توقع عدد من شركات التمويل الاستهلاكى العاملة فى السوق المحلية، أن تُحدث زيادة أسعار الفائدة الحالية، تأثيرات محدودة على النشاط خلال الفترات القادمة، بدعم عدة عوامل، من بينها دخولها فى منحنى هبوط.
ولفت عدد من مسئولى الشركات إلى أن هناك بعض الأمور التى يتم العمل بها فى فترات رفع الفائدة، تتضمن تقليل العروض، وتمرير جزء من زيادة التكلفة إلى العميل، واللجوء لأدوات تمويلية أخرى بخلاف الاقتراض البنكي.
جدير بالذكر أن البنك المركزى المصري، قرر فى 6 مارس 2024، رفع أسعار الفائدة بواقع 600 نقطة أساس ما يعادل %6 لتصل إلى مستويات %27.25وبواقع %8 منذ بداية 2024، وذُكر حينها أنلجنة السياسة النقدية ترى أن هذا القرار يساعد فى تقييد الأوضاع النقدية على نحو يتسق مع المسار المستهدف لخفض معدلات التضخم.
بداية، قال سعيد زعتر، العضو المنتدب والرئيس التنفيذى لمجموعة «كونتكت المالية القابضة»، إنهُ قبل تحرير سعر الصرف، شهد قطاع التمويل الاستهلاكى فى مصر نموًا ملحوظًا نتيجة زيادة الطلب على السلع المعمرة، وتيسير شروط الحصول على التمويل.
وأضاف أنه على الرغم من ذلك واجه القطاع تحديات تتعلق بتقلبات السوق والمخاطر الائتمانية الناتجة عن عدم استقرار الاقتصاد، موضحًا أنه بعد تحرير سعر الصرف، استقرت أسعار السلع المعمرة إلى حد ما؛ ما أضفى طمأنينة على السوق والمستهلكين، ولكن القوة الشرائية للمستهلكين انخفضت نوعًا ما بسبب التضخم.
ولفت إلى أن ارتفاع معدلات الفائدة أثر بشكل كبير على قطاع التمويل الاستهلاكى من خلال زيادة تكلفة التمويل على الشركات والعملاء، وتقليل القدرة الشرائية، وزيادة مخاطر تعثر السداد.
ونوه أنهُ مع ذلك ترى شركة كونتكت أن هذه التحديات يمكن التغلب عليها من خلال تقديم منتجات تمويلية مبتكرة بأسعار فائدة تنافسية، والتركيز على تمويل السلع الأساسية، وتعزيز العلاقات مع البنوك واستكشاف أدوات تمويلية جديدة، كما أنها تواصل استراتيجياتها المتقدمة لإدارة المخاطر وتحقيق الاستقرار المالي.
وقال إن قطاع التمويل الاستهلاكى فى شركة كونتكت يتألف من شركتين، الأولى هى «كونتكت للتمويل» التى تخصصت فى تمويل السيارات، والأثاث، والتشطيب، والنوادي، والتعليم، والتمويل الأخضر، بينما تتخصص الثانية «كونتكت كريدى تك» فى التمويل الرقمى من خلال تطبيق الموبايل الخاص بها والمعروف بـ”كونتكت ناو».
وبين أن «كونتكت» تعتمد على مجموعة من الحلول الشاملة للتكيف مع تأثيرات رفع الفائدة، موضحًا أنها تعمل على سبيل المثال، تنويع مصادر التمويل من خلال البحث عن بدائل أقل تكلفة، مثل إصدار الصكوك والسندات.
وأشار إلى أن «كونتكت» كانت قد تمكنت من تحقيق نتائج قياسية فى هذا المجال خلال عام 2023 بإجمالى قيمة 6.6 مليار جنيه فى عمليات إصدار الصكوك والسندات. وفى الشهر الماضي، أصدرت الشركة أول سندات التوريق لعام 2024 بقيمة 1.04 مليار جنيه، ونحن فى طريقنا للانتهاء من إصدار صكوك جديدة خلال الربع الثانى من هذا العام.
ولفت إلى تركيز كونتكت على تحسين كفاءة التشغيل عبر تبنى تقنيات التحول الرقمي؛ ما يساعد فى تقليل التكاليف التشغيلية وزيادة الربحية، بالإضافة إلى ذلك، تقوم الشركة بتطوير منتجات تمويلية مبتكرة تلبى احتياجات العملاء بأسعار تنافسية، مع التركيز على تمويل السلع الأساسية، وأخيرًا فإنها تعزز استراتيجيات إدارة المخاطر المالية لضمان استقرار الأداء المالى وتقليل تأثيرات التقلبات الاقتصادية.
وأكد أن رفع معدل الفائدة بنسبة %8 خلال عام 2024 أدى إلى تباطؤ عملية الحصول على تمويل جديد، موضحًا أن التحدى يكمن فى الحصول على التمويل بسعر يسمح للشركة بإدارة أعمالها بنجاح وتقديم تمويلات للعملاء بسعر فائدة منطقى يحقق الربحية.
وتابع : أنهُ لهذا السبب قد تتريث شركة «كونتكت» فى نشاط إعادة التمويل أو بيع المحافظ لكى نقدم لعملائها القيمة المعتادة على تقديمها،ورأى أن هناك بوادر استقرار اقتصادى قد بدأت تظهر بالفعل، وتوقع أن تشهد جميع القطاعات نشاطًا متزايدًا فى الربعين الثالث والرابع من عام 2024.
وشدد على أن هذا التحسن فى الظروف الاقتصادية قد يسهم فى تيسير عمليات الحصول على التمويل، خاصة مع التكهنات بخفض سعر الفائدة من قبل البنك المركزى بحلول الربع الرابع على الأكثر.
وفى سياق متصل، قال أحمد الشنواني، الرئيس التنفيذى لشركة «سهولة للتمويل الاستهلاكي»، إن زيادة أسعار الفائدة الأخيرة أثرت بشكل كبير على النشاط ككل.
ولفت إلى تلك الزيادة رفعت التكلفة على القروض القائمة لدى شركة «سهولة»، وهو ما سيؤدى إلى تأثر معدلات الربحية فى النهاية، ولكن بشكل محدود وخاصة أن آجال الأقساط يتراوح بين 12 : 14 شهرًا.
وأضاف «الشنواني»، إن الشركة تعمل فى مثل تلك الفترات على تقليل العروض المقدمة للعملاء، والنفقات التسويقية على سبيل المثال والمصاريف الإدارية، إلى جانب زيادة العائد للشركة على التمويلات الجديدة التى سيتم منحها.
واستبعد أن يُحدث قرار رفع الفائدة الأخير تأثيرات كبيرة على نشاط الشركة والتمويلات المستهدف منحها خلال العام الحالى، والبالغة 2.4 مليار جنيه، موضحًا أنها قد تنخفض بنسبة %10 فقط.
تجدر الإشارة إلى أن حجم التمويلات التى منحتها «سهولة» خلال 2023 بلغ قرابة 2 مليار جنيه، بينما سجل عدد عملائها نحو 165 ألفًا.
وقال «الشنواني» إنه مستهدف زيادة عدد العملاء بنحو 100 ألف فى 2024.
على جانب آخر، كشف «الشنواني» أن الشركة تعتزم زيادة رأسمالها المدفوع بواقع 50 مليون جنيه، ليصل إلى 400 مليون.
وقال إن هناك تأثيرًا آخر لزيادة أسعار الفائدة على شركة «سهولة» إذ ستلجأ للتريث فى الحصول على تمويلات بنكية جديدة، ومحاولة بحث أى من الأدوات التمويلية الأخرى.
وتوقع محمد الفقي،الشريك المؤسس والرئيس التنفيذى لشركة «سيمبلالمتخصصة فى خدمات «الشراء الآن والدفع لاحقًا»،أن تشهد معدلات الفائدة نوعًا من التراجع خلال العام الجارى بشكل تدريجي، بقرار من البنك المركزى المصري، عقب الوصول لنسب معتدلة فى التضخم.
وقال إنهُ فى حال اللجوء لذلك، سوف يعود بالفائدة على شركات القطاع المالى غير المصرفى وتحديدًا العاملة بالشق الإستهلاكي، خاصة أن نشاطها يشهد نوعًا كبيرًا من الرواج فى آخر ربعين من كل عام، كونه موسم الدراسة وغير ذلك.
ونوه أن رفع الفائدة ليس له تأثيرات حادة على الشركة، بدعم من قصر دورة رأس المال الخاصة بها، التى تصل إلى 5 دفعات فقط كحد أقصى بواقع 5 شهور.
وتجدر الإشارة إلى أنهُ فى يوم 6 مارس تم اتخاذ قرار أيضًا بالسماح لسعر الصرف أن يتحدد وفقًا لآليات السوق، واعتبر أن توحيد سعر الصرف إجراء بالغ الأهمية؛ إذ يسهم فى القضاء على تراكم الطلب على النقد الأجنبى فى أعقاب إغلاق الفجوة بين سعر صرف السوق الرسمية والموازية.
وتأسست«سيمبل»عام 2021، وهى تعتبر أول منصة من نوعها تمكن التجار من بيع منتجاتهم وخدماتهم إلى العملاء حاملى كروت بنكية والدفع بعدين على خطط قصيرة المدى بدون فوائد طبقًا لاحتياجات كل عميل.
وبشكل عام لفت إلى أن التكلفة ارتفعت بواقع 60 مليون جنيه على كل مليار يتم اقتراضها.
وأوضحمحمد الفقي،الشريك المؤسس والرئيس التنفيذى لشركة «سيمبلالمتخصصة فى خدمات «الشراء الآن والدفع لاحقًا»،أن زيادة التكلفة من الفائدة عادة ما تضغط على هوامش ربحية الشركات وبعضها يتحول للسالب أحيانًا.
ونوه أن بعض الشركات التى كانت طرحت عروضها الموسمية لعيد الأضحى، وغيرها قررت إلغاءها للحد من عمليات زيادة التكلفة.
وبلغت قيمة التمويل الاستهلاكى الممنوحة من الشركات خلال الربع الأول من عام 2024، 12.07 مليار جنيه مقابل 10.15 مليار جنيه خلال فترة المقارنة لعام 2023، بمعدل نمو %18.9 وفقًا للهيئة العامة للرقابة المالية.
بينما تراجع إجمالى عدد العملاء بمعدل سنوى %5.8 ليصل عددهم إلى 804.8 ألف مستفيد خلال أول 3 أشهر من عام 2024، مقابل 853 ألف مستفيد خلال نفس الفترة لعام 2023.
وحول مؤشرات النشاط خلال مارس فقط، بلغ إجمالى قيمة التمويل الاستهلاكى 3.35 مليار جنيه، مقابل 4.1 مليار جنيه خلال مارس 2023، بتراجع %18.2 فيماتراجع عدد المستفيدين من النشاط بنسبة %11.8 ليصل عددهم إلى 279 ألف مستفيد خلال مارس 2024، مقابل 316 ألف مستفيد خلال مارس 2023.
وحول تصنيف قيمة التمويل الاستهلاكى وفقًا لنوع السلع خلال مارس 2024، استحوذ شراء المركبات والسيارات على %24.4 من إجمالى النشاط، بمبلغ 818.6 مليون جنيه،كما استحوذت الأجهزة الكهربائية والالكترونيات على %14.6 بمبلغ 489 مليون جنيه، يليها الإلكترونيات بوزن نسبى %14.2 من إجمالى النشاط، لتسجل 476 مليون جنيه.
