قال عدد من خبراء التعليم ومسئولى المنصات الرقمية إن شركات تكنولوجيا التعليم (EduTech) باتت تلعب دورًا رئيسيًا فى تحسين وتطوير المناهج المدرسية، مؤكدين أن دمج التقنيات الحديثة فى النظام التقليدى يمكن أن يُحدث نقلة نوعية فى جودة وفاعلية التعليم، من خلال تحسين الجودة، وتعزيز التعلم الذاتي، وسد الفجوة التعليمية بين مختلف المناطق الجغرافية، وتطوير المهارات الرقمية، وبالتالى تحقيق نهضة تعليمية شاملة، الأمر الذى يعد ضروريًا لمواكبة العصر، كما يعد أيضًا خطوة أساسية فى سبيل تحقيق التنمية المستدامة فى مصر وإعداد جيل من المتعلمين المستعدين لمواجهة تحديات المستقبل.
وأكدوا أن التعاون بين شركات التكنولوجيا التعليمية والحكومة المصرية يمكن أن يؤدى إلى تحولات كبيرة فى نظام التعليم التقليدى تصب فى صالح طالب المدارس الحكومية، لا سيما مع تطوير البنية التحتية التكنولوجية، وتحديث المناهج الدراسية، وإدخال وسائل إلكترونية جاذبة للطالب تجعل من العملية التعليمية تجربة ترفيهية ممتعة وثرية.
وقالت الدكتورة داليا إبراهيم، المؤسس والرئيس التنفيذى لشركة “نهضة مصر”، إن ظهور شركات تكنولوجيا التعليم سيسهم بشكل كبير فى تطوير أساليب ونماذج العملية التعليمية فى مصر، دون أن يؤدى ذلك إلى الغاء نظام الفصول الدراسية التقليدية واشتراط حصور الطلاب إلى المدارس.
وأوضحت داليا إبراهيم أن التفاعل الاجتماعى الذى يوفره التعليم التقليدى يلعب دورًا جوهريًا فى عملية التعلم، ما يجعله أمرًا ضروريًا بجانب النظام التفاعلي.
وأكدت أن بعض المواد الدراسية تحتاج إلى تجارب عملية لا يمكن تنفيذها بفعالية عبر التعليم الإلكتروني، مشيرة إلى أن عملية التعليم تشكل حياة الفرد وتؤهله للمشاركة الفعالة فى المجتمع، إذ يعد التفاعل الاجتماعى جزءًا أساسيًا من هذه العملية، فهو يساعد الطلاب على تطوير مهاراتهم الاجتماعية واكتساب خبرات حياتية مهمة.
وأوصت بضرورة دمج أساليب التعليم التقليدى والرقمى لخلق تجربة تعليمية متكاملة.
وتطرقت داليا إبراهيم إلى أن حضور الطفل للمدرسة والتفاعل مع زملائه يعلمه مهارات حياتية مهمة مثل التواصل، والتعاون، والتفاوض، وحل النزاعات، إضافة إلى بناء علاقات مع الأقران والمعلمين، ما يعزز من شعورهم بالانتماء والدعم، ويسهم فى تعزيز ثقتهم بأنفسهم.
وأضافت أن هذه البيئة تتيح لهم فرصة التعبير عن آرائهم وأفكارهم ومواجهة التحديات، مشيرة إلى أن التعليم الإلكترونى يناسب بشكل أكبر الطلاب الأكبر سنًا، مثل أولئك الذين يحضرون لرسالة ماجستير أو دكتوراه، كما يعد خيارًا مناسبًا لكبار السن، حيث يوفر لهم مرونة وسهولة الوصول إلى التعليم مع إمكانية تخصيص أسلوب التعلم بما يتناسب مع احتياجاتهم.
ووافقتها الرأى الدكتورةريم بهجت، رئيس جامعة مصر للمعلوماتية، مشددة على أهمية الحفاظ على الشكل التقليدى للتعليم المعترف به عالميًا، والذى يوفر بيئة تعليمية تقليدية داخل الفصول الدراسية، حيث يتمكن الطلاب والمعلمون من التفاعل وجهًا لوجه، ما يتيح تبادلًا مباشرًا للأفكار وتفاعلًا نشطًا.
وأكدت ريم بهجت أن للتعليم عبر الإنترنت جوانب إيجابية، أبرزها زيادة فرص الوصول إلى التعليم من أى مكان وفى أى وقت، ما يساعد فى سد الفجوة التعليمية بين مختلف المناطق الجغرافية فى مصر.
وأشارت إلى أن النظام الحالى يعتمد على التفاعل المباشر بين الطلاب والمعلمين من خلال الحوار والنقاش والأنشطة الصفية، ما يتيح فهمًا أعمق للمواد الدراسية وتلقى ردود فعل فورية.
وأضافت أن رقمنة قطاع التعليم تسهم فى تسريع عملية التحول الرقمى الشامل، وتزيد من كفاءة دورة العمل وقدرة استرجاع البيانات وتحليلها بسرعة ودقة.
وأكدمحمد جاويش، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذى لشركةiSchoolالمتخصصة فى تعليم البرمجة للأطفال، إن شركات التكنولوجيا التعليمية فى مصر ما زالت فى مراحلها الأولى، وتعد محدودة مقارنة مع مجالات أخرى مثل التكنولوجيا المالية.
وأشار إلى أن شركته تستهدف تأهيل الطلاب المصريين لسوق العمل بمهارات جديدة تتماشى مع متطلبات العصر الرقمي، بما يتوافق مع رؤية مصر 2030 التى تهدف إلى تخريج مليون مبرمج.
ولفت إلى أن شركات تكنولوجيا التعليم تلعب دورًا محوريًا فى تحقيق هذا الهدف من خلال توفير أدوات ومنصات تعليمية مبتكرة تعزز المهارات الرقمية لدى الطلاب، باستخدام البرمجيات التعليمية التفاعلية، يمكن للطلاب تعلم البرمجة، تصميم المواقع، وتحليل البيانات بطرق مبتكرة وجذابة.
وأشار إلى أن التعاون بين الجهات الحكومية وشركات تكنولوجيا التعليم يمكن أن يحدث نقلة نوعية فى جودة التعليم وفعاليته، حيث يمكن للشركات التعاون مع وزارة التربية والتعليم ووزارة الاتصالات لتحديث المناهج الدراسية وجعلها تتوافق مع احتياجات العصر، متضمنة مواد حول التكنولوجيا، البرمجة، والمهارات الرقمية الأساسية.
وأكد جاويش أن شركته تتعاون بشكل مستمر مع وزارة الاتصالات، وهى المسؤولة عن تنفيذ مبادرة براعم مصر الرقمية، التى تهدف إلى تعليم آلاف الطلاب وتجهيزهم بأحدث المهارات التكنولوجية مجانًا.
واعتبر أن هذا التنسيق يزيد من فرص الطلاب فى الحصول على وظائف جيدة ويعزز قدرتهم على التنافس فى سوق العمل العالمي.
بينما صرحأحمد عبد اللطيف، عضو مجلس إدارة جمعية إنترنت مصر، بأن شركات تكنولوجيا التعليم(EduTech)تمثل ركيزة أساسية فى تحسين العملية التعليمية، لا سيما فى الدول النامية مثل مصر، حيث تسهم فى جعل القطاع الخاص شريكًا استراتيجيًا ولاعبًا محوريًا، مما يخفف من العبء على الحكومة، خاصة فى ظل التحديات المالية التى تواجهها العديد من الدول النامية، ويخلق حالة من تكامل عناصر النظام البيئى التعليمي.
وأضاف “عبد اللطيف” أن التعاون بين الجهات المعنية وشركات تكنولوجيا التعليم أصبح ضرورة لتحديث الوسائل التقليدية فى التعليم، حيث يمكن لهذه الشركات توفير الأجهزة اللوحية وأجهزة الكمبيوتر للمدارس، خاصة فى المناطق النائية، إضافة إلى توسيع نطاق الاتصال بالإنترنت، ليشمل جميع المدارس، ما يتيح للطلاب الوصول إلى الموارد التعليمية الرقمية.
وأشار إلى أن الشركات الخاصة يمكنها تنظيم برامج تدريبية مستمرة للمعلمين لتزويدهم بالمهارات اللازمة لاستخدام التكنولوجيا فى التعليم، بما فى ذلك التدريب على استخدام الأدوات الرقمية، إنشاء المحتوى التعليمى التفاعلي، وتطبيق أساليب التعليم المدمج. وإضافة إلى ذلك، يمكنها توفير دعم فنى مستمر للمعلمين لضمان الاستخدام الأمثل للأدوات التكنولوجية فى الفصول الدراسية.
وأكد عبد اللطيف أن الوسائل الإلكترونية تسهم فى توفير فرص تعليمية متساوية للجميع، بغض النظر عن الموقع الجغرافى أو الظروف الاجتماعية، حيث يمكن للطلاب فى المناطق النائية أو المحرومة الوصول إلى نفس المصادر التعليمية التى يستخدمها الطلاب فى المدن الكبرى.
وأشار إلى أن تكنولوجيا التعليم(EduTech)تسهم فى تعزيز التعلم الذاتي، حيث يمكن للطلاب الوصول إلى المواد التعليمية والمناهج بشكل مستقل وفى أوقاتهم المناسبة، ما يتيح لهم مراجعة الدروس والمصادر التعليمية فى أى وقت، ويعزز من قدرتهم على الاستيعاب والتحصيل العلمي.
من جانبه، أوضحمحمد العشري، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذى لمنصة التعليم الرقمى (Innova)، أن قطاع تكنولوجيا التعليم حظى باهتمام كبير عقب جائحة كوفيد-19، التى أجبرت جميع المؤسسات على الإغلاق والاعتماد على التواصل عن بُعد عبر الإنترنت لإنجاز المهام اليومية.
وأشار إلى أن تكنولوجيا التعليم كانت موجودة قبل الجائحة، لكنها شهدت نموًا ملحوظًا بعدها، حيث بلغت قيمتها السوقية العالمية نحو 10 تريليونات دولار. وتوقع أن تشهد النظم التعليمية تحولات جذرية خلال العقد المقبل، مع دمج أدوات الذكاء الاصطناعى والواقع الافتراضى والواقع المعزز فى المناهج الدراسية، واعتماد الألعاب الإلكترونية كوسيلة تعليمية مبتكرة.
وتابع “العشري” أن تقنيات الواقع الافتراضي(VR)والواقع المعزز(AR)توفر للطلاب تجربة تعليمية غامرة، تدمج بين المتعة والتعلم وتعرفهم بشكل غير مباشر على المفاهيم العلمية والرياضية والتاريخية والجغرافية. على سبيل المثال، يمكن للطلاب استكشاف الأهرامات المصرية أو الفضاء الخارجى من خلال الواقع الافتراضي، مما يضيف بُعدًا جديدًا للتعلم ويجعل المواد الدراسية أكثر جاذبية.
وأضاف أن التطبيقات التفاعلية تمكن الطلاب من التفاعل مع المحتوى التعليمى بشكل مباشر، حيث يمكنهم حل التمارين والحصول على ردود فعل فورية، ما يساعدهم على تصحيح أخطائهم والتعلم منها بسرعة. كما أن الألعاب التى تعتمد على الألغاز والتحديات تشجع الطلاب على التفكير النقدى وحل المشكلات، مما يزيد من متعة التعلم ويعزز من تحفيزهم الذاتي.
وأكد أن تحويل المناهج لتكون رقمية وتفاعلية يجعل الطلبة يشعرون بأنهم يلعبون وليسوا يتعلمون فقط، وهذا الأسلوب يزيد من انجذابهم للمادة، ويجعلهم يرغبون فى العودة للتعلم مرارًا وتكرارًا.
ورأى أنه خلال السنوات القليلة المقبلة، سيكون للذكاء الاصطناعى دور كبير فى العملية التعليمية على مستوى العالم، ويمكن أن يستبدل عددا كبيرا من المعلمين البشر.
