قال خبراء مصرفيون إن الاقتصاد المصرى يواجه مخاطر تختلف حدتها بين القطاعات المختلفة فهناك مخاطر داخلية، تتعلق بكيفية إدارة النشاط، مثل ضعف كفاءة التشغيل أو عدم كفاءة الإدارة، وأخرى خارجية، تشمل تقلبات سعر الصرف، والتغيرات فى القوانين والضرائب، والأحداث السياسية، وتغيرات أذواق المستهلكين.
وأوضحوا أن أكثر القطاعات عرضة للمخاطر، "السياحة" نظرا لأنه يعانى من عدم الاستقرار الجيوسياسى، وانخفاض إيرادات العملة الأجنبية، وتأخر سداد المستحقات، يليها العقارات والإنشاءات، إذ تعانى من ركود بسبب ارتفاع التضخم، وتراجع استثمارات المستثمرين، وتكوين فقاعة عقارية، وارتفاع أسعار المواد الخام.، وأخيرا الشحن والنقل، حيث يواجه هذا القطاع ارتفاع أسعار الوقود، والتوترات الجيوسياسية، وزيادة رسوم التجارة والشحن، واتجاه بعض المستثمرين إلى شركات خارجية.
وأكد الدكتور محمد الشوربجى، الخبير المصرفى، أن ثمة مخاطر فى جميع القطاعات الاقتصادية، ولكن تختلف حدّة هذه المخاطر من قطاع لآخر.
وأشار إلى أن القطاعات التى تعتمد بشكل كبير على الاستيراد هى الأكثر عرضة للمخاطر نظراً لِشح العملة الأجنبية، مما يُشكل تحديًا كبيرًا أمام الشركات العاملة فى هذه القطاعات.
وأوضح أن هناك جهودًا حكومية للتغلب على أزمة العملة، ولكن لا تزال هناك بعض المحددات التى تُعيق تدفق العملة بشكل سلس.
وصنف المخاطر التى تواجه الشركات إلى نوعين؛ داخلية وتتعلق بكيفية إدارة النشاط، وخارجية تشمل تقلبات سعر الصرف، والتغيرات فى القوانين والضرائب، والأحداث السياسية.
ولفت إلى أن أذواق المستهلكين تلعب دورًا هامًا فى تحديد درجة المخاطر التى تواجهها الشركات، ففى حال ركود السوق وتراجع الطلب على منتجات معينة، فقد تُواجه الشركات صعوبات كبيرة.
وأفاد بأن البنوك ترفع مخصصاتها تحسبًا لتقلبات الأوضاع الاقتصادية التى قد تؤدى إلى تعثر بعض القطاعات، كما أنها تخصص جزءًا من أموالها لمواجهة الزيادة فى حجم القروض التى يواجه أصحابها صعوبات فى السداد، فضلا عن تخصيص أموالً لمواجهة مخاطر تقلبات أسعار الفائدة وأسعار الصرف وغيرها من العوامل التى قد تؤثر على قيمة أصولها.
والمخصصات هى عبارة عن أموال تُخصصها البنوك من أرباحها لمواجهة مخاطر محتملة قد تنجم عن عملياتها، مثل تعثر العملاء فى سداد قروضهم أو حدوث أزمات اقتصادية، وتُعزز ثقة المستثمرين والعملاء فى سلامة الوضع المالى للبنوك.
ووفقا لأحدث البيانات الصادرة عن البنك المركزى المصرى، ارتفعت مخصصات البنوك إلى 356.5 مليار جنيه بنهاية فبراير الماضى، مقابل 346.9 مليار بنهاية 2023، كما سجل صافى أرباح البنوك بالقطاع المصرفى المصرى نحو 283.388 مليار جنيه خلال 2023؛ مقابل نحو 130.844 مليار فى 2022.
ويرى وليد عادل الخبير المصرفى، أن هناك بعض القطاعات الاقتصادية فى مصر تواجه درجة مخاطر عالية، مشيرا إلى أن قطاع السياحة هو أحد أكثر القطاعات تضررا، إذ يعانى من عدم الاستقرار الجيوسياسى والأمنى فى المنطقة، مثل الأحداث فى غزة والحرب الروسية-الأوكرانية، وأن هذه الأزمات أدت إلى انخفاض حاد فى إيرادات العملة الأجنبية للشركات السياحية، وتأخير فى سداد مستحقاتهم مما يجعل البنوك أكثر حذرا فى تمويل المشروعات السياحية بسبب المخاطر المرتفعة.
ووفقا لبيان سابق صادر عن وزارة السياحة، وصلت الإيرادات السياحية لمصر إلى 4.3 مليار دولار فى الأربعة أشهر الأولى من 2024، مقارنة مع إيرادات الفترة ذاتها البالغة 4.1 مليار دولار فى 2023، وإيرادات الفترة نفسها من عام 2010 المسجلة 3.7 مليار دولار.
وأضاف أن قطاع العقارات والإنشاءات أيضا يواجه تحديات كبيرة، فقد عانى من حالة ركود بسبب ارتفاع معدلات التضخم، مما أدى إلى تراجع استثمارات المستثمرين وتكوين فقاعة عقارية.
وأوضح أن ارتفاع أسعار المواد الخام نتيجة زيادة أسعار الفائدة، أضعف قدرة الشركات على الوفاء بالتزاماتها تجاه البنوك.
أما القطاع الثالث الذى يواجه مخاطر عالية هو قطاع الشحن والنقل، فارتفاع أسعار الوقود والتوترات الجيوسياسية أدى إلى زيادة التكاليف على هذا القطاع، كما ارتفعت رسوم التجارة والشحن الدولية، مما دفع بعض المستثمرين إلى اللجوء إلى شركات خارجية لتنفيذ عملياتهم اللوجستية، وفقًا للخبير المصرفى.
وكانت هالة السعيد، وزيرة التخطيط، قالت إن إيرادات قناة السويس انخفضت %50 بسبب اضطراب حركة الشحن فى البحر الأحمر، حيث أدت هجمات الحوثيين فى اليمن على السفن المتوجهة لإسرائيل إلى تحويل مسار إبحارها بعيدا عن ممر قناة السويس.
ووفقا لتحليل وليد عادل، فإن هناك قطاعات أخرى قد تكون معرضة لمخاطر عالية أيضا، مثل الصناعة بسبب ارتفاع تكاليف الطاقة والمواد الخام، ومن المهم متابعة التطورات الاقتصادية والسياسية بشكل مستمر لتقييم المخاطر بدقة فى مختلف القطاعات.
الشوربجى: زيادة مخصصات البنوك لمواجهة آثار تقلبات الأوضاع الاقتصادية
وليد عادل: ارتفاع التضخم يهدد قدرة شركات العقارات على الوفاء بالتزاماتها
