بين الإصلاحات والتنازلات.. الدول النامية تتأقلم مع شروط المانحين بحثا عن النجاة

Ad

تقف دولة غانا كنموذج على أهمية إقامة شراكات مع المانحين الدوليين على صعيد تحقيق نقلة نوعية فى مسيرة الدول النامية نحو الرخاء الاقتصادى والتقدم، وإن كان هذا لا ينبغى أن يطغى على أمر آخر جدير بالاهتمام، وهو الإصلاحات الداخلية التى لا بديل عنها لتحسين فرص اجتذاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.

تعاونت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة مع غانا لتعزيز بنيتها التحتية ونموها الاقتصادى، لكن هناك اتفاقا على ضرورة تطبيقها تدابير محلية تهدف إلى زيادة الاعتماد على الذات عبر تطبيق إصلاحات محلية تهدف إلى جلب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.

وتحولت رواندا لتصبح الأكثر استقبالا للمساعدات فى العالم وغطت الدول الغربية الطرف عن سجلها فى مجال حقوق الإنسان، ورغم الدور الإيجابى الذى لعبته المملكة المتحدة فى تحسين معدلات نمو رواندا الاقتصادى، لكنها حولت الدولة الأفريقية إلى ملجأ لاستقبال المهاجرين الذين قصدوا الشواطئ الإنجليزية عن طريق ترحيلهم إليها، وباتت تعتمد عليها الولايات المتحدة أيضا فى صد جماعة فاجنر الروسية.

ومقابل هذا تقف جورجيا كنموذج على الدولة العصامية التى لم تعتمد سوى على اتفاقيات التجارة الحرة التى ساعدتها على الوصول بسهولة إلى الأسواق العالمية.

إذ طبقت جورجيا حزمة من التدابير التى ساعدتها على إيجاد موطئ قدم لها على خريطة الاستثمارات الأجنبية المباشرة، ومنها تخفيف العبء المالى على المستثمرين.

غانا تجدول ديونها.. وتتطلع إلى مستقبل بلا إعانات

استفادت غانا من الجهات المانحة الثنائية بطرق مختلفة لتعزيز بنيتها التحتية وتنميتها، بحسب تقريرللوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.

وظلت الولايات المتحدة، باعتبارها أكبر جهة مانحة ثنائية لغانا، شريكاً ثابتاً. وساهمت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) فى تحسين الأمن الغذائى، والإدارة المستدامة للموارد الطبيعية، والصحة، ونتائج التعليم الأساسى، والنمو الاقتصادى، والحكم الرشيد.

وتتوافق جهود الوكالة مع رؤية غانا “غانا فيما بعد المساعدات”، والتى تهدف إلى تقليل الاعتماد على المساعدات الخارجية مع تعزيز الاعتماد على الذات.

كما كانت المملكة المتحدة من أكبر الجهات المانحة لغانا، وقد دعمت المساعدات البريطانية، التى يتم توجيهها فى المقام الأول من خلال وزارة التنمية الدولية وغيرها من الوكالات، على سبيل المثال، فى عام 2006، قدمت وزارة التنمية الدولية مساعدات ثنائية بقيمة 70 مليون جنيه إسترلينى.

وتناولت بعض المشاريع مجالات مهمة مثل بناء الجسور، وإدارة الأراضى، وإدارة المياه، وإصلاحات السياسات لدعم أصحاب الحيازات الصغيرة، تلعب البنية التحتية دورًا حاسمًا فى تحقيق النمو فى غانا والحد من الفقر.

تواجه غانا تحديات تتعلق بالتعاون بين الجهات المانحة والابتعاد عن المساعدات، واستفادت البلاد من نهج يعتمد على تعدد المانحين، ولكن إدارة هذا التحول تتطلب التخطيط الدقيق وبناء القدرات، ولكى يتسنى الخروج من مساعدة المانحين ينبغى معالجة قضايا مثل الإدارة والقدرات والاستخدام الفعال للموارد.

التعامل مع الديون

وقبل أيام، توصلت غانا إلى اتفاق مبدئى مع مجموعتين من حاملى السندات لإعادة هيكلة حوالى 13 مليار دولار من الديون الدولية، مما يمثل خطوة رئيسية فى التعافى الاقتصادى للبلاد بموجب اتفاق قرض صندوق النقد الدولى.

وتتضمن الصفقة تنازلات كبيرة من حاملى السندات وتهدف إلى استقرار الوضع المالى للبلاد.

وبموجب الاتفاقية، سيتنازل حاملو السندات عن نحو 4.7 مليار دولار من مطالباتهم، مما يؤدى إلى تخفيض اسمى فعلى بنسبة %37، وهى زيادة عن العرض الأولى البالغ %33.

وتوفر الصفقة أيضًا ما يقرب من 4.4 مليار دولار من التدفقات النقدية خلال فترة برنامج الدعم المالى لغانا مع صندوق النقد الدولى، والذى من المقرر أن ينتهى فى عام 2026.

وقالت لجنة حاملى سندات اليورو الغانية إن “الاتفاقية المقترحة بشأن إعادة هيكلة سندات اليورو ستحل مشكلة تخلف غانا عن سداد سندات اليورو بطريقة توفر تدفقات نقدية كبيرة وتخفيف أرصدة الديون لدعم الانتعاش الاقتصادى فى غانا”.

وتخرج غانا من أسوأ أزمتها الاقتصادية منذ سنوات، حيث سجل التضخم %23.1 فى مايو، بانخفاض طفيف عن %25 فى أبريل.

وفقدت عملة السيدى المحلية أكثر من %20 من قيمتها مقابل الدولار الأمريكى فى السوق هذا العام.

وتخلفت البلاد عن سداد معظم ديونها الخارجية البالغة 30 مليار دولار فى عام 2022 بسبب جائحة كوفيد - 19 العالمى، وارتفاع التضخم، وانخفاض قيمة السيدى، والحرب فى أوكرانيا، وارتفاع أسعار الفائدة العالمية. وإضافة إلى المساعدات المالية، تتضمن الاتفاقية العديد من البنود غير المالية التى تهدف إلى تحسين الشفافية المالية والاستدامة.

وأكدت وزارة المالية، فى بيان منفصل، أنه من المتوقع الإطلاق الرسمى لطلب الموافقة فى الأسابيع المقبلة.

وسيكمل هذا عملية إعادة هيكلة الديون المكونة من ثلاث خطوات والتى بدأت فى ديسمبر 2022.

وقال صندوق النقد الدولى إن المجلس التنفيذى وافق يوم الجمعة الماضى على المراجعة الثانية لبرنامج قروض غانا البالغة 3 مليارات دولار، مما يسمح بالصرف الفورى لنحو 360 مليون دولار.

رواندا.. الأكثر استقبالا للمساعدات فى العالم

غالبا ما تسعى الحكومات الغربية إلى الضغط على الدول الأفريقية بشأن سجلاتها فى مجال حقوق الإنسان، لكن رواندا تمثل استثناء معقدا: فقد أعربت العديد من الدول الغربية عن أسفها لوقوفها متفرجة أثناء الإبادة الجماعية، ومنذ ذلك الحين أصبحت كيجالى “المكان الأكثر استقبالا للمساعدات” على مستوى العالم، بحسب تقرير لموقع كونسل أوف فورين ريلاشنز.

تتلقى رواندا حوالى مليار دولار سنويا من البلدان الأخرى، وهو أكبر قدر من المساعدة للفرد فى شرق أفريقيا، إن انخفاض معدلات الفساد فيها، واستقرارها العالى، وبنيتها التحتية الراسخة تجعلها دولة متلقية للمساعدات منخفضة المخاطر.

كما أنها حليف مهم للغرب على عدة جبهات، وتتطلع المملكة المتحدة بشكل مثير للجدل إلى رواندا كموقع لإرسال المهاجرين، وتأمل الولايات المتحدة أن تتمكن رواندا من المساعدة فى الحد من الانتشار القارى لمجموعة فاجنر شبه العسكرية الروسية، إضافة إلى ذلك، قدمت كيجالى معروفًا لباريس عندما تدخلت رواندا لمنع الجهاديين من الاستيلاء على مشروع غاز فرنسى فى موزمبيق فى عام 2021، كما تساهم رواندا بواحد من أكبر أعداد قوات حفظ السلام فى بعثات الأمم المتحدة.

نالت رواندا الثناء على تنميتها الاقتصادية والاجتماعية الناجحة، وكان نموها الاقتصادى من بين الأفضل فى القارة، حيث بلغ متوسطه %8 سنويا على مدى العقدين الماضيين.

وقد تم بناء هذا النجاح على الأرباح من الصادرات الزراعية مثل الشاى والقهوة، واستخراج المعادن، والسياحة، والقطاع العام الكبير.

وفى الآونة الأخيرة، غذت جهود التنويع قطاع التكنولوجيا الصاعد ومبادرات تنمية القوى العاملة.

كما تحسنت النتائج الصحية، بفضل التأمين الصحى المجتمعى الذى يغطى حوالى %90 من السكان، وتضاعف متوسط العمر المتوقع فى العقدين التاليين للإبادة الجماعية.

وانخفضت المعدلات المرتفعة لوفيات الأطفال وفيروس نقص المناعة البشرية “الإيدز”، الذى ابتليت به العديد من البلدان الأفريقية، إضافة إلى ذلك، تمكنت رواندا من الصمود فى وجه جائحة كوفيد - 19 بشكل جيد إلى حد ما؛ فهى تتمتع بأحد أعلى معدلات التطعيم ضد فيروس كورونا فى القارة، وقد قامت باستثمارات قوية فى المراكز الصحية الريفية.

وفيما يتعلق بالقضايا الاجتماعية، تعتبر رواندا نموذجا للحد من الفوارق بين الجنسين بين المشرعين: حيث يضم برلمانها أعلى نسبة من النساء مقارنة بأى هيئة تشريعية فى جميع أنحاء العالم، ويعد مستوى الاحتفاظ بالتعليم، ومعدل بقاء الأطفال فى المدارس، هو الأعلى فى القارة، وتحظى رواندا أيضًا بالترحيب باعتبارها رائدة فى تحقيق أهداف المناخ، حيث كانت واحدة من أوائل الدول التى قدمت خططًا محدثة لتحقيق الحياد الكربونى بحلول عام 2050.

جورجيا العصامية.. دولة تزهد فى المنح وتستهدف الاستثمارات

شهدت جورجيا، التى تقع على مفترق الطرق بين أوروبا الشرقية وغرب آسيا، تحولاً ملحوظاً فى الأعوام الأخيرة، حتى أصبحت نقطة جذب للاستثمار الأجنبى المباشر، بحسب تقرير لموقع أتلانتك كاونسل.

ولجورجيا أهمية خاصة عند دراسة تأثير الحرية والازدهار منذ أن تحولت البلاد من “غير حرة فى الغالب» فى عام 1995 إلى “حرة» فى عام 2018، وقد شهدت البلاد إصلاحات اقتصادية شاملة منذ حصولها على الاستقلال فى عام 1991، مما أدى إلى وجود اقتصاد سوق مستقر وجيد الأداء نسبيا.

ويرتكز هذا التحول على التزام جورجيا بالحرية السياسية والاقتصادية، وبدأت الحكومة سلسلة من الإصلاحات التى تهدف إلى خلق بيئة أعمال مفتوحة وتنافسية.

وشمل ذلك تبسيط الإجراءات البيروقراطية، وتبسيط الأنظمة الضريبية، وتعزيز حقوق الملكية، وكل هذا أدى إلى خفض كبير فى الحواجز التى تحول دون دخول الشركات.

ونتيجة لذلك، اكتسبت جورجيا سمعة طيبة باعتبارها واحدة من أسهل الأماكن لبدء الأعمال التجارية وإدارتها، حيث تجتذب مجموعة متنوعة من المستثمرين من جميع أنحاء العالم.

وعلى مدى الفترة الممتدة من 2004 إلى 2019، تجاوز متوسط معدل النمو الاقتصادى فى جورجيا %5، وهو دليل على فعالية إصلاحاتها الشاملة.

وفى الوقت نفسه، حصلت الدولة على الأوسمة فى المؤشرات العالمية التى تقيس الحرية وسهولة ممارسة الأعمال التجارية، وجدير بالذكر أنه فى مؤشر سهولة ممارسة الأعمال الصادر عن البنك الدولى لعام 2020، احتلت جورجيا المرتبة السابعة، مما يؤكد التزامها بخلق بيئة صديقة للأعمال.

ومن الممكن عزو هذا النجاح إلى تركيز الحكومة الثابت على السياسات المالية والنقدية الرامية إلى الحفاظ على مستويات عجز منخفضة، والسيطرة على التضخم، والحفاظ على سعر صرف معوم (أى غير مقيد بضوابط أو حدود حكومية).

وحققت جورجيا هذه الإنجازات رغم أن مسارها الاقتصادى لم يكن خاليًا من العراقيل الخارجية، وكان للتطورات الإقليمية، مثل العقوبات المفروضة على روسيا، تأثير على المشهد الاقتصادى للبلاد.

إضافة إلى ذلك، لعبت قوة الدولار الأمريكى والعوامل العالمية الأخرى أيضًا دورًا فى تشكيل الظروف الاقتصادية فى جورجيا، وقد استلزمت هذه القوى الخارجية القدرة على التكيف والمرونة من جانب جورجيا وهى تواصل التقدم على طريقها نحو الرخاء الاقتصادى.

نظام “النافذة الواحدة”

بدأت جورجيا فصلاً جديدًا فى ظل حكومة جديدة، فى أعقاب الثورة الوردية السلمية فى عام 2003، بدأ اقتصاد جورجيا يشهد نموًا، مدفوعًا بتنفيذ مبادرات الاستقرار السياسى والاقتصادى، ولكن التحولات والإصلاحات السياسية المهمة هى التى سرعت رحلتها نحو الحرية الاقتصادية.

فى عام 2004، خفضت الدولة معدلات الضرائب الحالية، وطبقت ضريبة دخل ثابتة بنسبة 20 فى المائة وضريبة أرباح الشركات بنسبة 15 فى المائة، مما خلق بيئة مالية مواتية للشركات.

وقد أدى هذا الهيكل الضريبى إلى خفض العبء المالى على المستثمرين بشكل كبير، مما عزز النمو الاقتصادى وريادة الأعمال.

قدمت جورجيا نظام “النافذة الواحدة» لتسجيل الأعمال التجارية فى عام 2005، وقد أدى هذا الإصلاح الرائد إلى تبسيط الإجراءات البيروقراطية، وتمكين رجال الأعمال من إكمال تسجيل الشركة والحصول على التراخيص اللازمة فى غضون ساعات قليلة، مما جعلها واحدة من أسهل الأماكن لبدء ومزاولة الأعمال التجارية.

منذ أواخر العقد الأول من القرن الحادى والعشرين وحتى أوائل العقد الأول من القرن الحادى والعشرين، شرعت جورجيا فى إصلاح شامل لتسجيل الأراضى، مما عزز بشكل كبير حماية حقوق الملكية.

وقد أدى هذا الإصلاح إلى تأمين المعاملات المتعلقة بالأراضى وتبسيط ملكية العقارات، مما عزز ثقة المستثمرين، إن الالتزام باتفاقيات التجارة الحرة، والذى بدأ فى منتصف العقد الأول من القرن الحادى والعشرين، كان رمزا لتفانى جورجيا فى الحرية الاقتصادية.

وسّعت هذه الاتفاقيات وصول الشركات الجورجية إلى الأسواق، وعززت أنشطة الاستيراد والتصدير، وعززت التجارة الدولية.

إن السعى إلى اتخاذ تدابير لمكافحة الفساد، والذى تجسد فى سياسة عدم التسامح مطلقا، كان نشطا منذ أوائل العقد الأول من القرن الحادى والعشرين، وقد أدى هذا النهج إلى زيادة الشفافية والمساءلة فى القطاع العام، مما أدى إلى ترسيخ سمعة جورجيا كوجهة استثمارية جذابة.

الطلبات المجحفة تبدد %70 من الأموال الإنمائية فى أفريقيا

تعتبر كينيا وتنزانيا من بين أكبر الدول المتلقية للمساعدات المالية من الدول الغنية والمنظمات الدولية فى أفريقيا، مما يعكس اعتماد هذه البلدان على أموال المانحين لتمويل النفقات الحكومية، بحسب تقرير نشرته صحيفة “ ذى إيست أفريكان” الكينية.

وذكر التقرير أنه فى عام 2022، تلقت 10 دول أفريقية، من بينها كينيا وتنزانيا وأوغندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية، ما يقرب من نصف حجم المساعدات الإنمائية الرسمية للقارة، حسبما أظهر تقرير جديد صادر عن إحدى المؤسسات.

وقد تلقت البلدان الأربع ما يقرب من 8 مليارات دولار على هيئة مساعدات إنمائية رسمية من البلدان الغنية لتمويل ميزانيات حكوماتها المحلية، وهو ما يعكس الاعتماد الكبير على المنح فى تمويل الماليات الأفريقية.

وبحسب التقرير، تعد مصر وإثيوبيا ونيجيريا وموزمبيق والمغرب والنيجر أيضًا من بين أكبر المستفيدين من المساعدات المالية، إذ يصل إجمالى المساعدة الإنمائية الرسمية التى تلقتها الدول العشر فى عام 2022 إلى 37.8 مليار دولار، أو %46.4 من جميع أموال المساعدات القادمة إلى القارة.

وبحسب التقرير، تلقت أفريقيا بين عامى 2013 و2022 أكبر قيمة من المساعدات الإنمائية الرسمية مقارنة بأى منطقة أخرى باستثناء عام 2018.

ومع ذلك، انخفض إجمالى المساعدة الإنمائية الرسمية التى تلقتها أفريقيا من 86.4 مليار دولار فى عام 2020 إلى 81.4 مليار دولار فى عام 2022، وفقا للتقرير.

وبالنسبة للدول الأخرى، تلقت جمهورية الكونغو الديمقراطية 3.4 مليار دولار من المساعدات الإنمائية الرسمية، وكينيا 3.3 مليار دولار، وتنزانيا 3 مليارات دولار، وأوغندا 2.4 مليار دولار.

وتقترب هذه الأرقام من نفس الأموال التى تسعى هذه البلدان لجمعها من الضرائب الإضافية هذا العام، وسط تبنى تدابير لضبط الأوضاع المالية بغرض ترويض مستويات الديون المرتفعة.

وذكر التقرير أن مساعدات التنمية الرسمية تعتبر مصدرا مهما لتمويل البلدان الأفريقية، لكن أغلبها يأتى مصحوباً بشروط لا بد من استيفائها، الأمر الذى قد يؤدى فى بعض الأحيان إلى اتخاذ قرارات قد لا تحظى بدعم شعبى.

على سبيل المثال، وفقا للتقرير، تأتى القروض الميسرة من صندوق النقد الدولى الذى يعد، إلى جانب البنك الدولى، أكبر مصدر للمساعدة الإنمائية الرسمية لأفريقيا، مصحوبة بشروط تتعلق بالإصلاحات الاقتصادية لضبط الأوضاع المالية وزيادة الحصيلة الضريبية، وهو ما لا يلاقى قبولا شعبيا.

شروط مجحفة

وكشف التقرير أن كبار المانحين الآخرين، بما فى ذلك الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى، يفرضون شروطا تتعلق بالتعددية السياسية والاقتصاد القائم على السوق وفى بعض الأحيان سياسات الهجرة، وخاصة إلى الاتحاد الأوروبى.

وبسبب الشروط الصعبة التى تأتى مع المنح، فإن ما بين %10 و%70 من أموال المساعدات لا تستفيد بها البلدان الأفريقية ويتم إرسالها مرة أخرى إلى الجهات المانحة.

وقال التقرير”تواجه العديد من الدول الأفريقية صعوبات فى تلقى أموال المساعدات الإنمائية الرسمية بشكل فعال، بسبب أوجه القصور السياسية والإدارية المختلفة فى إدارة المشروعات الاستثمارية”.

ووفقًا لمنظمة التعاون الاقتصادى والتنمية، فى عام 2022، احتفظت الدول المانحة للمساعدة الإنمائية الرسمية بنسبة %14.4 من المساعدات، بقيمة تزيد عن 193 مليار دولار، والتى كان من المقرر توزيعها ولكن لم يتم تسليمها، وتم تحويل 30 مليار دولار إلى حسابات الدول المانحة.

وعلاوة على الشروط الصعبة التى تأتى مع مساعدات التنمية، هناك سبب آخر قد يجعلها غير مفيدة لأفريقيا ألا وهو تأثيرها على اقتصادات القارة.

ووفقاً لبنك التنمية الأفريقى، لم تتمكن مساعدات التنمية الرسمية من مواجهة التحدى المتمثل فى إخراج الاقتصادات الأفريقية من دائرة الديون.

وقال البنك فى تقريره عن التوقعات الاقتصادية لأفريقيا الذى نشر مؤخرا “ يبدو أن المساعدة الإنمائية الرسمية مرتبطة بشكل إيجابى ومهم بزيادة عجز الموازنة والدين العام”.