مر الاقتصاد اليابانى بفترة عصيبة خلال شهر أبريل الماضى، إذ هبط الين إلى أدنى مستوى له منذ 34 عامًا قبل أن تهرع الحكومة لدعم العملة بما يزيد عن 35 مليار دولار، بحسب صحيفة “ فاينانشيال تايمز” البريطانية.
وحذرت لجنة رئيسية للسياسة الصناعية فى اليابان من تهديدات مزمنة للرخاء الوطني، وذكرت الصحيفة أن اليابان وُصفت منذ أكثر من عام بأنها تمر بنقطة تحول تاريخية.
ومن بين المسارات المحتملة طوال عام 2024، هناك مسار تشعر اليابان بالخوف منه أكثر من غيره ألا وهو الانزلاق إلى الاختلالات التى ترتبط بوضع الاقتصاد الناشئ.
وباعتبار اليابان أول دولة آسيوية تحصل على تصنيف الاقتصاد المتقدم، إذ حافظت بفخر على هذا التصنيف لعقود من الزمن، إلا أنها تخشى من خسارة هذه المكانة، وفقا للصحيفة.
وأوضحت الصحيفة أن الهبوط المتواصل للين منذ يناير، والتدخل الحكومى الذى بدأ مؤخرا، دفع بعض المراقبين إلى وصف الوضع بأنه أزمة عملة.
وقد استحضر البعض فكرة مفادها أن الأزمة تكشف نقاط ضعف شبيهة بالاقتصادات الناشئة، وربما يكون قدوم السياح الأجانب بأعداد قياسية والإعلان على وسائل التواصل الاجتماعى عن مدى رخص الوجهة قد زاد من الشعور بالتدهور المتسارع للاقتصاد اليابانى.
وذكرت الصحيفة أن هذا التذمر، يبدو فى غير محله، فالاقتصاد اليابانى قد يصبح فى وضع أفضل، إلا أن ضعف الين يهدد بكبح التعافى فى الاستهلاك المحلي.
وبحسب الصحيفة، فإن احتياطيات اليابان من النقد الأجنبى تبلغ أكثر من تريليون دولار، ورغم أن حركة الين، مثيرة للقلق على الرسم البياني، إلا أنها مفيدة لقطاع كبير من الشركات اليابانية.
وأشارت الصحيفة إلى أن صندوق استثمار معاشات التقاعد الحكومى الذى تبلغ قيمته 1.4 تريليون دولار يحتفظ بحوالى %50 من أصوله فى الخارج، وأنه حقق مكاسب قياسية بلغت 232 مليار دولار فى عام 2023.
ومع ذلك، فقد تم مؤخراً الترويج لفكرة تراجع اليابان إلى الاقتصادات الناشئة.
فقد نشرت لجنة السياسة الصناعية التابعة لوزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة تقريرا يوضح نوع التغييرات الجذرية التى تحتاجها البلاد الآن للبقاء فى صدارة الاقتصادات الناشئة، وزعم التقرير أنه فى غياب تغييرات جدية فى إدارة الشركات فإن نمو الأجور الحقيقية والناتج المحلى الإجمالى سوف يظل ثابتا، وخلص التقرير إلى أنه نتيجة لذلك، فإن البلاد قد تفقد الاستقرار الاجتماعي.
وذكرت فاينانشيال تايمز أن نقص العمالة فى اليابان يفرض على الشركات إصلاحات طال انتظارها، ما يسمح للشباب اليابانى بخوض مخاطر أكبر وإظهار قدر أكبر من ريادة الأعمال مقارنة بالماضي، وقد يوفر فى نهاية المطاف السياق الذى يستطيع فيه البنك المركزى رفع أسعار الفائدة بثقة، مع ترسيخ نمو الأجور الحقيقية.
وبحسب الصحيفة، فإن التدهور الأخير فى سعر الين يشير إلى أن اليابان تمر بلحظة فارقة.
ووفقا للصحيفة، تشهد اليابان انخفاض حادا فى مستويات المعيشة، وسوف يصبح أعلى بمرور الوقت.
وبالنسبة لصناع السياسات وغيرهم، قد يكون شبح الاقتصاد الناشئ وجهة مفيدة لليابان لتوجيه نفسها بعيدا عنه باستمرار، وفقا للصحيفة.
«البطالة» تهدد عدة أسواق بانتكاسات تنموية متكررة
يعانى ملايين الأشخاص فى الهند والمكسيك ونيجيريا وجنوب أفريقيا وغيرها من الاقتصادات الناشئة من فقدان وظائفهم أو من انخفاض كبير فى الدخل، خاصة بعد جائحة كورونا، بحسب تقرير نشرته الأمم المتحدة على موقعها.
وذكر التقرير أن معدلات البطالة فى الاقتصادات الناشئة أخذة فى الارتفاع بشكل كبير، بينما تتناقص فرص العمل غير الرسمى بشكل حاد.
وأوضح التقرير أن ما يسمى بالعمال ذوى المهارات المنخفضة ، خاصة بين النساء والشباب والمهاجرين أكثر عرضة للتسريح من العمل وخفض الأجور، ومع ضعف الحماية الاجتماعية أو انعدامها، فإن العاملين فى القطاع غير الرسمى هم الأكثر تضررا.
وأشار التقرير إلى أن الاقتصادات الناشئة تواجه تحديات هائلة فى إعادة توفير الملايين من فرص العمل المفقودة، الأمر الذى يؤدى على الأرجح إلى مستويات أعلى من البطالة والمزيد من الاستقطاب فى المهارات والدخل.
وبحسب التقرير ، فإن الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن فقدان الوظائف سيؤدى إلى ارتفاع معدلات الفقر وعدم المساواة، وهو أمر مثير للمشاكل بشكل خاص، لأن بعض الاقتصادات الناشئة، مثل الهند وجنوب أفريقيا والبرازيل والمكسيك، هى بالفعل من بين البلدان التى تعانى من أعلى مستويات لعدم المساواة فى الدخل فى العالم.
وبعيداً عن تدابير التحفيز، فلسوف تحتاج الحكومات إلى تنفيذ برامج توظيف ضخمة لخلق القدر الكافى من فرص العمل لاستيعاب العمال العاطلين عن العمل حديثاً، وفقا للتقرير.
وذكر التقرير أن الاقتصادات الناشئة الكبيرة بحاجة إلى النظر فى السياسات المرتبطة بمجال الحماية الاجتماعية، وهو أمر ضرورى لتحقيق النمو الشامل وبدون ذلك، وفقا للتقرير، ستكون الاقتصادات الناشئة أكثر عرضة للانتكاسات التنموية المتكررة، والتى قد تقود إلى اضطرابات اجتماعية، أو سياسية.
وذكرت مجلة “ The Diplomat” أن الهند هى الاقتصاد الأسرع نموا فى العالم، وهى فى طريقها لتجاوز ألمانيا واليابان خلال السنوات الخمس المقبلة فيما يتعلق بالناتج المحلي، وأنها ستصبح ثالث أكبر اقتصاد عالمى بعد الولايات المتحدة والصين ومع ذلك، فهناك مخاوف من أن فوائد نمو الناتج المحلى يتم تقويضها بسبب انخفاض نمو الوظائف.
وبحسب المجلة، وصلت البطالة بين الشباب الحاصلين على مؤهلات عليا إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق مسجلة %29، بينما يقدر معدل البطالة الإجمالى بين الشباب بحوالى %10، مما دفع بعض الشباب الهنود إلى السفر بحثًا عن العمل وفرص الدخل المرتفع.
وأوضحت المجلة أن النمو الاقتصادى السريع خلال العقدين الماضيين قد ساهم فى انخفاض غير مسبوق فى معدلات الفقر فى الهند، إذ تراجع معدل الفقر، الذى يشير إلى نسبة السكان الذين يعيشون تحت خط الفقر، من %37 خلال الفترة 2004 - 2005 إلى %22 خلال الفترة 2011 - 2012.
وبحسب المجلة، فقد أخرج النمو الاقتصادى السريع فى الهند 140 مليون شخص من براثن الفقر.
وتظهر التقديرات الأخيرة الصادرة عن الجهات المعنية أن الفقر متعدد الأبعاد فى الهند انخفض من %29.17 خلال الفترة 2013 - 2014 إلى %11.28 خلال الفترة 2022 - 2023، مع خروج حوالى 250 مليون شخص من دائرة الحرمان.
وفى الوقت نفسه، تضاعفت حصة الدخل القومى التى تذهب إلى %10 من السكان تقريبًا خلال العقود الأربعة بين عامى 1982 و2022، إلى حوالى %60.
وتظهر بيانات رسمية أن %45.5 من القوى العاملة للهند تعمل فى قطاع الزراعة، و%12.4 فى قطاع البناء، و%11.6 فقط فى قطاع التصنيع، والباقى فى الخدمات.
ويظل عجز الهند عن سحب المزيد من قوتها العاملة بعيدا عن الزراعة نحو وظائف أكثر إنتاجية وأفضل أجرا يشكل تحديا ملحا، وفى حين ساهم قطاع الخدمات فى النمو، فإن حصته فى التوظيف (حوالى %29) تزيد قليلاً عن نصف حصته فى الناتج المحلى الإجمالي.
وعلى ذلك، فإن القصور فى التركيبة القطاعية للنمو فى الهند يتلخص فى أنها نجحت فى توليد فرص أقل نسبياً لتشغيل العمالة التى تعانى من الفقر.
المياه الجوفية.. طوق نجاة للبلدان الأفريقية التى تعانى من الجفاف
تتعرض منطقة القرن الأفريقى للحر الشديد والجفاف مما تسبب فى حدوث عواقب مدمرة، وبالنسبة للكثيرين فى جيبوتى وإريتريا وإثيوبيا والصومال، لا يزال الأمر مستمرًا حتى اليوم، وبالنسبة للآخرين، فإن شبح الجفاف يلوح فى الأفق، بحسب تقرير منشور على موقع “ منتدى الاقتصاد العالمى”.
وذكر التقرير أن المنطقة عانت مؤخرا من أسوأ موجة جفاف منذ ما يقرب من نصف قرن، إذ شهدت ستة مواسم متتالية من شح سقوط الأمطار.
وأوضح التقرير أنه نتيجة لهذه الظروف القاسية، فقد تأثر 50 مليون شخص بشكل مباشر، و100 مليون شخص بشكل غير مباشر، كما يواجه 20 مليون شخص مخاطر انعدام الأمن الغذائى الحاد والمجاعة.
وأشار التقرير إلى أن أكثر من 4.4 مليون شخص قد احتاجوا إلى مساعدات إنسانية، وبلغ عدد اللاجئين مئات الآلاف من الأشخاص.
وبحسب التقرير، فإن الجفاف المتكرر يؤدى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية، ويؤثر سلبا على الناتج المحلى الإجمالى ويزيد من مخاطر الاضطرابات الاجتماعية، كما تزيد التغيرات المناخية من مخاطر الكوارث، إذ تؤدى إلى تفاقم دورات الجفاف والفيضانات الشديدة وتجبر السكان على النزوح.
وذكر التقرير أن منطقة القرن الأفريقى تحتوى على أكبر عدد من الرعاة الرحل فى العالم، إذ يشكلون نصف عدد السكان فى بعض البلدان، فهم يسعون وراء الأمطار التى لا تأتى أبدا، كما يتأثر أيضا صغار المزارعين إذ يوجد أكثر من 40 مليون شخص فى المناطق الحدودية الإقليمية لا يملكون سوى القليل من البنية التحتية للمياه.
ونتيجة لذلك، تكافح وكالات الإغاثة والحكومات لدعم النازحين الذين يعانون من انعدام الأمن المائى والغذائي.
وفقا للتقرير، تلقت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فى عام 2022 أقل من نصف الموارد المالية المطلوبة لمواجهة موجات الجفاف الإقليمية، ورغم تزايد القدرات على التنبؤ بالجفاف، فإن تحقيق نتائج ملموسة ومستدامة فيما يتعلق بالقدرة على مواجهة الجفاف هو الأهم.
المياه الجوفية العميقة قد تخفف من حدة الجفاف فى القرن الأفريقي
على الصعيد العالمي، توفر المياه الجوفية نصف إجمالى مياه الشرب ونحو ثلث مياه الرى والصناعة. وعلى النقيض من المياه السطحية (وموارد المياه الجوفية الضحلة)، والتى غالبا ما تتضاءل خلال فترات الجفاف، فإن موارد المياه الجوفية العميقة قد توفر إمدادات كبيرة وخالية من الملوثات وقادرة على التكيف مع المناخ.
وفى منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، تقدر كميات المياه الجوفية (المتجددة وغير المتجددة) بما يعادل آلاف السنين من متوسط التدفق الإجمالى لنهر النيل، ومع ذلك، تشير التقديرات إلى أنه يتم استخدام أقل من %5 من المياه الجوفية المتجددة المتاحة سنويًا فى المنطقة.
وتؤكد الدراسات أن المياه الجوفية الوفيرة التى يمكن الوصول إليها، والتى يقل عمقها عادة عن 200 متر، تكون متاحة فى كثير من الأحيان، وتتجدد بشكل دوري، فى المناطق التى تعانى من الجفاف.
وبحسب التقرير، فإن هناك عوامل متعددة تعمل على تأخير التقدم فى استغلال المياه الجوفيه العميقة، فعلى الصعيد العالمي، تنطلق دعوات للحفاظ على المياه الجوفية من الاستغلال المفرط والتلوث والتملح، وحتى عام 2020، صنفت الأمم المتحدة المياه الجوفية العميقة على أنها “مورد مياه غير تقليدي”، وقبل ذلك، كان هناك تصور بأن المياه الجوفية فى جميع أنحاء أفريقيا جنوب الصحراء منتشرة على نطاق واسع ولكن حجمها منخفض.
وبحسب التقرير، فإن استغلال المياه الجوفية أمر حيوى لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وخلص التقرير إلى أن أحد الخيارات التى تستحق المزيد من البحث هو إنشاء شبكة استراتيجية من آبار المياه الجوفية العميقة لدعم القدرة الإقليمية على مقاومة الجفاف.
