استمرار التوترات الجيوسياسية يزيد ضبابية الأعمال أمام شركات النقل البحري

Ad

تراجع حجم أعمال عدد من التوكيلات الملاحية بنسبة %50 بسبب استمرار التوترات الجيوسياسية التى تهيمن على المشهد الملاحى بعد تغير شركات الشحن مسارها للمرور حول افريقيا - طريق رأس الرجاء الصالح- بعيدًا عن قناة السويس ومنطقة البحر الأحمر، الأمر الذى يزيد مدة الشحن بين 10 و15 يومًا حسبما أكد عدد من التوكيلات.

وأوضح ممثلو عدد من التوكيلات الملاحية، أن استمرارية الأحداث الجيوسياسية، ومخاوف التأمين، وارتفاع أسعار النوالين وتكدس الموانئ يعقد الرؤية المستقبلية لصناعة الشحن .

بداية، قال اللواء إيهاب البنان، رئيس مجلس إدارة وكالة كلاركسون شيبنچ، أن السوق الملاحية لا تزال تعانى من التهديدات سواء مع استمرار الحرب الروسية الأوكرانية، أو اضطرابات البحر الأحمر، ومن ثم فإنه لا يمكن التنبؤ بأحوال السوق الملاحية خلال الشهور المتبقية من عام 2024.

وأوضح أن تصاعد وتيرة تلك التحديات دون حلول مرتقبة سيؤثر بشكل سلبى على حجم الأعمال، مشيرًا إلى أن أكثر عاملين حاليًا يتحكمان فى السوق الملاحية، هما أسعار التأمين، والبترول، والتى تصب فى زيادة تكاليف الرحلة وبالتالى ارتفاع أسعار السلع أمام المستهلكين.

وأكد الرئيس التنفيذى لشركة كلاركسون، أن سلاسل الإمداد تسير فى طريقها ولكنها مصحوبة بتكاليف أعلى ومدة شحن أطول، مدللًا على ذلك بالحرب الروسية بأن رغم استمرارها فإن هناك حركة صادرات واردات مستمرة بالموانئ الروسية.

وتناول تقرير جديد صادر عن شركة Kepler Cheuvreux ، وهى شركة خدمات مالية أوروبية، أن حوالى %22 من أحجام شحن الحاويات العالمية تتأثر بإعادة التوجيه بسبب زيادة المسافة من آسيا إلى أوروبا، لكن أسعار النوالين قد تنخفض بنسبة تصل إلى %75 فى حالة التوصل إلى هدنة فى الشرق الأوسط.

من ناحيتها، قالت ميرهان الدرينى الرئيس التنفيذى لشركة FLLP للخدمات اللوجستية، أن استمرار أزمة البحر الأحمر رفع من أعداد السفن بموانئ الإسكندرية والدخيلة، ما أدى إلى ضغط كبير على حركة النقل بالشاحنات داخل الميناء، وبالتالى رفع أسعار النوالين البرية بشكل مضاعف نتيجة ارتفاع الطلب وقلة المعروض.

وأكدت “الدريني” أن تلك المعطيات شكلت صعوبة فى إقناع العملاء بأسباب زيادة نولون النقل، بجانب تأخر مواعيد شحن البضائع، ما تسبب فى خسائر مادية، لافتة إلى أن التوقع بالأحداث المستقبلية للسوق الملاحية أصبح صعبًا.

ووفقا لشركة كلاركسون للوساطة الشحن البحري، فإن الازدحام العالمى فى موانئ الحاويات الآن وصل إلى حوالى 9 ملايين حاوية مكافئة، بسبب أزمة البحر الأحمر، التى شهدت دوران سفن الحاويات حول رأس الرجاء الصالح، وأضافت حوالى %12 إلى الطلب على حاوية مكافئة لعشرين ميلاً.

وتعد قناة السويس من أهم الممرات الملاحية فى العالم، وتعتبر أقصر طرق الشحن بين أوروبا وآسيا، ومن أهم مصادر العملة الأجنبية للاقتصاد المصري، وتأثرت بشكل كبير بداية من العام الحالى بسبب شن الحوثيين منذ نوفمبر 2023، هجمات عديدة على سفن تجارية فى البحر الأحمر، ما تسبب فى تعطيل الشحن العالمي، ولجأت بعض السفن إلى طريق رأس الرجاء الصالح.

من جهته، قال مسئول بأحد الخطوط الملاحية، إن أكثر التحديات التى تواجه الخطوط الملاحية حاليا هى استمرار أزمة البحر الأحمر والتى يصعب التنبؤ بحلها، خاصة أن حلولها سياسية بحتة وليست اقتصادية.

وأشار “فتحي” إلى أنه فى حالة استمرار تلك الأوضاع ستشهد السوق الملاحية تراجعا كبيرا فى أسعار النوالين وأسعار التأمين، وبالتالى تراجع تكاليف الرحلة وعودة السفن إلى القناة مرة أخرى فى فترة لا تقل عن 6 أشهر.

وأكد اللواء بحرى عصام بدوي، مدير وكالة بدوى للملاحة، أن حجم الأعمال شهد تراجعًا كبيرًا يصل إلى %50 شاملًا أنشطة أخرى مصاحبة خاصة بتموين البارجات والوحدات البحرية بالوقود، بسبب تهديدات الحوثيين للسفن المارة بمنطقة البحر الأحمر، موضحًا أن حجم الشحن إلى موانئ البحر المتوسط يعوض بشكل بسيط تراجع أعمال الشحن جنوب قناة السويس .

وقال “بدوي” إن هناك بوادر حلول لوقف الحرب بغزة ما يؤدى إلى وقف تهديد الحوثيين للسفن بجنوب قناة السويس مما سيكون له تداعيات إيجابية فى زيادة معدل تردد السفن إلى الموانئ بتلك المنطقة واستعادة قناة السويس لكامل طاقتها.

واتفق معه إسلام الجزار، مراقب عمليات قناة السويس بالمكتب المصرى للاستشارات البحرية (EMCO) أن شركات الشحن الكبرى وعلى رأسها ميرسك، وسى إم ايه، وإم آى سي، تتعرض لخسائر فى حجم أعمالها بعد تقلص حركة عبورها قناة السويس، والتى تخطت %85.

وتوقع “الجزار” استمرار أزمة البحر الأحمر خاصة أن ذريعة تهديد الحوثيين مستمرة على حد قوله مع تصاعد الأحداث من غزة إلى لبنان، موضحا أن أزمة الشحن البحرى قد تستمر حتى النصف الأول من العام المقبل.

وواصلت هيئة قناة السويس، سلسلة التراجع فى إيراداتها التى بدأت منذ بداية العام الجاري، نتيجة أزمة البحر الأحمر، وتحويل شركات الشحن مسارها للدوران حول أفريقيا بدلا من المجرى الملاحى المصري، لتسجل حصيلة الإيرادات المجمعة خلال شهر مايو الماضى نحو 337.8 مليون دولار مقارنة بنفس الشهر المماثل من عام 2023، الذى سجل 648 مليونًا، بنسبة انخفاض قدرها %64.3.

يشار إلى أن الهيئة أعلنت خلال الأيام الماضية، عن تجديد الحوافز والتخفيضات المقدمة لعدة أنواع من السفن، على رأسها الحاويات والصب الجاف وناقلات البترول الخام ومشتقاته والتى تعبر من طرق أخرى بديلة، بنسب تراوحت بين 10 إلى %75، وتستمر حتى نهاية ديسمبر 2024.

وبلغت عائدات قناة السويس 10 مليارات دولار بنهاية 2023، وسجلت إيرادات القناة زيادةً بنحو %63 خلال الأعوام العشرة الأخيرة، إذ ارتفعت من 5.4 مليار فى 2014/2013 إلى 8.8 مليار بنهاية يونيو الماضى.

رئيس وكالة كلاركسون للشحن: يصعب التنبؤ بأحوال السوق خلال الشهور المتبقية من العام الجارى

الدريني: الأزمات دفعت لتركيز الأعمال فى ميناء الإسكندرية.. ونواجه ارتفاعًا فى أسعار النقل البرى