أكد عدد من خبراء البرمجيات وريادة الأعمال أن الطفرة التكنولوجية التى يشهدها العالم حاليًا، خاصة فى أدوات الذكاء الاصطناعى، ساهمت بقوة فى تعزيز استقلالية ذوى الاحتياجات الخاصة، إذ قدمت حلولًا تكنولوجية تمكنهم من القيام بالمهام اليومية بشكل أكثر سهولة والعيش بحياة كريمة ومستقلة.
وقالوا إن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعى التوليدى لعبت دورًا كبيرًا فى توفير فرص عمل ملائمة لذوى الهمم، من خلال استخدام تقنيات متقدمة، مثل الروبوتات الذكية والبرامج الحاسوبية المتقدمة، والتى تمتلك القدرة على التكييف سريعًا مع بيئات العمل المختلفة واحتياجات هذه الفئة.
قالتيسرا مختار، مدير عام معرض «حوار فى الظلام”، إن التقدم التكنولوجى الكبير الذى يشهده العالم حاليًا، مع ظهور ثورة الذكاء الاصطناعى يوفر إمكانيات هائلة لتعزيز دمج ذوى الإعاقة فى المجتمع، وضمان تحقيق مبدأ المساواة والعدالة الاجتماعية.
وأضافت أن شركات التكنولوجيا والاتصالات تعمل دائمًا على إطلاق برامج تدريب مخصّصةٍ لذوى الإعاقة لمساعدتهم على اكتساب المهارات اللازمة للنجاح فى وظائفهم، مع إجراء التعديلات اللازمة على أماكن العمل لجعلها ميسرة لذوى الإعاقة، مثل توفير ممرات واسعة وأبواب أوتوماتيكية وأسطح مُستوية.
واستشهدت يسرا مختار بالمشروع الجديد الذى يُقام بالتعاون بين معرض «حوار فى الظلام» و”دل تكنولوجيز» وجامعة السويدى، وانطلق أول أمس السبت 22 يونيو الحالى، ويستمر لمدة 5 أشهر، منوهة بأنه يتضمن برنامجًا تدريبيًّا مكثفًا يقدمه متخصصون من جامعة السويدى، تلقوا تدريبات خاصة للتعامل مع ذوى الإعاقة من قبل فريق عمل «حوار فى الظلام”.
وأوضحت أن المشروع يهدف إلى توفير فرص تدريب نوعية لذوى الإعاقة فى مجال تكنولوجيا المعلومات، وتعزيز مهاراتهم وتطوير قدراتهم مع تسهيل دمجهم فى سوق العمل وفتح آفاق جديدة أمامهم، علاوة على نشر الوعى بأهمية دمج ذوى الإعاقة فى المجتمع.
كما تطرقت كذلك إلى مبادرة شركة اتصالاتمصر من e& لدمج ذوى الإعاقة فى سوق العمل، من خلال توفير 50 فرصة عمل فى مجالات متنوعة، لافتة إلى أن إدارة معرض «فى الظلام» تتولى مهمة ترشيح الشخصيات المؤهلة لكل وظيفة من وظائف هذه المبادرة، وذلك من خلال خبرتها فى مجال دمج ذوى الإعاقة وتقييم مهاراتهم وقدراتهم.
ورأىهشام عبدالغفار،الشريك المؤسس لمجموعة «مينا جوروس» للاستثمار فى مشروعات رأسمال المخاطر، أن التطور التكنولوجى وظهور البرمجيات المعززة بالذكاء الاصطناعى، ساعد على ظهور عدد كبير من التقنيات الداعمة والمساعدة لذوى الإعاقة، لكنها لم يكن لها الدور المحورى أو التأثير الكبير على زيادة فرصهم فى دخول مجال ريادة الأعمال، الذى ما زال يمثل تحديًا بالنسبة لهذه الفئة.
وأضاف أن التكنولوجيا الحديثة ساعدت على ظهور قارئات الشاشة، وهى برامج تحول النصوص المكتوبة إلى أصوات مسموعة، ما يمكن ذوى الإعاقة البصرية من استخدام أجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية بسهولة، كما أنها قدمت أيضًا برامج التعرف على لغة الحوار التى تتيح للمستخدمين إعطاء الأوامر للتحكم فى أجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية باستخدام صوتهم، دون الحاجة إلى استخدام لوحة المفاتيح أو الفأرة، وأيضًا أدوات تكبير الشاشة، لتكبير حجم النصوص والصور على الشاشة، ما يُسهّل على ذوى الإعاقة البصرية قراءتها.
وأكد أن رواد الأعمال من ذوى الإعاقة خاصة إذا كانت بصرية يواجهون العديد من التحديات فى مسيرتهم المهنية، أبرزها قانونية وتشريعية، ومنها على سبيل المثال لا الحصر صعوبة الوصول إلى المعلومات القانونية التى يحتاجون إليها، مثل قوانين العمل والتمويل والضرائب.
ولفت إلى أن الإجراءات القانونية لتأسيس الأعمال غالبًا ما تكون معقدة وتتطلب تقديم وثائق ومراجعات متعددة، وبالنسبة لرواد الأعمال من ذوى الإعاقة البصرية، هذه الإجراءات تصبح أكثر صعوبة بسبب الحاجة إلى مساعدة فى القراءة والكتابة والتوقيع، وهذا يجعلهم يعتمدون بشكل كبير على الآخرين، ما يعرضهم لمخاطر إضافية مثل التلاعب أو التأخير.
وشدد على أهمية وجود تشريعات داعمة وشاملة من خلال تطوير وتفعيل تشريعات خاصة تدعم رواد الأعمال من ذوى الإعاقة البصرية، وتتضمن حوافز ضريبية، ودعما ماليا، وتسهيل الإجراءات القانونية، مثل تطوير تطبيقات وبوابات إلكترونية مخصصة لهم.
وأشارت كريمة الحكيم، المدير الإقليمى لمسرعة الأعمال الأمريكية «بلاج آند بلاي» فى مصر إلى أن شركتها تُعد نموذجًا لدعم الحلول التكنولوجية المبتكرة التى تساعد ذوى الإعاقة، من خلال دعم إبداع مجموعة متنوعة من البرمجيات، منها على سبيل المثال تلك القادرة على تحويل النص إلى صوت لذوى الإعاقة البصرية وبرامج تحويل الصوت إلى نص لذوى الإعاقة السمعية مما يمكنهم من فهم المحادثات عبر تحويل الكلام إلى نص مكتوب.
وأشارت إلى أن الدورة الخامسة من مسرعة الأعمال المقامة فى قصر السلطان حسين كامل بالقاهرة تضم شركة «دامج» المتخصصة فى أدوات الإتاحة وبرمجيات تستخدم الذكاء الاصطناعى لتمكين ذوى الإعاقة السمعية والبصرية من ممارسة حياتهم بشكل طبيعى، لافتة إلى أن محفظة «بلاج آند بلاي» تضم أيضًا عددًا من الشركات المبتكرة لحلول تطوع الذكاء الاصطناعى فى خدمة ذوى الإعاقة.
وأوضحت أن «بلاج آند بلاي» تعد كذلك شريكًا استراتيجيًا فى مسابقة هاكاثون فودافون لتطوير أدوات ذكاء اصطناعى لصالح الأشخاص ذوى الإعاقة والذى عقد على مدار أيام 30 و31 مايو الماضى و1 يونيو الحالى لتصميم وتطوير حلول تقنية لتمكين الأشخاص ذوى الاعاقة فى بيئة العمل، وذلك بالتعاون مع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية(USAID)وهيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات وصندوق عطاء الاستثمارى الخيرى.
وتابعت أن المسابقة شارك بها عدد كبير من المبتكرين والمطورين من مختلف محافظات الجمهورية، بهدف تطوير حلول تقنية تيسر من العقبات التى تواجه دمج الأشخاص ذوى الإعاقة فى بيئة العمل، إذ سيعمل المشاركون بشكل تعاونى لإنشاء نماذج أولية تستفيد من قوة الذكاء الاصطناعى لتكملة القدرات البشرية وتيسير وصول الأشخاص ذوى الإعاقة للتكنولوجيا.
فيما قالعلى فرجانى، باحث ومحاضر فلسفة الذكاء الاصطناعى والفضاء السيبرانى بجامعة القاهرة وعضو لجنة تنمية الثقافة العلمية والتفكير الابتكارى بالمجلس الاعلى للثقافة إن الذكاء الاصطناعى ثورة هائلة فى حياة ذوى الإعاقة، مؤكدا أن التقنيات الذكية أتاحت لهذه الفئة من المجتمع قدرات جديدة ساعدتهم على إزالة الحواجز والتواصل معهم بشكل أكثر فعالية.
وأضاف فرجانى أن الذكاء الاصطناعى والتكنولوجيات المستحدثة خلال السنوات القليلة الماضية تقوم بدور هام فى الاتصال والتفاعل، فضلًا عن تقنيات تحويل الكلام إلى نصّ أو العكس، لمساعدة الاشخاص الذين يعانون صعوبات فى الكلام.
وأكد أن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعى ساهم بشكل فعال فى تسهيل حياة ذوى الاحتياجات الخاصة، حيث يمكن توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعى، مثل خاصية القراءة أو الاستماع لنص الرسائل ومعالجة الصور لمساعدة ذوى الإعاقة، وذلك من خلال تعلم الالة لسلوك المستخدم وفقًا لظروفه واحتياجاته، على سبيل المثال، استخدام الأطراف الاصطناعية المزودة بأجهزة استشعار يمكنها التكيف مع حركات الفرد بشكل دقيق.
وتابع: تمكّن التكنولوجيا حاليًا الشخص المصاب بشلل نصفى للمرة الأولى من استعادة السيطرة طبيعياً على المشى من خلال التفكير؛ وذلك بفضل دمج تقنيتين تعيدان الاتصال بين الدماغ والحبل الشوكى، الأمر الذى يؤكد أن الذكاء الاصطناعى يحقق فرصًا لتغيير حياة ذوى الإعاقة ولا سيما أصحاب الرؤية المحدودة.
ولفت إلى أنه من خلال استخدام خوارزميات التعلم العميق، يمكن لنماذج الذكاء الاصطناعى تحليل محتوى الصورة وإنشاء مسيمات توضيحية وصفية توفر سياقاً ومعلومات حول العناصر المرئية.
وأوضح أنه يمكن استخدام الذكاء الاصطناعى فى مجال الرعاية الصحية لمراقبة الحالة الصحية للأفراد ذوى الاحتياجات الخاصة، على سبيل المثال، يمكن لأجهزة قياس مستوى السكر فى الدم تقديم قراءات دقيقة وتوجيهات صحية مخصصة.
واختتم حديثه قائلًا إن الذكاء الاصطناعى أداة ثورية لتمكين ذوى الإعاقة من مواصلة حياتهم بشكل أفضل ومنحهم استقلالية أكبر، وأن العلم يتطلع لاستمرار تطور هذه التقنيات، بما يقدم ذوى الاحتياجات الخاصة ويدعمهم بما يضمن الوصول إلى توفير تقنيات الذكاء الاصطناعى المناسبة لجميع ذوى الإعاقة، بغض النظر عن قدراتهم المادية أو التقنية.
وقالأحمد توفيق، الخبير التقنى والمؤسس لشركةLoopex، إن ثورةالذكاء الاصطناعى التوليدى التى انطلقت فعليًا خلال عام 2017 وشهدت طفرة فى 2019 ساهمت فى ظهور تقنية «التوأم الرقمي”(AI twin)المصنوع بواسطة الذكاء الاصطناعى التوليدى، وهو مفهوم يُشير إلى عمل نسخة رقمية مطابقة لشخصية حقيقية موجودة فى الواقع.
وأوضح توفيق أن إنشاء التوأم الرقمى للذكاء الاصطناعى يتم من خلال جمع وتحليل كميات هائلة من البيانات عن الشخص، مثل السلوكيات من خلال تتبع التفاعلات واستخدامات التطبيقات وتصفح الويب، علاوة على إضافة الخبرات الشخصية مثل التعليم، والوظائف وتاريخ السفر وطبيعة العلاقات الأسرية، وكذلك أيضًا تضمين المهارات والقدرات والبيانات الحيوية الخاصة بالصحة الجسدية، وبالتالى يمكن إنشاء نسخة رقمية طبق الأصل من الشخصية الحقيقية.
ولفت إلى أن التوأم الذكى يمكنهمساعدة ذوى الإعاقة فى التنقل، إذ إنه يعمل مع الأجهزة المساعدة لتوجيه الأشخاص ذوى الإعاقة البصرية فى البيئات المختلفة عبر تقديم إرشادات دقيقة فى الوقت الحقيقى، كما يمكنه أيضًاتحليل البيانات البيئية، وبالتالى تحسين القدرة على التعرف على العقبات وتقديم تحذيرات وتنبيهات فعالة.
وتوقع أن تكون النسخة المقبلة من تطبيق الذكاء الاصطناعى الشهير «شات جى بى تي» (chat Gpt) مزودة بإمكانيات ثورية تساعد ذوى الإعاقة البصرية والسمعية والحركية وتحسين قدراتهم على التفاعل مع العالم من حولهم، عبر مجموعة برمجيات أكثر تطورًا تساعدهم على قراءة النصوص ووصف البيئة المحيطة، كما ستسمح لهم أيضًا بالتحكم فى الأجهزة المنزلية والحاسبات باستخدام الأوامر الصوتية أو إيماءات الوجه، ما يوفر للأشخاص ذوى الإعاقة الحركية مزيدًا من الاستقلالية.
يسرا مختار: «دل تكنولوجيز» و«اتصالات مصر e&» أبرز الداعمين
عبد الغفار: ما زالت فئة بعيدة عن مجال ريادة الأعمال
