Ad

هل تجرى الدماء فى شرايين قطاع الاستثمار المباشر مجددا؟ سؤال طرحته «المال» على الخبراء لمعرفة رؤيتهم وتوقعاتهم فى هذا الصدد الفترة المقبلة، خاصة بعد الاستقرار المبدئى لسعر الصرف، والذى كان أكبر معضلة أمام عمليات الاندماج والاستحواذ، والتى تجمدت كليا خلال فترة التذبذب الحاد فى العملة، والقفزات القياسية التى سجلها الدولار فى السوق السوداء.

ونشرت “المال” مؤخرا أن هناكاهتمامًامن شركة إيديتا للصناعات الغذائية للاستحواذ على شركة بسكو مصر، كما يتنافس صندوقى “ ابيس” البريطانى وspeكابيتال للاستثمار المباشر على شراء حصة أقلية فى الشركة المصرية للبطاقات، والمملوكة لصندوق أفريك انفست للاستثمار المباشر والذى كان قد اشتراها قبل عدة أعوام.

وأكد قانونيون ومستثمرون فى السوق المحلية هذا الاتجاه، لافتين إلى أن استقرار سعر الصرف فتح شهية المستثمرين للاستحواذ على شركات، وذلك فى ظل إمكانية وضع تقييمات محددة.

وقال دكتور وليد حجازى المؤسس والشريك الإدارى لمكتب حجازى للمحاماة إن هناك حركة ظهرت فى قطاع الاستثمار المباشر، وأن المستثمرين يتبنون منظورًا أكثر استقرارا.

وأكد حجازى أن المستثمرين الأجانب عادوا لدراسة السوق مجددا، بدعم تحسن الأوضاع، مقارنة بالفترة الماضية والتى تجمدت خلالها تعاملات الاستثمار المباشر.

ولفت إلى أن القطاعات الأكثر جاذبية للأجانب حاليا هى الصناعة، والزراعة.

وقال أشرف الإبراشى الشريك المؤسس لمكتب الإبراشى للاستشارات القانونية والمحاماة إن صفقات الاندماج والاستحواذ ستشهد تحركات الفترة المقبلة إلا أن ذلك سيستغرق فترة زمنية حتى يطمئن المستثمرون ويبدأون دراسة للسوق.

ولفت الإبراشى إلى أنه رغم تحسن الأوضاع بشكل كبير إلا أنه مازال هناك عجزًا فى المتاح من العملات الدولارية، وأن الأولوية للإفراج عن البضائع الجمركية، وإنه غير متاح الحصول على دولارات بسهولة من البنوك.

وأشار إلى أن مشكلة المعروض الدولارى لم تحل بشكل كلى نظرا إلى أن هناك نسب من توزيعات أرباح الشركات الأجنبية، ومستحقات شركات البترول لم تسدد بعد، لافتا إلى أن الانفراجة الحالية هى أمر مؤقت مالم يتم استغلال الأموال الواردة بحكمة.

وذكر أن النشاط المحدود لمستوردى السيارات، والذهب خلق تراجعا فى الطلب على العملة الصعبة، وأنه فى حالة عودة هذه الفئة لطلب الدولارات سيرفع الطلب على العملة مجددا.

وأوضح أن هناك عائقا آخر أمام الاستثمار بشكل عام وهو ارتفاع معدلات الفائدة التى تكبل الشركات وتصعب الحصول على قروض بنكية لتمويل رأس المال العامل، أو تنفيذ توسعات، بسبب ارتفاع تكاليف الاستثمار.

وأشار إلى أنه للحكم على تحسن الأمور بشكل كلى فإن ذلك مرتبط باتجاه الدولة لضغط وترشيد الإنفاق ووضع الأموال فى محلها فى مشروعات ذات عائد سريع.

وقال أنور زيدان الشريك المؤسس ورئيس قطاع أسواق المال فىمكتب ذو الفقارللاستشارات القانونية إن سوق الاستثمار المباشر وصفقات الاستحواذ بدأت تشهد تحركات فى ظل استقرار سعر الصرف ووجود قاعدة واضحة يمكن بناء عليها حساب قيم الشركات.

وكشف زيدان عن أن المكتب يعكف حاليا على عدة صفقات فى قطاعات الأغذية، والنقل البحرى حيث يستهدف مستثمرون أجانب الاستحواذ على كيانات محلية، فضلا عن طرح الوطنية للطباعة بالبورصة المصرية والتى تم قيدها مبدئيا مؤخرا.

وكشف مدير استثمار بارز فى السوق عن أن هناك العديد من عروض الاستحواذ الرسمية تم تقديمها مجددا إلا أن المشكلة الرئيسية حاليا هى قدرة المستثمرين على توفير الدولارات، نظرا لأن الأولوية للإفراج عن الشحنات الجمركية الراكدة، موضحا أن توافر العملة الخضراء بالسوق هى كلمة السر لعودة المستثمرين إلى السوق.

وتوقع إيهاب رشاد نائب رئيس مجلس إدارة شركةمباشركابيتالهولدنجللاستثمارات المالية أنه مع عودة التدفقات الدولارية للسوق ستشهد الفترة المقبلة المزيد من صفقات الاستحواذ.

جدير بالذكر أن مصر شهدت أزمة دولارية طاحنة أدت إلى تذبذبات حادة فى سعر الصرف، وقفزة كبيرة لسعر العملة الأجنبية بالسوق الموازية ما نتج عنه صعود الدولار لمستويات تجاوزت الـ70 جنيهًا، ما أدى إلى فوضى فى تسعير الذهب، والسيارات التى وصل “الأوفر برايس” على بعض موديلاتها ما يفوق الـ500 ألف جنيه.

وسيطر على قطاع الاستثمار المباشر حالة من الجمود فى ظل عدم القدرة على التقييم بسبب الفجوة الواسعة بين سعر الدولار بالسوق الرسمية، والموازية والتى كان يتم بناءً عليها تسعير شريحة واسعة من السلع بسبب اعتماد السوق المحلية على الاستيراد بنسبة كبيرة.

ولمواجهة الأزمة الدولارية قررت الحكومة حزمة إجراءات جوهرية شملت تأجيل تنفيذ أية مشروعات جديدة لم يتم البدء فى تنفيذها ولها مكون دولارى واضح.

كما قررت الحكومة تأجيل الصرف على أية احتياجات لا تحمل طابع الضرورة القصوى، وترشيد جميع أعمال السفر خارج البلاد إلا للضرورة القصوى، وبعد موافقة رئيس مجلس الوزراء، أو فى حالة تحمل الجهة الداعية لجميع تكاليف السفر، وبعد موافقة السلطة المختصة.

وتقرر أيضا عرض وزير المالية تقريرًا دوريا كل شهرين على رئاسة مجلس الوزراء بمدى التزام الجهات المخاطبة بتنفيذ أحكام هذا القرار وبنتائج تنفيذه.

وتضمنت القرارات أيضا بيع حصص أقلية فى 7 شركات حكومية بقيمة 1.9 مليار دولار لمستثمرين محليين وعرب وأجانب، فيما تعتزم الحكومة بيع محطة جبل الزيت بأكثر من 300 مليون دولار، وشركة وطنية، إضافة إلى طرح 21 محطة تحلية للمياه بإجمالى طاقة 3.3 مليون متر مكعب يوميًا باستثمارات تتعدى 3 مليار دولارات فى المرحلة الأولى منها، التى تنتهى فى عام 2025.

وأخيرا أبرمت مصر فى فبراير الماضى صفقة لتطوير وتنمية مدينة رأس الحكمة فى الساحل الشمالى بشراكة استثمارية مع الإمارات، والتى وصفها رئيس الوزراء مصطفى مدبولى بأنها أكبر “صفقة استثمار أجنبى مباشر فى تاريخ البلاد”.

وتتضمن الصفقة استثمارا أجنبيا مباشرا بقيمة 35 مليار دولار ، وهى صفقة شراكة وليست بيع أصول، وستحصل مصر على 35 % من أرباح المشروع.

وتوقع رئيس الوزراء وقت توقيع الاتفاق أن يحقق المشروع الاستقرار النقدى للبلاد ويساهم فى كبح جماح التضخم والقضاء على السوق الموازية للدولار.

وستقسم استثمارات المشروع إلى دفعتين الأولى 15 مليار خلال أسبوع من توقيع الاتفاق الذى تم فى 23 فبراير الماضى، والثانية 20 مليارا.

كما تم استخدام 11 مليار دولار ممثلة فى ودائع الإمارات وخصمها من الدين الخارجى للدولة وإتاحتها سيولة للبنك المركزى لاستخدامها .

و الدفعة الأولى عبارة عن 15 مليار دولار (10 مليارات سيولة + 5 مليارات تنازل عن الودائع)، والثانية 20 مليار (14 مليار سيولة + 6 مليارات تنازل عن الودائع)، ليكون ‏صافى المُدخل الدولارى الجديد 24 مليار .

وتوقعت الإمارات استثمار نحو 150 مليار دولار لتنمية المدينة سيتم ضخها طوال مدة تنفيذ المشروعات.

وشهدت مصر عقب توقيع الاتفاق إنفراجة دولارية ظهرت بوضوح فى الإفراج الجمركى الفورى عن بضائع وصلت قيمتها 1.2 مليار دولار خلال أول 10 أيام من مارس الماضى فقط.

وبلغ إجمالى البضائع التى تم الإفراج عنها منذ بداية العام 13 مليار دولار وحتى منتصف مارس الماضى.

حجازي: الصناعة والزراعة الأكثر جاذبية

الإبراشي: عودة الاستحواذات يحتاج فترة زمنية

زيدان: نعكف على عدة صفقات فى الأغذية والنقل البحري

رشاد: التدفقات الدولارية تعيد النشاط