكن يشترط اتفاق الشركات المتحالفة على ثقافة واحدة، وعلى هذا الأساس يدعو إلى اتخاذ القرار بمزيد من الحيطة والتعمق، وإلا فهناك احتمال بأن يُثمر بنتائج عكسية.
وأكّد فى الختام أن إدارة التحالف تكون من كيان واحد، فالمهام الوظيفية لكل شركة قد تتنوع بين امتلاك الأراضي، وعمليات التطوير للمباني.. إلى آخره، ولكن كما يقول المثل “المركب اللى ليها رئيسين... تغرق”.
