كشف الدكتور محمد حجازى، استشارى تشريعات التحول الرقمى والرئيس السابق للجنة التشريعات والقوانين بوزارة الاتصالات، عن انتهائه من وضع مشروع قانون تنظيم بيئة عمل الشركات الناشئة فى دولة زامبيا بنهاية العام الحالي.
وقال حجازى، لـ"المال" إنه تم اختياره من قبل المفوضية الأوروبية بزامبيا لصياغة مشروع قانون للشركات الناشئة بالتعاون مع وزارة العلوم والتكنولوجيا، بعد تحليل السياسات والتشريعات المتعلقة بتأسيس الشركات، والضرائب، والملكية الفكرية، الشركات الصغيرة والمتوسطة وقوانين البنوك وغيرها من القوانين ذات الصلة، من أجل الوصول إلى الفجوات القانونية اللازمة لدعم وتسهيل عملها.
وأضاف أن مشروع القانون المنتظر سيحدد قواعد وإجراءات تتعلق بتسهيل عملية التأسيس، وآليات للخروج من السوق، وكذلك حوافز ومزايا للشركات الناشئة لمدد زمنية معينة، فضلا عن ضوابط وإجراءات تأسيس حاضنات ومسرعات الأعمال ودورها، ووضع أسس تقييم الأصول الفكرية وغير ذلك من الموضوعات اللازمة لمساعدة الشركات الناشئة ودعمها.
السياسات التنظيمية والتشريعات أحد حلول تنمية القطاع
وألمح إلى أن عملية إصدار التشريعات فى زامبيا تستلزم بموجب القانون إجراء عملية مشاورات موسعة مع كل أصحاب المصلحة والاستعانة بأرائهم ومقترحاتهم وتوثيقها، أو الرد عليها بالحجج المنطقية والأسباب فى حال عدم الاعتداد بها،
لافتًا إلى أن ذلك يتم عبر أكثر من مستوى حتى وصولها إلى البرلمان مع ضرورة إرفاق كل تلك المخرجات مع النسخة النهائية لمشروع القانون لضمان أن يكون معبرًا عن كل وجهات النظر وأن يراعي الواقع العملى والنظام البيئي.
فى سياق متصل أكد أن السنوات الأخيرة شهدت تطورًا ملحوظًا ونموًّا متسارعًا فى قطاع الشركات الناشئة بإفريقيا بفضل التكنولوجيا والابتكار، موضحًا أن المشهد الاقتصادى جاذب لاهتمام المستثمرين بما يساعد على خلق فرص العمل وفتح أسواق جديدة.
ورأى أن الشركات الناشئة فى القارة السمراء تعد فرصة جيدة للاستثمار والتنمية الاقتصادية؛ نظرًا لما تتميز به من ديناميكية كبيرة وقدرة على التوسع، الأمر الذى تمثل فى حصدها لجولات تمويلية كبيرة،
إذ جمعت العاملة فى قطاع التكنولوجيا منها أكثر من 6.4 مليار دولار فى عام 2023، وخاصة فى قطاعات التجارة الإلكترونية والخدمات اللوجستية والخدمات المالية والصحية.
وأضاف أن الشركات الناشئة فى نيجيريا حصلت على المركز الأول فى أفريقيا من حيث حجم التمويلات خلال العام الماضى بقيمة بلغت 2.4 مليار دولار، تلتها نظيراتها الكينية بـ1.1 مليار، بينما حلت مصر فى المرتبة الثالثة بـ823 مليونًا، أعقبتها جنوب أفريقيا رابعًا بـنحو 555 مليونًا.
وجمعت الشركات الناشئة فى دول الجزائر وتونس والسنغال تمويلات أقل من 200 مليون دولار لكل منها، وذلك طبقًا لإحصائيات تقارير عالمية منها African Tech Startups Funding Report، والمنتدى الاقتصادى العالمي، وAfrica Big Deal.
وأشار إلى أن بيئة الأعمال فى أفريقيا تكاد تكون متشابهة من حيث التحديات والفرص، معتبرًا أن الوصول إلى التمويل أحد أكبر الصعوبات التى تواجهها الشركات الناشئة بالقارة السمراء، ومنها زامبيا، خاصة أنه يصعب الحصول على التمويل البنكى التقليدى بسبب متطلبات الضمانات والتى يصعب تحقيقها.
وتابع قائلًا: تعد أيضًا إمكانية وصول رواد الأعمال إلى استكشاف خيارات تمويل بديلة مثل التمويل الخاص والمشاركة فى برامج تسريع الأعمال والمسابقات المالية ليست بسيطة أو عملية سهلة،
كما تعانى البنية التحتية الأساسية مثل الاتصالات والطاقة والنقل من القصور وهو ما يحد من قدرة الشركات الناشئة على تنفيذ عملياتها بكفاءة وتوصيل منتجاتها أو خدماتها إلى العملاء فى الوقت المحدد.
ولفت إلى أن الشركات الناشئة بالقارة السمراء تواجه أيضًا تحديات فى الفهم والامتثال للقوانين واللوائح، مع إجراءات بيروقراطية معقدة لتأسيس وتشغيل الشركات، وصعوبات تتعلق حقوق الملكية الفكرية وإنفاذها.
كما تواجه تلك الشركات مشكلة انتقالها من القطاع غير الرسمى إلى الرسمى، والذى يفرض عليها الامتثال للتشريعات الضريبية والقانونية المختلفة وهو ما يصعب عليها الوصول إليه لنقص الموارد، سواء المالية أو القانونية والمحاسبية.
وألمح إلى أن أفريقيا أرض خصبة مليئة بالموارد البشرية والتى تبحث دائمًا عن التدريب والتطوير، خاصة أنها تشهد ثورة فى مجال التكنولوجيا والابتكار،
مبينًا أنه يمكن للشركات الناشئة المصرية العمل فى مجالات مثل الذكاء الاصطناعى وتحليلات البيانات والتجارة الإلكترونية وتطبيقات المحمول والتكنولوجيا الزراعية والزراعة العضوية والتصدير والتوزيع، وتحسين سلاسل القيمة للمحاصيل والمنتجات الغذائية.
كما يعد الاستثمار فى الطاقة المتجددة فرصة هامة فى إفريقيا، حيث تعانى العديد من البلدان نقصًا فى إمدادات الكهرباء التقليدية، ويمكن للشركات الناشئة العمل فى مجالات مثل الطاقة الشمسية، والرياح، والطاقة الهيدروليكية، وتخزين الطاقة،
بالإضافة إلى السياحة حيث يوجد بدولة زامبيا والقارة بشكل عام وجهات سياحية شهيرة ويمكن أن تلعب الشركات الناشئة دورًا مهمًّا فى تلك القطاعات الواعدة.
ورأى أن مصر أمامها فرصة كبيرة للاستفادة من تجربة زامبيا فى مجال الشركات الناشئة، وأهمها إنشاء وحدة بمجلس الوزراء لدعم وتسهيل العمل ، إضافة إلى جهود الهيئة العامة للاستثمار فى هذا المجال، بالإضافة إلى باقى وزارات وجهات الدولة.
وشدد على أهمية تهيئة المناخ الداعم للاستثمار فى الشركات الناشئة، وتسهيل الإجراءات بشكل فعلي، مع إمكانية دراسة التحديات الحقيقية لها، من خلال تحليل نقاط الضعف والتحديات والعمل على سد هذه الفجوات عبر وضع سياسات حكومية تترجم فى تعديلات تشريعية وأطر تنظيمية تلعب دورًا محوريًا فى خلق بيئة مواتية لها فى مجال التكنولوجيا؛ ومنها على سبيل المثال الحوافز الضريبية، وتقييم الأصول المعنوية والاعتراف بها كأصل مالى بالشركة وغير ذلك من الأمور المهمة للناشئة.
