خبراء: كيانات قطاع التأمين تلعب دورا أساسيا فى إدارة مخاطر الأزمات والكوارث

Ad

أكد خبراء فى قطاع التأمين أن مؤسسات التأمين تُنشأ لأداء وظائف إدارة المخاطر والمشاركة فى تحملها، بينما يحدد هيكل هذه المؤسسات وحجم قطاع التأمين من قبل قوى السوق، ويرتبط بالأسواق المالية للسلع والخدمات وبنية الاقتصاد.

وأوضحوا أن حماية الأفراد من المخاطر مهمة أساسية للتأمين، بالإضافة إلى أن قرارات السوق وتغطية المخاطر للشركات تؤثر على أدائها الإستراتيجى، وخاصة عملية إدارة المخاطر.

وذكروا أن شركات التأمين تلعب دورا أساسيا فى إدارة مخاطر الأزمات والكوارث للحد من التعرض للمخاطر عن طريق توزيع التكاليف الاقتصادية لهذه الأحداث على العديد من حملة الوثائق لحمايتهم من هذه الأحداث غير المرغوب فيها، ودعم رجال الأعمال فى تحديد وقياس ونقل مخاطر الأعمال، وقد بدأت شركات التأمين فى تنفيذ جمع البيانات ونمذجة الكوارث الطبيعية والأزمات الناجمة عن تغير المناخ وغيرها، وتحليل المخاطر لقياس الاتجاهات وتحديد المشكلات التى تخلفها الأزمات والكوارث، من أجل الوصول إلى حلول للقطاع والمجتمع.

بداية.. أهمية سوق التأمين فى مواجهة الأزمات

وقال محمد مصطفى حشيش، مدير عام مطالبات الحريق والسطو بشركة “GIG” للتأمين على الممتلكات، إن جائحة كوفيد-19 (كورونا) سلطت الضوء على الأهمية الوظيفية لسوق التأمين وشجعت الباحثين على قياس تأثيرها على أسواق التأمين، بينما تعمل شركات التأمين كوسيط يحول المدخرات إلى استثمارات، حيث تتلقى الأقساط من حملة الوثائق وتعيد استثمارها فى أصول مختلفة المخاطر وآجال الاستحقاق المختلفة، كما تستخدم العوائد من هذه الأصول لتلبية التزامات التأمين المتوقعة فى المستقبل والاحتياجات غير المتوقعة للسيولة.

وتابع إن الأزمات المالية ألقت الضوء على أهمية تقييم النظام المالى واستجابته للأزمات الاقتصادية بالنسبة لصناع القرار، ومن أساليب التقييم اختبارات الضغط، خاصة بعد إلزام “الرقابة المالية” شركات التأمين الخاضعة لإشرافها التى تعمل فى السوق المصرية بتنفيذ اختبارات الضغط وتحليل السيناريو لقياس مدى قدرة وحدات القطاع المالى غير المصرفى على تحمل التغييرات والآثار الاقتصادية المترتبة على استمرار جائحة “كوفيد-19”.

وأشار إلى أن شركات التأمين المصرية واجهت أزمتين متتاليتين، هما تعويم الجنيه فى نوفمبر 2016، ثم جائحة كوفيد-19 فى فبراير 2019، وقد تدخلت “الرقابة المالية” ببعض السياسات لمواجهة الجائحة، وألزمت شركات التأمين بمنح حملة وثائقها فترة سماح إضافية تتراوح بين شهر و6 أشهر، على خلاف ما هو منصوص عليه فى وثائق التأمين، لسداد أقساط التأمين، وذلك حسب نوع وطبيعة البوالص، وتوجيه حملة وثائق التأمين باستخدام وسائل الدفع الإلكترونية المتاحة لدى الشركات والتزامها بصرف التعويضات المستحقة فى حال وقوع الخطر المغطى بأسرع وقت من خلال طرق الدفع المتعددة المتاحة لدى كل شركة.

وأكد أن شركات التأمين فى مختلف الدول تنفذ سياسات مشابهة، فقد خففت الصين من تأثير الجائحة على سوق التأمين من خلال التأمين الرقمى، حيث قامت بإنشاء قنوات إلكترونية لتسويق خدمات التأمين والضمان الاجتماعى، بالإضافة إلى توزيع دعم نقدى للعاطلين عن العمل.

وأضاف أن الأزمة المالية العالمية لعام 2008 وجهت الأنظار إلى المخاطر النظامية، حيث بدأت الأزمة فى البنوك وامتدت إلى أجزاء أخرى من النظام المالى، مثل سوق النقد، وأسواق المشتقات، وأسواق الأوراق التجارية، وغيرها، لذلك، يعتقد صناع القرار والمراقبون أن المخاطر النظامية للقطاع قد تتوسع إلى أبعاد جديدة بعد الأزمة الحالية المتمثلة فى ندرة الدولار، مما دفع شركات التأمين إلى اتخاذ إجراءات مختلفة لتحقيق الاستقرار فى أدائها الفنى.

إدارة مخاطر شركات التأمين ضد المسئولية والممتلكات

وأوضح إيهاب خضر، خبير الإدارة الإستراتيجية المعتمد ووسيط التأمين، أن الاهتمام بالأزمات المستقبلية أصبح قضية مهمة فى شركات تأمين المسئولية والممتلكات لتحليل كفاية رأس المال لديها، إذ تعد حقوق الملكية المصدر الأساسى لتمويل الكوارث، فإذا تجاوزت خسائر الكوارث الأقساط التى تتلقاها الشركات من حملة الوثائق، يتم تمويل الفرق من حقوق الملكية، لذلك، يجب على القطاع الحفاظ على مستوى كافٍ من رأس المال يغطى هذه المخاطر ويحدد قدرة الشركات على إدارتها.

وأضاف أن شركات التأمين معرضة لمخاطر متنوعة، وهى مخاطر التأمين والسوق والائتمان والتشغيل، بينما تشمل أمثلة مخاطر التأمين التسعير غير المناسب للوثائق، والحساب غير المناسب للمخصصات الفنية، ووقوع الكوارث، فى حين تشمل مخاطر السوق تقلب أسعار الفائدة، والأسهم، والعملات، والتركيز، ومخاطر السيولة، ناهيك عن أن أمثلة مخاطر الائتمان تتمثل فى التعثرات غير المتوقعة من قبل معيدى التأمين أو المشتقات وأدوات التوريق، مما يؤدى إلى انخفاض فى المستحقات من الوسطاء أو حملة الوثائق، وتشمل أمثلة مخاطر التشغيل الخسائر الناجمة عن عوامل داخلية تُعزى إلى الأشخاص أو النظام، أو انخفاض الثقة فى شركة التأمين أو انخفاض الكفاءة.

وشدد على ضرورة قيام شركات التأمين بإدارة مخاطرها واستهداف مستويات محددة منها عند اختيار الاستثمارات، إذ إن دائنيها الأساسيين هم عملاؤها، بينما يتكون دين تأمين الممتلكات والمسئولية من الأموال المحتفظ بها لتلبية حقوق حملة الوثائق، ويصبح الغرض من التأمين مهددا إذا تعرضت حقوق الدائنين للخطر، لذلك، تفرض السلطات الرقابية عقوبات على شركات التأمين عندما تدخل فى مشروعات محفوفة بالمخاطر أو عندما تتجاهل متطلبات رأس المال التى تحمى من الإفلاس ولا تتضمن احتفاظ الشركة برأسمال محدد وفقا للمخاطر.

وتطرق إلى أن إعادة التأمين أداة مهمة لإدارة المخاطر يمكن أن تستخدمها شركات التأمين لتقليل المخاطر، وتقلب النتائج المالية، وتحقيق الاستقرار فى المتانة المالية، واستخدام رأس المال بكفاءة أكبر، ومقاومة الأحداث الكارثية بشكل أفضل، وزيادة قدرة الاكتتاب، بينما تعتمد إعادة التأمين على معيدى تأمين ذوى خبرة، ومع ذلك، يعرض إعادة التأمين شركات التأمين لمخاطر تشغيلية وقانونية ومخاطر الطرف المقابل ومخاطر السيولة، إضافة إلى مخاطر أخرى، ناهيك عن أن الجمع بين هذه المخاطر وإعادة التأمين معقدة ويصعب تنفيذها بشكل فعال، ويمكن أن يكون لممارسات وإجراءات إدارة مخاطر إعادة التأمين غير الكافية تأثير كبير على المتانة المالية وسمعة الشركات، مما يساهم فى نهاية المطاف فى فشلها.

وأوصى بأن تقوم شركات التأمين بتصنيف محفظتها الإجمالية بناء على مؤشرات مالية متعددة للتعبير عن أنواع مختلفة من المخاطر باستخدام تحليل المكونات لتلخيص المعلومات فى عدد قليل من المؤشرات والتوصل إلى إطار لقياس المخاطر التأمينية النظامية وتطوير إطار لاختبارات الضغط وقياس الاستقرار فى النظام المالى، وفقا لنموذج اقتصادى يأخذ فى الاعتبار العلاقة بين متانة النظام المالى والعوامل الاقتصادية ومزيج من السيناريوهات الإحصائية الإيجابية والسلبية، وهو ما يعد خطوة نحو تحسين فهم العلاقة بين الاستقرار المالى والسياسة النقدية والاقتصاد.

المخاطر النظامية لشركات التأمين

وأكد الدكتور محمد جودة، رئيس قسم التأمين والعلوم الإكتوارية بكلية التجارة - جامعة القاهرة، أن المخاطر النظامية لشركات التأمين تشير إلى ارتفاع معدلات التخلف عن السداد أو ارتفاع معدلات إلغاء الوثائق وزيادة التعرض للمخاطر العامة، مثل معدلات البطالة وأسعار الفائدة واحتياطيات النقد الأجنبى، فعندما تكون السياسة النقدية تيسيرية ويرافقها انخفاض فى أسعار الفائدة فإن عوائد المؤسسات المالية تقترب من بعضها البعض، بينما عندما تكون السياسة النقدية تشديدية ويرافقها ارتفاع فى أسعار الفائدة تنخفض عوائد السوق.

وأضاف أن تقلبات أسعار الفائدة واحتمال ارتفاع معدل البطالة تؤثر على المؤسسات المالية بدرجات متفاوتة حسب رأسمالها، والسيولة، ومحفظة الأصول، والالتزامات، ويصاحبها درجة أكبر من الارتباط مع السوق، بينما من المتوقع أن يصبح اختبار الضغط متطلبا تنظيميا لشركات التأمين فى المستقبل، وهو ما يتطلب إجراء المزيد من الأبحاث لتطوير الإطار المعرفى لهذه الاختبارات.

وأوصى باستخدام اختبارات الضغط لشركات التأمين لإدارة مخاطرها وبالنسبة للمنظمين وصناع القرار لفهم تأثير الصدمات الاقتصادية على المؤسسات المالية، بما فى ذلك شركات التأمين، لتحديد تأثير النزاعات البيئية على احتمالية الإفلاس، والذى يُعرف بأنه أسلوب تستخدمه المؤسسات المالية لتحديد التأثير المحتمل للأحداث الاستثنائية.

وأفاد بأن المنظمين بشركات التأمين مهتمون بإدارة مخاطر النظام المالى والمؤسسات المالية فى أعقاب تكرار الأزمات المالية فى كل من الأسواق المتقدمة والناشئة، بينما قد تنشأ الأزمات فى بعض الأوقات الاستثنائية، فى حين أن تحركات الأسعار الحادة فى السوق قد تكون قد صححت مسارها خلال الأوقات العادية، إلا أنها تمثل انهيارا فى السوق وأزمة خلال الأوقات غير الطبيعية، لذلك، يولى المنظمون اهتماما لعوامل السوق أثناء الأزمات، ولا يمكن إنكار أن حماية النظام المالى فى حالة وقوع أزمات تمثل مصدرا للمخاطر النظامية.

وذكر أن المنظمين بشركات التأمين، فى بعض الدول، وضعوا معايير لشركات القطاع، بما فى ذلك اختبار الضغط، لضمان كفاية رأس المال لتلبية الالتزامات، وبالتالى، أصبح اختبار الضغط الآن مطلبا تنظيميا، من خلال دمج نتائج اختبارات الضغط فى خطة رأس المال وإدارة المخاطر، إذ إنه أداة للسيطرة على المخاطر وفى الوقت نفسه أداة لقياسها والبحث عن نقاط الضعف فى المؤسسات المالية والنظام المالى ككل، كما يُعد أداة كمية لتحديد الالتزامات الإضافية على الأصول وتحديد التغير فى العوامل الخارجية فى الطلب على التأمين والمنافسة بين شركات التأمين والتغييرات فى أسعار الفائدة وصرف العملات، للتنبؤ بتكلفة الأصول فى نهاية الفترة واتجاه رأس المال لشركات التأمين.