فقدت الشركات العائلية شغفها بالأسواق الناشئة بسبب ضعف أداء الأسهم فيها، وفقا لما كشفه المستثمرون خلال منتدى الصناديق الاستثمارية الذى استضافته موناكو الشهر الماضى.
وحسب صحيفة “ فاينانشيال تايمز” البريطانية، شهدت نسخة هذا العام من المنتدى تحولا ملحوظا، ففى الاجتماعات السابقة، استمع مديرو الأصول والثروات الأوروبيون إلى حلقات نقاشية تركز على الاستثمارات البيئية والاجتماعية والحوكمة والأسواق الناشئة. ولكن خلال اجتماعات عام 2024، تم استبدال هذه الموضوعات بالجغرافيا السياسية والذكاء الاصطناعى.
قال إدموند شينج، كبير مسؤولى الاستثمار العالمى فى بنك بى إن بى باريبا : “لقد فقدت المكاتب العائلية إلى حد كبير حبها للأسواق الناشئة، بسبب الأداء الضعيف للأسهم بقيادة الشركات الصينية منذ عام 2021”.
وبحسب الصحيفة، فقد ساهم الأداء المتفوق للأسهم الأمريكية الكبيرة فى دفع مديرى المحافظ إلى تغيير نظرتهم، علاوة على تزايد المخاطر الجيوسياسية حول الصين وتقلبات أسعار الصرف فى دول مثل تركيا.
وفى الوقت نفسه، انخفض التعرض لصناديق المؤشرات للدول النامية بسبب ضعف أداء أسواقها، فى حين أدى الأداء المتفوق للأسهم الأمريكية إلى زيادة التعرض لموضوعات أمريكا الشمالية، مثل شركات التكنولوجيا السبع الرائعة.
وذكرت الصحيفة أنه تحول يعكس جزئيا وجهة نظر بعض مديرى الأصول لعالم منقسم إلى كتلتين: واحدة ديمقراطية وقابلة للاستثمار، والأخرى استبدادية ومبهمة.
وأوضح شينج أن الأسواق الناشئة أكثر صعوبة فى التحليل والفهم، نظرا لأن محركاتها إلى حد كبير جيوسياسية ومدفوعة بالعملات الأجنبية، مع تفضيل بيوت الاستثمار التركيز على الأسهم الأمريكية أو الأوروبية الأكثر شفافية.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة سوق كبيرة شديدة السيولة، فى حين أن الأسواق الناشئة عبارة عن مجموعة من الأسواق ذات السيولة المنخفضة، والمحركات الخاصة بكل بلد، وسلة من العملات.
وبحسب الصحيفة، فى عام 2023 تم تصنيف %78 من أسهم الأسواق الناشئة على أنها فئة أصول جذابة أو أكثر جاذبية، وفى عام 2024 انخفضت هذه النسبة إلى %38.
قال ديدييه دوريت، رئيس الاستثمار فى شركة أوميجا لإدارة الثروات التى تشرف على محافظ العائلات الثرية فى أوروبا والشرق الأوسط : “كانت الأسواق الناشئة فى الأساس ضحية لتراجع عولمة تدفقات الاستثمار”.
وأضاف ديوريت: “عوامل الخطر السياسية، والاعتماد على مصير الصين، ومخاطر السوق، ومخاطر ضعف الأداء زادت جميعها فى وقت واحد”.
وأشارت الصحيفة إلى أن هناك بعض البنوك الخاصة وشركات الاستثمار التى لا تؤيد سحب الاستثمارات من الأسواق الناشئة. ويفضل بنك بى إن بى باريبا الاستثمار فى كوريا الجنوبية وتركيا لأنهما يقدمان مزيجاً من القيمة والمحفزات الأساسية.
ويفضل البنك الفرنسى أيضًا السندات السيادية للأسواق الناشئة بسبب عائدها المرتفع والتوقعات الأساسية الملائمة، والتى تقارن بشكل إيجابى مع السندات الأمريكية والأوروبية.
وفقا للصحيفة، تركز بعض المكاتب العائلية على مجالات محددة مرتبطة بالذكاء الاصطناعى، وتشمل شركات فى تايوان وماليزيا. كما أنها تهتم بالشركات العاملة فى الهند وفيتنام والتى تستفيد من إعادة تنظيم سلاسل الإمداد.
وبالنسبة للعديد من هؤلاء المستثمرين، بحسب الصحيفة، تعتبر الهند النقطة المضيئة فى الأسواق الناشئة.
قال سيزار بيريز رويز، رئيس الاستثمارات فى شركة بيكتيت لإدارة الثروات فى جنيف: “تبدو الهند على نحو متزايد وكأنها الشيء الكبير التالى فى الجغرافيا السياسية، لأنها تستفيد بطبيعة الحال من نهج إزالة المخاطر الذى يتبعه الغرب تجاه الصين”.
