أكد عدد من خبراء التكنولوجيا المالية وممثلى صناديق رأسمال المخاطر أن مجال الفينتك ما زال واعدا وبه كثير من الفرص الغير مستغلة حتى الآن، مؤكدين أن اغتنام الفرص الهائلة المتاحة فى السوق المصرية لابد أن يكون من خلال تقديم خدمات قيمة مضافة مبتكرة تتناسب مع مختلف فئات وشرائح العملاء، لاسيما مع وصول السوق إلى مرحلة التشبع بالكيانات التى تقدم حلولًا تقليدية مثل التمويل الاستهلاكى وبطاقات الدفع المسبق
وشهد العالم خلال الـ 20 عاما الماضية ثورة تكنولوجية هائلة ألقت بظلالها على كل المجالات، والقطاع المصرفى لم يكن بعيدا عنها، الأمر الذى أدى إلى ظهور مجموعة من الأدوات المالية التى طورت الصناعة المصرفية، وبمرور الوقت وتغلغل التقنيات الرقمية شتى مناحى الحياة بدأ العالم يتجه إلى اعتماد وسائل رقمية للمعاملات المالية كانت فى الأصل أفكار مبتكرة تهدف إلى تحسين جودة وسرعة عمليات الخدمات المالية من خلال حلول تقنية تناسب مواقف العمل المختلفة، وبالتالى استحدثت نماذج عمل جديدة.
وبحسب منصة mordorintelligence للأبحاث ، فإنه من المتوقع وصول حجم سوق حلول التكنولوجيا عالميا إلى 397.2 مليار دولار بحلول عام 2029 ،مقارنة مع 228.2 مليار خلال العام الجارى بنسبة نمو سنوى تصل إلى 11.7% .
قالمحمد أبو خضرة الرئيس التنفيذى لشركة ابيفاى إن السوق المصرية أصبحت متشعبةفى نشاط حلول التكنولوجيا المالية التقليدية، خاصة وأن أغلب الشركات تقدم خدمات مالية متشابهة مرتبطة بأنظمة سداد الفواتير والتمويل الاستهلاكى وإصدار بطاقات الدفع المسبق.
وأوضح أبو خضرة أن السوق المحلية مازال يفتقر إلى عنصر التجديد والابتكار فى حلول التكنولوجيا المالية إلا أنه توجد بعض الشركات خرجت فعليا من الإطار التقليدى واتجهت إلى تقديم خدمات قيمة مضافة مثل ابتكار تطبيق لشراء العقارات أونلاين أو على غرار نموذج سيمبل من خلال التقسيط ببطاقات الائتمان على فترات قصيرة تتراوح مدتها من 3 إلى 4 أشهر بدون فوائد، وهو نفس نموذج عملTabbyالسعودية.
وألمح إلى أن خروج الشركات عن مبدأ النمطية وتكرار النشاط أمر مرهون بالمبادرات التى تطلقها إيتيدا ووزارة الاتصالات ومركز الابداع و ريادة الأعمال والتى من شأنها أن تخلق بيئة تنظيمية لهذه التكنولوجيا، معتبرا أن وجود أفكار ابداعية للخدمات المالية سيعزز القدرة التنافسية للشركات الناشئة و يلبى الاحتياجات المتطورة للعملاء فى العصر الرقمي.
وأشار إلى أن بعض الشركات تقدم حلولا لا تتلاءم مع طبيعة المستهلك المصري، مستشهدا بتقنيةQR scanوهى طريقة الدفع التى وصفها أنها صعبة وغير سلسلة فى التعامل.
ورأى أن كل قنوات الدفع الكاش هى مجال خصب لتطوير وابتكار حلول رقمية، مشددا على ضرورة استكمال خطوات تهيئة المناخ الاستثمارى لتحقيق عائدات قوية تدعم مسار التنمية الاقتصادية، خاصة وأن تقديم خدمات رقمية مالية مبتكرة يمكن أن يكون «منجم ذهب” لمصر كون هذا النشاط يضم كفاءات وكوادر على أعلى مستوي.
ووصفتوفيق محمود المدير التنفيذى لشركة الخدمات المالية العربية، شركات التكنولوجيا المالية بكونها المصدر الأول لعملية التحول الرقمي، الأمر الذى يجعلها تتصدر الأجندة الوطنية للدولة المصرية ، لافتا إلى دور المبادرات الحكومية الرامية لتطوير هذا المجالوتقديم حلول مبتكرة وخلاقة تحسن الكفاءة وتقدم خدمات مالية لقاعدة واسعة من العملاء.
وأضاف أن السوق المصرية ما زالت واعدة لشركات الفينتك الناشئة تزامنا مع عملية التحول الرقمى التى تشهدها البلاد وتعاظم دور حلول التكنولوجيا المالية التى تلعب دورا محوريا فى تغيير المعاملات اليومية للمواطنين فى كل القطاعات بطريقة تدعم النمو الاقتصادى وتحسن نوعية الحياة، وتسرع وتيرة الدفع وعمليات البيع والشراء، علاوة على زيادة الكفاءة التشغيلية والأداء للقطاعات الرئيسة، كما أنها تزيد من القدرة التنافسية للمؤسسات
وأضاف أن عدد شركات التكنولوجيا المالية المسجلة فى مصر قليل نسبيا بالمقارنة مع حجم السوق والتعداد السكانى الكبير ، مشيرا إلى أن الخدمات المالية قديما كانت ترتبط بخدمات المدفوعات والنظام المصرفي، بينما أصبحت حاليا عبارة عن أسلوب حياة يومية مع دخولها عدد كبير من المجالات المختلفة، منها التعليم والصحة والقطاع الرياضى التى بدأت فى تبنى أساليب دفع رقمية.
وأكد أن مصر لديها كل الإمكانات لكى تتحول إلى مركز إقليمى للابتكار والنمو فى مجال التكنولوجيا المالية، بطريقة تجعلها تعيد تعريف مشهد الفينتك فى منطقة الشرق الأوسط، خاصة وأنها تتمتع بموقع جغرافى مميز وتوافر الأيدى العاملة الماهرة والكفاءة اللازمة لخلق بيئة ريادية فى خدمات المدفوعات الرقمية.
وأشاد بالقرارات الأخيرة للبنك المركزى الخاصة بتحرير سعر الصرف والوصول لسعر عادل للجنيه المصرى بالمقارنة مع الدولار، مؤكدا أن استقرار أن تدبير العملة الصعبة و القضاء على السوق الموازية سيخلق المناخ الملائم لتعزيز تدفق الاستثمارات الأجنبية.
قالهشام عبد الغفارالشريك المؤسس لصندوق «مينا جوروس» لرأسمال المخاطرإن مجال الفينتك ما زال واعدا وبه الكثير من الفرص غير المستغلة حتى الآن، مرجعا السبب فى ذلك إلى أن مصر الدولةالأكثر سكانا فى أفريقيا والشرق الأوسط مع وجود 120 مليون نسمة، 60% منهم شباب صغير السن يفضل حلول الدفع الرقمية عبر الهاتف المحمول والإنترنت.
وأضاف أنه لا يزال هناك حوالى 60% من عموم الشعب المصرى لا يمتلكون حسابات مصرفية، معزيا ذلك إلى ضعف حجم الدخل الفردى وتدنى مستوى الثقافة المالية وبالتالى تلعب شركات الفينتك دورا كبيرا فى إحداث التوازن المطلوب من خلال الحلول التى تقدمها ووصولها للفئات غير المشمولة سواء أفراد أو مؤسسات صغيرة ومتناهية الصغر، منوها أن ابتكار حلول الدفع الرقمية مكنت الفئات المهمشة ماليا من دمجها فى النظام المالى الرسمي.
وأكد على أهمية دور شركات التكنولوجيا المالية فى تعزيز الشمول المالى والتى بدورها تحسن بعض مؤشرات التنمية المستدامة.
ورهن الدكتورخالد إسماعيل مؤسس صندوق «Himangel» لرأسمال المخاطر نجاح الشركات الناشئة المتخصصة فى التكنولوجيا المالية بمدى قدرتها على تقديم أفكار جديدة خارج الصندوق تكون موجهة لحل مشكلة شريحة معينة من المجتمع المصري، على سبيل المثال حلول دفع لذوى الإعاقة البصرية.
وتابع أن شركات الفينتك فى مصر أغلبها تقليدية وتقدم حلولا الدفع والتقسيط وغيرها من الخدمات الرقمية لعموم الشعب، ولكن ما ينقص السوق المصرية حاليا هو عامل الابتكار والإبداع الرقمى من خلال تفصيل أفكار تساعد شرائح مختلفة من المواطنين على العيش بشكل أسهل وأفضل، مشيرا فى الوقت ذاته إلى أن «فاليو” و «فوري” و «باى موب” وغيرها من الشركات المالية بالفعل وضعت مصر فى مستوى جيد على خريطة التكنولوجيا المالية العالمية.
ورأى أن الفترة الماضية شهدت تلبية احتياجات السوق المصرية فى مجال المدفوعات الرقمية مثل سداد الفواتير والتحويلات المالية وأنظمة الدفع بالتقسيط ، وبالتالى لا مجال لوجود شركات ناشئة تعمل فى نفس المجال وتقدم نفس الحلول، وعليها أن تعيد تعريف الفينتك بطرق جديدة.
واختتم حديثه مؤكدا على أهمية استقرار السياسات الاقتصادية فى مصر وخلق البيئة التنظيمية الداعمة للشركات الناشئة، مشددا على دور البنك المركزى المصرى فى تقديم اللوائح التنظيمية الملائمة لها فى مجال التكنولوجيا المالية، التى تشمل عمليات الترخيص المبسطة، الأمر الذى يدعم الأفكار الريادية والابتكارية.
ويستهدف البنك المركزى المصرى تحويل مصر لمركز إقليمى لصناعة التكنولوجيا المالية فى أفريقيا والشرق الأوسط، وبالفعل تضاعف عدد الشركات العاملة فى الصناعة 5 مرات من 32 شركة عام 2017 إلى 177 فى 2022 جذبت ما يقارب 800 مليون دولار.
وبحسب بيانات المركزى تهيمن 3 قطاعات فرعية على منظومة التكنولوجيا المالية فى الشركات الناشئة حتى الآن؛ إذ يمثل قطاع المدفوعات والتحويلات نسبة بلغت 36%، يليها قطاع الإقراض والتمويل البديل بنسبة بلغت 11% ،ثم قطاع منصات أصحاب الأعمال بنسبة بلغت 10%.
كما أطلق «المركزي» أيضا العديد من المبادرات التى تهدف إلى دعم تطبيقات التكنولوجيا المالية الناشئة فى جميع مراحلها المختلفة، علاوة على رعاية الكوادر الشابة العاملة بالمجال من خلال مبادرة FinYology ،والتى قامت بتدريب ما يقرب من 7000 طالب جامعى بالتعاون مع 25 جامعة حكومية وخاصة، بمشاركة 18 بنك عاملة فى مصر، بالإضافة إلى مبادرة FINTEKRS لدعم رواد التكنولوجيا المالية بالأقاليم، فضلا عن إطلاق المختبر التنظيمى لتطبيقات التكنولوجيا المالية كبيئة اختبارية تسمح لراود الأعمال بتجربة تطبيقاتهم .
أبو خضرة: السوق يفتقر للتجديد ..والخروج عن النمطية مرهون بمبادرات حكومية
محمود: عدد الشركات المسجلة قليل نسبيا
إسماعيل : استقرار السياسات الاقتصادية عاملًا محفزًا
عبد الغفار: المجال يلعب دورا فى تحسين مؤشرات التنمية المستدامة
