هل تمثل الشرائح الرقمية أملًا جديدًا للأمراض المستعصية أم خطرًا يهدد الأمن القومى؟

تباينت آراء مجموعة من خبراء قطاع التكنولوجيا والطب حول جدوى تثبيت الشرائح الإلكترونية المدمجة داخل جسم الإنسان ففى حين رأى الفريق الأول أنها تفتح

Ad

تباينت آراء مجموعة من خبراء قطاع التكنولوجيا والطب حول جدوى تثبيت الشرائح الإلكترونية المدمجة داخل جسم الإنسان.

ففى حين رأى الفريق الأول أنها تفتح بارقة أمل جديدة لمرضى الحالات المستعصية مثل الشلل الرباعى وغيرها من أمراض الجهاز العصبى، كما أنها يمكن أن تكون مفيدة للغاية فى تكوين ملف طبى متكامل عن الحالة الصحية للشخص.

أكد البعض الآخر أن هذه الشرائح تحتاج إلى أطر تشريعية وتنظيمية لضبط استخداماتها، حيث أنها يمكن أن تكون خطرا على الأمن القومى وتتسبب فى اختراقات أمنية.

وكان الملياردير إيلون ماسك قد أعلن منذ أيام نجاح أول تجربة سريرية لشركة نيورالينك التابعة له فى زراعة أول شريحة رقمية داخل جسم انسان وأن المريض أصبح يمكنه التحكم فى الكمبيوتر باستخدام دماغه، بعد شهر تقريبًا من زراعة الشريحة الرقمية.

وأضاف ماسك، فى تغريدة له عبر منصة أكس (تويتر سابقا) قائلا: “يبدو التقدم جيداً، وأن المريض قد تعافى تمامًا.. وأصبح قادرًا على التحكم فى ’الماوس‘، وتحريكه على الشاشة من خلال التفكير فقط”.

قال أحمد طارق خبير أمن وتكنولوجيا المعلومات إنه أول مصرى وعربى سيقوم بزراعة شريحة إلكترونية مدمجة داخل جسمه وتحديدا فى يده، منوها أن 200 شخص أوروبى فقط هم من قاموا بزراعتها حتى الآن، ولكن روح المغامرة والجراءة وحبه للتكنولوجيات الحديثة يدفعه لتركيبها.

وأضاف أن المستقبل سيكون بالكامل للأجهزة القابلة للارتداء والشرائح الإلكترونية المدمجة مثل الشريحة التى سيقوم بتركيبها وتعمل بتقنية الــRFIDالغير متصلة بالإنترنت ولا يتم شحنها بل هى طاقة سلبية تعمل عند مع تلامس عنصر ثان قابل للتفاعل معها، على غرار بطاقات الغرف الفندقية، كما أنها شريحة يمكن تخصيصها لتخزين البيانات عن طريق التخزين السحابى.

وأوضح أنه من خلال الشريحة المدمجة يمكن للفرد وضع كل بيانات البطاقات البنكية المختلفة وبالتالى عمليات الدفع الإلكترونى ستكون من تفاعل الشريحة مع ماكينات الفيزا ،كما أنه يمكن برمجتها لتنزيل كل البيانات الشخصية والتاريخية للمرضى والحسابات المختلفة على السوشيال ميديا وبالتالى ستحمل الهوية الرقمية للشخص، والتى يمكن نقلها من خلال الـNFC scanعلى اليد.

وأضاف أن الشريحة مصنوعة من زجاج السيليكا وبها أقطاب معدنية قابلة للزراعة وهى آمنة تماما، مؤكدا أنه يتواصل مع الأشخاص الذين قاموا بتركيبها وكلهم يعيشون حياتهم بشكل طبيعى، مشبها الشريحة بالمسامير التى توضع فى الجسم.

وأكد أن الشرائح المدمجة لها جوانب إيجابية للغاية، منها تحميل بيانات الحالة الصحية ودمج أنظمة التتبع الآلى الـGPSوهو ما يمكن أن يكون مفيدا لكبار السن ومرضى الزهايمر وبالتالى تتيح لأهل المريض تتبع خطواته، منوها أن نيورالينك تطور حاليا جيل جديد من الشرائح به خصائص طبية متقدمة مثل مراقبة نبضات القلب.

بينما رأى الدكتورخالد سمير عضو مجلس إدارة غرفة مقدمى الخدمات الصحية باتحاد الصناعات وأستاذ التخدير بجامعة القاهرة أن الشرائح الدماغية تمثل نقلة نوعية فى طريقة العلاج، والانتقال من العقاقير المقدمة بجرعات معينة حسب حالة المريض إلى الدخول فى مرحلة الطب التشخيصى المقدم حسب جينات كل فرد.

وأوضح “سمير” أن الشرائح المدمجة التى تدخل فى إطار الطب الشخصى المخصص لكل مريض على حدة، تأتى مع التطور المذهل والمتسارع لمجال الطب الحديث ، مشيرا إلى أنه بدلا من منح المرضى جرعات معينة من الأدوية وفقا للحالة الصحية لهم وأعمارهم والأمراض المزمنة وغيرها من القياسات والمعايير، ستكون من خلال دراسة وتحليل جينات الفرد.

وأشار إلى أن أنظمة العلاج الحديثة تقوم على دراسات جينية معقدة جدا ومكلفة للغاية، منوها أنها قد تصل لملايين الدولارات للفرد الواحد، وبالتالى الفئة المستفيدة من مثل هذه العلاجات ستكون طبقة الأغنياء الذين لا يمثلون أكثر من %2 من المجتمع العالمى وهو ما يعنى أن هناك حوالى 600 مليون فرد يمتازون بالثراء الشديد سيكونون قادرين على تلقى هذا النوع من العلاج.

وأكد أن علوم الطب القائمة على دراسة الجينات وزراعة الشرائح فى الجسم لن تكون لعموم البشر، لاسيما وأن قطاع كبير من المرضى ما زال يكافح لنيل حقوقه الطبيعية فى الرعاية الصحية والوصول للعلاجات التقليدية وبالتالى فالعلاجات الثورية ستأخذ وقتا طويلًا للغاية للوصول لشرائح المجتمع المختلفة، خاصة فى الدول الفقيرة والمتوسطة مثل مصر، مشددا على العلاقة القوية بين العلاجات المتطورة تكنولوجيا وبين القدرة الاقتصادية للدول والمجتمعات.

على صعيد آخر قال الدكتورمحمد عزام خبير تكنولوجيا المعلومات إن الشرائح الدماغية حال أثبتت نجاحها ستفتح بارقة أمل كبير لفئة كبيرة من الأشخاص المصابين بأمراض مستعصية علاجها بما يبدو أنه أمرا مستحيلا.

وأضاف أن “إيلون ماسك” المالك لشركة “نيورالينك” حصل على تصريح من هيئة الدواء والأغذية الأمريكية قبل الشروع فى تنفيذ التجارب السريرية على عمليات زراعة الشريحة فى أدمغة البشر، منوها أنها تعد وسيلة علاج تستخدم مفاهيم الهندسة الحيوية لعلاج الأمراض المختلفة التى تصيب الجهاز العصبى مثل الشلل الرباعى، لكنها ما زالت تحبو خطواتها الأولى وتحتاج لمزيد من الأبحاث والدراسات لإثبات مدى جدواها وأيضا لمعرفة مخاطرها وجوانبها السلبية.

وأشار إلى أن “نيورالينك” ليست الشركة الوحيدة التى تستخدم تكنولوجيا المعلومات والثورة التقنية لعلاج الأمراض بالشرائح المدمجة، ولكنها الأشهر فى مجال عملها بسبب ارتباطها باسم إيلون ماسك الملياردير مثير الجدل على الساحة العالمية.

وأكد أن الشرائح الدماغية ما زال أمامها الكثير لتدخل مرحلة التعميم والانتشار بين المرضى، إذ أنها ما زالت فى مراحل الاختبارات الأولية، لافتا إلى ضرورة وضعها تحت الاختبار لفترات طويلة من قبل الأطباء والباحثين مع فحص ومتابعة حالة المرضى الذين خضعوا لجراحة وتم تركيب الشريحة فى أجسامهم، لمعرفة تطورات حالتهم الصحية واستمرار تحسنهم.

وفيما يتعلق بإمكانية استخدام الشرائح الدماغية فى أعمال مجرمة قانونيا أو بطريقة تهدد الأمن القومى وسلامة المجتمع رد قائلا إن الدول تتقدم باستخدام التكنولوجيا وليس بالإحجام عنها، مؤكدا أن كل اختراع دائما ما يصاحبه بعض الاستخدامات السيئة، ونجد ذلك فى أبسط مثال وهى السكين يمكن أن تستخدم فى القتل أو فى تقطيع الطعام ،وكذلك التكنولوجيا النووية يمكن أن تستخدم فى القنابل أو لعلاج الأورام.

وحذر من محاولة شيطنة التكنولوجيا – على حد تعبيره- الأمر الذى يجعلنا نتخلف عن ركب التطور والحضارة، لاسيما وأن مخاطر التكنولوجيات الجديدة يمكن أن يتم تنظيمها من خلال إطار تشريعى يعاقب بالحبس من يسئ استخدامها، لأن التكنولوجيا هى الأساس فى تطور البشرية والمجتمعات.

ولفت إلى أن إيلون ماسك وشركته نيورالينك لم تبدأ التجارب السريرية على البشر فيما يخص الشرائح إلا بموافقة إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDAأوUSFDA) وهى وكالة تابعة للولايات المتحدة لخدمات الصحة وحقوق الإنسان وبالتالى هناك بالفعل إطار تشريعى وقانونى يحكم مثل تلك الممارسات الطبية الحديثة.

واختتم كلامه قائلا إن الشركات التى تغير شكل العالم هى القائمة على استخدام التكنولوجيات الحديثة لاسيما وأن جانبها الإيجابى وتأثيرها المجتمعى والاقتصادى حيوى للغاية وبالتالى يجب علينا ألا نتخلف عن هذا التطور بل يكون لدينا شركات عملاقة على غرار كيانات إيلون ماسك التى بدأت من لا شيء ثم أصبحت قيمتها السوقية قرابة التريليون دولار.

وقال الدكتورحسام الصماد المدير التنفيذى لشركة “كمبيو ميديكال” للحلول الطبية إن الشرائح الدماغية ما زالت فى مراحل الاختبارات الأولية ومن السابق لأوانه الحكم عليها وعلى مدى قوة انتشارها فى الأسواق المختلفة، منوها أن التجارب السريرية هى المرحلة الأولى فى اختبار مدى صلاحيتها للاستخدام الآمن.

وأوضح الصماد أن الشرائح الدماغية حال أثبتت فعالية علاجية وأنها آمنة فى الاستخدام، ستكون بنظام تقنى مختلف تماما عن الطب التقليدى وبالتالى تحتاج لفريق طبى مخصص ومدرب على مستوى عال من المهارة للتعامل مع استخداماتها، لافتا إلى أن هذه الشرائح تحتاج لشركات متخصصة وأجهزة طبية مختلفة وفريق عمل كامل قادر على التعامل باحترافية فى حال حدوث أى خلل أو عطل فى عمل الشريحة.

وأشار إلى أن هذه الشرائح لن تعمم قبل التأكد من نجاح التجارب السريرية وأن الأشخاص الذين قاموا بتركيبها عاشوا بشكل طبيعى 4 أو 5 سنوات، مع الملاحظة والمتابعة المستمرة لتطورات حالتهم الصحية.

ولفت أن الدواء التقليدى يحتاج ما يصل إلى 5 سنوات من الاختبارات حتى يصل للأسواق المختلفة ويكون علاجا معترف به، وبالتالى العلاج بالشرائح الدماغية سيمر بمراحل اختبارات عديدة قبل اعتماده فعليا على المستوى العالمى.

و قال الدكتورمصطفى الجابرى المدير التنفيذى لشركة “خبير” للحلول التقنية، إن الشرائح الدماغية ستكون العلاج الجديد القادم وسينتشر بكثافة فى كل أسواق العالم لا محالة.

وأوضح أن هذه الشريحة ما زالت تحت الاختبارات الأولية، إذ أن لها مخاطر وآثار على صحة المرضى يجب دراستها وفحصها، وتحتاج لأخذ اعتمادات موثقة من الجهات الدولية منوها أن مرحلة الاختبارات قد تستمر من 10 إلى 20 عاما قبل تعميمها، تبدأ باختبارات طبية على المدى القصير مع التأكد أن المريض استجاب بشكل إيجابى للشريح، وأخرى على المدى البعيد بأن حياة المريض ما زالت سليمة والجهاز العصبى لم يتأثر بالسلب وبالتالى تثبت بالاختبار العملى أنها آمنة وجاهز للانتشار.

ولفت إلى أن هذه الشرائح سيكون لها سوق رائجة فى كل أنحاء العالم خلال الـ 20 عاما القادمة، الأمر الذى يحتاج إلى تنظيم تشريعى ووضع إطار قانونى وتنظيمى، مشددا على ضرورة وضع تشريع واضح وميثاق شرف دولى يحكم الاستخدام الأمن للشرائح الإلكترونية المدمجة.

 وأكد أن الشرائح المدمجة فى جسم الإنسان بالرغم من فوائدها الطبية لقطاع كبير من المرضى ذوى الحالات المستعصية إلا أن لها أبعاد خطيرة للغاية تهدد الأمن القومى ويمكن أن تحدث اختراقات أمنية خطيرة، لاسيما وأن مع ظهور أجيال جديدة متطورة من هذه الشرائح ستمكن الإنسان من التحكم فى الأشياء من بعد وتبادل المعلومات مع الروبوتات والأجسام الإلكترونية الأخرى.

طارق: تعمل بتقنيةRFID وتناسب أصحاب الزهايمر

عزام: بارقة ضوء للحالات الحرجة

الجابرى: يمكن أن تسبب اختراقات أمنية خطير

الصماد: تحتاج لفريق طبى مدرب وكيانات متخصصة

سمير: ثورة علاجية تستفيد منها فئة الأغنياء فقط