انفراجة قريبة للبضائع المتراكمة بالموانئ جراء استثمارات «رأس الحكمة»

Ad

قال خبراء إن صفقة رأس الحكمة وعوائدها ستسهم بشكل كبير فى تحسين الأوضاع الاقتصادية، لا سيما فيما يخص الإفراج عن البضائع المتراكمة فى الموانئ.

واختلفوا حول اتخاذ البنك المركزى لقرار بتحريك أسعار الصرف الرسمى الفترة المقبلة، إذ يرى فريق ضرورة الإقدام على تلك الخطوة فى أسرع وقت، لجذب الاستثمارات الأجنبية، وعودة تحويلات المصريين فى الخارج للقنوات الرسمية فى البنوك، ومن ثم القضاء على السوق الموازي.

فى حين يرى فريق آخر أن السوق الموازية تشهد بالفعل انخفاضات متتالية، حتى قبل دخول السيولة الدولارية المتفق عليها من الصفقة، وبالتالى ليست هناك حاجة لخفض فى أسعار الصرف الرسمي.

جدير بالذكر، أن رئاسة مجلس الوزراء أعلنت يوم الجمعة 23 فبراير عن إتمام صفقة استثمارية كبرى بقيمة 35 مليار دولار، مع شركة أبوظبى القابضة ADQ الإماراتية لتطوير وتنمية مدينة رأس الحكمة بالساحل الشمالي.

ووفقًا للحكومة، تبلغ الدفعة الأولى من إجمالى الاستثمارات حوالى 15 مليار دولار، وستكون خلال أيام، والثانية بقيمة 20 مليارا، موضحة أن 24 مليارا سيولة من الخارج و11 مليار قيمة الودائع الإماراتية فى مصر سيتم تحويلها إلى استثمارات.

وتعليقًا على الموضوع، قال الدكتور أحمد السيد، أستاذ الاقتصاد والتمويل، إن السيولة الدولارية جراء صفقة رأس الحكمة، والتى تقدر تقريبا بنحو 24 مليار دولار، إضافة إلى قرض الصندوق والمتوقع رفع قيمته إلى 10 مليارات دولار، قادرين على إغلاق الفجوة الدولارية لأربع سنوات مقبلة.

وأضاف “السيد” أنه بناء على ما سبق يمكن للبنك المركزى استخدام هذه السيولة فى القضاء على السوق الموازية، مضيفًا: “يبقى السعر العادل والذى يجب أن يستقر عنده الدولار غير متوقع”.

ورجح - بالرغم من صعوبة الأمر- أن يتم تحريك غير عنيف لسعر الصرف ربما حول مستويات 40 جنيها قبل رمضان، وبإغلاق السوق السوداء ستعاود السيولة الدولارية إلى المنظومة الرسمية، وسيعاود المستثمرون الأجانب الدخول إلى الأسواق، وكذلك عودة تحويلات العاملين فى الخارج.

وتابع “إننا لا نريد فى الوقت الحالى استنزاف السيولة فى الدفاع عن الجنيه ومحاولة تقليل أسعاره كما كان يحدث سابقًا، فهذا الأمر لن يفيد الاقتصاد، ولن يساعد فى انخفاض الأسعار كما يتوقع البعض”.

ولفت إلى أنه من الأفضل الاستقرار عند سعر متوسط، وبعد ذلك مع الوقت سيتحسن الوضع الاقتصادي، وسيعاود الجنيه الارتفاع بصورة تدريجية أمام العملات الأخرى.

وبسؤاله عن احتمالية عقد البنك المركزى لاجتماع استثنائى قبل المزمع عقده فى نهاية مارس، توقع الدكتور أحمد السيد أن يتم تعويم قبل رمضان، خاصة أن الحكومة أعلنت نيتها فى القضاء على قائمة الانتظار للسلع الاستراتيجية بشكل عاجل.

وأكمل: “من المهم التحرك سريعًا لعدم ترك الفرصة للسوق الموازية والمضاربين من معاودة النشاط مرة أخرى، بدعوى عدم وجود تحريك فى سعر الصرف قريب”.

وفى إشارة إلى القيمة التى وصلت إليها البضائع المتراكمة فى الموانئ، قال “السيد” إن الحكومة حددت بصفة مبدئية مجموعة من السلع الإستراتيجية التى لها الأولوية فى تدبير الدولار، وفى مقدمتها السلع الغذائية والدواء، مشيرًا إلى أن قيمتها تقدر تقريبًا بنحو 1.3 مليار دولار.

وأوضح أنه بالتأكيد هناك طلب “مكبوت” على مدار العامين الماضيين، وبالتالى متوقع أن نرى طفرة فى الاستيراد، متابعًا َضرورة استمرار القيود على استيراد بعض السلع الرفاهية لعدة أشهر، وإعطاء الأولوية للسلع الاستراتيجية، بهدف تخفيض سعرها فى السوق، وتقليل معدلات التضخم، مع عدم السماح بتدبير المستوردين للدولار لعدم إحياء “الموازية” مرة اخري.

وفى السياق ذاته، قال الدكتور أحمد شوقي، الخبير المصرفي، إن ما شهدته السوق الموازية من انخفاضات متتالية لسعر الدولار منذ الإعلان عن صفقة رأس الحكمة، حيث تراجع بنحو 12 جنيها، والذى تبعه انخفاض فى أسعار الذهب؛ يبرز حجم التسعير غير السليم لكل منهما نتيجة عمليات المضاربة.

وتابع “شوقي” أن ذلك الأمر كان لافتًا للانتباه فى ظل تلك الانخفاضات، دون دخول السيولة الدولارية للاقتصاد المصرى من صفقة رأس الحكمة.

وأضاف أنه من المتوقع أن يشهد الدولار انخفاضًا أكبر بعد دخول أول دفعة من الصفقة، والبالغ قيمتها 10 مليارات دولار سيولة مباشرة، إضافة إلى 5 مليارات من الودائع الإماراتية خلال أيام.

وذكر أنه مع دخول الدفعة الثانية خلال شهرين والبالغة قيمتها 20 مليار دولار، من المتوقع أن يصل سعر الدولار فى السوق الموازية لسعر الدولار فى السوق الرسمية، بفارق حوالى 10 %، وبالتالى سيستقر سعر صرف الجنيه أمام الدولار، وستكون عملية تحريك سعر الصرف أمرًا طبيعيًا فى ظل الاجتماع المقبل لصندوق النقد فى آخر مارس، ولن تشكل تلك الخطوة أداة ضغط من الصندوق على الاقتصاد المصري، بعد دخول باقى السيولة الدولارية من الصفقة.

وفيما يخص عقد اجتماع استثنائى للجنة السياسات النقدية، استبعد الدكتور أحمد شوقى ذلك الخيار، قائلاً: “إن اللجنة ستجتمع فى 28 مارس المقبل، ومن المتوقع أن تنتظر لذلك الموعد لدراسة آثار آخر التطورار على الأسواق وقراءة التضخم فى أول مارس.”

وبالتطرق إلى حجم البضائع فى الموانئ، لفت “شوقي” إلى أن الدولة أعلنت منذ شهر أن وضع البضائع حاليًا فى الموانئ طبيعي، وسيكون لحصيلة الصفقة دور مهم فى دعم الإفراج عن تلك السلع إذا تطلب الأمر ذلك، مع التركيز على السلع الأساسية ومستلزمات الإنتاج والتصنيع.

واستبعد الدكتور أحمد مجدي، الخبير الاقتصادى والمصرفي، تحريك سعر الصرف فى ظل إتمام صفقة رأس الحكمة، مشيرًا إلى إقبال المستثمرين الأجانب على الدخول فى شراكات واستثمارات مماثلة.

ولفت “مجدي” إلى أن هناك أخبارا إيجابية عن تمويلات إضافية من الشركاء الدوليين، متابعًا أن تلك التدفقات النقدية الأجنبية الضخمة من شأنها تقليص الفجوة التمويلية فى مصر، وكذلك المساعدة على استقرار سعر الصرف والقضاء على السوق الموازية، متوقعًا الإبقاء على سعر الفائدة فى الوقت الحالى دون تغيير.

وأشار إلى أن الاستثمار الأجنبى المباشر من دعائم وركائز اقتصادات الدول، لافتًا إلى أن الحديث عما وصفه بـ”صفقة استثمار القرن” المقدرة بمبلغ 35 مليار دولار، له العديد من الجوانب الإيجابية، كونها صفقة شراكة استثمارية وليست بيع الدولة لأراضيها، ما يعكس سعى القائمين على الاقتصاد على توفير عائد مستدام على الاستثمار.

وعلق أن أحد الجوانب الإيجابية لتلك الصفقة هو حالة التخبط التى تشهدها حاليًا السوق الموازى للصرف، والتى تؤكد انفجار فقاعة المضاربات، كما يأمل الجميع تسريع الإفراج عن البضائع بالموانئ المصرية، وأهمها السلع الأساسية والاستراتيجية من أغذية وأدوية ومواد خام.

ونوه إلى ضرورة تسريع وتيرة تدبير وفتح اعتمادات التصدير للبضائع والمواد الخام، فهو كفيل لإحداث نوع من التوازن بين العرض والطلب لمدة لن تقل عن نهاية العام الحالى.

واختتم الدكتور أحمد مجدي: “يجب أن ندرك أن مصر لا يزال أمامها تحديات اقتصادية، فما زلنا نعانى فجوة تمويلية ضخمة خلال عامى 2024 و2025، إضافة إلى عجز فى الميزان التجاري، ووجود سوق موازية للنقد الأجنبي، لذلك ينبغى لتلك الصفقة أن تكون مجرد البداية لاستثمارات أجنبية مباشرة تغنى عن الأموال الساخنة وآثارها السلبية”.

السيد: الصفقة قادرة على إغلاق فجوة العملة الخضراء لأربع سنوات مقبلة

شوقي: تقلبات الذهب ودولار «الموازية» يعكسان المضاربات

مجدي: اتوقع إقبال مستثمرين أجانب للدخول فى شراكات مماثلة