سجلت نسبة القروض المقدمة للقطاع الخاص إلى إجمالى القروض الممنوحة للعملاء نحو %51.9 بنهاية 2023 منخفضة من %56 بنهاية ديسمبر 2022، مسجلة تراجعا بحوالى %4.1 خلال عام، بحسب تقرير مؤشرات السلامة المالية الصادر عن البنك المركزى المصري.
وجاءت الزيادة فى أرصدة الإقراض الموجهة لغير الحكومة مدفوعة بزيادة فى قروض القطاع العائلي، والتى ارتفعت إلى 887.932 مليار جنيه خلال أكتوبر الماضى من 869.799 مليار فى سبتمبر 2023.
وأرجع خبراء مصرفيون التراجع فى القروض المقدمة إلى القطاع الخاص إلى ارتفاع أسعار الفائدة وزيادة تكلفة التمويل والاقتراض، فيما ذكرا أن هذه الزيادة فى أرصدة التمويل الموجهة للقطاع العائلى جاءت بدعم من ارتفاع معدلات التضخم واحتياج الأفراد إلى الائتمان المصرفى لتلبية احتياجاتهم المعيشية.
تكاليف الاقتراض
وقالت سهر الدماطى الخبيرة المصرفية إن التراجع فى أحجام القروض المقدمة إلى القطاع الخاص مقارنة مع إجمالى محفظة قروض القطاع المصرفى جاء مدفوعًا بتعاظم السيولة لدى البنوك من جهة وعدم تقدم الشركات والكيانات للحصول على قروض مصرفية، نظرًا لارتفاع أسعار الفائدة.
وأكدت أن هناك عددا من الشركات كانت قد توقفت عن العمل خلال العام الماضى نظرًا لارتفاع أسعار الطاقة بالإضافة إلى ارتفاع تكلفة الحصول على المواد الخام، مؤكدة أن ارتفاع كافة أنواع التكاليف أثر سلبًا على القطاع الخاص ومن ثم خروج عدد من الشركات من السوق.
وأشارت إلى أن هناك فوائض كبيرة لدى القطاع المصرفي، وهو ما يدفع البنوك إلى توجيه هذه الفوائض إلى استثمارها فى أذون خزانة.
وسجلت استثمارات البنوك فى أذون الخزانة نحو 5.045 تريليون جنيه مقابل حوالى 5.018 تريليون خلال سبتمبر 2023.
وتعرّف أذون الخزانة بكونها أداة دين حكومية تصدر بمدة تتراوح بين ثلاثة أشهر إلى سنة؛ لذا تعتبر من الأوراق المالية قصيرة الأجل.
فيما بلغ إجمالى ودائع القطاع المصرفي، بحسب تقرير المركز المالى الصادر عن البنك المركزى مؤخرًا، نحو 10.137 تريليون جنيه بنهاية ديسمبر 2023.
وأشارت «الدماطي» إلى أن هذه الزيادة فى السيولة لدى البنوك لم تقابلها زيادة مماثلة فى أرصدة الإقراض، وهو ما يدفع البنوك إلى العثور على مسارات بديلة لتوظيف أموال المودعين من خلالها.
وارتفعت أرصدة الإقراض بالبنوك- بخلاف البنك المركزي- إلى 5.101 تريليون جنيه بنهاية أكتوبر الماضى، مقابل 5.018 تريليون بنهاية سبتمبر 2023.
وسجلت القروض الموجهة لغير الحكومة نحو 2.840 تريليون جنيه بنهاية أكتوبر العام الماضي، وسجلت القروض بالعملة المحلية 2.382 تريليون، بينما بالعملة الأجنبية بلغت 457.8 مليار جنيه.
القطاع العائلي
وعلى الجهة الأخرى، ذكرت الخبيرة المصرفية أن الزيادة التى طرأت مؤخرًا على قروض القطاع الخاص جاءت مدفوعة بنمو أرصدة الإقراض الموجهة للقطاع العائلي، سواءً تعلق الأمر بالقروض الائتمانية أو الشخصية.
من جانبه، قال وليد ناجى نائب رئيس البنك العقارى المصري، إن ارتفاع معدلات التضخم أدى إلى إجبار الأفراد على الاقتراض من البنوك حتى يتمكنوا من الوفاء بالتزاماتهم المادية وخلافه.
وسجل المعدل السنوى للتضخم الأساسى %35.1 فى فبراير الماضى مقابل %29.0 فى يناير 2024، كما سجل الرقم القياسى الأساسى لأسعار المستهلكين، المعد من قبل البنك المركزي، معدلاً شهرياً بلغ %13.2 فى فبراير الماضى مقابل معدل شهرى بلغ %8.1 فى الشهرذاته من العام السابق ومعدلاً شهرياً %2.2 فى يناير الماضى.
أسعار الفائدة
وأكد "ناجي" أن الزيادة فى أسعار الفائدة أدت إلى إحجام القطاع الخاص عن الاقتراض المصرفى نظرًا لارتفاع تكلفة التمويل.
وقررت لجنة السياسة النقدية فى اجتماعها الاستثنائي، 6 مارس الجاري، رفع سعرى عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزى بواقع 600 نقطة أساس ليصل إلى %27.25، %28.25 و%27.75 على الترتيب، كما تم رفع سعر الائتمان والخصم بواقع 600 نقطة أساس ليصل إلى 27.75%.
ورفع البنك المركزى المصرى أسعار الفائدة بواقع %19 خلال الفترة الممتدة من 1 مارس 2022 إلى 6 مارس 2024 لترتفع من %9.25 إلى %28.25 للإيداع ومن %8.25 إلى %27.27 للاقتراض.
وأضاف «ناجي» أن هذه الارتفاعات المتوالية فى أسعار الفائدة أدت إلى عزوف القطاع الخاص عن الاقتراض من البنوك، كما خلقت حاجة لدى المقترضين لسداد قروضهم، هربًا من تكاليف التمويل، دون الرغبة فى الاقتراض مجددًا.
المبادرات الداعمة
وفيما يتعلق بالمبادرات الداعمة التى يمكن أن تقدم للقطاع الخاص، أشار "ناجى" إلى أن هناك العديد من المسارات والطرق التى يمكن من خلالها توفير الدعم اللازم للقطاع الخاص بخلاف المبادرات.
وأكد أن الأولى من طرح مبادرات جديدة من قبل القطاع المصرفى قطاعات الزراعة والصناعة وخلافه، تقديم دعم مباشر للمؤسسات والكيانات العاملة فى السوق، لافتًا إلى أنه قد لا يكون مناسبًا، لا سيما بعد إبرام الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، طرح مبادرات مدعمة من قبل البنوك، لا سيما وأن الصندوق يعارض هذا النوع من السياسات.
فيما تذهب "الدماطي" إلى أن هذه المبادرات التى كانت تقدم من قبل القطاع المصرفى كانت تخلق حالة من التوازن بين ارتفاع تكلفة التمويل وتقديم فائدة مدعمة للقطاع الخاص.
