ضريبة الكربون.. الشحن البحرى يدفع ثمن أخطاء الماضى

Ad

دفعت التغيرات المناخية أكثر من 40 دولة إلى تطبيق “ضريبة الكربون” التى تعد أداة اقتصادية مؤخرًا لتقليل الانبعاثات الكربونية، وترشيد استخدام الوقود الأحفورى.

وبدأت المنظمة البحرية الدولية“IMO”فكرة إدخال ضريبة الكربون للشحن البحرى لخفض انبعاثاتها بمقدار النصف حتى عام 2050، خاصة أنالنقل البحرى يمثل %3 من انبعاثات الغازات، ما يثير تساؤلات حول إمكانيات تطبيق تلك الضريبة على القطاع.

وكانت العديد من المجموعات التجارية التى تمثِّل أكثر من %90 من أسطول السفن التجارية فى العالم، قدمت فى ابريل 2021، اقتراحاً إلى هيئة تنظيم النقل البحرى التابعة للأمم المتحدة، تطالب فيه بإعطاء الأولوية لفرض ضريبة الكربون على هذه الصناعة، بحسب ما ذكرت غرفة الشحن الدولية(ICS).

قالالدكتور خالد السقطي، عميد كلية النقل الدولى واللوجستيات السابق بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، إن قطاع النقل بأنواعه المختلفة تسبب فى %27 من انبعاثات الغازات والتغيرات المناخية الحالية، بسبب العوادام، مما اتجهت عدة دول إلى فرض ضريبة الكربون على أى منتج خلال دورة حياته يتسبب فى أى تلوث.

وأوضح “السقطي” أن الهدف من تلك الضريبة هو التحكم فى عودام النقلوالمصانعوالنظر فى مسببات التلوث، لافتا إلى أنه يتم حسابها بالطن حسب المعايير العالمية، وغير مطبقة فى مصر، لكن يتوقع أن يتم دراسة تلك الضريبة فى خلال الفترة المقبلة.

وأشار “السقطي” إلى أن تطبيق تلك الضريبة فى مصر يتطلب مناقشات عديدة خاصة فى قطاع النقل البحري، وأن يتم بشكل تدريجى مع تحديد آليات عادلة لتحديد قيمة الضريبة، لافتا إلى أنها فرصة لمصر فى تقليل عودام النقلعالميا، وقد وتكون مصدر دخل جديد خاصة أن هناك حركة كبيرة لمرور السفن والموانئ المحلية.

وقال إن تطبيق ضريبة الكربون تحتاجإليجدول زمنى يقسم بين الصناعات المسببة للتلوث وفقا لنوعيتها، بالتزامن مع دراسة مقترح تشريع أو قانون أولاوذلك استعدادا لمواكبة ما يجرى عالميا.

وتابع “السقطي” أنه من المتوقع أن تطبق 77 دولة تلك الضريبة بحلول 2050 للوصول إلى صفر كربون، موضحا أن دولة أوروبية مثل السويد قامت بتطبيق تلك الضريبة، نتج عنها تراجع نسب من عوادم النقل والمصانع حوالى %11.

وأوضح أن الدول التى طبقتتلك الضربة بدأت بفرض 5 دولارات على الطن فى عام 2019 مع أولتداول، وصلت ضريبة الكربون فى عام 2023 إلى 20 دولارا، فى ظل توقعات بأن تصل فى عام 2026 إلى 50 دولاراو80 دولارا عام 2030، ما يعكس تصاعد قيمة الضريبة حتى تكون عامل ضغط على الشركات والمصانع لإعادة هيكلة منتجاتها.

وتختلف ضريبة الكربون عن الضريبة المباشرة التى تفرض على الدخل، إذأنها أداة تسعيرية وبدأ الاتحاد الأوروبى تطبيقها بشكل تدريجى استعدادا لدخولها حيز التنفيذ بشكل كامل مع بداية عام 2026، بهدف الحد من الانبعاثات الكربونية وتحفيز الاقتصاد الأخضر، وهناك دول من بينها مصر مطالبة بالتوافق مع تلك الإجراءات قبل انتهاء المدة المحددة لتطبيق الضريبة الجديدة.

واختلفت الدكتورة شيماء عبد الرسول، الباحثة ومدير وثائق البحارة بشركة لاند مارك مارين حول تطبيق تلك الضريبة على القطاع البحرى داخل مصر، مؤكدة أن المنظمة البحرية اعتمدت فى 2023 إستراتيجية للحد من الانبعاثات مستهدفة تحقيق صافى انبعاثات صفر للغازات الناتجة من السفن بحلول عام 2050.

وأشار إلى أن تنفيذ هذه الاستراتيجية وضعت جدولا زمنيا لاعتماده فى عام 2025، ما يثير تساؤل حول أهمية تطبيق الضريبة، علما بأن دولة مصر تفتقر إلى أسطول بحري.

وأوضحت أن الدول بصدد وضع أليات والعمل على تطبيقها بشكل صحيح وليس فرض ضرائب، خاصة أن التوجه الى تحفيز استخدام الطاقة النظيفة والمتجددة الأقل تلوثًا وصديقة للبيئة، مطالبة بأن تتيح اللوائح الدولية تكافؤ الفرص، وأن تقلل من الفجوة السعرية بين الأنواع البديلة وترفع الدعم عن الوقود الأحفورى الملوث للبيئة.

وطالبت “عبد الرسول” استخدام طرق إدارة حديثة فى عملية استهلاك الوقود للحد من التلوث البيئى الناتج عن القطاع البحري، سواء على الوحدات البحرية أو داخل الميناء للتحول الى اقتصاد منخفض الكربون، وهذا بدوره يختلف من دولة لأخرى طبقًا أوضاعها السياسية والاقتصادية.

وتابعت: “لم يتم الكشف عن آلية احتساب تسعير تلك الضريبة، وما يقابلهامن التحديات عند تطبيقها على قطاع النقل”.

وقال الدكتور عمرو جودة، مدير التخطيط السابق بـ”إى بى إم تى ميرسك”إن تطبيق تلك الضريبة يقتصر على النقل والكهرباء والصناعة، باعتبارها أكثر القطاعات تلويثًا للبيئة، لافتًا إلى أن تطبيقها محليًا سيكون له تأثير مستقبلى سلبى على حجم الصادرات المصرية من الاسمنت وغيره.

وتابع “جودة” تلك الضريبة لم يتم تفعيلها فى مصر حتى الآن، ولكنها تحتاج إلى تعديل عدة تشريعات، من شأنها تقليل من تأثيرات عوادم السياراتوالمصانع التى تزيد نسب الكربون، ومن ثم لا بد من توفير بدائلصديقة البيئة وتسهيل عمليات استيرادها أو تصنيعها.

وقال مدير التخطيط السابق بـ“”APMT MAERSK”إنه خلال مؤتمرCOP 27أطلقت مصر أول شركة استثمار مباشر مصرية تعمل فى سوق الكربون الطوعية، وهى الشركة المستهدف تفعيل أنشطتها خلال الفترة القليلة المقبلة، وتتصدى للآثار السلبية للتغيرات المناخية، على أن تصدر لأى جهة تنفذ مشروعات خفض غازات الاحتباس الحراري، وتوفير تمويل للنمو الأخضر.

وطالبت المنظمة البحرية الدولية“IMO”أن تخفض صناعة الشحن البحرى انبعاثاتها بمقدار النصفحتى عام 2050، خاصة أن النقل البحرى يمثل 3 % من انبعاثات الغازات.

وأوضحت دراسة صادرة عن أكاديمية الشروق حول إشكاليات تطبيق ضريبة الكربون، أن التغيرات المناخية العالمية دفعت كثيرًا من الدولإلى تطبيق ضريبة الكربون لتقليل الانبعاثات الكربونية، وترشيد استخدام الوقود الأحفوري، ومصر ليست بعيدة عن ذلك، بسبب ضرورة التزامها بتطبيق الاتفاقات الدولية.

وأشارت الدراسة إلى أنضريبة الكربون أو الوقود من أهم البدائل التى تسعى مصر إلى تطبيقها، لكن فى المقابل يوجد عديد من الإشكاليات التى ربما تعيق تطبيقها أبرزها ارتفاع معدل التضخم، ومعدل الفقر، وتراجع نشاط القطاع الخاص ما يتطلب التنسيق بين الجهات المختلفة ومراعاة التدرج فى سعر الضريبة.

ووفقًا لتقرير البنك الدولى أن استخدام تسعير الكربون فى العالم يزداد بشكل مطرد فى الوقت الحاليفحوالى 40دولة، فى البلدان المتقدمة والنامية، قد طبقت أدوات لتسعير الكربون وتتباين أسعار الكربون داخل هذه الأنظمة تباينا واسعا.

خالد السقطى: التطبيق يتطلب مناقشة واسعة والتفعيل بشكل تدريجى

مسئول سابق بـ«إى بى إم تى ميرسك»: لا بد من وجود تشريعات محددة للتنفيذ مصحوبة ببدائل للطاقة النظيفة