رجح خبيران مصرفيان أن يلجأ البنك المركزى إلى خفض أسعار الفائدة، لا سيما وأن نطاقاتها الحالية شديدة التكلفة على الائتمان والاستثمار على حد سواء، ناهيك عن كونها تكبد الموازنة العامة للدولة المزيد من الأعباء.
واختلف الخبيران فى توقيت خفض أسعار الفائدة، ففى الوقت الذى رجح فيه أحدهما أن يلجأ صانع السياسة النقدية إلى تخفيضها بواقع 2: %3 خلال الاجتماع المقبل، على أن يخفض الـ%6 التى رفعها فى اجتماع 6 مارس الاستثنائى على مرحلتين على أقصى تقدير، رجح الآخر أننا لن نرى تخفيضًا فى أسعار الفائدة قبل الربع الأخير من هذا العام.
وفيما يتعلق بمعدلات التضخم، أكد الخبيران أنه حتى وإن اتخذ التضخم مسارًا هبوطيًا إلا أننا لن نصل إلى أرقام أحادية – وهى مستهدفات البنك المركزى – ومن ثم قد يكون تعديل هذه المستهدفات احتمالا واردا جدًا.
وتوقع بنك “ستاندرد تشارترد” أن يقدم البنك المركزى المصرى على خفض أسعار الفائدة بداية من الربع الثالث من العام الحالى.
وأشارت كارلا سليم خبير اقتصادى فى منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وباكستان ببنك “ستاندرد تشارترد”، إلى أن الخفض المتوقع فى أسعار الفائدة يتراوح بين 300 إلى 500 نقطة أساس حتى نهاية العام الجارى بواقع %1.5 فى كل مرة.
وأضافت أن الترجيحات تشير إلى انخفاض معدلات التضخم لتصل إلى أقل من %30 خلال يونيو وإلى %25 بنهاية العام الجارى إلى أن يصل إلى %20خلال العام المقبل.
وقال محمود نجله، المدير التنفيذى لأسواق النقد والدخل الثابت بشركة الأهلى لصناديق الاستثمار ومحافظ الأوراق المالية، إنه من المتوقع أن يلجأ البنك المركزى إلى تعديل مستهدفاته فيما يتعلق بمعدلات التضخم لا سيما وأن المعدلات الحالية لاتزال بعيدة عن مستهدفات البنك المركزي.
وكانت لجنة السياسة النقدية قد قررت تحديد معدلات التضخم المستهدفة خلال الفترة المقبلة عند مستوى %7 (±2 نقطة مئوية) فى المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2024، ومستوى %5 (±2 نقطة مئوية) فى المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2026.
وأضاف «نجله» أن بعض مسببات التضخم لا زالت قائمة، ومن ثم فإن هبوطه بشكل حاد قد يبدو وأنه احتمال غير متوقع خلال الفترة القريبة المقبلة، موضحًا أنه من أبرز هذه المسببات رفع الدعم عن الخبز، والتوقعات برفع أسعار المحروقات، وكذلك رفع أسعار الكهرباء.
كانت الحكومة المصرية قد قررت، خلال الأيام القليلة الماضية، رفع سعر الخبز المدعم إلى 20 قرشا - بدلا من 5 قروش - اعتبارا من الأول من يونيو الحالى، وتعد هذه المرة الأولى التى ترفع فيها الحكومة سعر الخبز المدعم منذ عام 1988.
على الجهة الأخرى، قال الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء - فى تصريحات صحفية - إنه طلب من وزير الكهرباء وضع خطة جديدة مدتها 4 سنوات لرفع أسعار الكهرباء تدريجيًّا خلالها.
وأضاف أن ذلك سيتطلب موارد لتحقيقه، لهذا طلب من وزير الكهرباء خطة الـ4 سنوات لتحريك أسعار الكهرباء، بحيث تكون الشرائح الدنيا ما زالت مدعومة، والبدء ببعض الأنشطة لتتحمل جزئيًّا هذا الفرق.
أسعار الفائدة
وفيما يتعلق بأسعار الفائدة، أوضح محمود نجله، المدير التنفيذى لأسواق النقد والدخل الثابت بشركة الأهلى لصناديق الاستثمار ومحافظ الأوراق المالية، أنه من المتوقع أن يبقى البنك المركزى على أسعار الفائدة كما هى عند مستوياتها الحالية خلال الربعين الثانى والثالث.
وأشار إلى أنه من الممكن أن يلجأ صانع السياسة النقدية فى البنك المركزى إلى تخفيض أسعار الفائدة خلال الربع الأخير من العام الجاري، مبينًا أن مستوى خفض أسعار الفائدة سيكون مرتهنًا بمعدلات التضخم.
من جانبه، أشار ماجد فهمى رئيس بنك التنمية الصناعية الأسبق إلى أنه من المتوقع أن يلجأ صانع السياسة النقدية إلى تخفيض أسعار الفائدة خلال الاجتماعات المقبلة، خاصة وأنه عمد إلى تثبيت أسعار الفائدة خلال الاجتماع الأخير، مبينًا أن التثبيت تمهيد للتخفيض.
وأضاف أنه من المحتم أن يكون هناك تخفيض فى أسعار الفائدة خلال الاجتماعات المقبلة، خاصة وأن هذه الأسعار تنطوى على آثار سلبية على الاستثمار وتكلفة الائتمان والموازنة العامة للدولة.
وتوقع أن تلجأ لجنة السياسة النقدية إلى تخفيض أسعار الفائدة بنسب تتراوح من 2 إلى 3%، خاصة وأنه قد رفع الفائدة بواقع 600 نقطة أساس دفعة واحدة، ومن ثم قد يخفض هذه النسبة على مرحلة أو مرحلتين فى اجتماعين مثلًا.
وقررت لجنة السياسة النقديـة للبنك المركــزى المصـرى فى اجتماعهـا يــوم 1 فبراير 2024 رفع سعرى عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزى بواقع 200 نقطة أساس ليصل إلى %21.25، %22.25 و%21.75 على الترتيب، كما تم رفع سعر الائتمان والخصم بواقع 200 نقطة أساس ليصل إلى %21.75.
ثم لجأت إلى مزيد من سياسة التشديد النقدي، فرفعت، فى اجتماعها الاستثنائي، 6 مارس الماضي، سعرى عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزى بواقع 600 نقطة أساس ليصل إلى %27.25، %28.25، و%27.75 على الترتيب، كما تم رفع سعر الائتمان والخصم بواقع 600 نقطة أساس ليصل إلى %27.75.
وأبقت فى اجتماع 23 مايو الماضى على أسعار الفائدة دون تغيير، لتظل عند مستوياتها الحالية.
معدلات التضخم
وأشار ماجد فهمى رئيس بنك التنمية الصناعية الأسبق، إلى أن التضخم ليس ناتجًا عن سيولة زائدة فى السوق، ولا عن خلل بين العرض والطلب، وإنما نتاج تبدلات سعر الصرف وارتفاع الدولار، لا سيما وأن الدولة تستورد معظم احتياجاتها بالدولار، خصوصا فى ظل ارتفاع تكلفة الفاتورة الاستيرادية.
وأكد أن توقعات معدلات التضخم مرتهنة فى المقام الأول بسعر الدولار، ففى حال استقر سعره أو انخفض فهذا يعنى انخفاضا محتملا فى معدلات التضخم والعكس أيضًا صحيح.
كان معدل التضخم الأساسى قد انخفض بنحو %6.77 خلال 12 شهرًا، ليهبط من %38.58 خلال أبريل 2023 إلى %31.81 بنهاية أبريل الماضي، فيما شهد حالة من التذبذب هبوطًا وصعودًا بين هذين الشهرين.
فقد ارتفع فى مايو 2023 إلى %40.31 ثم إلى 41% فى الشهر التالي، قبل أن ينخفض إلى %40.37 و%40.38 خلال شهرى يوليو وأغسطس 2023.
وهبط فى سبتمبر الماضى إلى مستوى %39.7 ثم إلى %38.1 خلال أكتوبر الماضي، وواصل حالة التراجع فى الأشهر التالية مسجلًا %35.86 فى نوفمبر واختتم العام مستقرًا عند مستوى %34.18.
وسجل معدل التضخم الأساسى نحو %29.01 خلال يناير الماضي، بيد أنه عاود الارتفاع فى فبراير مسجلًا نحو %35.12 وتراجع نسبيًا فى مارس مسجلًا %33.66 واستقر، خلال أبريل الماضي، عند مستوى %31.81.
وتراجع معدل التضخم الأساسى السنوى إلى %31.8 فى أبريل 2024، مقارنة مع %33.7 فى مارس 2024، بتراجع 1.8 %.
وسجل التضخم الشهرى لمؤشر أسعار المستهلكين فى الحضر، الصادر عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء فى 9 مايو 2024، %1.1 فى أبريل 2024 مقارنة مع %1.7 فى الشهر نفسه من العام السابق و%1.0 فى مارس 2024.
كما سجل التضخم الشهرى لمؤشر أسعار المستهلكين الأساسي، الذى يعده البنك المركزى المصري، %0.3 فى أبريل 2024 مقارنة مع %1.7 فى الشهر نفسه من العام السابق، ليصل إلى %1.4 فى مارس 2024.
نجلة: النسب الحالية لا تزال بعيدة عن أهداف البنك
فهمي: استقرار سعر الصرف «كلمة السر»
