شبح التضخم يلاحق سوق التأمين ويؤثر على ربحية الشركات

Ad

توقع خبراء التأمين أن تؤثر الزيادة غير المتوقعة فى التضخم على ربحية شركات التأمين وقدرتها على الوفاء بالالتزامات المالية، حيث يظهر التأثير السلبى عند تحديد أقساط التأمين، بينما تنظر الشركات فى مجموعة متنوعة من العوامل، بما فى ذلك اتجاهات الصناعة، مثل عدد المطالبات وتكاليف إصلاح المركبات والمنازل والتكلفة الطبية فى حالة وقوع حادث.

وبيّنوا أن زيادة التكاليف بسبب التضخم، يصحبه دائما سعر أقساط التأمين، لأن التضخم ليس حدثا معقدا، ومن المرجح أن تؤثر الزيادة غير المتوقعة فى تضخم مؤشر أسعار المستهلكين على أقساط التأمين، حيث تضطر شركات القطاع إلى رفع الأقساط لمواكبة الزيادة فى التكاليف الناتجة عنه.

و أصدرت “الرقابة المالية” تقريرها الربع سنوى للعام الجارى، وجاء به أن شركات التأمين المصرية حققت 22 مليار جنيه أقساطا خلال الفترة (يناير- مارس) من 2024، مقارنة بـ18.2 مليار ، خلال الفترة المقابلة من العام الماضى بنسبة نمو %21، بينما قفزت تعويضات الممتلكات والمسئوليات إلى 5.1 مليار ، مقابل 2.9 مليار خلال ذات الفترة المماثلة (الربع الأول من 2023) بنسبة ارتفاع %72.2.

وهكذا، حسب الخبراء، فإن أقساط تأمين «السيارات» و«الهندسى» وغيرها من الأنواع الأخرى ذات التكاليف الباهظة، تتطلب تعويضات كبرى، إذ إن التضخم أعلى من المتوقع، يعنى أن تكاليف التعويضات أعلى مما تم تسعيره فى الوثائق ، ذلك لأنه يتم تسعيرها حسب اليوم، ولكن المطالبات ضد المخاطر تظهر فى المستقبل، بينما تكون التكاليف أعلى مما كان متوقعا فى وقت إبرام التعاقد.

استمرار ارتفاع الأسعار وزيادة التعويضات

وكشف سمير محمود مدير عام تطوير الأعمال والتسويق بشركة قناة السويس للتأمين أن ارتفاع سعر صرف العملات الأجنبية مقابل الوطنية أدى إلى زيادة الأقساط بالجنيه المصرى، خاصة بالنسبة لبعض الوثائق، مثل بوالص «البترول» و«الطيران»، كما أن ارتفاع معدلات التضخم أثر على الشركات فى رفع أسعار بعض منتجاتها، وأدى إلى زيادة التعويضات المدفوعة.

وتابع أن قيمة تأمين الممتلكات والمسئوليات تزداد أهمية للعملاء والمجتمع ككل، لإكسابهم مرونة مالية وحماية واستقرارا اجتماعيا، لما توفره التغطيات بشكل عام وخاصة فى فترات الركود التضخمى، حيث يشعرون بمزيد من الثقة فى قدرتهم على تحمل الصدمات المالية الناتجة عن الأحداث الكبرى غير المتوقعة واستبدال الأصول المفقودة وتغطية النفقات الروتينية الأكثر تكلفة، مثل الفحوصات الطبية السنوية وتكلفة استبدال قطع غيار السيارات.

وذهب إلى أن تأمين الممتلكات والمسئوليات يمكن أن يتأثر بشكل أكبر بالركود المستمر، بينما يؤدى استمرار ارتفاع الأسعار إلى زيادة مدفوعات التعويضات، ومع ارتفاع الأخيرة إضافة إلى تكاليف تشغيل شركات التأمين، فإن المؤسسات عادة ما ترفع الأقساط لتغطية تلك التكاليف، ما يؤثر سلبًا على العملاء.

وأوضح أن بعض العملاء قد يضطرون إلى تقليص وثائقهم بسبب ارتفاع التكلفة، إضافة إلى التضخم الذى يضعف القوة الشرائية للنقود، حيث أن زيادة تكاليف مواد البناء وقطع غيار السيارات والأجور والرعاية الطبية يعنى أن أقساط التأمين التى يدفعها أصحاب وثائق الممتلكات والمسئوليات لا يمكن استخدامها للحصول على نفس التغطية التأمينية التى كانت متوفرة سابقًا.

وأشار إلى أن تأمين السيارات والرعاية الطبية سيعانى من خسائر أكبر، حيث ينعكس التضخم المرتفع على مطالبات الإصابات الجسدية، وبالتالى، زيادة تكلفة التأمين الطبى، وقد تستغرق تسوية المطالبات وقتًا أطول بسبب نقص قطع غيار السيارات، على سبيل المثال، أو التأخير فى التقييمات الطبية بسبب زيادة تكلفة جوانب الرعاية الصحية، مثل الأدوية والمعدات، أو زيادة النزاعات القانونية بسبب تأخر التعويضات ولجوء العملاء إلى المحاكم نتيجة لذلك.

وأكد أن فترات التضخم عادة ما تصاحبها معدلات نمو اقتصادى أقل أو حتى ركود، وهو ما يعرف بـ«الركود التضخمى»، ما يقلل من الطلب على تأمين الممتلكات والمسئوليات، خاصة فى المجالات التى يرى فيها الأفراد أن التأمين عنصر غير أساسى.

توفير تأمين مناسب وبسعر معقول

وبيّن وليد سيد مصطفى خبير التأمين الاستشارى أن هناك 3 عوامل هيكلية تساعد على ارتفاع معدلات التضخم، عبر ارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج ما يعنى زيادة المواد الخام و الكهرباء والوقود والمياه أو أجور العمال أو الإيجارات، وانخفاض سعر العملة المحلية مقابل الأجنبية، فضلا عن ضعف النمو الاقتصادى وعدم وجود مشروعات يمكن من خلالها زيادة الإنتاجية وتقليل معدل البطالة وتغطية السوق المحلية بالسلع الأساسية وإمكانية تصدير المنتجات المحلية إلى الخارج.

وتابع أن التأثير المباشر للتضخم على أرباح شركات تأمينات الممتلكات والمسئوليات سلبى، بسبب زيادة تكاليف التعويضات على البوالص والحاجة إلى تعزيز احتياطيات الخسائر، إضافة إلى أن الركود التضخمى يصحبه انخفاض الطلب على التأمين، ومع ذلك فإن ارتفاع معدل الفائدة له تأثير إيجابى على محفظة الاستثمارات لأن أغلبية استثمارات شركات الممتلكات والمسئوليات فى أذون وسندات الخزانة والودائع البنكية.

وأشار إلى أن الدولة عليها السيطرة على الزيادة فى معدلات التضخم، عن طريق التوسع فى إقامه المشروعات الاقتصادية، لتلبية احتياجات السوق المحلية من السلع والخدمات الأساسية، وبالتالى تقليل الاستيراد، ما يؤدى إلى الحفاظ على قيمة العملة المحلية مقابل الأجنبية، مما يؤثر إيجابيا على انخفاض معدل التضخم، إضافة إلى إصلاح السياسة النقدية العامة، من خلال ترشيد النفقات وزيادة الإيرادات، لتضيق عجز الميزانية والتحكم بمعدلات نمو عرض النقود، لتكون متناسبة مع معدل نمو الناتج المحلى الإجمالى.

وذكر أن تحقيق زيادة أقساط تأمينات الممتلكات والمسئوليات فى صناعة التأمين، يمكن أن يتم عبر دفع التغطيات الإلزامية بشكل أعمق إلى القاعدة الشعبية، عن طريق توفير تأمين مناسب وبسعر معقول يمكن للأفراد ذوى الدخل المنخفض تحمله، مع ضرورة توجه شركات الممتلكات والمسئوليات إلى انتهاج سياسة مراجعة وتقييم الوثائق التقليدية الحالية بشكل كامل، من خلال مراجعة سياسة التسعير التى تأخذ فى اعتبارها معدلات التضخم وآثارها السلبية على الوثائق ، وهذا من شأنه السماح للشركات بتقليص الفجوة فى الإنفاق على المطالبات.

واقترح أن تستثمر شركات التأمين بالأصول بعائد يحقق لها تغطية الصدمات الناشئة عن التضخم، بينما على الممتلكات والمسئوليات الاستعداد بخطة تسويقية مرنة للحفاظ على معدل الطلب على التغطيات وتوفير الحماية اللازمة للعملاء دون رفع مستوى الضغوط عليهم، إضافة إلى تحليل بيانات السوق وإعداد خطط عملية أساسية وأخرى بديلة تتلاءم مع طبيعة وظروف التضخم، وضرورة العمل على تطوير المنتجات التقليدية واتباع كافة الأساليب الحديثة لمواكبة التطور ، من خلال إضافة استحداث منتجات جديدة بأسعار تنافسية تلائم القدرة الشرائية للمجتمع المستهدف من العمليات التأمينية ، والبدء فى دراسة السوق المصرية واستخدام التسويق الإلكترونى لجذب عدد كبير من العملاء الجدد وفتح مجالات استثمارية جديدة.

التكنولوجيا فى النمذجة الإحصائية والتنبؤ

وأفاد هشام شقوير خبير التأمين الاستشارى بأن هناك مجموعة من الإجراءات يمكن لشركات تأمينات الممتلكات والمسئوليات تقديمها للعملاء لتفادى مخاطر التضخم، مثل تقديم منتجات منخفضة التكلفة وبأسعار معقولة مع زيادة التركيز على تجنب المخاطر والخسائر، بينما فى حالة الوثائق ذات الفترات الزمنية الطويلة، يجب رفع المبلغ القابل للخصم الذى يجب على العميل دفعه قبل بدء التغطية أو التقليل من الفوائد، أو استبعاد مخاطر معينة من وثيقة التأمين تمامًا أو خفض مدة الوثيقة.

وأشار إلى أن الرقمنة أحد الطرق الأساسية لتقليل تكلفة التسويق والمبيعات، حيث تقوم شركات التأمين بجمع وتحليل كميات كبيرة من المعلومات واستخدامها فى تحسين كفاءة التكلفة التشغيلية والإنتاجية الإجمالية، والتحكم فى التكاليف وتطبيق تدفقات العمل الذكية وأتمتة خدمة العملاء، وأيضا توسيع شبكات البائعين ورفع المهارات والتدريب لمعالجة الفجوات فى المهارات والمعرفة.

وأضح أن استخدام التكنولوجيا فى النمذجة الإحصائية والتنبؤ وتطبيق التعلم الآلى والخوارزميات يحسن قدرة شركات التأمين على تقييم المخاطر بشكل أكثر دقة، مع تحسين الإنتاجية والتحكم فى التكاليف وتطبيق تدفقات العمل الذكية وأتمتة مهام الاكتتاب، وإعادة تسعير المخاطر التى تظهر تكاليف مطالبات مرتفعة.

وذكر أن البيئات التضخمية المرتفعة تزيد من مصاريف عمليات التأمين والتعويضات أكثر من المتوقع، ما يؤدى إلى انخفاض أرباح الشركات ، ويمكن التخفيف من ذلك إلى حد ما، حيث تقوم الشركات بإعادة تسعير وثائقها من أجل تغطية زيادة النفقات وتكاليف المطالبات، إضافة إلى توسيع شبكات الشركاء والموردين من أجل التفاوض على الأسعار الثابتة لفترة زمنية أطول.

وأكد ضرورة استخدام الرقمنة لمعالجة المطالبات من أهم العناصر التى يمكن استخدامها للكشف عن التحايل والغش فى المطالبات، كما أن الاحتفاظ باحتياطيات التعويضات بشكل مناسب من أفضل الحلول، مع التوسع فى استخدام الخدمات الذاتية الرقمية لمواجهة تضخم الأجور، والتوسع فى برامج استخدام الذكاء الاصطناعى فى الرد على العملاء أو الاستفسارات الخاصة بهم، أو استخدام تطبيقات المحمول للدفع والاستفسار وأيضا إنهاء المطالبات، ما يقلل من التكاليف الإدارية للشركة.

ولفت إلى أن القيمة المالية لتأمينات الممتلكات والمسئوليات تزداد بوجه خاص من خلال توفير التكاليف وتسهيل التدفق النقدى فى حالة حدوث خسائر كبيرة، خاصة لأصحاب الدخل المنخفض، فدور التأمين الحد من الخسائر، وهو مهم، فمن دون التأمين سيواجه الأفراد والأسر والشركات عبئا ماليا كبيرا للخسائر التى لم يتم تغطيتها مضافا إليها معدل التضخم، حيث إن شركات الممتلكات والمسئوليات تتمتع بميزة تقييم المخاطر والوقاية منها، عبر تثبيت الوضع المالى للشركات والأفراد، كتغطيات توقف الأعمال، خاصة للمشروعات الصغيرة أو متناهية الصغر، بينما يمكن الاستفادة من زيادة أسعار الأصول الحقيقية، مثل السيارات والممتلكات، فى توسيع حدود الوثيقة .

ومن الجدير بالذكر، أن هيئة الرقابة المالية كشفت أن شركات التأمين المصرية حققت 34% نموا فى أقساط تأمينات الممتلكات والمسئوليات فى الربع الأول من 2024، لتبلغ 11.7 مليار جنيه، مقارنة مع 8.7 مليار خلال الفترة ذاتها من 2023.

وبلغت أقساط شركات تأمينات الحياة 10.3 مليار جنيه خلال الربع الأول من العام الحالى مقابل 9.5 مليار خلال الفترة نفسها من العام السابق، وبنسبة نمو %9.1.

وقفزت تعويضات «الممتلكات والمسئوليات» إلى 5.1 مليار جنيه خلال الربع الأول من العام الجاري، مقابل 2.9 مليار خلال الفترة المماثلة من العام السابق، وبنسبة ارتفاع %72.2.

وسددت شركات تأمينات الحياة تعويضات بحجم 5.5 مليار جنيه خلال الربع الأول من العام الحالى، مقارنة بـ4.7 مليار الفترة المقابلة من العام السابق، بمعدل ارتفاع %17.8.