نمت نسب توظيف القروض للودائع خلال الـ10 سنوات الماضية بمعدل %33.66 لتقفز من %40.4 خلال ديسمبر 2014 إلى %54 بنهاية العام الماضي، بحسب بيانات البنك المركزى.
ويعنى توظيف القروض للودائع مقدار ما لدى البنوك من ودائع مقابل ما يمنح للعملاء من قروض، وكلما ارتفعت هذه النسبة كان هذا مؤشرًا جيدًا على حسن إدارة البنك لأموال المودعين والعكس صحيح.
وحافظت معدلات التوظيف، خلال فترة الرصد، على وتيرة تصاعدية، فقد سجلت نحو %41.5 بنهاية 2015، ثم قفزت إلى نحو %47.2 فى العام التالي، ثم تباطأت بشكل طفيف آخر 2017، مسجلة نحو %44.2.
وتعافت بعدها لتسجل نحو %47.8 بنهاية ديسمبر 2018، ثم انخفضت فى ديسمبر 2019 لتهبط إلى مستوى %44.8.
وارتفعت فى ديسمبر 2020، مسجلة نحو %48.2 ثم ارتفعت بشكل طفيف خلال نفس الفترة من العام التالى مقتصرة على نحو %48.3.
واختتمت عام 2022 على انخفاض طفيف، مسجلة نحو %47.9 قبل أن تقفز إلى %54 خلال 2023 وهو أعلى مستوى لها خلال السنوات الـ10 الماضية.
تأثير التضخم
ويعزو محمد بدرة، الخبير المصرفى هذه الزيادة المطردة فى نسب توظيف القروض للودائع إلى التأثير الواضح للتضخم، موضحًا أن الارتفاع فى التضخم، وما ينتج عنه من زيادة فى أسعار المواد الخام ومستلزمات الإنتاج تدفع المنتجين إلى الاحتياج إلى رؤوس أموال.
وتراجع معدل التضخم الأساسى السنوى إلى %27.1 بنهاية مايو 2024، مقابل %31.8 آخر أبريل، بحسب بيانات البنك المركزي.
ولفت «بدرة» إلى أن طالما هناك شح فى السيولة لدى المنتجين والمصنعين فإن الملاذ الوحيد هو القطاع المصرفي، وهو ما يعنى إلى تعاظم محافظ التسهيلات الائتمانية لدى البنوك.
وتؤيد بيانات البنك المركزى تحليلات الخبير المصرفى محمد بدرة، فقد ارتفع إجمالى أرصدة التسهيلات الائتمانية إلى 5.78 تريليون جنيه بنهاية فبراير، مقابل 5.52 تريليون آخر يناير 2024، وذلك بحسب النشرة الإحصائية الشهرية الصادرة عن البنك المركزي.
الاقتراض الحكومي
وعلى الجهة الأخرى، ترجع منى بدير، محلل الاقتصاد الكلى بأحد البنوك الخاصة، الزيادة فى معدلات توظيف القروض للودائع إلى تعاظم الاقتراض الحكومي، وهو الأمر الذى يضاعف من معدلات التوظيف فى القطاع المصرفي.
وسجل إجمالى أرصدة التسهيلات الائتمانية للحكومة نحو 2.75 تريليون جنيه بنهاية فبراير، مقابل 2.55 تريليون آخر يناير الماضي.
فيما بلغ إجمالى أرصدة التسهيلات الائتمانية لغير الحكومة نحو 3.024 تريليون جنيه بنهاية فبراير، مقابل 2.97 تريليون آخر يناير 2024.
وأشارت « منى بدير» إلى أن التمويل الخارجى عادة ما يأتى بتكلفة مرتفعة على القطاع الحكومي، ومن ثم لا بد من التوجه إلى القطاع المصرفى للحصول على التمويلات المطلوبة.
وارتفع إجمالى أرصدة الإقراض إلى 5.64 تريليون جنيه بنهاية فبراير الماضي، مقارنة بـ5.36 تريليون آخر يناير 2024، وسجل إجمالى أرصدة الإقراض للحكومة نحو 2.64 تريليون جنيه بنهاية فبراير، مقابل 2.41 تريليون جنيه بنهاية يناير 2024.
وعلى الجهة الأخرى، بلغ إجمالى القروض الموجهة لغير الحكومة نحو 3 تريليونات جنيه بنهاية فبراير، مقابل 2.94 تريليون جنيه بنهاية يناير 2024.
القطاع العائلى ومحافظ التجزئة
من جانبه، أشار محمد البيه الخبير المصرفى إلى أن هناك قطاعات بعينها لا يمكنها الاستغناء على الاقتراض المصرفى حتى فى ظل ارتفاع التكلفة التمويلية.
وأضاف أن القطاع العائلى وقطاع التجزئة بشكل عام مضطر على الدوام للاقتراض نظرًا لارتفاع معدلات التضخم، وحاجة هذا القطاع إلى تلبية احتياجاته اليومية واحتياجات التعليم وخلافه.
وذكر أن قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة بحاجة إلى الاقتراض من البنوك حتى فى ظل ارتفاع التكلفة التمويلية، نظرًا لعدم توافر السيولة اللازمة لديه لتسيير أعماله.
وأشار إلى أن هذا القطاع بحاجة دائمة إلى إكمال دورة العمل، ولذلك يلجأ إلى البنوك للحصول على السيولة اللازمة، موضحا أن الشركات الكبرى، وكذلك القطاع الحكومي، من بين المحفزات التى تعزز من معدلات توظيف القروض للودائع.
وذكر أن القطاع الحكومى سيظل مقترضًا على الدوام؛ نظرًا لتفاقم عجز الموازنة العامة للدولة، ومن ثم يلبى احتياجاته المالية عبر الاقتراض المصرفي.
وسجلت أرصدة التسهيلات الائتمانية القائمة لأكبر مائة عميل مقترض لقطاعى الأعمال العام والخاص نحو 821 مليار جنيه فى يونيو 2023، وذلك بحسب تقرير الاستقرار المالى الصادر عن البنك المركزي.
وتركزت تلك التسهيلات فى 6 قطاعات والتى بلغ نصيبها %74.4 من إجمالى الأرصدة، منها قطاعات التشييد والبناء والتنمية العقارية والبترول والغاز الطبيعى والبتروكيماويات وغيرها، والتى استطاعت الحفاظ على مؤشرات أداء موجبة خلال النصف الثانى من العام المالى 2023/2022، ما يشير إلى قدرة ومرونة تلك القطاعات على تحمل الصدمات الخارجية المختلفة.
