أكد عدد من العاملين فى قطاع التصدير استعدادهم للتعامل مع ضريبة الكربون الجديدة المنتظر تطبيقها من قبل الاتحاد الأوروبي، على واردات الدول الأعضاء.
كانت جمعية خبراء الضرائب المصرية حذرت فى بيان لها منذ أيام، من أن صادرات مصر لدول الاتحاد الأوروبى مهددة بالتراجع خلال السنوات المقبلة، مع تطبيق ضريبة الكربون الجديدة.
ويتمثل الهدف من الضريبة فى خفض المستويات الضارة وغير المواتية لانبعاثات ثانى أكسيد الكربون، مما يبطئ من تغير المناخ وآثاره السلبية على البيئة وصحة الإنسان، وهى تزيد الإيرادات دون إحداث تغيير كبير فى اقتصاد الدول، غير أنها تعزز أهداف سياسة تغير المناخ فى الوقت ذاته.
«شباب الأعمال»: نسعى لتوسيع التعاون مع الدول الأعضاء
قال بسام الشنوانى، رئيس مجلس إدارة جمعية شباب رجال الأعمال، فى تصريحات خاصة، لـ«المال»، إن الجمعية بحثت مع مسئولى الاتحاد الأوروبى مؤخرًا اعتماد الشركات الأعضاء، للمشاركة فى العملية التصديرية طبقًا للاشتراطات الخاصة بشهادة الكربون، التى يفرضها الاتحاد.
وأوضح الشنوانى أن الشركات أعضاء الجمعية والذين يزداد عددهم عن 500 فرد، يستعد معظمهم للتصدير للاتحاد الأوروبى خلال المرحلة المقبلة مع مراعاة اتباع الوسائل الحديثة والصديقة للبيئة، كل وفق منتجه، بما يخدم هدف تخفيض الانبعاثات، ويراعى الضرائب المفروضة.
وذكر الشنوانى أن أبرز القطاعات التى تشجع على الاستثمار فى الاتحاد الأوروبى خلال الوقت الراهن هى الطاقة الجديدة والمتجددة، وكافة ما يدعم التحول نحو الاقتصاد الأخضر، خاصة فى مجالات الزراعة والصناعة.
يشار إلى أن البنك الدولى قال فى الإصدار الأخير من تقريره السنوى الصادر فى مايو من العام الماضى 2023، بشأن “حالة واتجاهات تسعير الكربون” إن إيرادات ضرائب الكربون وأنظمة تداول تراخيص إطلاق الانبعاثات وصلت إلى مستوى قياسى بلغ نحو 95 مليار دولار، رغم السياق الحافل بالتحديات بالنسبة للحكومات التى تواجه ارتفاع معدلات التضخم وضغوط المالية العامة وأزمات الطاقة.
العبد: إهمالها يهدد مستقبل منتجاتنا فى الخارج
من جانبه قال أيمن العبد العضو المنتدب لشركة لوتس للتنمية والاستثمار الزراعى إن إعلان الأسواق الأوروبية عن تطبيق ضريبة الكربون المحدثة داخل الاتحاد الأوروبى على كل الصادرات إليهم يسهم فى خفض انبعاثات ثانى أكسيد الكربون ، وهو ما يهدد العديد من الصادرات المصرية لتلك الأسواق مستقبلًا حال عدم الالتزام.
ومن المقرر أن يبدأ التسجيل فى المنظومة الجديدة للتصدير السوق الأوروبية مطلع يناير 2025، فيما يتم دخولها حيز التنفيذ والتطبيق الشامل فى يناير 2026.
وأشار العبد، خلال تصريحات، لـ«المال»، أنه ينبغى على الحكومة والجهات المعنية سرعه توعية المصدرين بأهمية ضريبة الكربون وشرح كيفية تطبيقها والالتزام بها لإنقاذ الصادرات المصرية من الهبوط حال عدم الالتزام بها، كما أن تطبيقها على الصادرات سيساعد على زيادة صادراتنا للخارج بشكل أكبر ضمن خطة 100 مليار دولار صادرات مصرية بحلول 2030.
وتستهدف الدولة تحقيق 100 مليار دولار صادرات سلعيّة خلال 3 سنوات.
ويحتل برنامج تنمية الصادرات الصناعية اهتمامًا خاصًّا، حيث إن الجهود الـمبذولة فى هذا الخصوص ترمى إلى زيادة الصادرات بما لا يقل عن 15% سنويًّا، حسب تقرير سابق صادر عن رئاسة مجلس الوزراء.
وأكد العضو المنتدب للوتس للتنمية على ضرورة إسراع المصانع المصرية بالتوافق مع التشريعات الدولية الجديدة للتصدير لأوروبا تجنبُا لمنع التصدير أو دفع غرامات؛ لأنه من الممكن قيام باقى الأسواق بتطبيق تلك الضريبة على مستوى العالم وأن يكون ذلك نهج متبع فيجب الاستعداد لذلك من الآن.
فى السياق نفسه، قال بحيرى أحمد بحيرى، عضو الشعبة العامة للمصدرين بالاتحاد العام للغرف التجارية ورئيس شعبة مصدرى الإسكندرية، إن ضريبة الكربون لا تهدد أغلب صادرات مصر من المنتجات الزراعية إلى دول الاتحاد الأوروبي، ذلك أن معظمها خالٍ من الكربون ومطابق لمواصفات الدول المستوردة.
بحيرى: تجار البصل يحتاجون لإيضاح الرؤية
وتابع بحيرى، فى تصريحات، لـ«المال»، أن البصل المزروع تحديدًا فى أراضى الوجه البحرى على سبيل المثال، هو أحد المنتجات الزراعية التى تحوى نسب من الكربون، والتى قد تخضع لضريبة الاتحاد الأوروبي، أو حتى قد يتم استبداله بنظيره الباكستانى أو الهندى إذا لم يتوافق مع النسب المطلوبة، مشيرًا إلى أن المسألة تحتاج لمزيد من التوعية للمصدرين فيما يتعلق بهذه الضريبة، وكيفية التكيف معها.
وكان تقرير للمجلس التصديرى للصناعات الغذائية كشف أن الاتحاد الأوروبى يعد ثانى أهم التكتلات الدولية المستوردة للأغذية المصنعة المصرية بعد الدول العربية بنسبة 20% خلال العام الماضى وبقيمة بلغت 823 مليون دولار من إجمالى 4.1 مليار دولار.
وأضاف أن صادرات الصناعات الغذائية المصرية إلى دول الاتحاد الأوروبى زادت بنسبة 30% فى عام 2022 بقيمة بلغت 823 مليون دولار مقارنة بقيمة 634 مليون دولار.
كان الوزير مفوض يحيى الواثق بالله رئيس جهاز التمثيل التجارى قال، فى تصريحات سابقة، لـ«المال»، إن الجهاز قام بإعداد خطة عمل لتنمية الصادرات، تتضمن تحقيق معدلات بنسبة 20% سنويًّا.
وأضاف أن نجاح فرص الاستفادة من الأزمات الحالية وتحقيق زيادات مستدامة للصادرات المصرية فى الأسواق العالمية يعتمد على تبنى سياسات تجارية أكثر مرونة، وغير نمطية وقادرة على الاستجابة للتغيرات المستمرة فى الأسواق الدولية، بالإضافة إلى العمل على تنمية الصناعات الوطنية وزيادة قدرتها التنافسية ونجاحها فى التطابق مع المتطلبات الجديدة للأسواق الهامة، كضريبة الكربون.
وفرض الاتحاد الأوروبى ضريبة الكربون على السلع والمنتجات المستوردة بهدف الحد من الانبعاثات الكربونية وحماية البيئة وتحفيز الاقتصاد الأخضر، وتعتبر مصر واحدة من 20 دولة مُطالبة بالتوافق مع البصمة الكربونية قبل انتهاء المدة المحددة لتطبيق الضريبة الجديدة.
وحذرت جمعية خبراء الضرائب المصرية فى بيان لها، من أن صادرات مصر من الأسمنت والأسمدة والألومنيوم مهددة بالانخفاض بنسبة %20 مع تطبيق الاتحاد الأوروبى لضريبة الكربون الجديدة وسط توقعات بتطبيقها محليًا لحماية الصادرات من التراجع والتوافق مع المعايير العالمية.
وذكرت الجمعية أن الاتحاد الأوروبى قرر تطبيق الضريبة على عدد من القطاعات الصناعية المصرية أبرزها الحديد والصلب والأسمنت والألومنيوم والأسمدة اعتبارًا من يناير 2026، وتلك القطاعات تشكل نحو %30 من إجمالى الصادرات المصرية إلى السوق الأوروبية بإجمالى 3.4 مليار يورو.
بينما قال وليد جمال الدين رئيس المجلس التصديرى لمواد البناء إن المجلس يعمل حاليًا مع المصانع والشركات المصدرة لمناقشة تبعيات تلك الضريبة الجديدة والمرتقب تطبيقها خلال الفترة المقبلة فى نطاق عدد من الدول الأوروبية، ما يعنى ضرورة اتجاه المصانع لسرعه التحول إلى خفض انبعاثاتها وتطبيق الاشتراطات الجديدة بما يتلاءم مع الأسواق المستوردة.
وذكر جمال الدين، فى تصريحات، لـ«المال»، أن تطبيق تلك الاشتراطات يعنى التحول إلى الاقتصاد الأخضر خلال الفترة المقبلة وهى أحد أهداف الدولة المصرية وتسعى لذلك منذ سنوات بالتعاون بين عدة وزارات على رأسها البترول والكهرباء والبيئة وغيرها، كما أنه سيساعد على خفض تكلفة الصناعة على المدى البعيد.
جمال الدين: فرصة للتوسع فى أسواق القارة العجوز على حساب غير الملتزمين
وأضاف أن الاشتراطات الجديدة تنطبق على 6 صناعات منها الأسمنت والأسمدة، والألومنيوم، موضحًا أن الصادرات المصرية لأوروبا تتجاوز 3.6 مليار دولار، مؤكدُا أن مصر أمامها فرصة لمضاعفة صادراتها لأوروبا فى حالة الامتثال، حيث إنها الأقرب من الموانئ الأوربية كما أنها تستورد مستلزمات الإنتاج من هناك أكثر من الصين والتى لم تلتزم بالبصمة الكربونية.
فيما أكد مصدر مسئول فى المجلس التصديرى للكيماويات والأسمدة أن المجلس يسعى الفترة الحالية لوضع برنامج لكل المصدرين يسهم فى الالتزام بتلك المعايير الجديدة والتى ستطبق لأول مرة بما يساعد على نمو الصادرات المصرية خلال الفترة المقبلة .
وأشار المصدر إلى أن المصانع والشركات المصرية تسعى دوما للالتزام بكل المواصفات المطلوبة، وهو ما ظهر فى استمرار نمو الصادرات المصرية حتى فى ظل الأزمات التى واجهت الاقتصاد المصري، مشيرًا إلى أن الالتزام بضريبة الكربون خطوة نحو التحول إلى الاقتصاد الأخضر.
وأكد أن تطبيق تلك الاشتراطات سيرفع من تكلفة الإنتاج فى بداية الأمر ولكن الأسواق قد تمتص تلك الزيادات بمرور الوقت،
كما أنها ستسهم فى زيادة تنافسية الصادرات المصرية فى الأسواق الخارجية الفترة المقبلة فى مواجهة الهند والصين، واللذين يعدان أقل تكلفة وعند تطبيق تلك الأسواق للاشتراطات الخاصة بخفض الكربون سترتفع تكلفة منتجاتها وهو ما يساهم فى قدرة المنتج المصرى فى المنافسة خارجيًا.
كان حسام عز الدين مدير عام برنامج الحد من التلوث الصناعى بوزارة البيئة الممول من الاتحاد الأوروبى قد أكد، فى تصريحات صحفية سابقة، إن الهدف من البرنامج تشجيع وتحفيز الصناعات على التطوير والامتثال البيئي، والاستهلاك والإنتاج المستدام من خلال حزم تمويلية من قروض ومنح لتشجيع الصناعات للتوجه نحو الاقتصاد الأخضر.
جدير بالذكر أن المستشار عبد الوهاب عبد الرازق رئيس مجلس الشيوخ كان قد أعلن، نوفمبر من العام الماضى، موافقة المجلس على تقرير لجنة الطاقة والبيئة والقوى العاملة والخاص بالحد من المشكلات البيئية فيما يتعلق بسوق وضريبة الكربون، على أن يحال التقرير إلى الحكومة لاتخاذ اللازم.
