قرر عدد من وكلاء السيارات تخفيض الحصص المستوردة من المركبات بمختلف فئاتها بنسب تتراوح من 20 إلى %40 خلال العام الحالى؛ نتيجة الركود الحاد فى مبيعات السنة الماضية بالتزامن مع استمرار تشديد الإجراءات على الاستيراد «التجارى»، وضعف التمويلات الأجنبية الممنوحة من البنوك لجلب الطرازات كاملة الصنع من الخارج.
وتتطلب إجراءات استيراد السيارات بنظام «التجاري» ضرورة حصول الوكلاء والمستوردين على الموافقات المسبقة من عدة جهات حكومية وبنكية قبل تسجيل الشحنات الواردة على النافذة الجمركية الموحدة، بالإضافة إلى موافقة البنوك على تدبير العملة الأجنبية بغرض جلب المركبات كاملة الصنع أو مكوناتها.
وقال خالد سعد، الأمين العام لرابطة مصنعى السيارات، ورئيس شركة «جينباى إيجيبت» إنها اضطرت إلى تخفيض الكميات المتعاقد عليها من المركبات مع المصانع العالمية بنسب تصل إلى %30 مقارنة بالحصص التى تم توريدها خلال العام الماضى؛ وذلك نتيجة ضعف التمويلات الممنوحة من قبل البنوك بغرض جلب المركبات كاملة الصنع من الخارج.
وأضاف «سعد» لـ«المال» أن إجمالى الكميات التى سيتم استيرادها خلال 2024 ستكون محدودة خاصة بعد تراجع المبيعات بشكل عام سواء الطرازات المستوردة والمنتجة محليًا، علاوة على ارتفاع الأسعار التى وصلت لمستويات تجاوزت حاجز الملاءة المالية لشريحة كبيرة من المستهلكين.
وتوقع أن تنخفض مبيعات سوق السيارات فى 2024 بنسب تصل إلى %30 على أقل تقدير، على خلفية استمرار تشديد الإجراءات على الاستيراد التجاري، وضعف التمويلات البنكية.
وأكد أن العديد من الشركات المحلية واجهت صعوبات تمويلية كبيرة خلال الفترة الماضية نتيجة الخسائر المالية التى تلقتها بعد تراجع المبيعات فى العام الماضى، بالإضافة إلى تباطؤ البنوك فى إصدار الموافقات الخاصة بالاعتمادات المستندية المتعلقة بالاستيراد، أو القروض الممنوحة بغرض تنفيذ خطط توسعية.
من جانبه، كشف أحد وكلاء السيارات أن بعض البنوك الخليجية أخطرت فروعها فى مصر بتقليص التمويلات الممنوحة من العملات الأجنبية لصالح وكلاء السيارات بغرض جلب المركبات كاملة الصنع أو تنفيذ خططهم التوسعية خلال الفترة المقبلة.
وأوضح أن هذه الخطوة جاءت كرد فعل عن الخسائر المالية التى تلقاها وكلاء السيارات جراء تراجع المبيعات وعدم قدرتهم على جلب الحصص والكميات المتعاقد عليها مع المصانع العالمية.
وأشار إلى أن أحد توكيلات السيارات تلقى إخطارًا من أحد المساهمين الخليجيين بالشركة خلال الأسابيع الماضية؛ يتضمن عدم ضمانها فى القروض والتمويلات التى قد تحصل عليها من البنوك المحلية خلال الفترة المقبلة؛ وهو ما دفع لتقليص الحصص والكميات المتعاقد عليها مع المصانع الخارجية بنسب تتراوح من 30 إلى %40.
كان البنك المركزى المصرى سمح للشركات المصرية بالحصول على تمويلات خارجية من الكيانات الأم فى إطار تسهيل إجراءات الاستيراد لهم وعدم توقف أعمالهم.
وتابع إن شركات السيارات قد تتحمل أعباء مالية إضافية بعد ارتفاع أسعار الفائدة على عمليات الاقتراض من البنوك وهو ما سينعكس بالسلب على زيادة التكلفة وارتفاع قيم المركبات على المستهلك النهائى خلال الفترة المقبلة.
وتوقع أن تتراجع مبيعات السيارات بمختلف فئاتها بنسب تتراوح من 20 إلى %30 خلال العام الحالى، بالتزامن مع استمرار تشديد الضوابط على الاستيراد، وضعف الملاءة المالية للمستهلكين لشراء مركبات جديدة بعد ارتفاع الأسعار لمستويات غير مسبوقة.
ويذكر أن أعداد تراخيص السيارات «الملاكى» فى مصر خلال العام الماضى، انخفضت بنسبة %40.6 لتسجل 102 ألف و269 مركبة، مقابل نحو 172 ألفًا و302 وحدة فى عام 2022؛ وذلك وفقًا للتقرير الصادر عن المجمعة المصرية للتأمين الإجبارى للمركبات.
فى سياق متصل، كشف مصدر مسئول فى مجموعة «عز العرب للسيارات» الوكيل المحلى للعديد من العلامات التجارية «أتون مارتن، ولوتس، وفيراري، وفولفو، وDS، وغيرها» عن أن هناك صعوبة فى الاستيراد بسبب ضعف التمويل البنكي، وعدم فتح الاعتمادات المستندية بغرض جلب المركبات بالنظام “التجاري”، موضحا أن إجمالى الكميات التى يتم جلبها من الخارج حاليا تم التوافق عليها مع الشركات الأم وفق حجم الطلب المنخفض والذى قد يستمر حتى نهاية العام الحالى.
وأوضح أن آلية الاستيراد المتبعة حاليًا لدى معظم شركات السيارات تتم من خلال المناطق الحرة والإفراج الجمركى بأسماء “أفراد” للتغلب على قيود عمليات “التجاري”.
وأكد أنه على الرغم من إمكانية دخول السيارات بهذه الطريقة إلا أنها تمثل تحديا أمام الشركات فى توفير العملة الأجنبية للاستيراد، وبيع المركبات بنظام العقود المسجلة والتى تتطلب تنازلا عن الملكية للعميل النهائى فى مكاتب الشهر العقاري.
فى سياق متصل، أكد أحمد حاتم المدير التنفيذى للمجموعة العربية المتحدة «القصراوى جروب» وكلاء سيارات «جاك، وجولدن دراجون» أن إجمالى الحصص والكميات المقرر توريدها من المركبات خلال العام الحالى ستكون منخفضة بنسب تتراوح من 20 إلى 30%؛ وذلك نتيجة التحديات التى تواجهها شركته فى عمليات الاستيراد، وصعوبة توفير العملات الأجنبية من البنوك.
وأكد أن شركته قد توقفت منذ فترة عن عمليات البيع سواء للمستهلك أو توريد المركبات لصالح مبادرة الإحلال لعدم القدرة على احتساب التكلفة النهائية خاصة مع تذبذب قيمة العملة المحلية أمام نظيرتها الأجنبية والتى قد انعكست سلبًا على زيادة الأسعار.
وذكر أن شركته تدرس حاليًا التوسع فى مشروع التصنيع المحلى لطرازات «جاك» بهدف تفادى القيود على الاستيراد، والاستفادة من التسهيلات والامتيازات الممنوحة من الدولة للمنتجين المحليين والتى تتمثل فى التخفيضات الجمركية على مكونات الإنتاج المستوردة المستخدمة فى عمليات الإنتاج.
وبحسب أحدث تقرير صادر عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، تراجعت قيمة واردات مصر من سيارات الركوب خلال الأحد عشر شهرًا الأولى من العام الماضى بنسبة %5.5 لتسجل مليارا و868 مليونا و78 ألف دولار، مقابل مليار و769 مليونا فى الفترة نفسها من عام 2022.
