قطاع التأمين على أهبة الاستعداد لتبنى تغطيات شاملة لمشروعات الهيدروجين الأخضر

Ad

أكد عدد من خبراء التأمين أن الهيدروجين الأخضر يحمل وعدا كبيرا نحو مستقبل منخفض الكربون، وبفضل تنوعه وإمكانية إنتاجه على نطاق واسع، يلعب دورا محوريا فى عملية التحول العالمى للطاقة، فهناك خطط لإقامة ما يقرب من 680 مشروعا للهيدروجين على مستوى العالم (350 منها قيد التنفيذ بالفعل)، بقيمة إجمالية تبلغ 240 مليار دولار، من بينها «نيوم» فى السعودية، ومن المقرر تشغيله فى 2026 لإنتاج 600 طن من الهيدروجين النظيف يوميا، كما بدأت شركة السكك الحديدية الفرنسية SNCF تسيير قطارات تعمل بالهيدروجين فى ألمانيا.

وأشاروا إلى أن الوثائق التى يجب أن تصدرها شركات التأمين لتغطيات أعمال الهيدروجين الأخضر، لا بد أن تشمل مخاطر البناء والتشغيل وتأخير البدء ومسئولية الطرف الثالث والتخريب والإرهاب والبضائع البحرية.

برز الهيدروجين الأخضر، الذى يُعد حاملًا متعدد الاستخدامات وليس مصدرا للطاقة، كنقطة محورية للاهتمام العالمى مع سعى الدول إلى خفض الانبعاثات التى يسببها الإنسان.

ويعد الهيدروجين ثالث أكثر العناصر الكيميائية شيوعا على الأرض بعد الأكسجين والسيليكون، إلا أنه لا يوجد فى شكله النقى، لذلك لا يعد مصدرا للطاقة بل حاملا للطاقة، حيث يتم إنتاجه من مصادر أخرى، كالوقود الأحفورى، مثل الغاز الطبيعى والفحم والنفط، وفى بعض الحالات يتم إنتاجه عن طريق تحليل الماء بالكهرباء، ولم تعد طريقة مجدية لإنتاجه لارتفاع تكاليفها.

«المال» تتابع ذلك الملف العالمى من كثب، وتطرح سؤالا: ماذا يمكن أن يقدم قطاع التأمين إلى تلك الصناعة الجديدة من تغطيات تشد من أزرها ؟

تغطيات أساسية

قال وليد سيد مصطفى خبير التأمين الاستشارى إن الطلب المتزايد على الهيدروجين الأخضر عالميا يخلق فرصًا كبيرة لشركات التأمين، من خلال تطوير منتجات مصممة خصيصا لتسهيل الانتقال إلى اقتصاد نظيف مستدام، كتغطيات الأضرار التى تلحق بالأصول المادية لإنتاجه، مثل الخزانات.

وأضاف مصطفى أن التغطيات تشمل كذلك الخسائر الناجمة عن اضطرابات العمليات التجارية المعتادة بسبب الحوادث أو الأحداث غير المتوقعة الأخرى، إضافة إلى مسئوليات الطرف الثالث، حيث المطالبات الناشئة عن الإصابات أو الأضرار بالممتلكات التى تلحق بالجهات الخارجية بسبب عمليات المشروع.

وتابع أن تغطيات ذلك النوع من العمليات يمتد كذلك إلى تأمين البضائع البحرية، حيث الخسائر التى يمكن وقوعها أثناء نقل الهيدروجين عن طريق البحر، أو مخاطر التخريب والإرهاب والأضرار أو الاضطرابات الناجمة عنهما، وأعطال التكنولوجيا والخسائر المالية بسبب تعطل المكونات التقنية الحيوية، وخروقات الأمن السيبرانى نتيجة الهجمات الإلكترونية.

وبيّن أن مجالات التغطيات يمكن أن تشمل إضافات لتتناسب مع احتياجات المشروعات المحددة، كالمسئوليات البيئية، مثل الأضرار الناجمة عن عمليات المشروعات، فضلا عن التعويضات المهنية، كالحماية ضد المطالبات الناشئة عن الإهمال المهنى المستحقة للاستشاريين أو المقاولين، وتغطية الأضرار المادية أو الفقدان لمعدات المقاولين.

مخاطر رئيسية

وبيّنت باسمة مندور نائب رئيس قطاع القناة بشركة ثروة للتأمى، أن تغطيات مشروعات الهيدروجين الأخضر ستتطلب تقييمات شاملة للمخاطر لإبلاغ إجراءات السلامة والمتطلبات، والتركيز على الأضرار المادية وخسائر تعطل الأعمال الناجمة عن الانفجارات أو الحرائق أو الأحداث المماثلة، بما يتماشى مع معايير صناعة الوقود الأحفورى.

وأشارت إلى أن شركات التأمين تتمتع بخبرة فى تغطيات دمج مصادر الطاقة المتجددة لإنتاج الهيدروجين واستخدام أنظمة تخزين الطاقة الخضراء الفائضة، لصياغة سياسات تأمين شاملة ، بينما يعد الانتقال إلى مستقبل خال من الانبعاثات الصافية أساسا تعمل عليه شركات القطاع، ولا سيما فى مجال طاقة الرياح والطاقة الشمسية، ، وقد حصلت تلك المشروعات على دعم كبير من شركات التأمين وإعادة التأمين عالميا.

دعم وطنى للاقتصاد الأخضر

وذهب إيهاب خضر خبير الإدارة الاستراتيجية ووسيط التأمين إلى أن شركات التأمين تلعب دورا محوريا فى جعل مشاريع الهيدروجين الأخضر جذابة تجاريا للمستثمرين، مما يتطلب صياغة دقيقة للوثائق لتتناول الملف الفريد للمخاطر، إذ تطمح مصر إلى إنتاج 1.5 مليون طن من الهيدروجين الأخضر سنويا بحلول عام 2030 وفقاً لبيانات سابقة صادرة عن وزارة الكهرباء.

وذكر خضر أن وزارة الكهرباء تعمل على مبادرات الهيدروجين الأخضر، وتم تخصيص محطات بغرب أسوان وغرب سوهاج لإنتاج الطاقة المتجددة، والاستفادة من الرياح والشمس بقدرة إجمالية تبلغ 130 ميجاوات، بالتعاون مع القطاع الخاص، وستكون تلك الخطوات أساسية فى إنتاج الهيدروجين الأخضر، فضلا عن القانون الصادر فى مايو 2023 بشأن حوافز مشاريع الأخضر ومشتقاته، الهادف إلى تعزيز المبادرات الصديقة للبيئة.

وأفاد بأن القانون المحفز لإنتاج الهيدروجين الأخضر يضم كذلك مجموعة من المشروعات الأخرى التى يمكن أن يخدمها قطاع التأمين، كمحطات تحلية المياه، حيث أن المرافق تخصص جزءا من إنتاجها لإنتاج الهيدروجين الأخضر ومشتقاته، وكذلك منشآت الطاقة المتجددة .

وكان الاتحاد المصرى للتأمين قد اتخذ خطوات استباقية لدعم الاتجاهات والتطورات العالمية فى تحفيز تغطيات الهيدروجين الأخضر، عبر إنشاء لجنة متخصصة للتأمين المستدام، بهدف تعزيز الممارسات ومواكبة المبادرات العالمية فى هذا المجال.

يأتى ذلك بالتعاون مع مركز الاستدامة بالهيئة العامة للرقابة المالية، مدفوعا بالإدراك بإمكانات الهيدروجين، كمصدر للطاقة النظيفة والمستدامة، وتنفيذ إستراتيجيات واعتماد تشريعات لتبنى تقنياته ، مع تحول العالم نحو مستقبل منخفض الكربون.