استمرار أزمة البحر الأحمر يفاقم الضغوط على قناة السويس

Ad

يضع استمرار أزمة البحر الأحمر مزيدًا من الضغوط على حركة التجارة العابرة بقناة السويس، إذ تراجعت الإيرادات خلال شهر مارس الماضى بنحو %59.4 والحمولات العابرة %66.2 و%49 انخفاضا فى أعداد السفن.

وتصاعدت وتيرة هجمات جماعة الحوثى اليمنية على سفن الشحن فى البحر الأحمر مما أدى إلى تفاقم المخاطر التى قد تواجه السفن التى تمر عبر المنطقة، وسط تصاعد التوترات الجيوسياسية فى الشرق الأوسط، ما أجبر شركات شحن على تعليق الإبحار عبر البحر الأحمر منذ أواخر ديسمبر الماضي.

اقترح عدد من العاملين فى أنشطة النقل البحرى عدة حلول لتخطى تلك التراجعات وأهمها التفاوض مع جماعة الحوثى بعبور السفن المتجهة إلى قناة السويس بأمان أسوة بالصين وروسيا مع منح مزيد من التخفيضات للخطوط الملاحية الأكثر عبورا بالقناة كمساهمة فى تكاليف النقل.

بداية قال اللواء إيهاب البنان رئيس مجلس إدارة شركة كلاركسون شيبنچ ايچينسى إنه فى مطلع تلك الأزمة تقدمت الخطوط بمقترح لإدارة هيئة قناة السويس بضرورة تأجيل الزيادة السنوية للرسوم لتكون بمثابة تشجيع للسفن ومساهمة فى تقليل تكاليف الرحلة خاصة بعد زيادة أقساط التأمين على السفن العابرة لمضيق باب المندب ، مع ضرورةمنح تخفيضات للخطوط الملاحية التى تعبر القناة بحمولات كبيرة.

وقال “البنان “ إن هناك تخوفات بشكل كبير من تعود تلك الخطوط على المرور بطريق رأس الرجاء الصالح والتى تعوض خسائرها من طول الرحلة بزيادة نوالين الشحن خاصة أن ذلك الطريق دون رسوم عبور.

واقترح “البنان “ ضرورة أن تسير مصر على خطى الصين وروسيا فى الاتفاق مع جماعة الحوثى بعدم التعرض للسفن المتجهة لقناة السويس، بجانب ضرورة أن تنوع هيئة قناة السويس من مصادر دخلها من خلال زيادة استثمارات النقل البحرى واللوجستيات ومشروعات التخزين.

وقال المهندس وائل قدور خبير النقل البحري إن تزايد معدلات التراجع فى حجم التجارة المارة بقناة السويس للشهر الثالث على التوالى منذ بداية عام 2024 يتطلب من إدارة قناة السويس التحرك الفورى لتقليل تلك الخسائر.

وقال إن الأمر يتطلب منح عدة تخفيضات للخطوط الملاحية الكبرى مع ضرورة تجميد الزيادات التى أعلنتها فى الرسوم مع ضرورة الاتفاق مع الحوثيين على عدم الاعتداء على السفن العابرة لقناة السويس.

وأشار إلى أن ذلك يتطلب الإعلان المستمر من إدارة القناة السويس عن أسماء السفن العابرة وأنها ليس لها علاقة بإسرائيل أسوة بالصين وروسيا حتى لا تتعرض للاعتداء.

ويعبر قناة السويس نحو %12 من حجم التجارة العالمية، و%25 من تجارة الحاويات.

وفى السياق نفسه أكد تقرير لصندوق النقد الدولى أن حجم التجارة فى قناة السويس انخفض %50 فى أول شهرين من عام 2024 ،مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، فيما قدرت زيادة التجارة المارة بطريق رأس الرجاء الصالح بمعدل %74.

كما أشار التقرير إلى أن أوقات التسليم للشحنات البحرية عالميا ارتفعت بمعدل 10 أيام أو أكثر، منذ بدء توترات البحر الأحمر الذى تمر عبره %15 من التجارة البحرية عالميا.

من جانبها قالت الدكتورة منى نور الدين أستاذ النقل البحرى بجامعة الأزهر إن تطور الأحداث فى مضيق باب المندب أثر على انخفاض حركة السفن بقناة السويس بنسبة %50، وأصاب سلاسل الإمداد بالخلل، ورفع أسعار الشحن.

وأوضحت أنه نظرا لتلك التداعيات تم البحث عن بدائل وطرق ملاحية جديدة تتكامل مع النقل متعدد الوسائط فى المنطقة، وقامت مصر بتشغيل خط الجسر الملاحى العربى مع دولة الأردن من خلال المرور فى خليجى العقبة والسويس وعبور القناة إلى البحر المتوسط والدول الأوروبية.

وتابعت أنه لكى تتغلب قناة السويس على تلك الأزمة يتطلب زيادة حجم التجارة البينية مع الدول العربية من خلال النقل متعدد الوسائط وخاصة مع المملكة العربية السعودية.

وأشارت إلى أن السعودية تتميز بتعدد جبهتها البحرية على الخليج العربى والبحر الأحمر ، وبالتالى يمكن أن تقوم بدور الوسيط للدول العربية الآسيوية عبر شبكات الطرق وخطوط السكك الحديدية التى تربط شرق المملكة بغربها، ولذا لا بد من وجود شراكات للخطوط الملاحية العربية القصيرة والتى تتجنب المرور عبر مضيق باب المندب لكنها تستخدم قناة السويس.

وطالبت بضرورة تشجيع الخطوط الملاحية للسفن المنتظمة وعمل تخفيضات ومنح حوافز لها وخاصة السفن العابرة لمضيق باب المندب.

واقترحت أن تتبنى قناة السويس فكرة الاستدامة للتأكيد على أن القناة لا غنى عنها للعالم ويتوجب على الهيئة عرض بعض الخدمات التى تعمل على تحقيق التنمية المستدامة لتشجيع سفن البضائع والركاب.

وقالت أستاذة النقل البحرى إن من أهم الحلول لتقليل خسائر قناة السويس هو تفعيل خطوط ملاحية قصيرة بين الموانئ المصرية والإفريقية أو موانئ البحر المتوسط مثل خط الرورو بين ميناء دمياط وميناء تريستا الإيطالى لضمان حركة نقل وشحن سريعة.

وأكدت ضرورة عقد هيئة قناة السويس مؤتمرًا دوليًا للملاحة العالمية ودعوة جميع المتخصصين من كافة دول العالم للبحث والابتكار وتشجيع السياحة البحرية عبر ها.

ولفتت إلى أن العالم لن يصمد أمام أزمات وتحديات سلاسل الإمداد المتعاقبة والمتوالية منذ كوفيد 19 والحرب الروسية الأوكرانية وأزمة قناة بنما.

وقال الدكتور أحمد خليل مدير الملاحة بالخط الملاحى أركاس إن تخطى قناة السويس لتلك الخسائر ليس بيدها - على حد قوله - حيث أنها مشكلة سياسية وأمنية وحلها مرتبط بانتهاء العدوان على غزة.

وقال “خليل” إنه رغم تلك التداعيات يمكن لقناة السويس بتجاوز تلك الخسائر على المدى الطويل من خلال الاستفادة من الترسانات البحرية المملوكة لها ودعم أعمال الصيانة وإصلاح السفن والاهتمام بالخدمات الإضافية، وعلى رأسها التزود والوحدات البحرية بالمياه والمؤن وخدمة التموين خاصة فى مناطق الانتظار بغاطس القناة الشمالى والجنوبي.

واقترح “خليل “ استفادة قناة السويس من تراجع أعداد السفن وضعف الحركة برفع كفاءة القناة التقنية والتشغيلية ومشروعات التطوير.