سيطرت أحداث وتداعيات منطقة باب المندب على ورشة عمل عقدها معهد تدريب الموانئ مؤخرا بالإسكندرية، حيث أشار المشاركون إلى استمرار تأثيرها على سلسلة التوريد العالمية، لاسيما وأنه لا توجد أية مؤشرات لإنهاء تلك الأزمة فى الوقت الراهن.
وأوضح خبراء النقل أن خطورة التداعيات تتمثل فى ارتفاع أسعار النوالين بشكل أكبر مما هى عليه أثناء جائحة كورونا، إذ تضاعفت لـ 5 مرات منذ نوفمبر الماضى وحتى أبريل الجاري، بالإضافة إلى البحث عن مشروعات بديلة لمرفق قناة السويس.
وقال الدكتور أيمن النحراوى رئيس قسم برامج الموانئ واللوجستيات بمركز بحوث النقل إن العديد من شركات النقل البحرى قامت بتحويل مسارها من باب المندب وبالتالى تضررت هيئة قناة السويس.
وأوضح أن أسعار النوالين زادت منذ نوفمبر الماضى وحتى أبريل الجارى قرابة 5 أضعاف، حيث وصل سعر نقل الحاوية 40 قدمًا من آسيا إلى البحر المتوسط من 1000 إلى ما يزيد عن 5163 دولارًا، علاوة على ارتفاعات فى مختلف الطرق البحرية والملاحية بواقع %30 بسبب الاضطرابات فى سلاسل الإمداد وارتفاع رسوم التأمين البحري.
وتابع «النحراوى» أن العمليات الصناعية فى أوروبا تشهد اضطرابا، خاصة وأنها تعتمد على استيراد العديد من مواد الخام من آسيا، ومع ارتفاع أسعار النوالين أدى إلى ارتفاع أسعار السلع بشكل غير مسبوق مع زيادة فترة الإبحار الخاصة بالسفن من 28 إلى 38 يومًا للسفن القادمة من آسيا إلى منطقة البحر المتوسط.
وأوضح النحراوى أن هناك تأثيرًا مباشرًا على قناة السويس، يتمثل فى انخفاض أعداد السفن العابرة للمجرى الملاحى لقناة السويس، بنسبة زادت عن %50 وهو ما كان له تأثير واضح على العملة الصعبة المحلية.
وهناك تأثير غير مباشر وطويل المدى، فيتمثل فى البحث عن الطرق والمشروعات الملاحية المنافسة لقناة السويس على المدى الطويل فى حالة استمرار تلك الأحداث، حيث تنظر شركات النقل البحرى إلى مثل تلك المشروعات كطوق نجاة للأزمة الراهنة، والتى لا يزال غير واضح متى سيتم الانتهاء منها.
تابع أن بعض الدول قامت بالاعتماد على النقل البري، كحل مؤقت بديل لقناة السويس لنقل التجارة من آسيا إلى أوروبا، موضحا أنه تم تدشين خط برى بين الصين ثم إلى وسط آسيا ثم تركيا ومنها إلى أوروبا، علاوة على الاتجاه لتنفيذ مشروع يربط بين الهند ودول الخليج ومنه إلى إسرائيل.
بدوره أشار محمد هلال باحث اقتصادى بإدارة التخطيط والبحوث والدراسات بهيئة قناة السويس إلى أن القناة قامت مؤخرا بتنفيذ العديد من المشروعات الجديدة، والتى كان لها تأثير كبير على استقبال المزيد من البضائع والتى وصلت إلى مليار طن سنويا.
وتابع أن القناة حاليا مؤهلة لاستقبال %100 من سفن الحاويات، و%26.5 من حجم التجارة المحواه عالميا، و%12 من «العالمية»، و%62.2 من ناقلات البترول و%92.7 من سفن الصب الجاف.
وأشار إلى أن يتم تنفيذ مشروعات أخرى لتطوير وتحسين المجرى الملاحى لقناة السويس، ومنها ورفع كفاءة عدد 16 محطة إرشاد، وتطوير وإنشاء عدد 10 جراجات طوارئ، و37 قيسونات رباط السفن بمنطقة شرق وغرب البحيرات، بالإضافة الى تحسين المدخلين الشمالى والجنوبى بمنطقة البلاح.
وتابع أنه تم تطوير وتعميق التفريعة الغربية للوصول إلى مرحلة (52/48) قدمًا، وتطوير وتعميق بوغازى بورسعيد الشرقى والغربي، وتطوير وإنشاء تكسيات وتدعيم وحماية المسطحات وصيانة شمعات الرباط على طول المجرى الملاحي.
وتقوم هيئة قناة السويس بتحديث الكراكات الخاصة بها، حيث تم خلال السنوات الأخيرة دخول الكراكات مهاب مميش، وحسين طنطاوي، طبقا لأحدث المعايير الدولية، وأصبحت تمتلك حاليا أسطول من القاطرات من طرازات مختلفة بقدرات تتراوح من 3200 حصان إلى 16000 وتستخدم فى عمليات القطر الإنقاذ ومكافحة الحرائق، وإرساء السفن.
كما تضم هيئة قناة السويس ضمن أسطولها القاطرتين “بركة 1، و”عزت عادل” وهما من أضخم القاطرات التابعة والأقوى فى الشرق الأوسط بقوة سحب مستمر تصل إلى 160 طناً، وتبلغ سرعتها 17.5 عقدة.
وفى مجال تطوير نظم سلامة الملاحة والاتصالات والدعم الملاحى يتم إدارة ومتابعة الملاحة بالقناة إلكترونيا بأحدث أنظمة المراقبة الملاحية الـ V.T.M.S وهو خاص بمتابعة حركة السفن على طول القناة ، ويتيح بذلك إمكانية التدخل فى أوقات الطوارئ.
ولفت إلى أنه تم تطوير مركز المحاكاة للتدريب وعمل السيناريوهات الكاملة العمليات الإرشاد والقطر ومكافحة التلوث لرفع كفاءة القائمين بهذه الأعمال من المرشدين وربابنة القاطرات.
كما تم تطوير الشمندورات المضيئة، وكذلك منظومة المراقبة البصرية بأحدث كاميرات الرؤية النهارية والليلية، ونظام الاتصالات السلكية واللاسلكية ومركز الاتصالات البحرية.
وتابع الباحث الاقتصادى أن قناة السويس ساهمت خلال العام الماضى فى تخفيض ثانى أكسيد الكربون بحوالى 55.4 مليون طن، مقارنة بالمسارات البديلة، وتوفير الوقود بحوالى 16.9 مليون طن.
كما تساهم القناة فى خفض استهلاك الوقود بنسب تتراوح من 20 إلى %80 وخفض الانبعاثات الكربونية الضارة مقارنة بالطرق البديلة خاصة طريق رأس الرجاء الصالح.
كما يتم تدعيم جهود المنظمة البحرية العالمية بنشر المفاهيم الخاصة بالانتقال إلى الأخضر للقطاع البحري، والتعاون مع شركات عالمية متخصصة فى مجال جمع وتدوير المخلفات الصلبة والسائلة من السفن.
وأوضح مسئول الهيئة أن هناك تأثيرات كبيرة على قناة السويس بعد أحداث باب المندب والتى تتركز فى ارتفاع أقساط التأمين على الرحلات البحرية، وكذا ارتفاعات غير مسبوقة فى النوالين البحرية، خاصة بين آسيا إلى أوربا، بالإضافة إلى اضطرابات شديدة فى سلسلة التوريد العالمية.
النحراوي: الأحداث تعطى أهمية للطرق البديلة
باحث اقتصادي: المجرى الملاحى ساهم فى تخفيض ثانى أكسيد الكربون
