يرى العديد من تجار الأثاث أن الأسعار فى طريقها نحو التراجع بنحو %20 – %30، غير أن المستهلك لن يلمس الانخفاض على أرض الواقع قبل قرابة 3 أشهر على الأقل، بعد اكتمال دورة الإنتاج والطرح فى الأسواق، استعدادًا لاستقبال المبيعات، فى انعكاس فعلى للقرارات الأخيرة للبنك المركزى.
الجزيري: مبيعات «المستعمل» انتعشت فى 2023
ولم تشهد أسعار الأثاث فى السوق المصرية تغيرًا يذكر خلال الفترة الماضية، على الرغم من التراجع الفعلى لسعر الدولار الذى اعتاد التجار تدبيره من السوق الموازية، وكان لامس مستوى 72 جنيهًا فى وقت سابق، إلا أنه استقر عند أقل من 50 جنيهًا فى البنوك، بعد قرار البنك المركزى بتوحيد سعر الصرف مؤخرا.
وأصدرت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزى المصري، قرارها فى ختام الأسوع الأول من شهر مارس الحالى، بعد اجتماعها الاستثنائي، برفع سعرى عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزى بواقع 600 نقطة أساس، ليصل إلى %27.25، %28.25 و%27.75، على الترتيب.
ورفع البنك سعر الائتمان والخصم بواقع 600 نقطة أساس، ليصل إلى 27.75%، وذلك استمرارًا لسياسة التقييد النقدى التى يتبعها البنك المركزي، فى خطوة نحو توحيد سعر الصرف، والقضاء على السوق الموازية، التى أرقت الاقتصاد المصرى لسنوات.
قال الدكتور محمد محمود، مالك معرض جرين إيدج لبيع الأثاث، فى تصريحات لـ«المال» إن المبيعات عاشت حالة من الركود الشديد خلال الأشهر الأربعة الماضية، مستنكرًا هذا العزوف فى ظل تثبيته لأسعار منتجاته، ونهجه لخطة تسويقية جيدة، تصل إلى المستهلكين بالفعل.
ورأى أن السبب الأكبر وراء هذا الركود يكمن فى توقف المواطنين عن تجديد الأثاث المنزلي، فى ظل ارتفاع أسعار السلع الأساسية، ومحاولة الوفاء بالواجبات الأسرية المختلفة، مشيرًا إلى أنهم كانوا يمثلون نسبة ضخمة من المشترين فى الغالب.
وأشار “محمود” إلى أنه على الرغم من ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج خلال الفترة الأخيرة فإن العديد من صغار التجار قرروا الإبقاء على الأسعار كما هى دون تغيير، فى محاولة لتنشيط المبيعات، وهذا على عكس ما فعلته السلاسل الكبرى المتخصصة فى بيع الأثاث، معللًا بأنها تستطيع تحمل صدمات السوق، ونقص المبيعات لفترات طويلة، مع التزامها فى الوقت ذاته بسداد مستحقات العاملين بها، ودفع فواتيرها المختلفة.
ولفت إلى أن الزيادة الأخيرة فى أسعار الأخشاب من قبل العديد من التجار، لم تكن مبررة، منوهًا بأنه فى الوقت الذى ارتفع فيه سعر الدولار فى السوق الموازية إلى مستوى 72 جنيهًا أو دونه، لم تكن هناك إفراجات من الموانئ عن الأخشاب، ما يعنى أن رفع الأسعار كان يجرى على المخزون لدى التجار، وليس بسبب زياة تكلفة الإنتاج كما ادعوا، وهذا الأمر تسبب فى ركود كبير لحركة المبيعات لدى الجميع تقريبًا على حد وصفه.
ونوه بارتفاع أسعار مواد أخرى مشاركة فى العملية الإنتاجية، كالأقمشة على سبيل المثال، والتى ارتفع سعرها بما يزيد على الضعف خلال الأشهر الماضية، إلا أنه لم يحمل الزيادة فى تكلفة التصنيع إلى المستهلك.
وذكر محمود أن الإفراج عن الأخشاب المحتجزة فى الجمارك سيسهم بالفعل فى تراجع أسعارها داخل السوق، ما سيؤدى بالضرورة إلى تراجع التكلفة النهائية للصناعات المعتمدة عليها بعد قرابة شهرين إلى 3 أشهر، إلا أن التجار الذين لم يرفعوا أسعار الأثاث خلال الفترة الأخيرة لن ينهجوا التخفيض خلال الفترة المقبلة.
وكانت البنوك قد تواصلت مع عدد كبير من المستوردين فى وقت سابق لقرارات المركزي، بشأن إعداد قائمة باحتياجاتهم الدولارية، استعدادًا لتدبيرها للإفراج عن السلع فى الجمارك، بهدف زيادة المعروض من السلع فى السوق، عملا على تراجع الأسعار لاحتواء التضخم.
وفى بيان صدر عن وزارة المالية قبل أيام، قال الوزير محمد معيط إن الفترة من -1 10 مارس الحالى، شهدت تزايدا فى معدلات الإفراج عن السلع الأساسية ومستلزمات الإنتاج الداعمة بشكل مباشر للصناعة، ليبلغ إجمالى قيمة البضائع المفرج عنها خلال هذه الفترة 1.7 مليار دولار
وكان الشحات الغتورى، رئيس مصلحة الجمارك، أوضح فى وقت سابق، أن البضائع التى تم الإفراج عنها خلال الفترة من يناير وحتى الآن، تتجاوز قيمتها الـ 12 مليار دولار.
ولفت إلى أن الأيام القليلة الماضية شهدت زيادة التدفقات الدولارية، وهو ما أثر بشكل ملحوظ فى معدلات الإفراج الجمركى عن السلع وفقًا للأولويات الاستراتيجية التى قررتها الدولة.
وركزت الإفراجات على الأدوية والمستلزمات الطبية والأمصال والأعلاف والسلع الأغذية (اللحوم، الدواجن، الأسماك، لبن البودرة ولبن الأطفال، الشاى، الفول والقمح والعدس والذرة، السمن والزيت) وتقاوى البذور والأسمدة، بشكل يمنحها الأولوية.
«محمود»: الارتفاعات الأخيرة غير مبررة
من جانبه، ذكر محمد صلاح، مدير فروع محلات «استقبال» لبيع الأثاث المنزلي، أن صناعة الأثاث المنزلى تعتمد على العديد من الخامات، أبرزها الخشب، والذى يظهر بشدة كعنصر أساسى فى صناعة غرف النوم والسفرة وغرف الأطفال، غير أن هناك بعض الأطقم التى يحظى الحديد بالنسبة الأكبر فى صناعتها.
وأضاف محمد خلال تصريحات لـ «المال»، أنه بعد القرارات الأخيرة من البنك المركزي، الخاصة بتوحيد سعر الصرف والقضاء على السوق الموازية التى كانت تؤرق التجار وتثقل عاتقهم بتكاليف مضاعفة لتدبير الدولار، إضافة إلى تسريع وتيرة الإفراج عن السلع فى الجمارك، فإن المعطيات الحالية تشير إلى أن أسعار الأخشاب فى طريقها نحو الهبوط خلال الفترة المقبلة، مشددًا على أن قيمة الأثاث المنزلى من المؤكد ستتحرك بالتراجع فى ذلك الوقت.
واستطرد أن نسبة الهبوط المتوقعة ربما تتراوح من 20 إلى %30 حسب النوع؛ كون الأثاث يعتمد على العديد من مستلزمات الإنتاج الأخرى، بخلاف الأخشاب فقط، كالأقمشة والأنواع الخفيفة من الحديد، إضافة إلى الطلاء والدبابيس والديكورات وخلافها، ما لم تشهد هى الأخرى انخفاضًا جماعيًا يؤثر فى السعر النهائى للمنتج.
ولفت “صلاح” إلى أن الإقبال على شراء الأثاث شهد تراجعًا كبيرًا خلال الأشهر الأخيرة، منوهًا بأن سوق الأثاث فى الغالب ما يعيش حالة من الركود خلال الشتاء، وينتعش خلال فصل الصيف، مع تركز أغلب الأعراس وحفلات الزفاف به، مشيرًا إلى أن المحال تلجأ أحيانًا إلى تطبيق خطومات تصل إلى 60% خلال فترات الركود؛ لتحريك المبيعات.
يشار إلى أن منير راغب، رئيس شعبة الأخشاب بالغرفة التجارية بالقاهرة، قال فى تصريحات سابقة لـ«المال» إن جميع أنواع الأخشاب شهدت تراجعًا خلال الأسبوع الماضي، بعد استقرار سعر الدولار فى البنوك عند مستوى يقارب الـ50 جنيها، بنسب تتراوح بين (8_10)% حسب الأصناف وجودة كل منها.
وأوضح “راغب” أن السبب وراء تراجع أسعار الأخشاب فى السوق هو أن التجار اعتادوا تدبير الدولار اللازم للاستيراد، من السوق الموازية، والتى كانت حققت ارتفاعات بلغت مستوى 72 جنيهًا للدولار فى وقت سابق، إلا أن قرارات المركزى الأخيرة أدت إلى القضاء على السوق الموازية، ما يعنى تراجع تكلفة الاستيراد على التاجر بما يعادل 22 جنيهًا لكل دولار، بالنسبة لأعلى مستوى حققه الدولار، إضافة إلى الإفراج عن الأخشاب فى الجمارك.
فى السياق ذاته، قال الدكتور رجب عيد، مالك شركة الجزيرى للأثاث المستعمل، إن انخفاض أسعار الأخشاب فى السوق لم يؤثر فى قطاع تجارة الأثاث المنزلى حتى الآن، لافتًا إلى أن اكتمال دورتى الإنتاج والمبيعات بالتكلفة الجديدة ستحتاج إلى شهرين إلى 3 على الأكثر، وحينها سيظهر تراجع الأسعار بشكل ملحوظ لدى المشترين، بنسبة قد تقدر بـ%25.
وتابع “عيد” -فى تصريحاته لـ«المال»- أن هناك عوامل أخرى تؤثر فى أسعار الأثاث بخلاف تكلفة مستلزمات الإنتاج، ومنها أمور تتعلق بالتزامات البائع، مشيرًا إلى أن الارتفاع الأخير فى أسعار الأثاث كان وهميًا.
وذكر أن مبيعات الأثاث المستعمل صعدت خلال العام الماضى 2023، بما يعادل %30، منوهًا بأن ارتفاع أسعار “الجديد”، وتقديم تسهيلات فى السداد إلى جانب التسويق الجيد للمنتجات، كانت أبرز العوامل وراء انتعاش القطاع.
