قال خبيران مصرفيان إن عدم توفر سيولة كافية للجهات الحكومية ليس منصبًا على عجز فى الجنيه المصرى، وإنما فى الموازنة بشكل عام والذى يتطلب معالجة شاملة تشمل زيادة الموارد، وخفض الدعم، وتحسين كفاءة الإنفاق، بالإضافة إلى تعزيز الإنتاجية.
وأوضح الخبيران أنّ سحب البنك المركزى المصرى للسيولة من البنوك لا علاقة له بمديونية قطاع الكهرباء لقطاع البترول، ويهدف هذا الإجراء إلى التحكم فى حجم المعروض النقدى فى السوق وضبط معدلات الفائدة.
وفى وقت سابق، قال محمد معيط، وزير المالية، إن وزارة الكهرباء تُعانى من عجز هائل يُقدّر بـ 130 مليار جنيه، ينشأ عن الفرق بين تكاليف توليد الكهرباء والتحصيلات من المستهلكين، لذا تلجأ الوزارة إلى الخزانة العامة للدولة لسدّ هذا العجز.
وأفاد بأن وزارة الكهرباء تشترى الغاز الطبيعى من وزارة البترول بسعر 3 دولارات للوحدة الحرارية، تتحمّل الخزانة العامة للدولة أيّ فرق فى السعر يتجاوز هذا المبلغ.
وأرجع عز الدين حسانين، الخبير المصرفى نقص سيولة الجنيه المصرى لصالح بعض الهيئات والوزارات الحكومية إلى عدم التنسيق الكامل بين وزارة المالية والبنك المركزى المصرى وهو ما يُعدّ أحد أهم أسباب الأزمات المالية والنقدية.
وأشارإلى أن سحب البنك المركزى السيولة الفائضة من البنوك الفترة الماضية لا يُعدّ السبب الرئيسى لنقص السيولة لدى الوزارات والهيئات الحكومية.
وعبر آلية السوق المفتوحة، كان البنك المركزى قد حصد سيولة بقيمة تتجاوز 3.7 تريليون جنيه، بعد قراره الأخير بتعديل سياسات قبول العطاءات بفائدة %27.75.
وأوضح أن لكل وزارة حسابات خاصة بها لدى البنك المركزى تحت إشراف وزارة المالية وبالتالى، يجب تلبية طلبات السحب النقدى فورًا بعد موافقة مسبقة من "المالية"، طالما أن الطلب يتضمن مخصصات مالية مُعتمدة فى موازنة الوزارة.
ورجح "حسانين" بعض الأسباب المحتملة لنقص السيولة منها سوء تقدير الاحتياجات، موضحًا أنه قد تكون بعض بنود الإنفاق فى موازنات الوزارات غير مُقدّرة بشكل صحيح، مما أدى إلى نقص فى المخصصات المالية المتاحة من البنك المركزي.
وأشار إلى اتباع سياسة مالية صارمة من قبل كل من "المالية" و"المركزي"، تقضى بعدم توفير سيولة كافية للجهات الحكومية، مع وقف السحب على المكشوف من البنك المركزي.
وتوقع أن يكون هذا التشدّد فى توفير السيولة ناتجًا عن اتباع توصيات صندوق النقد الدولى، والتى حدّت من سهولة حصول الوزارات والهيئات الحكومية على الأموال.
وحذر هشام حمزة، الخبير المصرفى، من استمرار تفاقم عجز الموازنة ، مشيرًا إلى أنّ مصر ليست أمام عجز فى الجنيه المصرى، بل فى الموازنة بشكل عام.
وأضاف أنّ "هذا العجز يعنى أنّ موارد الدولة بالجنيه المصرى أقل من تكاليفها".
وأفاد بأن دعم المواد البترولية، وخاصةً الغاز الطبيعى، يُعدّ أكبر عبءٍ مالى على الدولة، مشيرا إلى أن البيانات توضح أنّ أكبر تكلفة تقريبًا مضطرة الدولة لدفعها هى الدعم، ومن ضمن أهم بنودها هو دعم المواد البترولية.
وأكد أن شركات الكهرباء تُعانى من أزمة مالية خانقة، حيث تراكمت ديونها لقطاع البترول إلى أكثر من 200 مليار جنيه خلال الربع الأول من عام 2024، مشيرا إلى أنها تعود إلى اعتماد محطات الكهرباء بشكل كبير على الغاز الطبيعى، وارتفاع أسعاره عالميًا.
وقدم "حمزة" بعض الحلول المقترحة لمعالجة مشكلة عجز الموازنة، وتشمل؛ زيادة الموارد، من خلال زيادة الضرائب أو خفض الدعم، الاقتراض سواء من الداخل أو الخارج، تحسين كفاءة محطات توليد الكهرباء؛ لتقليل الاعتماد على الغاز الطبيعي.
وتوقعت الحكومة أن يواصل العجز فى الموازنة العامة للدولة، تراجعه إلى %5 فقط فى منتصف العام 2027، وفقا لتصريحات سابقة لوزير المالية محمد معيط.
وتراجع العجز الكلى للموازنة من %12 خلال عام 2013 - 2014 إلى %6 من الناتج المحلى الإجمالى بنهاية يونيو 2023.
وأضاف أيضًا ضرورة إعادة هيكلة ديون قطاع الكهرباء؛ لتخفيف العبء المالى على الشركات، توحيد أنظمة الميزانية، بين وزارتى البترول والكهرباء.
وأكد أنّ حلّ مشكلة عجز الموازنة يتطلب نهجًا شاملًا وطويل الأجل، وأنّه "لا توجد حلول سريعة".
وشدد "حمزة" على أنّ سحب البنك المركزى المصرى للسيولة من البنوك لا علاقة له بمديونية قطاع الكهرباء للبترول، ولا يُشير إلى وجود مشكلة سيولة فى النظام المالى.
حسانين: التشدّد ناتج عن اتباع توصيات صندوق النقد
حمزة: الحل يتطلب نهجاً شاملًا طويل الأجل
