قال خبيران مصرفيان إن هناك عدة عوامل أدت إلى تعافى الجنيه أمام الدولار والقضاء على السوق السوداء، على رأسها قرارات البنك المركزى خلال الاجتماع الاستثنائى للجنة السياسة النقدية فى 6 مارس الماضي، وتحرير سعر الصرف، وترك تحديد قيمة الجنيه وفقًا لقوى العرض والطلب وآليات السوق.
وذكر الخبيران أن تنامى التدفقات الدولارية سواء من خلال صفقة رأس الحكمة أو تنازلات الأفراد عن العملات الأجنبية فى البنوك أو مكاتب الصرافة وكذلك تعاظم استثمارات الأجانب فى أدوات الدين الحكومية مكّنت القطاع المصرفى من تدبير كافة احتياجات العملاء من النقد الأجنبي.
وتوقع الخبيران أن يشهد سعر الدولار أمام الجنيه انخفاضا طفيفا خلال الفترة المقبلة، على أن يتراوح سعره بين 44 إلى 46 جنيهًا خلال الأشهر الثلاثة المقبلة.
وتجاوز حجم تدبير العملة الأجنبية التى نفذتها البنوك لصالح الإفراج عن البضائع بالموانئ المصرية منذ 6 مارس الماضى وحتى الآن 18 مليار دولار، بحسب مصادر مصرفية مطلعة تحدثت لـ «المال» فى وقت سابق.
البيه: الوفرة قضت على السوق السوداء
قال محمد البيه الخبير المصرفى إن تعاظم تنازلات الأفراد والشركات عن الدولار جاء مدفوعًا بقرارات البنك المركزى الأخيرة، 6 مارس الماضي، حيث اعتمد سعر صرف مرن، وترك قيمة الجنيه تتحدد وفق آليات السوق وقوى العرض والطلب.
وبلغ حجم التنازلات الدولارية التى دخلت البنوك ومكاتب الصرافة منذ 6 مارس وحتى الآن من خلال الأفراد والشركات نحو 3 مليارات دولار، وذلك بحسب مصادر مصرفية تحدثت لـ «المال» فى وقت سابق.
كان البنك المركزى قد عقد اجتماعا استثنائيا، 6 مارس الماضي، رفعت فيه لجنة السياسة النقدية أسعار الفائدة بواقع 600 نقطة أساس، ليصل إلى %27.25، %28.25، و%27.75 على الترتيب، كما تم رفع سعر الائتمان والخصم بواقع 600 نقطة أساس ليصل إلى %27.75.
وانتهج «المركزي» فى السياق ذاته سياسة سعر صرف مرن، وهو ما أدى إلى إحداث حراكًا ملحوظًا فى سوق النقد الأجنبي، و اختفاء السوق السوداء من الأساس.
وذكر محمد البيه الخبير المصرفى أن الوفرة الدولارية أدت إلى اختفاء السوق السوداء، خاصة وأن البنوك أمست لديها القدرة على تدبير كافة الاحتياجات ا للأفراد والشركات على حد سواء.
ولفت إلى أن محاولة تدبير النقد الأجنبى من خلال السوق السوداء كانت سببها عدم وجود كفاية دولارية فى البنوك، وهو ما كان يدفع المتعاملين إلى محاولات التدبير من خارج القطاع، بيد أن الأمر اختلف الآن، نظرًا لتوافر المعروض النقدى من العملة.
آليات تدبير النقد الأجنبي
كان البنك المركزى قد أصدر خلال مارس الماضي، تعليمات جديدة بشأن مراجعة وتنقية تقارير طلبات تدبير النقد الأجنبي.
وشدد «المركزي» على حتمية تحرى الدقة من قبل البنوك فى مراجعة تلك التقارير وتنقية البيانات المرسلة؛ لتفادى إدراج أى طلبات غير قائمة، وذلك للوقوف على الحجم الفعلى لطلبات تدبير النقد الأجنبى طرف البنوك.
تأتى تحركات البنك المركزى لتلبية طلبات تدبير النقد الأجنبى للعملاء من خلال القطاع المصرفي، وبهدف ضبط منظومة سوق الصرف، وكذا دعم تداول النقد الأجنبى من خلال القنوات الشرعية.
مستقبل سعر الدولار
وفيما يتعلق بمستقبل سعر الدولار، توقع الخبير المصرفى احتمالية هبوط الدولار إلى ما دون الـ 46 جنيهًا خلال الأشهر الثلاثة القادمة.
ولفت إلى أنه من غير المتوقع أن يهبط الدولار إلى ما دون الـ 40 جنيهًا فى الأمد القريب، نظرًا لكون العرض أقل من الطلب، ناهيك عن أن هناك الكثير من الاحتياجات الاستيرادية التى تتم تسويتها بالدولار، علاوة على الالتزامات الأخرى على الحكومة.
يتعين على مصر، بحسب بيانات البنك المركزي، سداد نحو 32.8 مليار دولار والتى تعادل نحو %20 من إجمالى الديون الخارجية للبلاد، ديون متوسطة وطويلة الأجل مستحقة خلال 2024
و فيما يتعلق بالديون قصيرة الأجل، فإنه سيتعين على مصر سداد نحو 9.5 مليار دولار أخرى من أقساط الديون والفوائد قصيرة الأجل خلال النصف الأول من 2024.
التدفقات الدولارية
أوضح هانى أبو الفتوح الخبير المصرفى والرئيس التنفيذى لشركة الراية للاستشارات أنه من المتوقع أن يشهد سعر الدولار انخفاضًا طفيفًا خلال المرحلة القليلة المقبلة، متوقعا أن يتراوح سعره من 44 إلى 46 جنيها خلال الأشهر الثلاثة المقبلة.
أبو الفتوح: توقعات تراجع العملة الأجنبية أبرز الأسباب
وأضاف أن تعاظم التنازلات عن الدولار فى البنوك ومكاتب الصرافة جاء مدفوعا بتوقعات الأفراد باستمرار تراجع سعر وحدة النقد الأمريكية خلال الفترة المقبلة.
وأوضح أن هناك عدة عوامل أسهمت فى تهدئة التكالب على الدولار، وعززت من التوقعات بتراجعه خلال الفترة المقبلة، لافتًا إلى أن أبرز هذه العوامل تنامى استثمارات الأجانب فى سندات وأذون الخزانة، والتدفقات المتحصل عليها من صفقة رأس الحكمة.
ارتفعت استثمارات الأجانب بأذون الخزانة بحسب البنك المركزى إلى 424.381 مليار جنيه بنهاية يناير 2024، مقابل 393.151 مليار عام 2023.
وتسلمت مصر 14 مليار دولار من دولة الإمارات؛ قيمة الدفعة الثانية من صفقة تطوير وتنمية منطقة رأس الحكمة.
وكانت مصر والإمارات قد وقّعتا فى فبراير الماضي، اتفاقية صفقة استثمارية ضخمة لتطوير مدينة رأس الحكمة الواقعة فى الساحل الشمالى الغربى للبلاد، والتى من المتوقع أن تجذب استثمارات تصل إلى 150 مليار دولار على مدار عمر المشروع.
