حجمت وزارة المالية، منذ مطلع العام الجارى، طروحاتها من سندات الخزانة متغيرة العائد، مدفوعة بتخوفات المستثمرين الأجانب من الخفض المحتمل لأسعار الفائدة مع نهاية العام الجارى، بحسب مصرفيين تحدثت إليهما «المال».
وأضاف المصرفيان أن الرغبة كذلك فى إطالة آجال الدين المستحق على الحكومة كان دافعا آخر من مسببات إحجام المالية عن طرح السندات متغيرة العائد، والتوسع فى طرح نظيرتها صفرية الكوبون، لا سيما وأن هذه الأخيرة لا تُجنى عوائدها إلا فى نهاية مدة السند، وهو الأمر الذى يجنّب المالية العامة للدولة المزيد من الأعباء والتكاليف.
وتُعرف سندات الخزانة بكونها عبارة عن صكّ تصدره الشركات أو الدول، ويكون قابلًا للتداول بالطرق القانونية، ويعدُّ بمثابة قرض لأجل مسمى، سواء طويل الأجل أو قصير أو متوسط، ويتراوح بين سنتين و20 عامًا.
وتفوض وزارة المالية البنك المركزى، على مدار العام المالى، فى إدارة طروحاتها الخاصة من أذون وسندات الخزانة بالجنيه ، على أن تمول وتنفق الحصيلة على بنود الموازنة العامة للدولة للعام المالى الحالى.
طروحات السندات متغيرة العائد
اقتصرت وزارة المالية، حسب بيانات البنك المركزى المصرى، على أربعة طروحات فقط فى السندات متغيرة العائد، فقد افتتحت العام الجارى بطرح قيمته 750 مليون جنيه، وسجل متوسط العائد المرجح للمكتببين فى هذه السندات نحو %27.
وطرحت فى نهاية يناير الماضى سندات خزانة متغيرة العائد بنحو مليار جنيه، وبمتوسط عائد مرجح بلغ نحو %27.5.
لم يختلف الأمر كثيرًا خلال عطاء 13 فبراير الماضى، فقد طرحت سندات خزانة متغيرة العائد بنفس القيمة مليار جنيه وقبلت بنفس العائد المرجح (%27.5).
وطرحت الوزارة سندات متغيرة العائد بنحو 2 مليار جنيه خلال عطاء 5 مارس الماضى، بيد أن متوسط العائد المرجح بلغ نحو %30.
وقال محمد البيه الخبير المصرفى، إن سندات الخزانة متغيرة العائد عادة ما تكون مرتبطة بسعر الفائدة السائد فى وقت دفع الكوبون، وبالتالى يتم حساب العائد على حسب الآجال المختلفة.
وأضاف أن المناخ العام وأغلب التوقعات كذلك تشير إلى أن هناك احتمالية كبرى لتخفيض أسعار الفائدة خلال نهاية العام الجارى، ومن ثم فإن المستثمرين الأجانب قد يكونون أقل شهية للاكتتاب فى سندات الخزانة متغيرة العائد.
توقعات أسعار الفائدة
وتوقعت مؤسسة «فيتش سوليوشنز» أن تخفيف التضخم سيسمح للبنك المركزى ببدء دورة التيسير النقدى فى عام 2025، متوقعة تخفيضات إجمالية قدرها 1000 نقطة أساس فى عام 2025.
وشددت فى تقرير حديث حصلت «المال» على نسخة منه، على التزام البنك المركزى المصرى بسعر صرف مرن ودائم، فى إطار برنامج صندوق النقد الدولى الجديد، والذى سيسمح بتقلبات العملة، سواء فى الاتجاه الصعودى أو الهبوطى.
وتوقعت أن يرفع «المركزى» أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض لليلة الواحدة بواقع 300 نقطة أساس، خلال اجتماعات لجنة السياسة النقدية المتبقية فى عام 2024، والتى يصل عددها إلى 5 اجتماعات.
وأشار التقرير إلى أن البنك المركزى المصرى سيظل حذرا فى دورة التضييق النقدى لتجنب المزيد من تضخيم فاتورة مدفوعات الفائدة وزيادة الضغط على النشاط الاقتصادى، وقد بلغت العائدات على أدوات الدين الحكومية بالفعل مستوى قياسيا، فى حين أن الاقتصاد مهيأ لتباطؤ كبيرعلى المدى القصير.
وأشار تقرير «فيتش» إلى أن الضغوط التضخمية القوية والحاجة إلى دعم العملة ستوفر قوة دافعة للبنك المركزى المصرى للقيام بتشديد السياسة النقدية خلال العام الجارى، موضحًا أن تخفيض أسعار الفائدة سيكون قريبًا «مدفوعًا بالتأثيرات الأساسية المواتية».
وأوضح «البيه» أن الاحتفاظ بالسندات لآجال طويلة تعنى، فى ظل التوقعات بلجوء صانع السياسة النقدية إلى تخفيض أسعار الفائدة، أن المستثمرين الأجانب سيجنون عوائد أقل على استثماراتهم، وهو الأمر الذى يقلص من شهيتهم للاكتتاب فى السندات متغيرة العائد.
وذكر أن هذا هو السبب الذى يدفع وزارة المالية إلى الإحجام عن التوسع فى طرح سندات خزانة متغيرة العائد خلال هذه الفترة.
وأفاد أن السندات صفرية العائد لا يتم تحصيل عوائدها بشكل دورى مثل السندات العادية، وإنما يتم تحصيله فى نهاية المدة (مدة السند)، لافتًا إلى أن هذه ميزة كبرى أخرى لوزارة المالية – التى يتولى البنك المركزى إدارة طروحاتها من سندات وأذون الخزانة نيابة عنها – لا سيما وأنها لن تكون مضطرة لدفع عوائد دورية.
وتابع إن هذا الأمر يخفف الضغط على المالية العامة، وكذلك الضغط النقدى المتعلق بتدبير الأموال فى أوقات معينة.
إطالة أمد الدين
من جانبه، أشار محمد عبد المنعم الخبير المصرفى إلى أن الدولة متجهة حاليًا إلى إحلال الديون الداخلية قصيرة الأجل بأخرى طويلة الأمد.
وأضاف أن معظم السندات الصفرية التى يتم طرحها عادة ما تكون آجالها طويلة نسبيا مقارنة مع أذون الخزانة، متوقعا أن يستمر هذا الاتجاه خلال الفترة المقبلة.
وارتفع إجمالى رصيد الأجانب من أدوات الدين، بحسب البنك المركزى، إلى 1.542 تريليون جنيه (نحو 32.64 مليار دولار) بنهاية مارس الماضى، من نحو 421.337 مليار (13.62 مليار دولار) بنهاية فبراير الماضى الماضى.
سداد المستحقات
وسددت مصر، بحسب وزارة المالية، نحو 25 مليار دولار من الدين العام المحلى والخارجى منذ مارس الماضى، وهو ما جاء مؤكدًا لما أعلنه تقرير حديث لمعهد التمويل الدولى.
وأوضحت وزارة المالية، فى بيان لها، أنه لأول مرة يتم وضع سقف لدين أجهزة الموازنة العامة للدولة فى السنة الجديدة بمبلغ 15.1 تريليون جنيه وبنسبة %88.2 من الناتج المحلى مقارنة مع %96 فى العام المالى 2022/ 2023 واستهداف النزول بمعدلات مدفوعات الفوائد وتنويع مصادر التمويل بين الأدوات والأسواق الداخلية والخارجية، وخفض الاحتياجات التمويلية، وإطالة عمر الدين مع تحسن أسعار الفائدة.
ويتعين على مصر، بحسب بيانات البنك المركزى المصرى، سداد نحو 32.8 مليار دولار والتى تعادل نحو %20 من إجمالى الديون الخارجية للبلاد، ديون متوسطة وطويلة الأجل مستحقة خلال 2024
الدين الخارجي
تراجع إجمالى الدين الخارجى إلى 160.607 مليار دولار خلال الربع الأول من 2024، مقابل 168.034 مليار خلال الربع السابق الربع الأخير من 2023، مسجلًا انخفاض قدره 7.427 مليار، بحسب بيانات حديثة صادرة عن وزارة التخطيط
وتسلمت مصر 14 مليارا من الإمارات؛ قيمة الدفعة الثانية من صفقة تطوير وتنمية منطقة رأس الحكمة.
كانت مصر والإمارات قد وقّعتا، فى فبراير الماضى، اتفاقية صفقة استثمارية ضخمة لتطوير مدينة رأس الحكمة، الواقعة فى الساحل الشمالى الغربى للبلاد، والتى من المتوقع أن تجذب استثمارات تصل إلى 150 مليار دولار على مدار عمر المشروع.
