مصدر: سكك حديد مصر أكثر المتضررين بـ1.5 مليار جنيه أعباء سنويًا
رؤساء شركات المينى باص: تعريفة الـ10 جنيهات لا تغطى تكاليف رحلة الـ50 كيلومترًا
مسئول حكومي: قرارا خفض الجنيه وزيادة المشتقات البترولية يضيفان المزيد من الخسائر لـ«النقل العام» بنهاية العام المالى
كادت شيماء أحمد، ذات العقد الثالث من عمرها، وتقيم بأحد أحياء مدينة حلوان، تسقط مغشيًا عليها بعد علمها بزيادة أسعار المحروقات بكل أنواعها، لتلتهم التنقلات الشهرية ما يزيد على ألف جنيه من راتبها الشهرى الذى يصل إلى 3 آلاف جنيه، تتقاضاها من إحدى المدارس الخاصة.
شيماء، لا تختلف كثيرًا عن فئة كبيرة من المواطنين المتضررين بشكل مباشر من زيادة أسعار المشتقات البترولية، التى أقرتها الحكومة صباح يوم الجمعة الماضى، على جميع فئات البنزين بقمة جنيه واحد، كما زاد سعر السولار بأكثر من 21 % إلى 10 جنيهات، من 8.25 جنيه.
أحمد إسماعيل، محام ويقيم فى مدينة السادس من أكتوبر، يقول إعلان الزيادة كان بمثابة صدمة، رغم أن ارتفاع الأسعار أصبحت شيئا معتادا كل يوم، لكن هذه المرة جاءت فى وقت يعانى منه الجميع من تضخم بكل السلع الأساسية.
يصيف “إسماعيل”، أن متوسط تنقلاته الشهرية من مكان إقامته إلى عمله فى وسط البلد كان يتراوح بين ألف و200 جنيه، ليرتفع إلى ألف و500 جنيه على أقل تقدير، خاصة أن بعض السائقين فى أوقات كثيرة، لا يلتزمون بالتعريفة المعلنة.
عادة عقب رفع أسعار كل فئات المحروقات، ترتفع نسب التضخم للسلع كونها عنصرا رئيسيا فى عملية النقل والتشغيل، كما أنها تمت بعد أيام قليلة من تحريك قيمة الجنيه أمام الدولار، ورفع سعر الفائدة 6 %.
وسجلت معدلات التضخم 35.7 % خلال فبراير الماضى، على أساس سنوى وفق بيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء.
واعتبر أربعة من رؤساء شركات النقل جماعى، “المينى باص” أن زيادة أسعار التذاكر واحد جنيه، غير منطقية وليست كافية لتغطية مصروفات التشغيل فى الوقت الحالى.
ويبلغ عدد الشركات العاملة فى الوقت الحالى تحت مظلة مشروع النقل الجماعى داخل القاهرة الكبرى، أكثر من 25 كيانًا، بأسطول يتجاوز ألفى حافلة، تربط المدن الجديدة مثل الشيخ زايد، والعبور والشروق، بالعاصمة.
وأضاف أحد رؤساء الشركات - الذى طلب عدم نشر اسمه، أن تذكرة الـ10 جنيهات تغطى مصروفات الأتوبيس الذى يقطع مسافة 30 كيلومترا فقط، لكن غالبية الحافلات تسير مسافات تتراوح من 40 إلى 50 كيلومترا، والقيمة المناسبة لتذاكر هذه الحافلات يجب ألا تقل عن 13، و15 جنيها وفقا للمسافة.
ويبلغ حاليا سعر تذكرة المينى باص العادى 9 جنيهات لمسافة أقل 30 كيلومترا، و10 جنيهات لكل تذكرة أكثر من 30 كيلومترا، وأصبح الأتوبيس المكيف بسعر 13 جنيها بدلا من 12 جنيها.
ويشرف جهاز تنظيم النقل التابع لوزارة النقل على الشركات التى حصلت على تراخيص عمل بعد تأسيسه عام 2019، بينما تراقب هيئة النقل العام، الكيانات التى منحتها رخصة مزاولة النشاط فى بداية تطبيق مشروع النقل الجماعى فى القاهرة الكبرى عام 2008، الذى استهدف فتح باب مشاركة القطاع الخاص للحكومة فى توفير وسيلة نقل جيدة تساعد على حل أزمة المرور، وتخفيف الضغط على أسطول هيئة النقل العام، من خلال تشغيل وحدات مينى باص 26 راكبًا.
وحركت شركات المينى باص التعريفة مطلع عام 2024 بواقع 50 قرشا، فور إعلان وزارة النقل زيادة أسعار تذاكر مترو الأنفاق فى يناير الماضى، لتصبح 8 جنيهات بدلا من 7.5 قيمة رحلة الركاب فى المينى باص العادى التى حددتها محافظة القاهرة بداية مايو الماضى، عقب رفع أسعار المحروقات.
وفى سياق متصل، قالت مصادر مطلعة لـ”المال”، إن أكثر المرافق تضررا من تداعيات رفع أسعار المحروقات هيئة سكك حديد مصر، التابعة لوزارة النقل، خاصة أن السولار أحد عناصر التشغيل الرئيسية للقطارات.
وأضافت أنه متوقع أن تصل جملة الأعباء الإضافية التى ستحلها الهيئة 1.5 مليار جنيه ، جراء رفع سعر بيع لتر السولار إلى 10 جنيهات.
ولفت إلى جملة مصروفات الهيئة شاملة الأجور وعناصر التشغيل وقطع الغيار مقدر أن تصل بنهاية العام المالى الحالى إلى 16.5 مليار جنيه، يضاف إليها مبلغ فى حدود 300 مليون أعباء جديدة خلال الـ 3 شهور المتبقية من العام الحالى.
وتطمح وزارة النقل فى أن يصل عدد المنقول من المواطنين عبر قطارات الهيئة خلال العام الحالى إلى 1.5 مليون راكب يوميًا، على أن تتم زيادته إلى 2 مليون راكب فى عام 2030، بالتوازى مع رفع حجم المنقول من البضائع إلى 13 مليون طن عام 2030، مقارنة مع 5 ملايين طن حاليًا.
وتبلغ أطوال شبكة السكك الحديدية حوالى 9570 كيلومترًا، تربط القاهرة بمحافظات الوجهين البحرى والقبلى، وتعاقدت وزارة النقل أواخر عام 2028، مع شركة “ترانس ماش هولدينغ” الروسية، على تصنيع وتوريد 1300 عربة ركاب من درجات مختلفة، لتلبية احتياجات نقل المواطنين بين المحافظات.
واستبعدت المصادر -التى طلبت عدم الكشف عن هويتها- بشكل نهائى وجود نية فى الوقت الحالى لتحريك أسعار التذاكر، إلا أنها أكدت أنه سيتم التركيز على زيادات إيرادات المرفق من بنود أخرى، أهمها التوسع فى عملية استغلال الأصول القابلة للاستثمار مع شركات القطاع الخاص.
فى سياق متصل، قال مصدر مطلع، إن مرفق مترو الأنفاق سيتأثر حال تحريك أسعار الكهرباء فقط، لافتًا إلى أن الزيادات التى تمت على التذاكر أول يناير الماضى، تغطى فى الوقت الحالى كل المصروفات، فضلًا عن تحقيق هامش ربح بسيط.
ورفعت وزارة النقل بداية من شهر يناير 2024، أسعار تذاكر مترو الأنفاق بنسب تتراوح من 12 إلى %33 تزامنًا مع انطلاق عمل 6 محطات جديدة فى الخط الثالث، بهدف سداد مستلزمات تشغيل المرفق.
وتباع حاليًا تذكرة المترو التى تشمل 9 محطات بـ6 جنيهات بدلا من 5 فى العام الماضى، مقابل 8 جنيهات لـ16 محطة بدلا من 7، و12 جنيها لـ«23 محطة» بدلا من 10، واستحدثت الوزارة فئة جديدة بقيمة 15 جنيهاً تصلح لأكثر من 23 محطة.
وقال مصدر فى هيئة النقل العام بمحافظة القاهرة، إن جملة جملة الخسائر التى يتوقع أن تتكبدها الهيئة خلال العام المالى الحالى 2024 - 2023، بداية من قرار خفض الجنيه أمام العملات الأجنبية، مرورا بارتفاع قطع الغيار وأسعار المحروقات رغم زيادة أسعار التذاكر إلى 420 مليون جنيه، مقابل 273 مليونا عجزا ماليا مقدرا فى موازنة العام المالى الحالى 2023 - 2024.
وأضافت هيئة النقل العام الحكومية بداية من صباح يوم الجمعة الماضى، 1 جنيه على تذكرة الأتوبيس العادى لتصل إلى 7 جنيهات بدلا من 6 جنيهات، وأصبحت تذكرة الحافلة المكيفة 13 جنيها بدلا من 12 جنيها، كانت قبل قرار رفع المحروقات.
ولفت المصدر إلى أنه رغم أن جزءا كبيرا من أتوبيسات الهيئة يتم تشغيلها بالغاز الطبيعى، إلا أن تكلفة الصيانة السنوية كبيرة بسبب ارتفاع المستلزمات المستوردة من الخارج.
