Ad

ياسين محمد

شهدت البورصة المصرية فى الآونة الأخيرة اتجاه عدد من الشركات المقيدة للشطب الاختياري، وهى ظاهرة أثارت جدلًا وتساؤلات واسعة حول دوافع الشركات وتأثير ذلك على سوق المال المصرية بشكل عام، على المتعاملين فى السوق وأصحاب شركات التداول.

ويرى الخبراء أن عمليات الاستحواذ من قبل كيانات كبيرة على أخرى مدرجة تلعب دورًا كبيرًا فى هذه الظاهرة، إذ تفقد الشركات أحد أهم شروط القيد فى البورصة والمتعلق بالحد الأدنى لأسهم التداول الحر.

كما يؤثر عدم وجود حوافز ملائمة للشركات للبقاء فى البورصة على قراراتها، حيث كانت الكيانات المدرجة تتمتع فى الماضى بإعفاءات ضريبية وامتيازات أخرى تجعلها تفضل البقاء فى سوق المال.

وقال البعض إن هذه الظاهرة تعكس تحديات كبيرة أمام البورصة، بما فى ذلك ضعف السيولة والتذبذب فى أوضاع السوق، مما دفع بعض الشركات إلى تفضيل الإدراج فى بورصات خارجية.

وعلى الرغم من هذه التحديات، فإن هناك آمالًا فى عودة الشركات للسوق المصرية إذا ما توفرت الحوافز الملائمة، خاصة مع التوقع بدخول شركات جديدة فى قطاعات مثل البتروكيماويات والأسمدة والبترول إلى الأسواق فى المستقبل القريب.

وكانت البورصة قد أعلنت عن أن عددًا من الشركات قد خرجت من السوق أو أعلنت نيتها بالشطب خلال الفترة الأخيرة، مثل شركة العز الدخيلة والتى خرجت فى مايو 2023، والبويات والصناعات الكيماوية-باكين ، إلى جانب شركة التشخيص المتكاملة القابضة التى أعلنت نيتها بالشطب فى مايو من العام الجاري، كما تم شطب شركة «ثقة» لإدارة الأعمال فى مايو الماضي.

أما تاريخيا فشهدت السوق خروج كيانات كبيرة منذ سنوات عديدة مثل شركة «أورنج مصر» للاتصالات فى نوفمبر 2018، فضلا عن أوراسكوم للإنشاءات فى عام 2016، وفى المقابل يعد معدل دخول بضاعة جديدة للسوق ضعيفا.

يذكر أن الدولة أعلنت مرارا عن خطة كبيرة لطرح شركات حكومية فى البورصة المصرية، ولكن لم يتم تنفيذ سوى عدد محدود من الطروحات ضمن ذلك البرنامج.

وأرجع عادل عبدالفتاح رئيس شركة ثمار لتداول الأوراق المالية، اتجاه عدد من الشركات للشطب الاختيارى من البورصة المصرية خلال الفترة الأخيرة إلى عدة أسباب على رأسها عمليات الاستحواذ من جانب كيانات كبيرة، والتى بالتالى تفقد الشركات أحد أهم شروط القيد فى البورصة والمتعلق بالحد الأدنى لأسهم التداول الحر والبالغ %10.

وأضاف أن العديد من الكيانات المستحوذة على شركات فى البورصة تفضل عدم الإبقاء على القيد، وأحيانًا يتم إدراج الشركات المستحوذ عليها فى بورصات خارجية.

وقال «عبد الفتاح» إنه لابد أن نعترف بأن البورصة المصرية حاليًا تفقد بعض عناصر الجذب للقيد بها، فى ظل ضعف السيولة وضعف المؤسسات فى السوق، مدللا على ذلك بتدنى الوزن النسبى للبورصة المصرية فى المؤشرات العالمية مثل «MSCI»، حيث وصلت إلى أدنى مستوى بثلاث شركات فقط.

وعن مسلسل الخروج من البورصة، وهل سيستمر لفترة أم سيندثر، أكد «عبدالفتاح» أن هذا يتوقف على ظروف السوق ، فإذا تغيرت وأصبحت هناك حوافز للاستثمار فى البورصة فقد تتراجع هذه الظاهرة.

وأضاف أن عمليات القيد الجديدة فى البورصة وخاصة من الشركات الكبيرة أصبحت نادرة بآخر خمس سنوات، وقال لابد من تشجيع الشركات وإعطائها حوافز للقيد فى البورصة لكى تتناسب مع حجم الاقتصاد فى الفترة الأخيرة.

وأشار إلى أن جميع القطاعات ممثلة فى البورصة ولكن هذا التمثيل يعتبر ضعيفا بالنسبة لحجم القطاعات فى الاقتصاد المصرى.

ولفت إلى أنه يجب تعزيز القطاعات المتواجدة بالسوق فعليا، عبر إضافة شركات جديدة فكلما يزيد العرض الجيد يزيد عدد العملاء.

وأوضح أن لكل شركة ظروفها الخاصة فمازال هناك مميزات للقيد فى البورصة ولكن ربما تكون أقل من الأسواق الإقليمية الأخرى، لذلك نرى الشركات تعزف عن السوق المصرية وتقيد نفسها فى بورصات أخرى، لذلك يجب العمل على جذب شركات جديدة.

من جانبه، رأى محمد فتح الله، العضو المنتدب لشركة بلوم لتداول الأوراق المالية، أن هناك عدة أسباب قد تدفع الشركات للخروج من البورصة، منها صفقات الاستحواذ إذ قد يفضل المستحوذ إلغاء قيد الشركة لعدم الحاجة إلى التداول الحر فى البورصة، خاصة فى ظل التذبذب فى أوضاع السوق وضعف عمليات التنفيذ.

وتابع إن البورصة بحاجة إلى طروحات جديدة وتنافسية، كما أن عدم استقرار سعر الصرف وعدم دخول الاستثمارات الأجنبية، وصعوبة تقييم الأسهم فى ظل وجود سوق موازية شكلت تحديات كبيرة.

وأضاف «فتح الله» أنه مثلما يوجد دخول للبورصة عبر القيد والطرح الأولى ، هناك أيضًا خروج، مثلما حدث مع البنك الأهلى سوسيتيه «قطر الوطني» وأوراسكوم للإنشاء واتصالات، ويرى ضرورة استبدال هذه الأسهم بطروحات جديدة فى القطاعات ذاتها لتلبية الاحتياجات التمويلية لشركات الدولة.

وتوقع عدم خروج شركات جديدة من البورصة خلال الفترة المقبلة، وأن تسرع الحكومة من وتيرة طرح الشركات التى أعلنت عنها مسبقًا، كما توقع دخول شركات فى قطاعات مختلفة مثل البتروكيماويات والأسمدة والبترول للسوق.

وأكد أن وجود الشركات فى البورصة يمثل إعلانًا مجانيًا لها، ووسيلة سهلة للتخارج، فضلا عن آلية مفتوحة لزيادة رأس المال .

من جهته، قال ياسر المصرى نائب رئيس شركة العربى الأفريقى لتداول الأوراق المالية، إن خروج الشركات بصورة كبيرة خلال الفترة الأخيرة يرجع إلى رغبة الكيانات المستحوذة بفرض السيطرة الكاملة على إدارة الشركة، أو لأنها لا تستطيع توفير معايير الإفصاح.

وأضاف أنه يجب أن تكون هناك حوافز للشركات، ففى الماضى كانت الكيانات المدرجة بالبورصة لديها إعفاء ضريبى بـ%10 من رأس مالها.

وألمح «المصري» إلى أن الشركات لا ترى فائدة من الالتزام بمتطلبات البورصة فى ظل عدم وجود الحوافز، لذلك يتجهون إلى الشطب.

وطالب بضرورة توافر عناصر التحفيز للشركات، مضيفًا أنه فى الآونة الأخيرة غاب هذا العنصر بصورة كبيرة وعلى رأسهم الإعفاء الضريبي.

ويرى «المصري» أن الفترة المقبلة ستشهد خروج الشركات الصغيرة من البورصة، بينما توقع أن شركات الذكاء الاصطناعى قد تظهر فى البورصة خلال الفترة القادمة وستشهد نجاحا وإقبالا كبيرا عليها.

فى السياق ذاته، قال محمد حسن العضو المنتدب لشركة ألفا لإدارة الاستثمارات المالية، إن سبب الخروج من البورصة يعود بنسبة كبيرة إلى عملية الاستحواذ على الشركات بحصص قد تصل إلى %100.

وأضاف أن مسلسل الخروج من البورصة سيظل مستمرا، وأنها عملية طبيعية، كما تخرج شركات هناك أخرى جديدة تدخل.

وأوضح أنه خلال الفترة المقبلة سيقل عدد الشركات التى تخرج من البورصة، متوقعا أن يكون القطاع الطبى ضمن أبرز المجالات التى تشهد خروجا من السوق خلال الفترة المقبلة نتيجة عمليات استحواذ ، كما أن حركات التداول تكون ضعيفة بالرغم من قوة تلك الشركات، أما القطاعات المتوقع زيادة تمثيلها فى السوق فهى «العقاري» و«الصناعي».

وأكد «حسن» أن خروج الشركة من البورصة قد يرتبط أحيانا بقوة الشركة وجاذبيتها للاستثمار التى ترتب عليها رغبة مستثمر إستراتيجى بالسيطرة عليها.

فتح الله: من الضرورى تعويض المنسحبين بأخرين من القطاع نفسه

المصري: إذا دخلت كيانات بنشاط الذكاء الاصطناعى ستخلق قيمة مضافة كبيرة

حسن: رغم قوة المجال الطبى فإنه الأقرب للابتعاد عبر عمليات استحواذ

عبدالفتاح: سوق المال المصرية فقدت مميزاتها مقارنة مع نظيراتها الإقليمية