خبراء: تحسن طفيف فى الاحتياطى الأجنبى خلال الفترة المقبلة

Ad

توقع خبيران مصرفيان أن يشهد صافى الاحتياطيات الدولية لدى البنك المركزى تحسنًا طفيفًا خلال الفترة المقبلة، مدفوعًا بالتدفقات النقدية المتحصل عليها من خلال استثمار رأس الحكمة وغيرها من الصفقات الأخرى المتوقع إبرامها الفترة المقبلة.

وأضافا أن التحركات الأخيرة التى اتخذها البنك المركزى والمتمثلة فى رفع أسعار الفائدة بواقع 600 نقطة أساس، وتحرير سعر الصرف، أدت إلى القضاء على السوق السوداء مما أدى عودة تدفقات النقد الأجنبى إلى القطاع المصرفى.

وأشارا إلى أن تحركات البنك المركزى سالفة الذكر أدت كذلك إلى تعزيز الثقة فى العملة المحلية، وهو ما أسهم فى جذب الأجانب للاستثمار فى أدوات المحلية، وكلها أمور ستتضافر معًا من أجل تحسن النقد الأجنبى لدى البنك المركزى.

وكانت بحوث “إى إف جى هيرميس” قد توقعت ارتفاع احتياطى النقد الأجنبى لمصر بقيمة تتراوح بين 10 إلى 15 مليار دولار ليصعد إلى أكثر من 50 مليار دولار خلال الفترة المقبلة بدعم من صفقة “رأس الحكمة”.

ورجحت بحوث “هيرميس” أن توفر عوائد صفقة “رأس الحكمة” ومبادلة الديون وبرنامج صندوق النقد الدولى موارد وفيرة لمصر لسد احتياجاتها التمويلية على مدى العامين أو الثلاث سنوات القادمة على الأقل.

ولفتت إلى أنه من المحتمل أن يساعد تعديل سعر صرف الجنيه على جذب المزيد من تدفقات رأس المال الخاص والذى يضم « الأجنبى المباشر» ومبيعات الأصول واستثمارات المحافظ.

أكد محمد البيه الخبير المصرفى أن التحركات الأخيرة التى اتخذتها الحكومة أو البنك المركزى والمتمثلة فى صفقة رأس الحكمة أو تحرير سعر الصرف ورفع أسعار الفائدة، ستؤثر بشكل واضح وإيجابى على احتياطى النقد الأجنبى.

البيه: تحركات «المركزى» تقف وراء التطور

وأضاف أنه من المتوقع أن نشهد نموًا واضحًا فى صافى الاحتياطات الدولية لدى البنك المركزى نهاية مارس الجارى ونهاية يونيو القادم، مبينًا أن هذا التحسن لن يكون مدفوعًا فقط بالخطوات التصحيحية التى اتخذت مؤخرًا، وإنما هناك عوامل أخرى أبرزها عودة الأجانب إلى الاستثمار فى أذون الخزانة.

وذكر أن شركات الصرافة بدأت فى استقبال المصريين الراغبين فى التنازل عن النقد الأجنبي، وهو ما يعنى أن هذه التدفقات بدأت تعود من جديد لتُضخ فى شرايين الاقتصاد المصري، موضحًا أن التدفق فى العملة الأجنبية سيؤدى بعد تلبية الاحتياجات الخاصة بالمستوردين وغيرهم إلى توجيه هذه الفوائض إلى الاحتياطى لدى البنك المركزى.

وصل صافى الاحتياطيات الدولية إلى 35.250 مليون دولار أمريكى فى نهاية يناير 2024، مقابل 35.220 مليون بنهاية ديسمبر 2023، بزيادة شهرية نحو 30 مليون دولار، وفقا لبيانات صادرة عن البنك المركزى المصرى.

الاحتياطى النقدى الأجنبى هو المبلغ الذى يحتفظ به البنك المركزى بالدول من العملات الأجنبية، مثل الدولار الأمريكي، اليورو، الجنيه الاسترليني، أو أى عملة أخرى، ويتم استخدامه لتأمين استقرار نظيرتها المحلية وتمويل الواردات والسدادات الدولية، وكذلك للتصدى للتقلبات السريعة فى سوق الصرف.

وكان بنك جولدمان ساكس قد توقع فى تقرير حديث له أن يسجل التمويل الخارجى لمصر على مدار الفترة من 2024 إلى 2027 فائضًا بقيمة 26.5 مليار دولار بدعم من تدفقات النقد الأجنبى الأخيرة، بجانب حزمة تمويل صندوق النقد الدولى وشركائه التى سيتم ضخها خلال الفترة المقبلة.

وذكر أن إجمالى التمويلات التى ستحصل عليها مصر من المصادر الخارجية خلال الـ 4 سنوات من المتوقع أن يسجل 90.539 مليار دولار، بجانب نظيرتها التى سيتم ضخها من صندوق النقد الدولى وشركاء آخرين بقيمة 17 مليار ، بالإضافة إلى حصيلة برنامج الطروحات الحكومية بقيمة 5 مليارات.

قال محمد البيه الخبير المصرفى إن البنك المركزى اتخذ قرارًا على قدر كبير من الأهمية خلال اجتماع لجنة السياسة النقدية الأخير، 6 مارس الجاري، وذلك على مستويين: الأول سعر الفائدة والثانى سعر الصرف؛ حيث رفع الفائدة بواقع 6% دفعة واحدة، مدفوعًا بالرغبة فى كبح جماح التضخم، لا سيما بعد شهد قفزة كبرى خلال الفترة الأخيرة.

وأضاف أن رفع أسعار الفائدة يسهم بشكل أساسى فى إغلاق الفجوة بين معدلى التضخم والفائدة فى البنوك، لافتًا إلى أن تحريك سعر الصرف ليتوازى مع قوى العرض والطلب يسهم من جهة أخرى فى اختفاء السوق السوداء، كما يحفز على الاستثمار فى العملة المحلية؛ نظرًا لأن العائد على الجنيه سيكون كبيرًا ومجزيًا.

وأشار إلى أن تحريك سعر الصرف بخلاف كونه نتيجة لاتفاقيات مع جهات دولية كصندوق النقد الدولى وغيره، إلا أن توحيده والقضاء على السوق السوداء، يعمل على حل مشكلة اقتصادية عويصة، وهى وجود السوق الموزاية .

وأوضح أن هذه المعضلة (أى وجود سوق موازية) ستعرقل وضع أى دراسة جدوى لأى مشروع اقتصادي، ناهيك عن تقدير النفقات والإيرادات وخلافه، علاوة على كون هذه السوق قد أثرت سلبًا فى تحويلات المصريين العاملين فى الخارج، نظرًا لتسرب هذه الأموال من القطاع المصرفين وكذلك الحال بالنسبة لعوائد التصدير.

ولفت إلى أن مشروع رأس الحكمة واحدًا من ضمن العوامل الأساسية التى مكّنت البنك المركزى من اتخاذ الخطوات الخاصة برفع أسعار الفائدة وتحرير سعر الصرف، نظرًا لكثافة التدفقات النقدية التى تم جذبها من خلاله، فقد تم الحصول على 10 مليارات دولار دفعة واحدة، كما تنازلت الإمارات العربية المتحدة عن نحو 5 مليارات من وديعتها لدى البنك المركزي، ومن المتوقع الحصول على الدفعة الثانية والبالغة 14 مليار ، كما ستتنازل الإمارات عن الشريحة الأخرى من وديعتها والبالغة 6 مليار دولار.

مواجهة الصدمات

وفيما يتعلق بقدرة الاقتصاد المصرى على امتصاص الصدمات، لا سيما بعد عقد الصفقات الأخيرة سالفة الذكر، وزيادة تدفقات النقد الأجنبي، أشار «البيه» إلى أن إبرام الاتفاقية مع صندوق النقد الدولى وغيرها من التحركات تشير إلى أن هناك بعض التحسن فى الطريقة التى يتم التعاطى بها مع الاقتصاد المصرى من قبل المؤسسات والهيئات الدولية.

وشدد على أهمية استخدام الحصائل الدولارية التى جذبها من الخارج بشكل حكيم ومدروس بالإضافة إلى استثمارات الأجانب فى أذون الخزانة، لافتًا إلى أنه من المهم أن يكون هناك سقف لاستثمارات الأجانب فى أدوات الدين قصيرة الأجل.

وذكر أنه من المهم عدم التعويل بشكل كامل على استثمارات الأجانب فى أذون الخزانة كى لا يحدث خلل، كما حدث فى السابق، حال تم سحبها من السوق دفعة واحدة، ولهذا من المهم وضع سقف لهذه النوعية من الاستثمارات.

وشدد على أهمية هيكلة الديون كذلك، وذلك عبر التوصل إلى صيغة معينة مع الدائنين، حتى لا يتم استهلاك الحصيلة الدولارية بشكل كبير وفى وقت قصير، موضحًا أن الحلول طويلة الأجل لا يمكن إغفالها كذلك سواءً فى مجال التصنيع والتشغيل والاستثمار وخلافه.

العجز فى الحساب الجاري

ومن جانبه توقع محمد سمير الخبير المصرفى والباحث فى منتدى البحوث التابع للصندوق النقد الدولى أن تشهد الفترة الحالية تحسنًا طفيفًا فى صافى الاحتياطيات الدولية لدى البنك المركزي، لا سيما فى ظل تنامى التدفقات النقدية بعد إبرام صفقة رأس الحكمة وتعاظم استثمارات الأجانب فى أذون الخزانة.

وانكمش عجز الحساب الجارى بحسب البنك المركزي، بنحو %12.1 إلى 2.8 مليار دولار، فى الفترة من يوليو إلى سبتمبر 2023 من 3.2 مليار قبل عام.

ويعرّف الحساب الجارى بكونه‏ المؤشر الذى يقيس الفرق بين الصادرات والواردات من السلع والخدمات والخامات وغيرها من المنتجات المصدرة، التى يمكن أن توفر عملة صعبة للبلاد، بالإضافة إلى الفارق بين الحوالات والتدفقات المالية من وإلى الاقتصاد.

وأوضح الخبير المصرفى أن هدف كل محاولات الاقتراض التى تقوم بها الحكومة المصرية هو معالجة العجز فى الحساب الجارى لميزان المدفوعات، لافتًا إلى أن هذا العجز يعالج عبر عدة طرق: تعظيم المحفظة الاستثمارية (استثمارات الأجانب فى أذون الخزانة)، والقروض والتمويلات الخارجية، وأخيرًا احتياطى النقد الأجنبى.

وأشار إلى أنه من المفترض عند حدوث توافر فى النقد الأجنبى لدى الحكومة توجيه هذه الفوائض إلى أرصدة الاحتياطات الدولية لدى البنك المركزى.

سمير: التشغيل والتصنيع يعززان قدرة الاقتصاد

وأشار إلى أن الاقتصاد المصرى سيكون أكثر قدرة على مواجهة الصدمات عندما يكون قادرًا على التصنيع والتشغيل والإنتاج، وهو ما يعنى أن ارتفاع النقد الأجنبى لن يكون وثيق الصلة بقدرة الاقتصاد على الصمود فى مواجهة الأزمات.